قال مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي بالقاهرة، أن مسألة الفصل بين الدعوي والسياسي التي أسفر عنها المؤتمر العاشر لحزب حركة النهضة التونسية، مجرد مناورة سياسية أكثر من كونه منهجية عمل للحركة في المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى أن الفصل بين الدعوي والسياسي مستحيل، لأنه مبني على عقيدة دينية راسخة تتعلق بشمولية الإسلام الذي تقوم عليه حركتهم، كفرع للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين. وأشار إلى أن إشكالية الدين والسياسة في تونس قديمة، وتتعلق بطبيعة المجتمع ذاته، مؤكدًا أنه تتبع تصريحات قادة الحركة خلال المؤتمر ليتفهم طبيعة ما أسموه بالفصل بين الدعوي والسياسي، ولم يجد سوى تلاعبًا بالألفاظ، وأن الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها أن ما يسعى إليه قادة "النهضة" ما هو إلا تنظيم وتقسيم للأدوار وليس فصلًا بحال من الأحوال. واستدل "حمزة" على ذلك ببعض التصريحات مثل تصريح الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس الحركة، التي قال فيها: حزب العدالة والتنمية في المغرب حزب إسلامي يمارس العمل السياسي ولم يقل أحد أنه انقطع عن أصوله الإسلامية، وإنما هو منفصل عن الجمعيات الدعوية، بالإضافة إلى تصريحات المهندس عبد الكريم الهاروني، القيادي البارز بالحركة التي أشار خلالها إلى أن لفظ الفصل أدى إلى الفهم الخاطئ وجعل البعض يتهم الحركة بالاتجاه نحو العلمانية، وفصل الدين عن السياسة، وهذا لم نقصده، ولكن نقصد أن الأحزاب ليس من حقها تمويل الجمعيات الدعوية ولا ينبغي لإمام في مسجد أن يكون قياديًا في الحزب، فالمسلمون داخل المسجد كلهم أخوة بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية، والإمام يهتم بكل شئون الحياة لجميع المسلمين بما فيها السياسية، ولكنه لا يتدخل في شئون الأحزاب، ولا يقوم بالدعاية في الانتخابات للأحزاب "أي داخل المساجد،" ولا ينبغي أن يترأس جمعيةً دعويةً شخصٌ مسئولٌ في حزب، حتى لا ينظر إلى هذه الجمعية أنها تابعة للحزب، وتبقى للجميع. ولفت إلى أن هذا الفصل بين الدعوي والسياسي قد أسماه راشد الغنوشي، رئيس الحركة، في كلمته خلال المؤتمر ب«التخصص الوظيفي» بين السياسي وبقية المجالات المجتمعية، وقصد بذلك التحييد الكامل للمساجد عن خصومات السياسة والتوظيف الحزبي، لتكون مجمعة لا مفرقة، ويدلل على ذلك أيضًا قوله: "نستغرب إصرار البعض على إقصاء الدين من الحياة العامة"، معترفًا في الوقت نفسه بأن قيم الاسلام محركةً للتنمية، والحث على العمل والبذل، والصدق والنزاهة، ونظافة اليد، وقوة دفع في حربنا على الدواعش والتكفيريين ومساندة جهد الدولة في التنمية. وتساءل "حمزة"، عن الضوابط والإجراءات التي تضمن تنفيذ هذه الأفكار، لا سيما أن التعامل السياسي لدى الحركة لا يكون بالموعظة والحلال والحرام ولكن بالمصالح والمفاسد، مشددًا على أنه لا يوجد أية ضمانات على الالتزام بهذه الأفكار. وشدد "حمزة" على أن الإسلاميين الذين خرجوا من عباءة الإخوان المسلمين لا يلجأون إلى التصريحات بالفصل بين الدعوي والسياسي إلا في حالات الضعف والتراجع، أما في حالات القوة والتمكين فيعتمدون منهج الإقصاء لكل التيارات الأخرى، على اعتبار أن فترات عدم التمكين التي يسمونها "مرحلة الاستضعاف" يحق فيها عمل أي شيء حتى وإن خالف المنهج الأصلي للجماعة، منبهًا أن تراجع تيارات الإسلام السياسي بشكل عام وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر بشكل خاص، هو ما أدى ب"النهضة التونسية" إلى التلويح بقرار الفصل. وطالب بحل حركة النهضة والاكتفاء بالحزب، قائلًا: إذا كانوا صادقين في عدم إقحام الدين في العملية السياسية فليعلنوا حل تنظيم الإخوان المسلمين، أو على الأقل حل حركة النهضة والاكتفاء بوجود الحزب، ويشترط في ذلك أن يحل المرشد العام للجماعة كافة الأعضاء من بيعته مثلما حل "بديع"، الرئيس المعزول محمد مرسي من بيعته بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في مصر، مع ما يتبع ذلك من حل جميع المكاتب الإدارية في أنحاء تونس، ومصادرة جميع المقرات والأموال الخاصة بالحركة، وعودتها لخزينة الدولة لإنفاقها على الفقراء واليتامى.