التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    فلسطين.. مدفعية الاحتلال تكثف قصفها وسط جباليا بالتزامن مع نسف مباني سكنية شمالي غزة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    وزير الخارجية الأردني: على إسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة والسماح بإيصال المساعدات    الإنتاج الحربي يستهل مشواره بالفوز على راية الرياضي في دوري المحترفين    المستشار القانوني للزمالك يتحدث عن.. التظلم على سحب أرض أكتوبر.. وأنباء التحقيق مع إدارة النادي    بهدف رويز.. باريس سان جيرمان ينجو من فخ أنجيه في الدوري الفرنسي    مواعيد مباريات دوري المحترفين المصري اليوم السبت    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    ويجز يشعل حماس جمهور حفله في العلمين الجديدة بأغنيتي "الأيام" و"الدنيا إيه"    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    ابنة سيد مكاوي عن شيرين عبدالوهاب: فقدت تعاطفي بسبب عدم مسؤوليتها    5 تصريحات جريئة ل محمد عطية: كشف تعرضه للضرب من حبيبة سابقة ويتمنى عقوبة «مؤلمة» للمتحرشين    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    في ظهوره الأول مع تشيلسي، إستيفاو ويليان يدخل التاريخ في الدوري الإنجليزي (فيديو)    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    تحت عنوان كامل العدد، مدحت صالح يفتتح حفله على مسرح المحكي ب "زي ما هي حبها"    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    نجاح عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم ليفي بمستشفى القصاصين فى الإسماعيلية    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر أخطرمخطط بين الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار
نشر في إيجي برس يوم 26 - 04 - 2013

لم يتوقف الجدل حول الأسباب الحقيقية لإقالة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، وعدد من قيادات القوات المسلحة، ودور الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى ذلك.
كانت هناك كثير من الحقائق غائبة عن المسرح، حاولت جماعة الإخوان استغلال الموقف لصالحها، روجت الكثير من الشائعات، والمعلومات المغلوطة، ثم إنها أرادت أن ترسخ فى ذهن العامة من الناس أن الرئيس هو الذى اختار بنفسه الفريق أول عبدالفتاح السيسى لمنصب وزير الدفاع، والفريق صدقى صبحى لمنصب رئيس هيئة الأركان.
كان الغرض من وراء ذلك إرهاب رموز مؤسسات الدولة المختلفة، الذين كانوا يعيشون صدمة تولى «عضو إخوانى» أعلى منصب تنفيذى فى البلاد، وكذلك تقديم الرئيس فى صورة «الرجل القوى» القادر على إصدار أصعب القرارات وأخطرها.
كان السؤال المطروح فى هذا الوقت: ماذا عن دور الفريق أول عبدالفتاح السيسى فيما جرى؟ وأين الحقيقة فى ضوء ما يتردد من معلومات متناقضة؟
إن الحقيقة هنا تؤكد أن العلاقة بين المشير طنطاوى والفريق أول عبدالفتاح السيسى لم تكن علاقة تقليدية، تخضع للمعايير المهنية والعسكرية فقط، بل كان المشير يعتبر السيسى «ابنه المفضل» داخل القوات المسلحة.
عندما اختار المشير «السيسى» مديراً للمخابرات الحربية خلفاً ل«موافى» كان ذلك يعنى أنه يعده ل«منصب مهم» يوماً ما
كان يثق فيه وفى إخلاصه وصدقه، منذ كان ضابطاً برتبة «مقدم» يتولى رئاسة فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع.
وعندما أسند المشير إليه رئاسة المخابرات الحربية فى أعقاب اختيار اللواء مراد موافى محافظاً لشمال سيناء، كان ذلك مؤشراً على الصعود السريع للواء «السيسى»، حتى بدا الأمر وكأن المشير يعده لمنصب مهم فى يوم ما.
ومع انطلاقة ثورة الخامس والعشرين من يناير، كان اللواء السيسى هو الأقرب إلى المشير، يمده بالمعلومات والتقارير، ويضع أمامه دوماً تقدير الموقف بكل أمانة وموضوعية.
وقد لوحظ فى هذه الفترة وما تلاها أن المشير كان يلتقى دوماً فى مكتبه باللواء السيسى منفرداً ولساعات طوال، يستمع منه إلى رؤيته للموقف، وتحليل للمعلومات التى كانت تصل إلى المخابرات الحربية حول الأحداث التى شهدتها البلاد فى الفترة الانتقالية.
كان اللواء السيسى يحرص أيضاً على الحوار مع العديد من شباب الثورة والمثقفين والإعلاميين، ورموز الأحزاب والقوى السياسية، وكان يتواصل مع جميع القوى المجتمعية لمعرفة مواقفها فى الأحداث التى تمر بها البلاد.
وقد عقد فى مكتبه فى مبنى المخابرات الحربية عدة اجتماعات بحضور المشير طنطاوى والفريق سامى عنان مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه خيرت الشاطر، حيث دارت هذه اللقاءات جميعها حول الأزمات التى كانت تواجه المجلس العسكرى فى الفترة الانتقالية ودور الإخوان المسلمين فيها.
وكان الأستاذ والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يرى فى اللواء السيسى نموذجاً لقائد عسكرى منضبط ولديه رؤية وعمق ثقافى وقدرة على تحليل الوقائع والأحداث بشكل أثار إعجاب الأستاذ، الذى التقاه أكثر من مرة فى لقاءات متعددة.
عندما التقيت اللواء السيسى للمرة الأولى فى المجلس العسكرى ونقلت إليه وجهة نظر الأستاذ هيكل فيه، ابتسم بهدوء، وراح يثنى على الأستاذ ومواقفه.
وخلال جلسات الحوار التى جرت بين الأحزاب والمجلس العسكرى فى الفترة من 27 مارس وحتى النصف الأول من شهر يونيو 2012، كان موقعى دوماً فى الجلوس على مائدة الحوار إلى جواره، كان يتابع مجريات الحوار فى صمت، ولم يدلِ برأيه، وإن كان يسجل دوماً جميع الملاحظات التى تطرح فى جلسات الحوار.
فى الخامس عشر من أبريل 2012 عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوى وبحضور عدد من قادته، اجتماعاً برؤساء الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان، وعدد من النواب المستقلين، للتوصل إلى رؤية مشتركة لإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بعد حكم محكمة القضاء الإدارى الذى قضى بحل الجمعية التأسيسية فى 10 أبريل 2012.
كان الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة والمرشح الرئاسى «الاحتياطى»، حاضراً هذا اللقاء، وكانت الأزمة بين المجلس العسكرى والإخوان قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، بعد اتهام الإخوان للمجلس بأنه يعد للتدخل وتزوير انتخابات الرئاسة لصالح أحد المرشحين العسكريين، بينما رد المجلس على هذه الاتهامات بالتذكير بأحداث 1954 بين الجيش والإخوان فى زمن عبدالناصر.
فى هذا الوقت، وقبيل بدء الاجتماع، كان هناك لقاء جانبى فى قاعة الاجتماعات بين الدكتور محمد مرسى والفريق سامى عنان لتصفية الأجواء، وقد حضرت جانباً منه، وفيه أبدى الفريق عنان تأكيده حيادية المجلس العسكرى إزاء جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية.
وبعد انتهاء أعمال الاجتماع بين المجلس العسكرى والأحزاب وأثناء تناول غداء العمل بعد الاجتماع، طلبت من المشير طنطاوى ضرورة الجلوس مع د. محمد مرسى، والاستماع إلى وجهة نظره فيما يتعلق بالخلاف الناشب بين الإخوان والمجلس العسكرى.
قال لى المشير إنه مرتبط بموعد، وإنه سيغادر على الفور، وكلف اللواء محمد العصار واللواء ممدوح شاهين واللواء عبدالفتاح السيسى بعقد لقاء مع د. محمد مرسى، كما طلب منى ضرورة أن أحضر هذا اللقاء.
بدأ قادة الأحزاب ينصرفون بعد تناول الغداء مع المشير لحضور المؤتمر الصحفى الذى يعقد فى حديقة وزارة الدفاع المجاورة للمبنى، بهدف شرح الرؤية التى تم التوصل إليها للصحفيين والإعلاميين.
أبلغت الدكتور محمد مرسى بالاجتماع، كما أبلغ المشير طنطاوى القادة العسكريين الثلاثة بالحضور، والتقينا جميعاً فى غرفة الصالون الملحق بقاعة الاجتماعات الرئيسية بوزارة الدفاع.
بدأ اللقاء بكلمة منى عن الأزمة الراهنة وأسبابها، وقلت إن د. محمد مرسى يريد الحديث بكل صراحة حول هذا الموضوع، وإن هناك حرصاً منه وأيضاً من المجلس العسكرى على تفادى هذه الأزمة، بعدها على الفور استأذنت فى الانصراف تاركاً للحاضرين بحث أبعاد الأزمة وجهاً لوجه.
وبالفعل، بعد حوالى نصف الساعة جاء د. محمد مرسى إلى حيث يعقد المؤتمر الصحفى، وقد طُلب منه إلقاء كلمة على الحاضرين، وبعدها بدأنا نتجول معاً فى حديقة الوزارة بعيداً عن مكان عقد المؤتمر الصحفى، حيث أبلغنى د. مرسى بارتياحه لهذا اللقاء، وراح يثنى على المشير والفريق سامى وعلى القادة الثلاثة الذين حضروا هذا اللقاء.
يومها قلت للدكتور محمد مرسى إن المجلس العسكرى ليس لديه موقف، لا من الإخوان ولا من غيرهم، وإنه بالفعل يقف على مسافة واحدة من الجميع.
سألنى د. محمد مرسى: «وهل تعتقد أن المجلس العسكرى لن يتدخل فى الانتخابات لصالح أحد المرشحين العسكريين؟».
قلت له: «أنا واثق أن المشير لن يفعلها مهما كان الأمر».
قال: «وهل تثق أنهم سيسلمون السلطة فى الموعد لرئيس الجمهورية الذى سيجرى انتخابه؟».
قلت له: «نعم، وبكل تأكيد.. إننى أعرف أن المشير طنطاوى ورئيس الأركان سامى عنان ينتظران لحظة تسليم السلطة بفارغ الصبر».
استمر الحوار بيننا لبعض الوقت بينما نحن نتجول فى حديقة وزارة الدفاع، وتواعدنا بعد ذلك على استمرار الاتصالات.
وفى صباح اليوم التالى، كان الدكتور محمد مرسى يتصل بى ليشكرنى على النقل الأمين لوقائع كلمته خلال اجتماع المجلس العسكرى مع الأحزاب، وذلك فى البرنامج التليفزيونى الذى كنت أقدمه على قناة الحياة، ثم تواصل بيننا الحوار الذى كنا قد بدأناه فى أعقاب الاجتماع الأخير للمجلس العسكرى مع الأحزاب.
«السيسى» عقد عدة لقاءات فى مكتبه مع المرشد وخيرت الشاطر وقت الأزمات بحضور المشير وسامى عنان
كان من الواضح من خلال كلام د. محمد مرسى أنه مرتاح إلى حد كبير لجلسة الأمس وللقادة العسكريين الثلاثة الذين التقى بهم، فقد أعرب عن تقديره لهم ولموقفهم فى رأب الصدع أكثر من مرة، كما أثنى على اللواء عبدالفتاح السيسى ورؤيته وعمق تفكيره وحرصه على تجاوز الأزمة.
فى شهر مايو 2012 وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، عقد اجتماع مهم للمجلس العسكرى برئاسة المشير طنطاوى، كانت انتخابات الرئاسة على الأبواب، وفى هذا الاجتماع تحدث المشير مطولاً، وقال إن «المجلس العسكرى أدى دوره بكل أمانة وإخلاص، انحاز للثورة، وتحمل مسئولية الدفاع عنها، ورفض إطلاق رصاصة واحدة فى مواجهة المتظاهرين، لم يستجب لكل محاولات الابتزاز، وصمد فى مواجهة محاولة جر الجيش إلى الصدام مع الشعب»، وقال: «لقد تحملنا الكثير من الإهانات، لكن جيشنا العظيم كان مصمماً على أداء رسالته وإنجاز مهام المرحلة الانتقالية، وتسليم السلطة إلى رئيس منتخب».
وقال المشير بلغة حاسمة: «نحن مصممون على إجراء انتخابات نزيهة، لن يهمنا من الذى سيفوز، فكلهم مصريون، وكلهم وطنيون، وعلينا أن نرضخ لاختيار الشعب، لذلك علينا أن نفى بالعهد والوعد، وعلينا أن نتصدى لأى محاولة لتعطيل الانتخابات أو التدخل فيها».
وقال المشير: «بعد تسليم السلطة يجب علينا جميعاً، سواء أنا أو الفريق سامى أو كل المنضمين لعضوية المجلس الأعلى ممن هم فوق السن القانونية وتم استدعاؤهم وضمهم للمجلس للاستفادة من خبراتهم، أن ننهى دورنا، مع استمرار أعضاء المجلس ال18 الأساسيين، بحيث سيجرى اختيار واحد من الأساسيين لمنصب وزير الدفاع، يكون شاباً وحريصاً على قواتنا المسلحة، ولدينا العديد ممن يصلحون لتولى هذا المنصب من بين أعضاء المجلس الأساسيين».
كان حديث المشير يشير إلى اللواء عبدالفتاح السيسى، أدرك الجميع نوايا المشير وعرفوا منذ ذلك الوقت أن اللواء السيسى سيكون هو المرشح لمنصب وزير الدفاع، وهو أمر لقى ترحيباً شديداً، وتم التعامل معه على هذا الأساس.
فى ذلك الوقت كان الفريق عبدالعزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوى وعضو المجلس الأعلى، فى لقاء مع المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، وعندما سأله المستشار بجاتو: من سيخلف المشير؟ قال الفريق عبدالعزيز: «لقد تلاقت إرادتنا فى المجلس العسكرى على اختيار اللواء عبدالفتاح السيسى حتى ولو دون إعلان».
كانت المعلومات قد وصلتنى من أكثر من مصدر، لقد قرر المشير تهيئة الأجواء لتولى اللواء السيسى مهام منصب وزير الدفاع فى الوقت المحدد.. وكان من رأى المشير أن الوقت المحدد لذلك هو بعد تسلم الرئيس لمهام السلطة فى 30 يونيو على الفور.
لم يبدِ الفريق سامى عنان رأياً فى ذلك الوقت، لقد سلم بما قاله المشير، فقد كان يريد هو الآخر أن يمضى بعد طول عناء وجهد كبير ومسئولية ظلت ملقاة على عاتقه إلى جانب الآخرين فى واحدة من أخطر مراحل التاريخ المعاصر.
وفى 14 يوليو 2012 اصطحب المشير طنطاوى معه إلى الجيش الثانى الميدانى أربعة من أعضاء المجلس العسكرى، وهم اللواء سامح صادق واللواء فؤاد عبدالحليم واللواء ممدوح عبدالحق واللواء إسماعيل عتمان.
وفى الطائرة طلب المشير من القادة الأربعة أن يكتب كل منهم فى ورقة خاصة اسم وزير الدفاع المقترح وكذلك رئيس الأركان، شريطة أن يتم استبعاد اسمه واسم الفريق سامى عنان.
فجاءت الإجابات الأربعة التى قرأها المشير من الأوراق التى تسلمها منهم لتجمع على اختيار اللواء عبدالفتاح السيسى، الذى كان مديراً للمخابرات الحربية فى ذلك الوقت، فى منصب وزير الدفاع، واللواء صدقى صبحى، الذى كان فى موقع قائد الجيش الثالث، فى منصب رئيس الأركان.
ابتسم المشير، وبدت عليه السعادة، وقال لهم: «وأنا أيضاً أرشح اللواء السيسى لمنصب وزير الدفاع، واللواء صدقى لمنصب رئيس الأركان، فهما من أكفأ القيادات وأكثرها قدرة على العطاء».
كنت أعرف أن المشير قد اتخذ قراره بترشيح اللواء عبدالفتاح السيسى لهذا المنصب، وعندما تردد أن المشير ينوى الاستقالة من منصبه سألنى الإعلامى عمرو أديب، مقدم برنامج القاهرة اليوم على قناة أوربت، قبل فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة فى 8 من أبريل 2012: من البديل؟
قلت له على الفور: «إنه اللواء عبدالفتاح السيسى».
بعد هذا الاتصال مباشرة، اتصل بى الكثيرون يتساءلون عن مدى صدق هذه المعلومة ويبدون دهشتهم ويرجحون عدم مصداقية ما قلته، فقلت لهم: «الأيام بيننا».
«مرسى» قال لى عن «السيسى» عقب لقائه به بتوجيه من المشير: «هذا الرجل لديه رؤية وتفكير عميق»
فى الثلاثين من يونيو، وبعد أن سلم المشير طنطاوى السلطة إلى الرئيس محمد مرسى، كان المشير فى اليوم التالى يبلغ الرئيس أنه يرغب فى الاستقالة من منصبه، وترشيح اللواء عبدالفتاح السيسى الذى كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية والاستطلاع بدلاً منه.
لم يعترض الرئيس مرسى على اسم اللواء عبدالفتاح السيسى، لكنه طلب من المشير الاستمرار فى مهام منصبه لحين إعداد الدستور وإجراء انتخابات مجلس الشعب المقبل.
فى ذلك الوقت عقد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقد طالب العديد من أعضاء المجلس المشير بالتراجع عن التفكير فى تقديم الاستقالة، وانتظار تطورات الأحداث، غير أن هناك من كان يرى ضرورة التعجيل بها، وكان فى مقدمة هؤلاء الفريق عبدالعزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوى، واللواء محمود نصر، عضو المجلس للشئون المالية.
وقد جرى الاتفاق فى ذلك الوقت على استمرار المجلس العسكرى فى أداء رسالته لحين الانتهاء من وضع الدستور وإجراء انتخابات برلمانية جديدة، على أن تسلم السلطة إلى مجلس الشعب فى ظل دستور توافقى تتولى القوات المسلحة متابعة الانتهاء منه وفقاً للموعد الذى حدده الإعلان الدستورى المكمل.
ظل المشير طنطاوى يتردد على مكتبه فى وزارة الدفاع بعد قرار إقالته لعدة أيام، وكان الفريق أول عبدالفتاح السيسى يدير أعمال الوزارة من مبنى المخابرات الحربية، تاركاً الفرصة كاملة للمشير طنطاوى فى الذهاب إلى مكتبه لأى وقت يريد.
أما الفريق سامى عنان فقد ذهب فى اليوم التالى إلى مكتبه مرتدياً ملابسه المدنية، لملم أوراقه، وجلس مع الفريق صدقى صبحى، رئيس الأركان لمدة ثلاث ساعات لإطلاعه على جميع الملفات وإدارة العمل داخل الوزارة.
كان الفريق أول السيسى يكن كل الاحترام للمشير طنطاوى، وكان المشير قد فاتحه بأمر الترشيح قبل ذلك، وقال له: «استعد، أنت من سيتولى مسئولية الجيش المصرى من بعد».
وقبيل الثانى عشر من أغسطس2012، يوم الانقلاب الأبيض، كان الإعلامى د. توفيق عكاشة قد حذر على شاشة قناة الفراعين من أن هناك انقلاباً سيقوم به الرئيس مرسى خلال أيام معدودة، وراح يقدم معلومات قال فيها إن اللواء عبدالفتاح السيسى ينتمى إلى أسرة إخوانية، وإن عمه هو الأستاذ عباس السيسى عضو مكتب الإرشاد السابق بجماعة الإخوان.
وقد أثارت هذه المعلومات حالة من الجدل الشديد، واتصل بى فى هذا الوقت اللواء عباس مخيمر، أحد كبار ضباط المخابرات الحربية، منفعلاً ومؤكداً أن هذه المعلومات غير صحيحة ولا أساس لها وأن هدفها قطع الطريق أمام اللواء عبدالفتاح السيسى.
يومها قلت له: «من المؤكد أن الإعلامى توفيق عكاشة سوف يراجع موقفه إذا ما ظهرت له الحقيقة، وهو ما حدث بالفعل فى اليوم التالى».
مضت الأيام، وعندما التقيت المشير طنطاوى والفريق سامى عنان بعد قرار إقالتهما من منصبيهما، وجدت ارتياحاً كبيراً منهما لتولى الفريق أول السيسى منصب وزير الدفاع والفريق صدقى صبحى منصب رئيس الأركان.. قال لى الفريق عنان: «هذه سيمفونية تواصل الأجيال بين رجال الجيش الشرفاء، والفريق أول السيسى هو عنوان للالتزام والانضباط والكفاءة والوطنية»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.