يقول الباحث ماهر فرغلى فى كتابه "أمراء الدم": أى حديث عن توفيق فريج زيادة معناه الحديث عن المرحلة الثانية من جماعة بيت المقدس التى تحولت فيما بعد إلى ولاية سيناء بعد مبايعتها داعش. ويضيف: مرت الجماعة الموجودة بسيناء بثلاثة مراحل، الأولى هى البناء الأول للتنظيم وكان ساعتها باسم التوحيد والجهاد، على يد خالد مساعد بحرى، وزميليه خميس الملاخى، وسالم خضر الشنوب (سنفرد للثلاثة حلقات خاصة)، والمرحلة الثانية هى إعادة بناء التنظيم المتفكك على يد توفيق فريج زيادة، تحت اسم جماعة بيت المقدس، والمرحلة الثالثة التى بدأت من وفاة توفيق وحتى الآن تحت اسم (ولاية سيناء). أعتقد أن المرحلة الثانية كانت هى الأخطر على مستوى أحداث العنف، وكذلك كيفية بناء التنظيم بشكل يصعب من مهمة الأمن فى تفكيكه، وهى التى يقودها توفيق. هل تصدقون أن توفيق فريج زيادة كان حاصلًا على دبلوم تجارة، وفشل فى الحصول على عمل، ففتح محلًا لبيع العسل فى العريش؟ وأنه حينما اعتقل عقب أحداث شرم الشيخ فى عام 2006، أفرج عنه جهاز أمن الدولة قبل الثورة، لأنه كان شخصًا عاديًا فى التنظيم، وكان انعزاليًا عن عناصر الجماعة بالسجن، ودائم السكوت، ولم يكن يبدو عليه أى إمكانات تؤهله حتى لقيادة مجموعة، لكنه أذهل الداخلية كلها حينما ثبت فيما بعد أنه أصبح قائدًا للتنظيم. قام التنظيم بتفجيرات شرم الشيخ، و3 تفجيرات أخرى بدهب، فتم القبض على أغلب العناصر، ومنهم توفيق فريج, أفرج عنه فى عام 2009م، وظل عنصرًا كامنًا فى سيناء، يخرج من محل إقامته بمنطقة مزارع العريش، دائرة قسم أول العريش. تزوج توفيق فى هذه الفترة من شقيقة الشيخ فيصل الحمادين، وهو أحد رجال السلفية المشهورين فى شمال سيناء «معتقل الآن». قرر توفيق إعادة بناء التنظيم، وكان فى هذه الفترة يبلغ 48 عامًا، وتحول من تاجر إلى إرهابى، ومن مقيم فى مزرعته إلى شخص متحرك على مستوى الجمهورية. الغريب أن توفيق الذى كان ينظر له على أنه لا قيمة له، خطط لبناء التنظيم بشكل يصّعب من تفكيكه بسهولة، حيث جعل على قمته مجلس شورى، ثم أسفل المجلس مجموعات التنفيذ، ومجموعة التجنيد، وأخرى للدعم اللوجستى، ورابعة للتدريب وكان يقودها الضابط عماد وهشام عشماوى، وأخرى للإعلام.. إلخ من التشكيل الكبير الذى قام بتنظيمه. فى السجن قابل توفيق «محمد على عفيفى بدوى ناصف»، «صاحب مطعم» فى حلمية الزيتون، و«محمد بكرى هارون»، والأول حاول أن يذهب للجهاد فى العراق إلا أنه فشل، فبقى باليمن لمدة 3 أعوام حتى تم ترحيله، وسجنه، مع رفقائه فيما بعد توفيق، وبكرى هارون، وأبو عبيدة، ومحمد السيد منصور الطوخى. لم تكن هناك أمور أيديولوجية يمكن الاختلاف عليها، ونجح توفيق فى إقناعهم بالانضمام لجماعة التوحيد والجهاد التى أطلق عليها «بيت المقدس»، وكلفهم بعمل فرع بالمحافظات لتخفيف الضغط عن سيناء، وتشكيل تنظيم يواجه الجيش المصرى، مستفيدين من الفرصة العظيمة للتجنيد، وغياب الجهاز الأمنى وانهياره. كلف توفيق زميله بالسجن محمد على عفيفى بدوى ناصف، بقيادة التنظيم فى المحافظات البعيدة عن سيناء، وكلف أبو عبيدة محمد السيد منصور الطوخى، بقيادة المنطقة المركزية المقصود بها «القاهرة». اعترف بدوى ناصف، «تم تنفيذ حكم الإعدام عليه فى قضية خلية عرب شركس» فى التحقيق معه فيما بعد: بأنه «اعتقل عقب عودته من اليمن بعد أن تلقى تدريبات على يد تنظيم القاعدة باليمن، وأفرج عنه فى عام 2011م من المعتقل، الذى التقى فيه بالقيادى محمد بكرى محمد هارون عبدالعزيز، الذى كان يطلق على نفسه اسمًا حركيًا، طارق، أو زياد، كما التقى بالقيادى محمد السيد منصور حسن إبراهيم الطوخى، المكنى ب«أبو عبيدة» داخل السجن «توفى بجسر السويس حينما تبادل إطلاق النيران مع كمين أمنى»، واتفقوا على التواصل مع توفيق فريج زيادة، زعيم أنصار بيت المقدس، عن طريق عناصر كان مقبوضًا عليهم من سيناء، وبالفعل التقوا فريج زيادة، وكان بصحبته شخص مجهول الهوية، مكنى بأبى عماد، وهو مسئول التواصل الخارجى والإعلام، وهو من قطاع غزة، واتفقوا خلال اللقاء على تأسيس فرع للتنظيم بالمحافظات، وبمدن القناة، وتشكيل خلايا عنقودية، تكون مهمتها تخفيف العبء عن المجموعات الموجودة بسيناء عن طريق عمليات مسلحة، وتقديم دعم لوجستى للمجموعات الموجودة مع توفيق فريج زيادة». كما قال: «إنه نجح فى تشكيل خلايا فى المطرية بالقاهرة، والقليوبية، والجيزة، وكفر الشيخ، والمنصورة، والسادس من أكتوبر، وقنا، وبنى سويف، والشرقية، وكان يرسل المجندين الجدد لتلقى التدريبات فى سيناء، وقدم لهم أحد السعوديين تمويلًا قدره 220 ألف دولار، كما جمع لهم أحد الأعضاء تبرعات داخلية زادت عن 200 ألف جنيه، وقاموا هم بالسطو على سيارات لمسيحيين، ومحلات صرافة، وشاحنات نقل أموال». كما أتاح ذهاب أعضاء من الجهاد الإسلامى وحازمون لسوريا، وتفكيك بعض المجموعات مثل مجموعة محمد جمال، إلى انضمام العناصر الهاربة، والعائدة إلى الجماعة المسلحة الوحيدة المنظمة، وهى بيت المقدس التى بدت مع وجود فرع لها بباقى المحافظات خطرة بشكل كبير. كانت البداية للجماعة أنبوب الغاز، وفى عام 2011 استهدف توفيق خط الغاز الموصل لإسرائيل، وساعتها ضج ميدان التحرير أيام الثورة بالتهليل والتكبير، وهم لا يعرفون أن العملية هى إعلان عن الجماعة الجديدة، التى أرادت فى البداية أن تنتشر دعائيًا، ووجدت أقصر الطرق هو ضرب بعض المصالح الإسرائيلية.