كل المشاهد التى تحيط بنا وكل ملفات المعلومات تؤكد أن مصر تخوض بالفعل حربا حقيقية تحتاج الى اعلام حرب واقتصاد حرب وتعبئة شعبية غير تقليدية باعتبار أن صلابة الجبهة الداخلية هى الدرع الأول فى مواجهة أى عدو أو مخاطر خارجية . الكلام الذى نحكى عنه ليس من قبيل التنظير لكنه مشفوع بمعلومات ومؤشرات يستطيع اى انسان بسيط ان يستشعر بها ويلمسها على ارض الواقع . ويكفى أن نقول أنه إذا وقفت البلاد على حافة هاوية فى معترك أحداث بدت تهدد الدولة فى بقائها، عبر عمليات عسكرية أو إرهابية قد تكلف الدولة شوطا كبيرا، أو جهدا عسيرا لاحتوائها والسيطرة على الموقف تجاهها، فذاك هو الملمح الأول فى أن الدولة قد دخلت مواجهة عنوانها " تهديد بقاء الدولة " الدائرة الثانية هى انه إذا كان هناك قوالب ايديولوجية " فكرية " ذات مضامين متطرفة تصطدم بعنوان " حتمية وجود الدولة الوطنية " لتحل محلها الفوضى والتقسيم على أسس طائفية تكون البلاد حينئذٍ فى حالة حرب فكرية خطيرة .. وأقرب مثال لذلك ما حدث لألمانيا فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، حين شرعت فى القضاء على النازية، إذ ظلت ألمانيا تشكل حكومات حرب بغية القضاء على الفكر النازى داخل البلاد، والذى كان يعتنقه ملايين من الألمان .. فالتاريخ يعيد نفسه كثيرا فعلى سبيل المثال ما حدث للولايات المتحدة، بعد أحداث 11 سبتمبر،عندما أعلنت أمريكا أنها فى حالة حرب ضد الإرهاب، وعلى أثر ذلك حركت الأساطيل خارج حدودها، ويومها قال الساسة الأمريكيون : إن الهجوم خير وسيلة للدفاع .. فكانت حرب أفغانستان 2001م ، والعراق 2003م ، إذن عندما تكون في الدولة بؤر تمرد سواء فكرية أو مسلحة، تصطدم بالدولة و سيادتها الوطنية ، تعتبر الدولة نفسها في حالة حرب حتي القضاء عليها . وبنظرة بسيطة على محيط وقلب الدولة المصرية ، فإننا نجد التالي : أن الحدود الشرقية في سيناء، تُعد منطقة حرب بما تعنيه الكلمة، وإلا لما أسند الرئيس إدارة سيناء مدنيا و عسكريا للفريق أسامة عسكر .. كما أن العمليات الإرهابية، تلك التي يتم ارتكابها في الداخل المصري، ويقع ضحيتها شهداء أبرياء من الشرطة و الجيش والمدنيين العزل ، لهي خير دليل علي استهداف مصر و شعبها و أمنها، وإن لم تكن المواجهة مباشرة كما الحروب النظامية، فهى مع ذلك حرب، وأى حرب، بل هى أبشع أنواع الحروب . وفى الجهة الغربية ما يحدث فى ليبيا وفى المحيط ايضا اضطرابات فى سوريا واليمن والعراق والقائمة طويلة ومعروفة . ايضا الاعلام يحتاج الى الية جديدة تتناسب مع حالة الحرب فبعض قطاعات من المجتمع المصرى لا يمكن التنصل منها لكنها اطلقت على نفسها مسميات غريبة ابرزها كلمة "نشطاء" هذا الى جانب جزء مصنف لنفسه من المجتمع مثل نخبته السياسية، وأطياف من المعارضة، وشرائح من تيارات المجتمع المدنى، ولفيف من الحقوقيين والنشطاء، وغير ذلك من المسميات المستحدثة،جميعها من ارهاصات الخريف العربى العاصف، أولئك الذين تصدروا المشهد الإعلامى طيلة السنوات السابقة .. وجميعهم لن يروا أبداً أن هناك خطرا يتهدد البلاد، كى يقروا أننا في حالة حرب والحجج والمبررات جاهزة لكن فى الحقيقة السبب واضح لأن هذا الفصيل له منطلق خاص به ، فهم يعتبرون أنمصطلح ( حالة الحرب ) وإن كان معبرا عن حالة تعيشها بالفعل البلاد، ما هو إلا فزاعة لعودة الدولة البوليسية أو الأمنية حسبما يعتقدون وهما او يروجون عمدا. وتناسى هؤلاء انه فى أعقاب مظاهرات ما يعرف ب«ضواحى باريس» أصدر البرلمان الفرنسى مجموعة من القوانين الاستثنائية لمواجهة العنف السياسى. وفى بريطانيا عقب حدوث مجموعة من التفجيرات خرج رئيس الوزراء «كاميرون» ليقول علناً أمام الجميع: «حينما يتهدد أمن المجتمع من قِبل قوى الإرهاب الدينى لا تحدثنى عن حقوق الإنسان». كن فى مقابل ذلك هناك من يؤمنون باهمية مساندة الدولة لا الافراد والاشخاص ويؤمنون ايضا بقيمة الوطن فى منطقة لم يعد بها اوطان وسكنتها الاشباح ولازال هؤلاء ينادون بعودة الهيبة للدولة ، فهؤلاء تحركهم وطنيتهم وخوفهم علي أمن وسلامة الوطن، و هم الغالبية الكاسحة، بل هم السواد الأعظم لشعب مصر .. هؤلاء يقفون علي حقيقة الأمر، حين يكون جللا خطيرا ، فيه مصر تخوض حربا ضروسا ، تخطط لها من بعيد الصهيونية العالمية ، و تقوم أذرعها بالتنفيذ .. و السؤال الذي يطرح نفسه الآن :هل تحليل المشكلة يكفى دون حلول وما هى اذن الحلول العاجلة التى يجب ان تندفع الدولة صوبها . أولا : علي الدولة اليقظة دائما وعدم الاكتفاء بسياسة رد الفعل و التحرك بأقصي سرعة، لخلق مناخ اعلامى نظيف بعيد عن قبضة مصاح رجال الاعمال والجهات الخارجية ، و عبر هذا الإعلام تكون الرسائل والبرامج والتوعية والجهد المتواصل، الذي يرعاه متخصصون في إيصال ما هو علي الأرض إلي كل بيت فى مصر . ثانيا : تصدر الطاقة البشرية المدربة ونظيفة اليد للمشد ومراعاة التدقيق فى الاختيار عند تعيين المسئولين في الأماكن التنفيذية و الهامة ، بأن يكونوا علي مستوي الأحداث من حيث الولاء و الانتماء ، كأولوية أولي للدولة عند الاختيار . ثالثا : في حالة الحرب والخطر اللذين يتهددا الدولة، يجب أن تكون دور العبادة ( المسجد والكنيسة ) فى حالة تعبئة مثل الجيوش ، لتوحيد الخطاب الديني ليتواكب مع المرحلة .. رابعا : يتم إشراك رجال الأعمال الشرفاء ، فى المساهمة بدور طليعي في المجتمع .. خامسا :وأد اى مظاهر للفتنة ورفع الروح المعنوية للمواطن البسيط وعدم تركه فريسة سهلة لمن يستهدفون زعزعة الجبهة الداخلية والنيل من وحدتها .