ينشر "الموجز" نص البيان التأسيسى للمؤسسة المصرية لحماية الدستور برئاسة عمرو موسى والذى جاء كالتالى:" تطلع المصريون منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر لحياة دستورية نزيهة، وخاضوا معارك كبرى من أجل الدستور خلال القرن العشرين ارتبطت على نحو وثيق بكفاحهم من أجل الاستقلال والسير على طريق التقدم والكرامة. وقد اقترنت "ثورة يناير-يونيو" بالكفاح من أجل دستور يؤسس لدولة القانون المدنية الحديثة، دستور يكفل الحقوق والحريات للمواطنات والمواطنين، ويضع الضمانات الأساسية لاحترامها، ويدعم المسيرة الديمقراطية. وبعد معارك وتحديات جسام، تمكن المصريون من تأكيد حقهم الأصيل في الإطاحة بنظامين تنكرا لأهدافهم في الالتحاق بالعصر، فوضعوا دستوراً يليق بتضحياتهم، استفتي عليه الشعب فاعتمده في يناير 2014 بأغلبية كاسحة. الأصل أن السلطة للشعب، وهو مصدرها. والدستور وثيقة يضعها الشعب لضمان الحقوق والحريات وضبط ممارسة السلطة العامة لوظائفها وطريقة ممارستها لهذه السلطات وحدودها. ولأن الدولة قد تتوسع في حدود اختصاصاتها، حرصت الشعوب بشكل متزايد على أن تنص في دساتيرها على الحقوق والحريات التي تلزم الدولة باحترامها ورعايتها. إن مؤسسات الدولة، في ممارسة السلطات الممنوحة لها وكيل عن الشعب، تتقيد بقواعد محددة لممارسة هذه السلطات. والقواعد لا تعني عرقلة مؤسسات الدولة عن القيام بوظائفها، وإنما تعمل على ضمان ممارسة الشعب لسلطاته الأصيلة مباشرة أو عن طريق ممثليه. والمبدأ الراسخ في الدول الديمقراطية هو الفصل بين السلطات. والحكمة من هذا الفصل مزدوجة فهي من جانب تحمي الشعب من أن تتآلف عليه السلطات فيفقد بذلك حقه الأصيل في إدارة شئونه، وهي من جانب آخر تمكِن السلطات من أن تستقل كل منها بوظائفها طبقاً للدستور فى إطار توازن دقيق بينها، تمهيداً لأن تتكامل وتصحح ما قد يعتري قرارات كل منها من أوجه الخلل. ورغم أن الدستور لم تطبق أغلب أحكامه بعد، ظهرت أصوات تدعو إلى تعديله، بدعوى أن بعض نصوصه قد تعطل السلطة التنفيذية عن القيام بوظائفها الدستورية. إن أي قراءة للدستور تكشف عن أنه احتفظ لرئيس الجمهورية، باعتباره رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، بصلاحيات واسعة في إطار توازن دقيق بين السلطات تمكنه تماما من القيام بمسئولياته بفعاليةً. فضلا عن ذلك، فإن الدعوات إلى تعديل دستور نال موافقة 98 في المائة ممن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء عليه بدون انتظار لأن يكشف تطبيق أحكامه عن أوجه ضعف أو ثغرات، هذه الدعوات، خاصة فى هذه المرحلة، تتجاهل الإرادة الشعبية وتعطل مسيرة الدولة نحو التقدم الذى لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستقرار الدستورى. وهذا لايعنى الجمود فقد نص الدستور على إجراءات تعديله، إلا أن التعديل وفقا للأعراف الدستورية المستقرة يجب أن يستند إلى تجربة ممتدة فى التطبيق تبين ضرورة ومنطق ونطاق التعديل المطلوب لضمان تحقيق المصلحة العامة على أساس توافق وطني واسع. كما أن هناك ضرورة أيضاً لتفعيل نصوص الدستور تفعيلاً كاملاُ، و الحفاظ على الحقوق والضمانات الواردة بها، وتنقية البناء التشريعي من القوانين المخالفة لها، وتصحيح السياسات والممارسات التي لا تتفق والروح التي صيغت بها. إن الموقعات والموقعين على هذا البيان، حرصا منهم على احترام كلمة الشعب وإرادته، وتأكيدا على دور المجتمع المدنى فى الدعوة لتفعيل الدستور وإنفاذ أحكامه للحفاظ على استقرار الوطن والمضي به على طريق الديمقراطية والتقدم، يعلنون عن عزمهم إنشاء المؤسسة المصرية لحماية الدستور وفقا للقانون رقم 84 لسنة 2002 لتقوم بما يلى: التوعية بمبادئ الدستور وأحكامه وضرورته والدعوة إلى احترامها، واقتراح سبل تفعيلها ورصد التشريعات واللوائح و الممارسات المخالفة لأحكام الدستور وإعداد الدراسات والمقترحات المتعلقة بتعديل النصوص المخالفة، وكذا بمشروعات القوانين المكملة أو المنفذة للدستور وتقديمها للجهات المختصة وعقد الندوات والمؤتمرات وإدارة حوار مجتمعى وتوفير المعلومات والدراسات حول الدستور والتواصل مع السلطتين التشريعية و التنفيذية وإصدار نشرات غير دورية فيما يخص إنفاذ مواد الدستور.