تحتفل الكنيسة المصرية هذا الأسبوع بعيد دخول المسيح مصر والذى يوافق 24 بشنس وفق التقويم القبطى، والأول من يونيو حسب التقويم الميلادى. وفى احتفالات خاصة تقوم الكنائس التى وطأتها العائلة المقدسة خلال رحلة هروبها من فلسطين بإحياء الذكرى، ويقوم دير السيدة العذراء بجبل الطير بتنظيم احتفال باسم مولد السيدة العذراء على مدار 8 أيام، كما تقيم كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة احتفالية خاصة غدًا الأحد. ويعرف دخول المسيح مصر عالميًا باسم «رحلة العائلة المقدسة» والتى ألهمت الكثير من الفنانين مثل مايكل أنجلو، والإسبانى بارتولومى موريللو، والألمانى فيليب أوتو رونجى صاحب لوحة «استراحة فى بر مصر». مسار العائلة المقدسة يضم مسار رحلة العائلة المقدسة 35 نقطة، تمتد لمسافة 3500 كيلو متر ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، ويحوى كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار فى صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه، ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح شمال شرقى البلاد، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادى النطرون فى الصحراء الغربية، حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء «السريان»، والبراموس، والقديس أبومقار، ثم اتجهت إلى منطقة مسطرد والمطرية، حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبوسرجة وسط مجمع الأديان، ومنها إلى كنيسة المعادى، وهى نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل، وكما تقول الرواية المقدسة فقد ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه مشيرة إلى المقولة الشهيرة «مبارك شعبى مصر». ووصلت العائلة إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيديه، ثم انتقلت العائلة إلى مغارة درنكة، ثم عادت مجددًا إلى أرض الموطن عند بيت لحم. فى القاهرة تم تدشين بعض الكنائس فى أماكن تواجدت فيها العائلة المقدسة، ومن أهمها الكنيسة المعلقة التى شيِّدت فى أواخر القرن الرابع، ونقل إليها الكرسى البابوى فى القرن الحادى عشر الميلادى، وسميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الرومانى على ارتفاع 13 مترًا، وأطلق عليها فى القرون الوسطى كنيسة السلالم، كما عرفت باسم كنيسة العمود. كما دشنت «كنيسة أبو سرجة» التى بنيت على الطراز البازيليكى، وبها المغارة التى احتمت بها العائلة المقدسة أثناء زيارتها لمصر، وكنيسة السيدة العذراء بالمعادى، وهى الكنيسة التى عبرت منها العائلة المقدسة النيل متوجهة إلى ميت رهينة ثم إلى الصعيد. بداية الرحلة بعد ولادة الطفل يسوع فى مدينة بيت لحم وزيارة المجوس له مقدمين له هدايا ذهب و«لبان» و«مر»، أوحى لهم بأن يرجعوا من طريق آخر حتى لا يرشدوا هيرودس الملك على طريق الصبى الملكى، حينئذ أمر هيرودس بقتل جميع أطفال بيت لحم من سن سنتين فأقل، وهنا ظهر ملاك الرب ليوسف فى حلم ليهرب إلى مصر من بطش هيرودس. بدأت الرحلة من بيت لحم إلى العريش ثم الفرما (بورسعيد حاليًا) ومنها إلى بسطا (الزقازيق حاليًا)، وهى أول مدينة عامرة بالسكان فى مصر لذلك تم اتخاذ يوم 24 بشنس يوم دخول العائلة المقدسة إلى بوبسطة، هو عيد دخول العائلة المقدسة إلى مصر. رحلة معاناة كان دخول المسيح أرض مصر بركة كبيرة لأرضها وشعبها، وبسببها ذكر فى الكتاب المقدس «مبارك شعبى مصر» (أش 19: 25)، وبسببها تمت نبوءة أشعياء القائلة: «يكون مذبحًا للرب فى وسط أرض مصر». ويقع دير المحرق فى منتصف أرض مصر تمامًا من جميع الاتجاهات، كما كثرت فى أرض مصر وعلى امتدادها الكنائس، خصوصًا فى الأماكن التى زارتها العائلة المقدسة وباركتها. وقد سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق (الفلوسيات) غرب العريش ب37 كم، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما (بلوزيوم) الواقعة بين مدينتى العريش وبورسعيد. وبعد أن غادرت العائلة مدينة تل بسطا (بسطة) بسبب سوء معاملة أهلها بعد سقوط تماثيلهم متجهة نحو الجنوب حتى وصلت بلدة مسطرد – المحمة وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى 10 كم تقريبًا. وكلمة المحمة معناها مكان الاستحمام، وسميت كذلك لأن العذراء مريم حممت المسيح هناك وغسلت ملابسه، وفى عودة العائلة المقدسة مرت أيضًا على مسطرد ونبع المسيح (نبع ماء لا يزال موجودًا إلى اليوم). ومن مسطرد انتقلت شمالًا إلى بلبيس (فيلبس) مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية، وتبعد عن مدينة القاهرة حوالى 55 كم تقريبًا. واستظلت العائلة المقدسة عند شجرة عرفت باسم شجرة العذراء مريم، ومرت العائلة المقدسة على بلبيس أيضًا فى رجوعها. ومن بلبيس رحلت العائلة شمالًا بغرب إلى بلدة منية سمنود - منية جناح من منية سمنود عبرت العائلة المقدسة نهر النيل إلى مدينة سمنود (جمنوتى - ذبة نثر) داخل الدلتا واستقبلهم شعبها استقبالًا حسنًا فباركهم المسيح، ويوجد بها ماجور كبير من حجر الجرانيت، يقال إن السيدة العذراء عجنت به أثناء وجودها، وتوجد أيضًا بئر ماء باركها السيد المسيح بنفسه، ومن مدينة سمنود رحلت العائلة المقدسة شمالًا بغرب إلى منطقة البرلس حتى وصلت مدينة (سخا - خاست - بيخا ايسوس) حاليًا فى محافظة كفر الشيخ. وقد ظهر قدم المسيح على حجر ومنه أخذت المدينة اسمها بالقبطية وقد أخفى هذا الحجر زمنًا طويلًا خوفًا من سرقته فى بعض العصور واكتشف هذا الحجر ثانية منذ حوالى 13 عاما فقط. وإذا كانت العائلة المقدسة قد سلكت الطريق الطبيعى أثناء سيرها من ناحية سمنود إلى مدينة سخا، فلا بد أنها قد مرت على كثير من البلاد التابعة لمحافظة الغربيةوكفر الشيخ، ويقول البعض إنها عبرت فى طريقها فى برارى بلقاس. ومن مدينة سخا عبرت نهر النيل (فرع رشيد) إلى غرب الدلتا، وتحركت جنوبًا إلى وادى النطرون (الاسقيط) وقد بارك السيد المسيح وأمه العذراء هذا المكان. ومن وادى النطرون ارتحلت جنوبًا ناحية مدينة القاهرة وعبرت نهر النيل إلى الناحية الشرقية متجهة ناحية المطرية وعين شمس. ومنطقة المطرية وهى بالقرب من عين شمس (هليوبوليس - اون) وتبعد عن مدينة القاهرة بحوالى 10 كم وفى هذا الزمان كانت عين شمس يسكنها عدد كبير من اليهود وكان لهم معبد يسمى بمعبد أونياس. وفى المطرية استظلت العائلة المقدسة تحت شجرة تعرف إلى اليوم بشجرة مريم. ومن منطقة المطرية وعين شمس سارت العائلة المقدسة متجهة ناحية مصر القديمة، وارتاحت العائلة المقدسة لفترة بالزيتون، وهى فى طريقها لمصر القديمة. ومرت وهى فى طريقها من الزيتون إلى مصر القديمة على المنطقة الكائن بها حاليًا كنيسة السيدة العذراء الأثرية بحارة زويلة، وكذلك على العزباوية بكلوت بك. ووصلت العائلة المقدسة إلى مصر القديمة، وتعتبر منطقة مصر القديمة من أهم المناطق والمحطات التى حلت بها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى أرض مصر، ويوجد بها العديد من الكنائس والأديرة. وقد تباركت المنطقة بوجود العائلة المقدسة. وكنيسة القديس سرجيوس (أبوسرجة) بها الكهف (المغارة) التى لجأت إليه العائلة المقدسة، وتعتبر من أهم معالم العائلة المقدسة بمصر القديمة. وارتحلت العائلة المقدسة من منطقة مصر القديمة متجهة ناحية الجنوب، حيث وصلت إلى منطقة المعادى، إحدى ضواحى منف - عاصمة مصر القديمة. وقد أقلعت فى مركب شراعى فى النيل متجهة نحو الجنوب بلاد الصعيد من البقعة المقام عليها الآن كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالعدوية، لأن منها عبرت العائلة المقدسة إلى النيل فى رحلتها إلى الصعيد، ومنها جاء اسم المعادى، ولا يزال السلم الحجرى الذى نزلت عليه العائلة المقدسة إلى ضفة النيل موجودًا، وله مزار يفتح من فناء الكنيسة. وبجوار الحائط الغربى لكنيسة السيدة العذراء توجد بئر عميقة، ويقول التقليد إن العائلة المقدسة شربت منها، ومرت العائلة المقدسة على بقعة تسمى اباى ايسوس (بيت يسوع) شرقى البهسنا، ومكانها الآن قرية صندفا (بنى مزار) وقرية البهنسا الحالية تقع على مسافة 17 كم غرب بنى مزار. ورحلت العائلة من بلدة البهنسا ناحية الجنوب حتى بلدة سمالوط، ومنها عبرت النيل ناحية الشرق، حيث يقع الآن دير السيدة العذراء بجبل الطير (أكورس) شرق سمالوط، ويقع هذا الدير جنوب معدية بنى خالد بحوالى 2 كم، حيث استقرت العائلة بالمغارة الموجودة بالكنيسة الأثرية، ويعرف بجبل الطير لأن ألوفًا من طير البوقيرس تجتمع فيه. ويسمى أيضًا بجبل الكف حيث يذكر التقليد القبطى أن العائلة المقدسة وهى بجوار الجبل - كادت صخرة كبيرة من الجبل أن تسقط عليهم، فمد الرب يسوع يده ومنع الصخرة من السقوط، فامتنعت وانطبعت كفه على الصخر. وفى الطريق مرت على شجرة لبخ عالية (شجرة غار) على مسافة 2 كم جنوب جبل الطير بجوار الطريق المجاور للنيل، والجبل الواصل من جبل الطير إلى نزلة عبيد إلى كوبرى المنيا الجديد. وتغادر العائلة المقدسة من منطقة جبل الطير وعبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية، واتجهت نحو الأشمونيين (أشمون الثانية). وارتحلت العائلة المقدسة من الأشمونيين، واتجهت جنوبًا حوالى 20 كم ناحية ديروط الشريف فيليس، ثم تغادر من ديروط الشريف إلى قرية قسقام (قوست قوصيا). وتهرب العائلة المقدسة من قرية قسقام متجهة نحو بلدة مير ميره، وتقع على بعد 7 كم غرب القوصية، وقد أكرم أهل مير العائلة المقدسة أثناء وجودها بالبلدة، وباركهم الرب يسوع والسيدة العذراء. ومن مير ارتحلت إلى جبل قسقام حيث يوجد الآن دير المحرق ومنطقة الدير المحرق هذه من أهم المحطات التى استقرت فيها العائلة المقدسة حتى سمى المكان بيت لحم الثانى. يقع هذا الدير فى سفح الجبل الغربى المعروف بجبل قسقام نسبة إلى المدينة التى خربت ويبعد نحو 12 كم غرب بلدة القوصية التابعة لمحافظة أسيوط على بعد 327 كم جنوبىالقاهرة. ومكثت العائلة المقدسة نحو ستة أشهر وعشرة أيام فى المغارة التى أصبحت فيما بعد هيكلًا لكنيسة السيدة العذراء الأثرية فى الجهة الغربية من الدير، ومذبح هذه الكنيسة حجر كبير كان يجلس عليه السيد المسيح. وفى طريق العودة سلكت العائلة طريقًا آخر انحرف بهم إلى الجنوب قليلًا، حتى جبل أسيوط المعروف بجبل درنكة، وباركته العائلة المقدسة، حيث بنى دير باسم السيدة العذراء يقع على مسافة 8 كم جنوب غرب أسيوط، ثم وصلوا إلى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمة، ومنها إلى سيناء ثم فلسطين، حيث سكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل. وهكذا انتهت رحلة المعاناة التى استمرت أكثر من ثلاث سنوات ذهابًا وإيابًا قطعوا فيها مسافة أكثر من ألفى كيلو متر ووسيلة مواصلاتهم الوحيدة ركوبة ضعيفة إلى جوار السفن أحيانًا فى النيل، وبذلك قطعوا معظم الطريق مشيًا على الأقدام محتملين تعب المشى وحر الصيف وبرد الشتاء والجوع والعطش والمطاردة فى كل مكان، فكانت رحلة شاقة بكل معنى الكملة تحملها المسيح، وهو طفل مع أمه العذراء والقديس يوسف بفرح لأجلنا. مصر بلد السلام تحمل رحلة العائلة المقدسة لمصر الكثير من المعانى والقيم التى يجب أن يتحلى بها الجميع، أهمها أن مصر بلد للسلام والاطمئنان، وأن رحلة المسيح فيها ملأت ربوعها بالبركة؛ فكل الأديان السماوية أكدت أن مصر هى واحة الأمان. المشروع القومى انطلاقا من توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، تعمل الحكومة المصرية على تذليل جميع العقبات أمام المشروع القومى لإحياء مسار العائلة المقدسة، حيث يمثل مسار العائلة المقدسة إضافة مهمة للمزارات السياحية خصوصا السياحة الدينية باعتبار أن طريق المسار يعد أحد المقاصد الدينية التاريخية. وتستهدف الخطة التنفيذية للمشروع تطوير 25 موقعًا أثريًا تتضمن المناطق الأثرية التى سارت وعاشت فيها العائلة المقدسة بالمحافظات خلال رحلتها لمصر، وبحث وتذليل أى معوقات تقف أمام تنفيذ المشروع، بالإضافة إلى تقديم كل محافظة رؤيتها فيما يخص التطوير خلال الفترة المقبلة، واحتياجاتها لوضعها فى الخطة التنفيذية. ينقسم المشروع إلى عدة مراحل، وتضم مرحلة التشغيل التجريبى لعدد خمسة مواقع أثرية فى محافظتى القاهرة والبحيرة. 1