لم يكن رقص فتاة وشاب سعوديين في شارع عام مكتظ بالمارة مشهدا غير مألوف وحسب، بل أطلق نقاشا حادا حول انحسار تأثير الشرطة الدينية المعروفة بفرضها الفصل بين الجنسين من غير المحارم في المملكة المحافظة. امتلكت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو "المطوعون"، وهو الاسم المتعارف عليه لأفراد الشرطة الدينية، منذ عقود سلطات واسعة للتأكد من تطبيق القواعد المجتمعية والفصل بين الجنسين، فكانوا يسيّرون الدوريات في الأماكن العامة ويراقبون رواد المتاجر الكبرى لضبط النساء اللواتي يضعن طلاء أظافر براقا ومعاقبة الرجال الذين يسعون للاتصال بالجنس الآخر. وفي السنوات السابقة أطلقت السلطات السعودية سلسلة من الإصلاحات شملت تقليص صلاحيات المطوعين بشكل تدريجي ومنعتهم من مطاردة الأشخاص وإيقافهم والتثبت من هوياتهم. كما قلص ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الدور السياسي لرجال الدين المتشددين في إطار الإصلاحات التاريخية في المملكة. يكشف الجدل الذي أثاره الفيديو القصير لرقصة الشارع صعوبة خطوات الإصلاح في المملكة وخصوصيتها حيث يرتبط التغيير بعقلية المجتمع المحافظ جدا. وفي الوقت الذي لقي فيه الفيديو استحسان فئة عريضة من الشباب والإصلاحيين من مختلف الأعمار والتوجهات جوبه بنفس القوة، وأكثر، من أطراف أخرى محافظة دعت لإلقاء القبض على الشاب والشابة. وحتى الآن هناك توازن دقيق بين الانفتاح الاجتماعي وتهميش المحافظين، فيما تبدو السلطات حذرة في عدم إثارة الحساسيات الدينية. وتعهدت السلطات بالتحرك السريع وسط تعليقات غاضبة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي التي أظهرت الاستياء في الأحياء المحافظة حول تراجع حضور المطوعين وعدم اليقين حول دورهم المستقبلي. وتردد سؤال "أين الشرطة الدينية؟" بين السعوديين الغاضبين، وسأل البعض أيضا "لماذا هم صامتون؟" و"هل يعني صمتهم الموافقة؟".