تعرض مكتبة الإسكندرية العدد التاسع من مجلة ذاكرة مصر المعاصرة التى تصدرها عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة حكاية متحف بولاق أول متحف للآثار فى مصر الحديثة . وتوضح المجلة أنه في الثامن عشر من أكتوبر 1863 تم افتتاح متحف بولاق فى حفل رسمى بهيج اجتمع فيه كبار رجال الدولة ليكلَّل جهد رجل سعى كثيرا للحفاظ على آثار مصر وحمايتها وهو الفرنسى أوجست مارييت. ومن جانبها تقول الباحثة سوزان عابد إن مارييت ابن موظف صغير بمدينة بولوني سور مير الفرنسية وعمل مدرسا للرسم فى مدرسة المدينة وكانت له تجارب أدبية وصحفية متواضعة لا تضاهى شهرته كعالم آثار .. وأضافت أنه وقع في هوى الآثار المصرية مما دفعه للحصول على فرصة عمل بمتحف اللوفر كما استطاع أن يقنع مرؤوسيه بسفره إلى مصر للتنقيب عن الآثار والحصول على مخطوطات نادرة وبالفعل جاء إلى مصر ليكتب تاريخه من جديد . وأشارت عابد إلى أن مارييت تعرف على فرديناند ديليسبس وطلب منه تقديمه إلى الوالى محمد سعيد باشا والى مصر آنذاك ومساعدته في إنشاء دار للآثار .. وبالفعل تمت المقابلة وشرح لسعيد باشا كيف تنهب آثار مصر وأخذ يعدد له فوائد إنشاء دار للآثار تكون مهمتها الأولى تنظيم عمليات التنقيب وعرض الآثار المصرية وأوكل محمد سعيد باشا إلى مارييت مهمة الحفاظ على الآثار المصرية وقام بتعيينه مديرا لمصلحة الآثار المصرية ومن هنا انطلق في عمله بمجال التنقيب المنظم وفي عمله بالمتحف وبالرغم من أن متحف بولاق كان متواضعا للغاية إذ كان يشغل بقعة على ساحل رملي وَعِرٍ تجور عليه مياه النيل في أغلب الأوقات وبه أيضا يوجد منزل مارييت وأسرته، أما قاعات العرض فكانت مكتظة بالمعروضات ورغم ذلك كانت محل إعجاب الزوار وانبهارهم. وأضافت أنه بذلك كان لمصر السبق فى الشرق الأوسط فى تاريخ المتاحف لتلحق بالسباق الدولى فى تأسيس المتاحف بمفهومها الحديث من قاعات عرض منظمة ومُرَتَّبة تتيح للزائر خلال جولته معرفة تاريخ الشعوب وحضارتهم. وأشارت الباحثة إلى أنه عندما توفي سعيد باشا وجاء من بعده الخديوي إسماعيل اعتمد كليًّا على مارييت في أمور شتى بدء من تنظيم الجناح المصري بمعرض باريس الدولي عام 1867 ومصاحبته لرحلة ضيوف مصر أثناء احتفالات افتتاح قناة السويس عام 1969 وتحضيره لأوبرا عايدة كما ذاع صيت مارييت كثيرًا بفضل اكتشافاته في مجال التنقيب خاصة في سقارة أبيدوس . وفي عام 1787 زاد فيضان النيل وغمرت المياه مبنى متحف بولاق، وأتلفت الكثير من معروضاته وفُقد الأكثر، وعندما انحسرت المياه عن المبنى أخذ مارييت في التنقيب من جديد عن معروضاته ولكن هذه المرة تحت ركاد الطمي الذي خلفه الفيضان وراءه، وأخذ يعيد ترتيب ما عثر عليه ووضع ما تبقى في صناديق، ولجأ إلى الخديوي إسماعيل طالبًا العون للحفاظ على ما تبقى من معروضات. وبدأ مارييت العمل من جديد في ترتيب المعروضات وتنظيفها من الطمي لتصلح للعرض. وأكدت أنه تم افتتاح المتحف من جديد في 1881 وهو نفس العام الذي توفي فيه مارييت وخلفه من بعده "ماسبيرو" ليواصل حلم مارييت بنقل المتحف وتوسعته، فعندما زادت المعروضات نتيجة لأعمال التنقيب التي أخرجت الكثير من آثار مصر من تحت الركاد تم نقل المتحف في عام 1891 إلى سراي الجيزة واستمر بها إلى أن تم نقله للمرة الثالثة عام 1902م إلى موقعه القابع بميدان التحرير. أما مارييت فقد أقيمت له جنازة رائعة وأقيم قبره في حديقة متحفه أمام تمثال خفرع، وصَمَّم تابوته الحجري المهندس المعماري أمبرواز بودري وكانوا ينقلون قبره إلى كل مكان جديد يُنقل إليه المتحف، ففي عام 1891 نُقل مع المتحف إلى سراي الجيزة وفي عام 1902 نقل إلى المتحف المصري الحالي؛ حيث لايزال قائمًا إلى الآن .. وفي مدينته ومسقط رأسه "بولوني سور مير" أُقيم له تمثال من البرونز فوق قاعدة على شكل هرم مبتور ويظهر مارييت مرتديًا طربوشًا. وتم تدشين التمثال في 16 يوليو 1882 في احتفال بسيط . يذكر أن مجلة ذاكرة مصر المعاصرة ربع سنوية صادرة عن مكتبة الإسكندرية عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة .. وهى المكتبة الرقمية التي تضم تاريخ مصر من عهد محمد علي وحتى نهاية عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات .. ويرأس تحريرها الدكتور خالد عزب والتصميم والإخراج الفني لهبة حجازي.