أكدت صحيفة وول ستريت جورنال أن مصادقة مجلس الأمن الدولي، على خارطة طريق سياسي من أجل سوريا، يعد انتصاراً في عالم الديبلوماسية الخيالية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ويطالب القرار بوقف شامل لإطلاق النار في سوريا، والتفاوض على مرحلة انتقال سياسي، وتشكيل حكومة" شاملة وغير طائفية"، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة ووضع دستور جديد، وذلك في خلال فترة 18 شهراً. ولكن، تقول الصحيفة، من أجل تحقيق تلك الأهداف، لا بد من إيجاد الطرائق المناسبة. وبرأي وول ستريت جورنال، أمضى مجلس الأمن السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية وهو يحاول التوصل لهدنات وتسويات سياسية، وكلها انهارت طوال صراع المكسب أو الخسارة بين نظام الأسد ومعارضيه. وقد انتهت جولتان من المحادثات بين الأطراف المتنازعة إلى فشل ذريع، وتبادل اتهامات، قبل أن يسيطر داعش على مناطق واسعة في سوريا. وتلفت الصحيفة إلى أنه، وفي الوقت الحالي، لم تعرض أية دولة تقديم قوات برية من أجل مراقبة وفرض وقف محتمل لإطلاق النار، كما لم تطرح فكرة إرسال الأممالمتحدة لبعثة حفظ سلام بسبب خطورة المهمة. كما أشارت وول ستريت جورنال لاستبعاد إجراء أية دولة مقاربة، وإن غير مباشرة لداعش، ولا أن التنظيم قابل للمشاركة في عملية تفاوضية. ويبدو بشار الأسد اليوم في حالة شماته لأنه لن يكون مضطراً للتخلي عن السلطة، وعبر مشاركة روسيا وإيران وحزب الله في المعركة إلى جانبه، لديه كل ما يجعله للاعتقاد بأنه سيبقى مهيمناً على الحكم في دولته المهلهلة. من هنا تسأل الصحيفة عن السبب لهذا الاندفاع الديبلوماسي. لكن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري يتفاخر بأن اتفاقية الأممالمتحدة كانت نتيجة ثلاثة أشهر من الجهود المتواصلة، ويبدو أن الإدارة الأمريكية سعيدة لأنها عملت خاصة مع روسيا من أجل التوصل لقرار جماعي. لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، كان برأي الصحيفة، أكثر واقعية عندما قال بعد التصويت على القرار" لست متفائلاً كثيراً بشأن ما تم التوصل إليه اليوم". ورغم ذلك، يستطيع لافروف أن يشعر بالرضا عن التنازلات التي استطاع انتزاعها من الولاياتالمتحدة، وخاصة ما يتعلق بإصرار الإدارة المتواصل على وجوب تخلي الأسد عن السلطة، قائلاً بعد لقاء تم في الكريملين مع فلاديمير بوتين في الأسبوع الماضي" إن الولاياتالمتحدة وشركائنا لم يعودوا يسعون لما يسمى تغيير النظام في سوريا". وتلفت وول ستريت جورنال إلى أن الموقف الأمريكي الحالي بات يرى بأن الأسد ليس زعيماً صالحاً لسوريا، ولكن ذلك يعتبر رأياً سياسياً أكثر منه مطلباً. ومن الناحية النظرية، سيقرر الشعب السوري، بما فيه اللاجئون، من يحكمه من خلال انتخابات، وكأن الرئيس العلوي بشار الأسد سيحترم نتيجة الانتخابات، إن فازت الأغلبية السنية. كما ترى الصحيفة بأنه يحق لرافروف أن يسر أيضاً لكون التدخل الروسي في سوريا قد أدى لذوبان الجليد مع الغرب. وبالرغم من تصويت الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي على تمديد أجل العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد روسيا لستة أشهر أخرى، إلا أنه لا أحد يتوقع أن تدوم تلك العقوبات طويلاً. وكل ذلك يعني، برأي وول ستريت جورنال، بأن تدخل روسيا في سوريا بات يدعم أهدافها الاستراتيجية، بغض النظر عن تأكيدات الرئيس أوباما بأن الكريملين بدأ يغرق في المستنقع السوري. وإن قرار مجلس الأمن يعد بالنسبة للولايات المتحدة انتصار الأمنيات وليس الوقائع، كما كان عليه الحال، خلال الشهر الحالي، عند التوصل في باريس لاتفاق المناخ . لقد أعطى ذلك للرئيس أوباما فرصة لأن يقول بأن إدارته تضغط من أجل التوصل إلى حل ديبلوماسي في سوريا. وبحسب الصحيفة، يعتبر قرار مجلس الأمن بنظر الشعب السوري رمزاً شكلياً آخر للتأكيد على أن المجمتع الدولي لن يفعل شيئاً لإنهاء عملية ذبحه، أو دحر قتلته سواء كانوا داعش أو نظام الأسد والميليشيات الطائفية التي تحارب في صفه. وما على السوريين سوى انتظار إدارة جديدة ورئيس أمريكي جديد، قد يرى بأن السياسية الخارجية لا تقوم على التضليل والغرور السياسي.