هذه القصة ظلت تطارد أجيالًا متعددةً منذ الثلاثينيات وحتى عام 2018، من خلال فكرتين رئيسيتين، الأولى تحمل اسم «مولد نجمة» الذى تم إنتاجه حتى الآن أربع مرات على الأقل فى أمريكا. وقد وجدت هذه القصة هوى ملحوظا لدى عشاق السينما الغنائية فى العالم وأيضا فى مصر، كما أن الفكرة نفسها تحولت إلى موضوعات أخرى تحمل اسم «كارى» الذى قام ببطولته لورنس أوليفيه عام 1952 وهو الفيلم نفسه الذى قام ببطولته فريد شوقى وهدى سلطان تحت اسم «المجد» عام 1957، ثم أخرجه بركات فى السبعينيات باسم «ليالى ياسمين» بطولة نادية الجندى. الحكاية باختصار تدور فى عالم السينما والاستعراضات وعلاقات تربط بين فنانة مشهورة وفنان شاب يتزوجان وينفصلان لأسباب متشابهة تتعلق بأن الزوج كان يوما صاحب حظوة فى عالم الفن ولما تزوج من فنانة صغيرة، صارت أكثر منه شهرة، وتوارى هو فى الظلام وهجر حياتها رغم محاولاتها استعادته أكثر من مرة، إذا فقد شهدنا فيلم «كارى» فى السينما المصرية أكثر من مرة، أما الفيلم الأول «مولد نجمة» فهو يمس الموضوع نفسه ويدور أيضا فى عالم الموسيقى والغناء حيث إن هناك مخرجا شابا يلتقى بفنانة استعراضية مشهورة، ويتسلل إلى حياتها بحثا عن أن تأتيه فرصة للشهرة، ومع الأيام فإن الزوجة تتخلى عن عالم الفن وتعيش فى ظل الأضواء التى يحققها زوجها المخرج، أى أنها تتفرغ له، لكنها تصدم حين تعود من إحدى حفلات أقيمت بالخارج لتفاجأ بأن امرأة بين أحضانه، فيصيبها الاشمئزاز من سلوكه وتقرر الانفصال عنه والبدء من جديد، والتفرغ فقط للفن. كاتب السيناريو فاروق صبرى المعروف باقتباساته الدائمة، توقف عند الفيلم الثانى الذى تم إنتاجه فى السبعينيات إخراج فرانك بيرسون وقامت ببطولته المطربة الأمريكية باربرا سترايسند وهى ممثلة متميزة بالإضافة إلى ما تتمتع به من صوتٍ جميل، كما أنها مخرجة صنعت العديد من الأفلام المأخوذة عن روايات يهودية، هناك فى الفيلم الأمريكى الثانى أجواء البهجة التى شجعت فاروق صبرى أن يكتب لنا فيلما به الكثير من الكوميديا وينتهى بحكاية ممزوجة بالوغدية، فالزوج يقابل تضحيات زوجته وحبها له بمغامرات عابرة مع فتيات مبتدئات فى عالم الفن، ولذا فإن التشابه بين نهاية الفيلمين المصرى والأمريكى تفرض نفسها فبعد أن صدر الحكم بالطلاق وجاءها مدير أعمالها ليبلغها بذلك فإن المشهد التانى مباشرةً هو أن النجمة موجودة فى حفل غنائى كبير تغنى لجمهور ينتظرها، هذا الجمهور دائم الوفاء لها عكس هذا الرجل، الفيلم المصرى من إخراج أحمد يحيى عام 1980، وهو المخرج الذى بدأ حياته طفلا فى السينما وشارك عبد الحليم حافظ دور الشقيق الصغير فى فيلم «حكاية حب» عام 1958، كما أنه أعاد إخراج أفلام غنائية قديمة بصورة جديدة لكنها لم تكن بالجاذبية نفسها للفيلم القديم «أيامنا الحلوة» الذى صار اسمه فى عام 1978 «وداعا للعذاب»، رغم أنه استعان بنفس السيناريو القديم لأستاذه على الزرقانى. معذرة للقارئ أن أحكى عن هذا الفيلم بتلك الطريقة، فهكذا أشاهد أفلام السينما المصرية، أرى الفيلم الواحد من خلال كل الأفلام القرينة التى تشبهه للاستمتاع بفيلم مزيجه مختلف ربما لا يتواجد إلا فى ذهن المشاهد، ولهذا السبب فإننى أكتب للأجيال المختلفة مستعينا بمعلومات تجعل المشاهدة جديدة والانطباع مختلف، وقد يلاحظ القارئ أن هذا العمود يتوقف غالبا عند هذا النوع من الأفلام فالفيلم لا يقوم بذاته كعمل فنى، ولكنه محاولة تأثير تجمع بين كاتب السيناريو الباحث فى الأفلام القديمة وبين مخرج قد يكون معجبا بهذه الأفلام ويريد استعادتها، أو إحياء الأجواء التى تعبر عنها، فى كل الحالات فإن المشاهدة من خلال يوتيوب صارت تختلف تماما عن الرؤية فى قاعات السينما.