لازالت الحروب الباردة بين الروس والأمريكان تشهد فصولا جديدة لكن هذه المرة على جثة الشرق الأوسط فقد ضمت الاستراتيجية الأمنية الروسية الجديدة، الولاياتالمتحدة للمرة الأولى إلى قائمة التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي الروسي، وذلك في علامة على تدهور العلاقات بين الكرملين والغرب في السنوات الأخيرة. غير أن واشنطن لم تعلق كالمعتاد على مثل هكذا "استفزازات"، بينما اعتبر المراقبون أن إدارة أوباما تمر بأسوأ حالتها مع اقتراب نهاية عهدتها أواخر هذا العام. وكشفت تقارير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع الاستراتيجية الجديدة التي صدرت بعنوان "في شأن استراتيجية الأمن القومي لروسيا الاتحادية" ليلة رأس السنة. وتحل الاستراتيجية الجديدة محل أخرى، وقعها رئيس الوزراء الحالي ديمتري ميدفيديف عام 2009، عندما كان رئيسا للبلاد، ولم يرد فيها آنذاك ضمن التهديدات الولاياتالمتحدة أو حلف شمال الأطلسي. وتشير الوثيقة إلى أن روسيا أمكنها تعزيز دورها في حل المشكلات العالمية والصراعات الدولية، وإن ذلك تسبب في رد فعل من الغرب. ومضت الوثيقة تقول إن "تقوية روسيا تحدث في ظل تهديدات جديدة للأمن القومي ذات طبيعة معقدة ومتداخلة". ويرى السياسيون الروس أن انتهاج سياسة مستقلة "دولية وداخلية على السواء" أثار "رد فعل مضاد من الولاياتالمتحدة وحلفائها، إذ يسعون بشدة للإبقاء على هيمنتهم على الشؤون العالمية". وتقول الوثيقة إنه من المرجح أن يؤدي ذلك إلى ضغط سياسي واقتصادي وعسكري وإعلامي على روسيا، واصفة توسع الناتو بأنه تهديد لروسيا، وأن الولاياتالمتحدة وسعت شبكتها من المعامل العسكرية البيولوجية في دول مجاورة للبلاد. وشهدت العلاقات الغربية الروسية تدهورا ملحوظا، عندما ضمت روسيا، في مارس 2014، شبه جزيرة القرم الأوكرانية، بعد احتجاجات أطاحت بالرئيس الأوكراني الحليف لموسكو فيكتور يانوكوفيتش، الذي فر إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين اتهم الغرب روسيا بمساعدة الانفصاليين في أوكرانيا، بينما تنفي روسيا ذلك، واضطرت معه كل من واشنطن وبروكسل إلى فرض عقوبات واسعة على أفراد ومؤسسات روسيين، وردت موسكو بفرض قيود على واردات من أوروبا أيضا.