مستشار وزير الرى قال إن سد النهضة له تأثيرات سلبية على مخزون المياه الجوفية "السيسى " رحب بمقترح تقسيم المليون ونصف المليون فدان إلى ثلاث مراحل.. وأطالبه بالابتعاد عن غير المتخصصين حتى لا يورطوا الدولة تصريحات وزير الرى بوجود مياه جوفية تكفى لزراعة المشروع 100 عام مقبلة مجرد تنبؤات غير علمية أكد الدكتور مغاورى شحاتة مستشار وزير الرى للمياه الجوفية، ورئيس جامعة المنوفية الأسبق ، أن حجم المياه الجوفية فى صحارى مصر لا تكفى لاستصلاح 4 ملايين فدان ، لافتًا إلى أن اعتقاد البعض بوجود انهار أو ترع جوفية تحت سطح الأرض خطأ شائع . وأوضح مستشار الوزير فى حواره مع"الموجز" أنه صاحب اقتراح تقسيم المليون ونصف مليون فدان إلى ثلاث مراحل والذي رحب به الرئيس عبد الفتاح السيسى، مشيرًا إلى أن الدكتور حسام مغازى وزير الرى أخطأ بإعلانه عن اكتشاف بئر جوفي جديد فى المنيا.. وإلى نص الحوار. = فى البداية ما هى حجم المياه الجوفية فى مصر؟ التوزيع الجغرافي فى مصر مقسم إلى الساحل الشمالي الغربي وشبه جزيرة سيناء والصحراء الغربية والصحراء الشرقية والدلتا ومجرى النيل بما حوله، ولو تم عزل الدلتا ومجرى النيل والخزانات المحيطة به ، سنجد أن أغنى المناطق بالمياه الجوفية هى الصحراء الغربية لوجود الواحات بها، وذلك بفضل الدراسات الطبغرافية، والتى أكدت وجود عيون تتدفق منها المياه نتيجة لوجود فتحات أو كسور أو تغيير جيولوجي، وبالتالى بدأ الباحثون يتوجهون إليها لاكتشاف المياه ، حتى انطلقت بعد ذلك مشروعات التنمية ، من جنوب التحرير فى أواخر الخمسينات، وكانت تجربة ناجحة وأفادت مصر كثيرًا، فضلاً عن مشروع الوادى الجديد. = وماذا عن المشروعات الأخرى بعد ذلك ؟ فى الحقيقة كان هناك مخطط فى عام 1997 يستهدف زراعة 3,2 مليون فدان، بواقع 150 فدان فى السنة ولم يتم تنفيذه، وفى عام 2009 تقدمت ضمن لجنة من المتخصصين بمشروع استصلاح أراضى زراعية فى 9 مناطق منها "العوينات وتوشكى والداخلة والفرافرة وجنوب منخفض القطارة وسيوه والوحات البحرية" وتم وضع تصور كامل لها ووضعت ميزانية مبدئية ، ولكن دون جدوى ، ومرت السنوات بما حملته من ثورتين ، وتولى عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية وأعلن عن زراعة 4 مليون فدان خلال برنامجه الانتخابى. = ما هى أفقر المناطق فى المياه الجوفية ؟ سيناء هى أفقر المناطق التي لا توجد بها مياه جوفية ، ومن ثم تعتمد التنمية فى سيناء على الرى السطحى من نهر النيل، وهناك الساحل الشمالى على امتداده من الإسكندرية مرورًا بالعلمين حتى السلوم لا يوجد به مياه عذبة ، لأنها هضبة جيرية لا يوجد بها مياه جوفية ، ولو بها مياه ستكون على عمق كبير وستكون مالحة ، وهناك الصحراء الشرقية أيضا ذات المساحة الضخمة . = البعض أطلق على الساحل الشمالي اسم "مزرعة مصر المستقبل".. ما تعليقك ؟ غير صحيح ولا يصدر هذا الكلام عن متخصصين، لأن الساحل هضبة جيرية ومائها الجوفية مالحة وعلى عمق كبير. = هل المياه الجوفية مخزون ثابت أم متجددة ؟ المياه الجوفية غير ثابتة تنضب وتتملح وتتأثر بعوامل كثير. = إذا كان الأمر كذلك.. ما هى ضمانات استمرار مشروع المليون ونصف المليون فدان فى الإنتاج بعد استصلاحه ؟ يجب أن نكون حريصين على نجاح المشروع بالتنوع الاقتصادي والتنموي بواسطة استخدام تقنيات حديثة تتعامل مع المتغيرات ومنها تمليح المياه ، التى يمكن أن نستخدم فيها زراعة محاصيل تستجيب للمياه المالحة فهناك نباتات تنبت بهذه النوعية من المياه ، ويمكن أيضا إقامة مشروعات إنتاج حيواني فى ظل وجود مياه مالحة، والدليل على ذلك وجود 170 ألف فدان فى منطقة "واحة المغرة" شمال منخفض القطارة ، تروى بمياه مالحة . = وهل تستطيع مصر استصلاح 4 مليون فدان بالفعل فى ظل حالة الفقر المائي الذى تعيشها؟ من حق الرئيس أن يحلم بتنفيذ مشروعات عملاقة تخدم البلد ويذكرها التاريخ ، وأيضًا من حق العلماء على الرئيس أن يستمع لآرائهم فى الإعلان عن أرقام حقيقية . = معنى كلامك أن رقم 4 مليون فدان رقم مبالغ فيه!! الإعلان عن استصلاح 4 مليون فدان هدف نسعى من خلاله إلى استصلاح أراض جديدة على مراحل مختلفة فكان الرقم المستهدف كبداية للمشروع العملاق مليون ونصف المليون فدان، وإن استطعنا استصلاح نسبة كبيرة من حجم المشروع الكلى فهو مكسب كبير جدًا، فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجه المشروع . = بعد تقسيم المشروع إلى مراحل والبدء بمليون ونصف المليون فدان.. هل نستطيع استصلاح هذه المساحة في وقت مناسب؟ فى البداية كان الحديث عن مليون فدان، وطلبت من وزير الري تشكيل لجنة من المتخصصين، وتم ذلك بالفعل وقمنا بدارسة كافة الجوانب للمشروع، وبعد ذلك تغير الحديث وتم زيادة المساحة للمشروع إلى المليون ونصف المليون فدان، وقمنا بتغيير الدراسات لتستوعب المساحة الجديدة، ووضعنا العديد من التساؤلات فى قيد الاعتبار، ومنها هل توجد لدينا مياه لتكفى المساحة المقرر استصلاحها.. وهل الاراضى المستصلحة ستكون جيدة وخصبة.. وهل لدينا الطاقة لتشغيل مثل هذه المشروعات؟.. كما راعينا المتغيرات والمستجدات فى ظل التحديات التى تواجه مصر . = ومن هو صاحب مقترح تقسيم المليون ونصف المليون فدان إلى ثلاث مراحل ؟ بعد إجراء الدراسات التى أعدتها اللجنة المشكلة فى ديسمبر 2014 ، وبعد سلسلة من الاجتماعات ، وفى إحدى الاجتماعات قال ممثلو مؤسسة الرئاسة، إن الرئيس عبد الفتاح السيسى يريد رداً قاطعاً على إمكانية تنفيذ المشروع، وما هى المساحة التى يمكن استصلاحها ، فأجبت قائلاً "غدًا سنجيب عليكم بالتفصيل"، وبالفعل اجتمعنا فى استراحة الوزارة بالقناطر، وعندما سئُلت عن إمكانية تنفيذ المشروع فى الاجتماع المحدد مع رئاسة الجمهورية ، قلت لا بد من تقسيمه إلى ثلاث مراحل المرحلة تتضمن 500 ألف فدان ، على أن يكون من ضمن المرحلة الأولى 140 ألفاً فى توشكى تعتمد على مصادر مياه سطحية ، إضافة إلى اختيار ثلاث مناطق يقام بها ثلاث مزارع تجريبية منها الفرافرة وتوشكى. = وهل قُوبل مقترحك باهتمام الآخرين ؟ فى الحقيقة كان الجميع مترددون، وقالوا إنهم تحدثوا للرأى العام وأكدوا أن انطلاقة المشروع ستكون بمليون ونصف مليون فدان فكيف نقول لهم 500 ألفاً فقط؟.. ومع إصرار اللجنة التى تحدثت وفق دراسات علمية تقبل الرئيس السيسى الأمر ورحب بالمقترح . = هل يمكن الاكتفاء بحجم المياه الجوفية المتاحة لزراعة المساحة المطلوبة؟ من الصعب أن نكتفي بالمياه الجوفية المتاحة حاليًا، لأن المياه الجوفية متغيرة وتتأثر بالعوامل المناخية، ومن ثم فنحن نسعى لاكتشاف آبار جوفية جديدة من خلال شبكة الطرق التي يتم تنفيذها فى محافظة المنيا وبنى سويف وأسيوط ، والتى تعمل على تسهيل تنفيذ عمليات البحث عن مصادر مياه جوفية جديدة. = فى رأيك.. وما هى الصعوبات التى تواجه المشروع؟ الصعوبات تتلخص فى قلة المياه الجوفية المطلوبة لمشروع عملاق يتطلب وجود مصادر ثابتة للزراعة والتنمية . = هل ترى التقسيم الجغرافى للمليون ونصف مليون فدان هو الأنسب لوجود مياه جوفية بهذه المناطق ؟ بعد تشكيل اللجنة قمنا بالاجتماع أكثر من مرة ، وجمعنا كل الدراسات المتعلقة بالمياه الجوفية ومناطق التواجد بها ، والمرشحة لتنفيذ المشروع، وبدأنا نرتب معلوماتنا باعتبار أن هناك مناطق تصل فيها معلومات لدرجة اليقين ، ومناطق المعلومات عنها ضعيفة ، ومناطق لا توجد عنها معلومات ، ومن ثم تم ترتيب المعلومات وأخذنا الحظر المطلوب ، وتم تحديد المناطق بدقة على ضوء الدراسات المتاحة. = ولكن هناك انتقادات من بعض الخبراء للتقسيم الجغرافي للمشروع .. ما تعليقك؟ التقسيم الجغرافي تم بواسطة دراسات وخرائط جيولوجية، قام بها فريق من الباحثين المتخصصين ، وبالتالي الانتقادات الموجهة غير مبررة . = وما هو ردك على الانتقادات الموجهة للمشروع ككل ؟ مشروع المليون ونصف المليون فدان مثل أى مشروع كبير يتم تنفيذه فى مصر دائمًا ما تصاحبه العديد من الانتقادات ، وتوجه له الاتهامات وتقام الندوات لغير المتخصصين للإجابة على أسئلة فنية بحتة، واحينا يغلب على الانتقادات الألوان والانتماءات السياسية ما بين مؤيد ومعارض. = وما هى المدة الزمنية لزراعة المشروع ؟ لم نضع إطاراً زمنياً للمشروع ، ولكن هناك بعض المناطق مثل الفرافرة ، تم تقسيمها إلى مرحلتين الأولى 20 ألف فدان والثانية 30 ألفاً، وسيتم تحديد الإطار الزمنى بها وفقًا لنوعية المحاصيل الزراعية ، فهناك محاصيل سريعة الإنتاجية مثل الشطة واليانسون ، وهناك محاصيل تحتاج وقتاً أطول . = وزير الرى أكد أن المياه الجوفية تكفى لزراعة المشروع ل 100 عام مقبلة .. هل هذا صحيح ؟ تصريحات الوزير عن المياه الجوفية تنبؤات ، وهى عبارة عن نموذج تشغيلي وتقريبي يعطى إرشادات فقط ، غير معنى بها الرأى العام أو غير متخصصين ، بمعنى أنها ستكفى مساحة معينة فى وقت زمنى معين إفتراضى ، يحكمه متغيرات كثيرة منها زمنية ونوعية للمحاصيل التى سيتم زراعتها. = هل هناك ارتباط بين نقص مياه النيل المتوقع من إتمام بناء سد النهضة وبين حجم المياه الجوفية ؟ بالفعل هناك ارتباط وثيق بين المياه الجوفية كمصدر من مصادر المياه ، وبين أزمة سد النهضة الاثيوبى ، لان المياه الجوفية تتأثر بانخفاض منسوب المياه فى حوض النيل والخزانات المحيطة به . = وزير الرى أعلن عن اكتشاف بئر جوفى جديد ثم عاد ونفى ما قاله.. ما تفسيرك ؟ فى الحقيقة الوزير كان سئ الحظ فى الإعلان عن البئر الجديد ، لأن هذا البئر عمقه كيلو و 450 متراً، والإدارة المركزية للآبار الجوفية بالوزارة لديها إصرار على إثبات أن بئر الحجر النوبى موجود أسفل الصحراء كلها فى مصر ، ومن ثم لم يضعوا فى الإعتبار مدى العمق فى كل منطقة دون الأخرى ، وبالتالى هم يسعون للوصول بهذا البئر للحجر النوبى ، ولكنها تجربة عادت عليهم بالسلب ، والبعض اعتبره محاولة لإيجاد مصدر بديل للمياه فى ظل توتر المفاوضات سد النهضة.. وفى ضوء ذلك التقيت بالوزير وشرحت له أن الصحراء الغربية ليس بها أنهار او ترع جوفية ، ولكن خزانات وصخور وفتحات ينتج عنها مياه . = وهل نستطيع استخدام جزء من مياه النيل فى استصلاح بعض المناطق فى المشروع ؟ لا طبعًا.. لأن الدلتا بها نقص شديد فى المياه اللازمة للرى ، نتيجة استخدام المياه فى الرى دون ترشيد ، ومن ثم لو كان لدينا إصرار على بناء دولة جديدة يجب توعية الفلاحين ، وأيضا على الحكومة أن تقوم بدورها فى تشكل وعي المواطنين بشكل عام لتحسين استخدام المياه، واعتراف وزارة الرى بالتقصير فى تطهير الترع والمصارف، والعمل على إعادة تطهيرها . = أخيرًا.. لو إلتقيت بالرئيس السيسى ما هى النصيحة التى يمكن أن تقدمها له كعالم فى مجال المياه الجوفية ؟ أقول له بكل صراحة.. استشر المتخصصين وخذ بالأسباب العلمية والمنطقية، دون إعطاء الفرصة لغير المتخصصين وغير المقدرين للمسئولية ، حتى لا يتم توريط الدولة فى نفقات دون فائدة، وهناك مثال على ذلك يتمثل فى 750 ألف فدان بمنطقة سهل الجلابة بكوم إمبو ، قامت وزارة الرى بصرف أكثر من 6 مليون جنيه فى حفر آبار جوفية واتضح فى النهاية عدم وجود مياه بالمنطقة، وقد سبق وحذرت أن هذه المنطقة لا يوجد بها مياه جوفية .