كشف تقرير أعدته صحيفة ناشونال ريفيو الأمريكية، عن إرسال روسيا المتشددين الإسلاميين إلى سوريا لمقاتلتهم هناك، وأضافت أنه عند الاستماع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث عن تدخله في سوريا، يظن المرء أنه يمثل رأس الحربة في مقاومة الإرهاب في العالم. وأوضحت الصحيفة أن مسؤولي الكرملين عملوا على مدار أشهر لتصوير تدخلهم في سوريا على أنه لم يأت لدعم حليف استراتيجي، وإنما للمشاركة في حملة أوسع ضد التطرف، وادعى هؤلاء أن روسيا ما كانت لتدخل لولا العجز الغربي في مواجهة الراديكالية الإسلامية، ولكن تلك الجعجعة تخفي حقيقة أن سياسة موسكو ضد الإرهاب انتقائية وزائفة إلى حد بعيد. وبحسب الصحيفة، فإن الكرملين يغذي لهيب التطرف في الشرق الأوسط، إذ اختارت الحكومة الروسية التي تواجه اضطرابات متصاعدة مع الأقليات الإسلامية، تصدير المشكلة. وكتبت صحيفة "نوفايا جازيتا" الروسية المستقلة، أن "روسيا تتحكم فعلياً بتدفق المجاهدين نحو سوريا، عبر تشجيع مختلف أجهزة الاستخبارات الروسية لراديكاليين إسلاميين للهجرة نحو الشرق الأوسط، ومن خلال تطبيقه تلك الخطة، يأمل الكرملين أن يقضي على المتمردين داخل روسيا، ومحاربتهم في مناطق بعيدة". وفضحت تلك السياسة دور الكرملين كشريك في دعم نفس الخطر الإرهابي الذي يزعم محاربته، وذكر جهاز الأمن الروسي "إف إس بي" أن قرابة 3000 مقاتلاً من أصول روسية سافروا إلى الشرق الأوسط، من أجل حمل السلاح والمشاركة في الصراع السوري. وأشارت الصحيفة إلى أن تلك التقديرات لا تمثل سوى قمة جبل الجليد، وأشارت تقديرات رسمية روسية إلى أن دولاً كانت تتبع الاتحاد السوفييتي القديم قدمت 7000 مقاتل، أو قرابة 25% من إجمالي ما يقدر ب30000 ألف جهادي انضموا إلى صفوق داعش، وسواه من الجماعات المتشددة التي تحارب حالياً في سوريا. من جانب آخر، لفتت ناشونال ريفيو إلى كون موسكو ليست بعيدة عن السعي لتحقيق هدف مشترك مع بعض الراديكاليين الإسلاميين، إذ اعترفت الحكومة الروسية، على سبيل المثال، بتبادل المعلومات مع طالبان، ضمن جهودها لوقف تقدم مقاتلي داعش في أفغانستان. وتعمل روسيا حالياً، مع فريق إرهابي آخر، وهو حزب الله اللبناني، من أجل إبقاء الرئيس السوري بشار الأسد، على رأس السلطة، وأقر حزب الله أن قواته تتلقى الأسلحة الثقيلة مباشرة من الحكومة الروسية، وفي المقابل، تقدم الميليشيا للجيش الروسي، معلومات استخباراتية وميدانية لزيادة قدرة الطائرات الروسية على الفتك بمعارضي النظام. ولفتت الصحيفة إلى أن ذلك التعاون لم يأت من باب الصدفة، إذ صرح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، لوكالة انترفاكس الروسية أن الكرملين لا يعتبر حزب الله منظمة إرهابية بالمطلق، وهو يقيم معه علاقات وصلات منتظمة. وترى ناشونال ريفيو أن المنطق الروسي يعتمد أساساً على الموقف السياسي الحالي للحزب، وأوضح بوغدانوف رأيه بقوله" لم يرتكب الحزب أية أعمال إرهابية على الأراضي الروسية". ومن هذا المنطلق الذاتي المحض، تنطلق رؤية موسكو للإرهاب، وفيما تخشى الحكومة الروسية من خطر المتشددين داخل حدودها، فإنها تبدو أكثر من سعيدة لأن تصدر نفس المشكلة تحقيقاً لطموحاتها الجغرافية السياسية.