«البدوى» ينعش اقتصاد طنطا |كرنفال روحانى.. نشاط تجارى مكثف.. وكرم مجتمعى موروث    موسم سياحى بنكهة «الثقة» |ارتفاع الإشغال الدولى .. وانتعاش فى طابا ونويبع    نتنياهو: الحرب ستنتهي عندما يتم تجريد حماس من سلاحها    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة    رئيس الحكومة العراقية: الانتخابات البرلمانية المقبلة معركة بين أنصار الفشل والفساد وأنصار الإعمار والتنمية    هاتريك فيليكس.. النصر يكتسح الفتح ويبتعد بصدارة الدوري السعودي    التصريح بدفن ضحايا التنقيب عن الآثار بالصف    منة شلبي ل لميس الحديدي: أنا تزوجت شغلي وارتبطت بالفن طول عمري وكل دور عملته هو إبني    عمر محمد رياض يلمح لجزء ثان: في حكايات بتختار ترجع بنفسها.. لن أعيش في جلباب أبي 2    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    آرسنال يعود للصدارة بفوز صعبة على فولهام    البحوث الفلكية: 122 يوما تفصلنا عن شهر رمضان المبارك    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    حلوى ملونة بدون ضرر.. طريقة عمل كاندي صحي ولذيذ للأطفال في المنزل    هيئة الدواء تسحب 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية من الأسواق    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب مقاطعة سوريجاو دل سور الفلبينية    «الوطنية للانتخابات»: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة كثافة التواجد قبل الذهاب للتصويت    منة شلبي في أول ظهور بعد تكريمها بالجونة على شاشة النهار مع لميس الحديدي الليلة    3 وزراء ومحافظ القاهرة يشاركون في حفل الاتحاد المصري للغرف السياحية لتكريم الدكتور خالد العناني    إزالة 10 مخالفات بناء على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في الأقصر    وزارة المالية: بدء صرف مرتبات أكتوبر 2025 في هذا الموعد    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    التحقيقات تكشف ملابسات مقتل مسن ضربًا على يد نجله بالجيزة    هل نستقبل شتاءً باردًا لم نشهده منذ 20 عامًا؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس    إصابة أسرة كاملة في حادث تصادم بطريق الزقازيق الزراعي في الإسماعيلية    قصور الثقافة تفتتح أول متجر دائم لمنتجات الحرف التراثية في أسوان    مي الصايغ: اعتراض أول شاحنة مساعدات كبّد الهلال الأحمر المصري خسائر كبيرة    الرماية المصرية تتألق فى أثينا.. أحمد توحيد وماجي عشماوي رابع العالم    بتهمة ممارسة الفجور.. السجن 5 سنوات للطالب المنتحل صفة أنثى لنشر مقاطع فيديو تحت اسم «ياسمين»    البنك الأهلى يتقدم على الجونة بهدف فى الشوط الأول    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزا عسكريا وسط دير جرير شرقي رام الله    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    يلا شووت بث مباشر.. الهلال VS الاتفاق – مواجهة قوية في دوري روشن السعودي اليوم السبت    قرار بالسماح ل 42 بالتجنس بالجنسية الأجنبية مع احتفاظهم بالجنسية المصرية    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    غادة عادل عن ماجد الكدواني: فنان حقيقي وعميق وحساس وبيحب شغله جدًا    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    رامي ربيعة يقود العين ضد بني ياس في الدوري الإماراتي    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    ضبط لحوم غير صالحة وتحرير 300 محضر تمويني خلال حملات مكثفة بأسيوط    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    جامعة أسوان تناقش خطة الأنشطة الطلابية للعام الجامعي الجديد    اكتشف أجمل الأفلام الكرتونية مع تردد قناة 5 Kids الجديد لعام 2025 على النايل سات والعرب سات    منافس بيراميدز المحتمل.. المشي حافيا وهواية الدراجات ترسم ملامح شخصية لويس إنريكي    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    تعرف على سعر حديد التسليح اليوم السبت    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات تنشر لأول مرة عن العلاقة السرية بين السيسي وعمر سليمان
نشر في الموجز يوم 11 - 04 - 2014

هناك رجال يمتلكون ميزانا من ذهب يستطيعون به معرفة معادن البشر.. وهذه العلاقة التي نكتب عنها ربما لم يلتفت إليها أحد فهي علاقة من نوع خاص وهي تحمل شعار "الاحترام عن بُعد" أو بمعني أصح "أنا أراك وأنت تراني" ولكن هناك أيضا من يروننا معا من داخل الغرف المغلقة انها علاقة اللواء الراحل عمر سليمان مدير المخابرات العامة الأسبق والجنرال صائد الأفاعي عبدالفتاح السيسي وكواليس هذه العلاقة وماذا قال كل منهما عن الآخر رغم أن الوجوه كانت لا تلتقي الا قليلا وما هي اللحظات الفارقة التي لم يستطع السيسي فيها أن يخفي دموعه وكيف تعامل عمر سليمان قبل وفاته في ملف سيناء وكيف تعامل السيسي أيضا في هذا الملف قبل استقالته؟!.. ومعلومات جديدة ننشرها وتخرج للنور لأول مرة عن علاقة سليمان والسيسي بالإخوان وأهم الوصايا التي نصح بها السيسي نجله الضابط في المخابرات الحربية والنماذج المشرفة التي طلب منه التعلم منهم كل ذلك خلال السطور التالية.
في البداية لابد أن نؤكد علي مجموعة من الحقائق الهامة والمواقف الإنسانية التي تعرض لها الإنسان عبدالفتاح السيسي لدرجة جعلت دموعه أقرب إليه من أي شيء ولعل أبرز هذه المواقف هي يوم الاطاحة بأستاذه الذي احتضنه منذ أن كان مقدما بالجيش وهو المشير طنطاوي علي الرغم من أن هذا كان اليوم الأول للسيسي وزيرا للدفاع.
ولم يكن هذا هو الموقف الاصعب علي السيسي فقط فلم تغادر ذاكرته خطاب المعزول في استاد القاهرة في ذكري الانتصار عندما وجد السيسي قتلة الرئيس السادات هم ضيوف الاحتفال.
الرجل الهادئ يمتلك سكين الحسم لكن لا يستعمله الا في الوقت المناسب فرغم صلف الإخوان والحاشية التي التفت حول مرسي وكانت تعد أنفاسه لم يفقد السيسي هدوءه وفي أحد الاجتماعات سنذكر تفاصيله غضب الفريق أول صدقي صبحي واللواء التراس وكادوا يفقدون السيطرة علي أعصابهم من ممارسات الإخوان واستفزازهم إلا أن السيسي كان هو رمانة الميزان الذي يدير الأمور بهدوء ويتخذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب.
وبالرغم من انه لم يكن هناك أي تقارب مباشر بين السيسي والراحل عمر سليمان فإن القريبين من السيسي أكدوا أن الرجل حزن حزنا شديدا عندما علم بخبر وفاة "الثعلب" لانه كان يدرك أن الرجل مات حزينا علي الوطن الذي وقع في قبضة الإخوان.
السيسي أدرك منذ وقت مبكر شفرة الشعب المصري ولم يبذل مجهودا لفكها فهو يتمتع بعفة اللسان والتواضع يواصل ويداوم علي الصلاة.. يحترم القادة الكبار منهم والصغار.. دائما ما يصف الشعب المصري ب«العظيم» ويؤمن بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية لغالبية المصريين ويردد دوما مقولة شهيرة هي: «إن الشعب المصري يستحق عدالة اجتماعية ورعاية لمحدودي الدخل».
الشعب المصري ارتبط وجدانيا بالسيسي في ظرف فارق عاشته الأمة كلها وما زالت تعيش تبعاته حتي هذه اللحظة فقرر الرجل الانحياز الي الشعب الذي ذاق الأمرين وخرج عليه ليقول له: أنت يا شعب مصر لم تجد من يحنو عليك أو يرفق بك وكانت هذه الجملة هي الشفرة التي جعلت الرجل يخترق قلوب الملايين.
ابن الجمالية منذ صغره وهو ملتزم ومتدين وبشوش الوجه ووجد شخصية ملهمة له في الحي الذي يسكن فيه فبعد الشارع الذي تربي فيه السيسي بخطوات كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر يسكن هناك وعاش فترة شبابه في هذا الحي الملهم.
دخل السيسي المدرسة الجوية وتمني أن يصبح «طيارا» لكنه لم يلتحق بالكلية الجوية.. ليلتحق بالكلية الحربية.. وتتغيير مسارات حياته.. «السيسي» الطالب الملتزم عاش في أسرة ثرية.. فوالده ابن الجمالية وأحد أبرز تجارها.. وعائلته معروفة ومستورة في هذا الجو تولدت شخصية السيسي المحافظة.. وبعد تخرجه في الكلية الحربية استطاع الاقتراب من قادته ورؤسائه نتيجة انضباطه والتزامه بما يتم تكليفه به.. وأداء هذه التكليفات بكل أمانة وعناية.. ونجاحه في المهام الموكله إليه بمنتهي الدقة والسرعة.. وحرص السيسي طوال فترة عمله علي الاشتراك في الدورات التدريبية لزيادة خبراته ولم يعط ظهره أبدا للعلم والقراءة.. القدرات والأداء المميز للسيسي دفع به الي صفوف المقدمة ليلتحق وهو مازال برتبة «مقدم» بإدارة المعلومات والتخطيط بوزارة الدفاع وكانت هذه الإدارة بوابة عبور الرجل الي عالم الجنرالات الكبار وسرعان ما اثبت السيسي كفاءة عالية وأطلقوا عليه وقتها لقب «صقر المعلومات والتخطيط».
صعد نجم الرجل في هذه الحقبة ومن ذلك الوقت اقترب السيسي وهو ما زال برتبة «مقدم» بالمشير «طنطاوي» .. وحصل علي ثقته.. تواجد بجواره منذ منتصف التسعينيات ورأي طنطاوي في «المقدم الصقر» أشياء كثيرة توحي بأن هذا الشاب الطموح البارع في التخطيط والمعلومات سيكون له شأن كبير ومن الممكن أن يتولي القيادة العليا في يوم من الأيام وان أقرب مكان له في الخطوة القادمة هو منصب مدير المخابرات الحربية.
وبعد تفوق المقدم السيسي بإدارة التخطيط والمعلومات.. انتقل منها إلي المخابرات الحربية ليتولي مهام أكثر وأكثر.. عاصر رجال عظام في المخابرات الحربية منهم اللواء محمد فريد التهامي الذي كان من كبار القادة الذين ارتبط بهم أثناء التحاقه بسلاح «المشاة» في بداية مشواره.. وعاصر أيضا اللواء مراد موافي مدير المخابرات الحربية بعد ذلك.. ومع مرور الوقت تكرس لدي الكثيرين من قادة القوات المسلحة أن هناك شابا شديد الذكاء يدعي «عبدالفتاح السيسي» وقريب من المشير حسين طنطاوي ويتولي مهام حساسة ويتم تكليفه بالمهام النوعية شديدة الحساسية فينجزها بنجاح وفي وقت قياسي.. وحرص الي جانب ذلك كله علي الحصول علي عدد من الدراسات العليا من الولايات المتحدة الأمريكية بتميز ملحوظ.. ليعود بعدها ويرقي إلي رتبة «عميد» وهو أصغر عميد في القوات المسلحة ثم يرقيه طنطاوي إلي رتبة «لواء» وبعد ثلاثة أيام فقط من ترقيته إلي رتبة «اللواء» يصدر قرارا بتوليه قيادة المنطقة الشمالية العسكرية ولم يبتعد «السيسي» عن المخابرات الحربية كثيرا.. فقد أصدر المشير طنطاوي قرارا بعودته إلي المخابرات الحربية بعد 6 أشهر فقط من توليه قيادة المنطقة الشمالية العسكرية.. ليعود للمخابرات الحربية ليجري تجهيزه لتولي مهامها وادارتها.. وقد تم تصعيده في أقرب وقت خاصة بعد انتقال مدير المخابرات الحربية وقتها اللواء مراد موافي لتولي منصب «محافظ شمال سيناء» ومنذ منتصف يونيو 2010 كانت مصر في انتظار «السيسي» والذي جلس علي كرسي مدير المخابرات الحربية في وقت كانت فيه مصر مشتعلة ومشغولة بالتجهيز للانتخابات البرلمانية في اكتوبر 2010، وفي وقت أيضا كانت مصر كلها تتساءل: هل جمال مبارك سيأتي رئيسا قادما لمصر؟! في ظل تمادي دوره وتحكمه في الحكومة عن طريق رجاله من أصحاب المال والأعمال الذين تولوا وزارات مهمة في عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف.
كانت اللحظات فارقة والأحداث السياسية علي صفيح ساخن لكن كانت القوات المسلحة تدرس الموقف وتلاحظ التطورات وتتابع ما ستسفر عنه المشاحنات السياسية.. وفي الغرف المغلقة برز دور اللواء عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية.. بعد أن كلفه المشير طنطاوي.. بضرورة تجهيز ما يسمي ب«تقدير موقف للأحداث التي تشهدها البلاد» .
وبالفعل كانت تقديرات اللواء السيسي جاهزة للعرض علي المشير طنطاوي ومفادها ضرورة الوقوف خلف مطالب الشعب المصري.. وتلبية رغباته سواء رفض توريث الحكم أو طالب بحقوقه.. والتأكيد علي حماية أبناء مصر وعدم استخدام العنف لمنعهم من المطالبة بحقهم.. بل والتعهد بعدم إطلاق رصاصة واحدة وأكد اللواء السيسي علي ضرورة الضغط علي النظام لعمل إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.. ومحاربة الفساد المتفشي في كافة أرجاء مؤسسات الدولة.
وكان «تقدير موقف» الذي تم تقديمه للمشير طنطاوي بمثابة خطة عمل.. وخطة تصرف القوات المسلحة تجاه أي تحرك شعبي متوقع بعد التزوير الفاضح لانتخابات البرلمان في اكتوبر 2010 وارتفاع الأسعار الفج وسيطرة مجموعة من رجال الأعمال الوزراء علي قرارات الحكومة وهم مجرد رجال لجمال مبارك نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك.
ورغم أن ثورة يناير كانت مفاجأة للجميع فإنه منذ يوليو 2010 كانت كافة جلسات المشير حسين طنطاوي مع اللواء السيسي عبارة عن التجهيز لخطة التعامل مع الاضطرابات المحتملة مثلما تم توقعها.
ولأن السيسي أصبح عقلية مبشرة قادرة علي تقدير المواقف وتوقعها وحسمها فقد كان المشير حسين طنطاوي يعتمد بشكل كبير عليه في التخطيط والتجهيز لأسلوب تعامل القوات المسلحة مع التطورات ويعتبره العقل المفكر مما جعله قريبا منه إلي درجة كبيرة حتي إن طنطاوي كان دائما ما يقول عن السيسي بأنه «ابني» ومع بداية 2011 كان واضحا تزايد احتمالية تنفيذ تقدير موقف السيسي الذي جهزه في يوليو 2010 ووضح أن السيناريو الذي توقعته القوات المسلحة أو علي الأصح «تخوفت منه» يسير طبقا للتوقعات فاتسعت المظاهرات والاضرابات وسادت حالة من الغضب كافة القوي السياسية بسبب غباء الحزب الوطني في التزوير الفج لانتخابات البرلمان وهيمنة الحزب الحاكم علي البرلمان وعدم وجود معارض واحد فيه.. كان يبدو أن التعامل بين الجهات السيادية مقطوع فقد كان الصراع بينهم علي أشده وهذا ما حرم السيسي من الالتقاء بعمر سليمان الذي كان يتخذه مثالا لكن لايقترب منه احتراما لأستاذه المشير طنطاوي.. فقد كان كل من «العادلي.. وعمر سليمان.. وحسين طنطاوي» ليسوا علي توافق..فالثلاثة الكبار كان كل منهم يمتلك جهازا أمنيا سياديا هي علي التوالي «أمن الدولة، المخابرات العامة، المخابرات الحربية» يعطي لهم كل الحق في التحكم في شئون البلاد.. لكن كان علي رأس المخابرات الحربية اللواء عبدالفتاح السيسي «رجل التخطيط والمعلومات» الذي مالت كفة الأمور نحو مؤسسته العريقة التي يثق فيها الشعب.. والذي يمتلك من الذكاء ما يجعله مؤهلا للخروج من الأزمة بسلام.
وبعد أن دارت الموجة الثورية وانطلقت شرارة 25 يناير 2011 كانت القوات المسلحة تتابع الموقف وفي 27 يناير كان هناك حالتان وفاة بين المتظاهرين تحديدا في ميدان الأربعين في السويس في هذا الوقت تبدلت المواقف وبدأت القوات المسلحة الاستعداد لمنع أي اشتباكات وخسائر في الأرواح.. لكن لم يصدر لها التعليمات بالنزول للشارع إلا عصر 28 يناير 2011 ليلة جمعة الغضب.. ومع نزول القوات المسلحة للشارع كان تقدير الموقف الذي ارتآه السيسي يرتكز علي أن مجرد نزول الجيش للشارع يعني نهاية شرعية النظام الحاكم.. وهذا هو المبدأ الذي تتعامل به القوات المسلحة.. كما إن نزول الجيش للشارع كفيل بالضغط علي النظام بالتراجع عن عناده وتصحيح أخطائه وإجراء عدد من الاصلاحات التي تهدئ من الشارع الملتهب..!!
كما حاول إيجاد أسلوب للتعامل مع الجماهير وتوصيل رسائل له بأن قواته المسلحة تنحاز لمطالبه المشروعة.
ولأن عمر سليمان بتاريخه العريق كان محسوبا علي نظام مبارك لأن الجماهير لم تكن تعلم برأي سليمان ومعارضته لمبارك ونجله فقد كان السيسي هو الحل حيث أدار المشهد السياسي.. وعقد عدة جلسات مع المثقفين والسياسيين والنخبة وكان يستمع إليهم جيدا ويتعرف علي آرائهم في أول ظهور له علي الساحة السياسية لأن المجلس العسكري كان يتولي إدارة شئون البلاد وكان من الضروري اللقاء بالقوي السياسية.. ومنذ توليه مسئولية وزارة الدفاع وهو يدرك أنه علي كتفه مسئولية هذا الوطن.
وبعد صعود جماعة الإخوان للحكم نتيجة تفكك القوي السياسية وحرصها علي المصالح الشخصية كان هناك مخطط غادر في انتظار قادة الجيش الذين سلموا الأمانة وكلمة السر كانت مقتل 16 جنديا في رمضان بأيادي الغدر وكانت هذه الواقعة السكين البارد الذي ذبح به المشير طنطاوي والفريق عنان في مشهد درامي وكان الوضع حرجا.. ومتأزماً فقد كانت قيادات القوات المسلحة علي دراية بكل تفاصيل حادث رفح الذي وقع في رمضان واتخذها مرسي ذريعة لإقالة طنطاوي وعنان رغم أن لديهما تسجيلات صوتية ومكالمات وكافة تفاصيل الحادث وثبت منها تورط الإخوان وقادة حماس وجماعات تكفيرية في سيناء وبعد الحادث وجد السيسي نفسه يحلف اليمين وزيرا للدفاع خلفا لأستاذه وصاحب الفضل عليه وكانت هذه اللحظة فارقة وحرجة جدا علي قلب الرجل لكنه نداء الوطن ولا يستطيع إعطاء ظهره له وهنا كان السيسي يدرك إنه أمام ملعب كبير يمتلئ بالثعالب والأفاعي ولا بد من ترتيب المشهد والحفاظ علي تماسك وقوة القوات المسلحة والتعامل بمنتهي الحكمة.
وبعد ذلك بدأت فترة جس النبض وهي اللحظات الأولي بين السيسي ومرسي وكان السيسي يتعامل مع مرسي بحرص شديد من أجل الخروج بالبلاد من أزمتها.. وفي كل كارثة كان السيسي ينفذ الممكن حرصا علي الشعب المصري مثل الدفع بأتوبيسات الجيش لحل أزمة اعتصام موظفي وسائقي النقل العام والقطارات وايضا طلب السيسي الحصول علي الموافقة بالضبطية القضائية العسكرية للشرطة العسكرية للتعامل مع ما يحدث في مدن القناة الثلاث وما يهدد الشارع والمنشآت بالخطر.
ولكن في الكواليس كان السيسي ندا لمرسي في وقائع كثيرة مثلما حدث في إنشاء منطقة تجارية حرة علي الحدود مع غزة.. وايضا فيما يتعلق بمشروع محور قناة السويس.. وتمليك الأراضي في سيناء.
كان مرسي محاطاً دائما بالأجهزة الإخوانية مثل جهاز مخابرات الجماعة إلي جانب أجهزة الدولة التي ترصد كل صغيرة وكبيرة ورغم ذلك كان مرسي يريد السيطرة عليها لصالح الجماعة.. لكن قوة الاجهزة وعملها لصالح مصر فقط كان عائقا أمام مخطط مرسي.. هنا ظهر السيسي الرافض لأي تجاوز إخواني تجاه هذه الأجهزة.. كان متابعا جيدا.. وعندما استشعر أن هناك محاولات جادة وخطرة من الإخوان للدخول والهيمنة علي الأجهزة السيادية اضطر الي توجيه عدة رسائل تحذيرية لمرسي فقام بتوجيه أوامره بعدم السيطرة علي الأمن الوطني والمخابرات العامة أو التدخل في عملهما.. وبطبيعة الحال بالمخابرات الحربية.. كان دائما يذكرهم بالقانون.. وضرورة عدم اختراق القانون.
كانت عين السيسي علي نبض الشارع علي الدوام وكادت عيناه تدمع حينما رأي نفسه هو ورئيس الأركان يجلسان في استاد القاهرة في احتفالات اكتوبر بجوار قتلة السادات بطل الحرب والسلام منذ اكتوبر 2012 ومن قبله اغسطس حتي نوفمبر 2012 وكانت الدموع قريبة جدا من الخروج من أعين السيسي.. فقد خرج طنطاوي وعنان «غدراً» وفي اغسطس وفي اكتوبر كانت الرئاسة هي صاحبة الدعوة للاحتفالات بنصر اكتوبر.. وتم سحب التنظيم للحفل المهيب من يد القوات المسلحة.. كل ذلك كان كفيلا بإثارة غضبة خير أجناد الأرض الذين ضحوا بدمائهم من أجل مصر وترابها فمن الطبيعي ألا يجلسوا مكتوفي الأيدي ووطنهم يسرق منهم.
وفي أعقاب ذلك وبسبب عقلية الرجل الهادئة التي لا تتخذ قرارات انفعالية اتهم البعض السيسي بأنه محسوب علي الإخوان أما ما يتعلق بعدم دعوة قادة اكتوبر للاحتفالات ودعوة قتلة السادات.. فقد تم تمريرها.. لكن تم تسريب أن أحد القادة العسكريين توعد بأن يتم ربط مرسي في الكرسي الذي يجلس عليه في حالة عدم مراعاته للقواعد العسكرية أو احترامه للقوات المسلحة.
مرت السحابة السوداء ولكن من جديد تعود الجماعة وتحاول توريط القوات المسلحة في أخطر عملية تشويه بعد تورط الرئاسة في تسريب تقرير تقصي الحقائق حول أحداث الثورة الي جريدة الجارديان البريطانية والتي يمتلكها أمراء قطر.. وقتها انعقد المجلس الأعلي للقوات المسلحة في حضور مرسي فقط وتم طرد مساعديه أسعد الشيخة وأحمد عبدالعاطي ومنعهما من حضور الاجتماع.. هنا برز دور الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان والفريق عبدالمنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوي.. بعد أن وجها لمرسي اتهامات عنيفة وحذروه من سيطرة الإخوان علي قراراته.. وأوضحوا له أن هناك تصريحات غريبة بدأت تظهر علي السطح منها التفريط في حلايب وشلاتين.. وقتها «علا» صوت «صبحي والتراس» وأظهرا غضبا غير مسبوق ومن يومها وعقد مرسي العزم علي الإطاحة بهما.. وبقائدهما السيسي واعترف قائد عسكري كبير أن هناك يوم أسود في تاريخ مصر حينما تم رصد إحدي سيارات رئاسة الجمهورية وتحمل لوحات معدنية تخص الرئاسة.. في سيناء أثناء خطف جنودنا السبعة.. وكان التنسيق عاليا جدا بين الأجهزة الأمنية الثلاثة.. وصدرت التعليمات الفورية بضرورة تفتيشها وسؤال من بها عن الهوية وتم ذلك عن طريق رجال المخابرات العامة.. وضباط الأمن الوطني وكان السيسي يتابع الموقف لحظة بلحظة.. ويعطي التعليمات بسرعة مذهلة.. وكانت المفاجأة المروعة أنه تم إيقاف السيارة الرئاسية وجري تفتيش من بداخلها ليجدوا أن » مجدي سالم» نائب رئيس الحزب الاسلامي بداخلها وأحد قادة السلفية الجهادية وأحد المتورطين في قضية الفنية العسكرية والمحكوم عليه بالمؤبد والمتورط أيضا في اغتيال كبار قادة الدولة ولم يوقع علي المراجعات الفقهية التي أصدرها سيد إمام الشهير ب » أبوفضل» .
غرف عمليات مهمة كانت تتابع وعلي الفور كان كبار قادة الأجهزة الأمنية علي معرفة بالواقعة علي الهواء مباشرة.. وبالطبع كان السيسي يتابع الموقف ثانية بثانية وطلب منهم سؤاله عن سبب تواجده في منطقة مهجورة بالقرب من الشيخ زويد، وكان رد الشيخ مجدي سالم مفاجأة: أنه أتي ليتفاوض مع عدد من الجهاديين المتواجدين في أحد مساجد قرية المهدية التابعة للشيخ زويد.. ووضح من ذلك أن مجدي سالم يعرف الخاطفين وأرسل من قبل الرئاسة للتفاوض معهم للافراج عن الجنود.. كانت الصدمة كبري علي الجميع.. وأصدرت القيادة تعليماتها بضرورة السماح له بالمرور والوصول الي المسجد الذي سيجتمع مع الخاطفين.. مع نسف الاجتماع وضربه بالصواريخ.. وكان هذا تهديدا صريحا.. جعل مؤسسة الرئاسة في موقف تحسد عليه.. وحينما تم ابلاغ » مرسي» بالأمر.. أصدر أوامره علي الفور بضرورة الافراج عن الجنود وإلقائهم في صحراء مجاورة لقرية المهدية.
المشير السيسي وجد شبابه في نجله مثل أي إنسان بسيط فأوصي نجله الضابط بالمخابرات الحربية بالتعلم من تاريخ الثعلب وطلب منه تعلم المبادأة من التراس والقوة والحسم من صدقي صبحي ويردد دوما أنه لا ينسي فضل "طنطاوي "عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.