الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تنشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى «الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار»
طريق «السيسى» إلى منصب «وزير الدفاع»
نشر في الوطن يوم 25 - 04 - 2013

لم يتوقف الجدل حول الأسباب الحقيقية لإقالة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، وعدد من قيادات القوات المسلحة، ودور الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى ذلك.
كانت هناك كثير من الحقائق غائبة عن المسرح، حاولت جماعة الإخوان استغلال الموقف لصالحها، روجت الكثير من الشائعات، والمعلومات المغلوطة، ثم إنها أرادت أن ترسخ فى ذهن العامة من الناس أن الرئيس هو الذى اختار بنفسه الفريق أول عبدالفتاح السيسى لمنصب وزير الدفاع، والفريق صدقى صبحى لمنصب رئيس هيئة الأركان.
كان الغرض من وراء ذلك إرهاب رموز مؤسسات الدولة المختلفة، الذين كانوا يعيشون صدمة تولى «عضو إخوانى» أعلى منصب تنفيذى فى البلاد، وكذلك تقديم الرئيس فى صورة «الرجل القوى» القادر على إصدار أصعب القرارات وأخطرها.
كان السؤال المطروح فى هذا الوقت: ماذا عن دور الفريق أول عبدالفتاح السيسى فيما جرى؟ وأين الحقيقة فى ضوء ما يتردد من معلومات متناقضة؟
إن الحقيقة هنا تؤكد أن العلاقة بين المشير طنطاوى والفريق أول عبدالفتاح السيسى لم تكن علاقة تقليدية، تخضع للمعايير المهنية والعسكرية فقط، بل كان المشير يعتبر السيسى «ابنه المفضل» داخل القوات المسلحة.
كان يثق فيه وفى إخلاصه وصدقه، منذ كان ضابطاً برتبة «مقدم» يتولى رئاسة فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع.
وعندما أسند المشير إليه رئاسة المخابرات الحربية فى أعقاب اختيار اللواء مراد موافى محافظاً لشمال سيناء، كان ذلك مؤشراً على الصعود السريع للواء «السيسى»، حتى بدا الأمر وكأن المشير يعده لمنصب مهم فى يوم ما.
ومع انطلاقة ثورة الخامس والعشرين من يناير، كان اللواء السيسى هو الأقرب إلى المشير، يمده بالمعلومات والتقارير، ويضع أمامه دوماً تقدير الموقف بكل أمانة وموضوعية.
وقد لوحظ فى هذه الفترة وما تلاها أن المشير كان يلتقى دوماً فى مكتبه باللواء السيسى منفرداً ولساعات طوال، يستمع منه إلى رؤيته للموقف، وتحليل للمعلومات التى كانت تصل إلى المخابرات الحربية حول الأحداث التى شهدتها البلاد فى الفترة الانتقالية.
كان اللواء السيسى يحرص أيضاً على الحوار مع العديد من شباب الثورة والمثقفين والإعلاميين، ورموز الأحزاب والقوى السياسية، وكان يتواصل مع جميع القوى المجتمعية لمعرفة مواقفها فى الأحداث التى تمر بها البلاد.
وقد عقد فى مكتبه فى مبنى المخابرات الحربية عدة اجتماعات بحضور المشير طنطاوى والفريق سامى عنان مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه خيرت الشاطر، حيث دارت هذه اللقاءات جميعها حول الأزمات التى كانت تواجه المجلس العسكرى فى الفترة الانتقالية ودور الإخوان المسلمين فيها.
وكان الأستاذ والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يرى فى اللواء السيسى نموذجاً لقائد عسكرى منضبط ولديه رؤية وعمق ثقافى وقدرة على تحليل الوقائع والأحداث بشكل أثار إعجاب الأستاذ، الذى التقاه أكثر من مرة فى لقاءات متعددة.
عندما التقيت اللواء السيسى للمرة الأولى فى المجلس العسكرى ونقلت إليه وجهة نظر الأستاذ هيكل فيه، ابتسم بهدوء، وراح يثنى على الأستاذ ومواقفه.
وخلال جلسات الحوار التى جرت بين الأحزاب والمجلس العسكرى فى الفترة من 27 مارس وحتى النصف الأول من شهر يونيو 2012، كان موقعى دوماً فى الجلوس على مائدة الحوار إلى جواره، كان يتابع مجريات الحوار فى صمت، ولم يدلِ برأيه، وإن كان يسجل دوماً جميع الملاحظات التى تطرح فى جلسات الحوار.
فى الخامس عشر من أبريل 2012 عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوى وبحضور عدد من قادته، اجتماعاً برؤساء الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان، وعدد من النواب المستقلين، للتوصل إلى رؤية مشتركة لإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بعد حكم محكمة القضاء الإدارى الذى قضى بحل الجمعية التأسيسية فى 10 أبريل 2012.
كان الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة والمرشح الرئاسى «الاحتياطى»، حاضراً هذا اللقاء، وكانت الأزمة بين المجلس العسكرى والإخوان قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، بعد اتهام الإخوان للمجلس بأنه يعد للتدخل وتزوير انتخابات الرئاسة لصالح أحد المرشحين العسكريين، بينما رد المجلس على هذه الاتهامات بالتذكير بأحداث 1954 بين الجيش والإخوان فى زمن عبدالناصر.
فى هذا الوقت، وقبيل بدء الاجتماع، كان هناك لقاء جانبى فى قاعة الاجتماعات بين الدكتور محمد مرسى والفريق سامى عنان لتصفية الأجواء، وقد حضرت جانباً منه، وفيه أبدى الفريق عنان تأكيده حيادية المجلس العسكرى إزاء جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية.
وبعد انتهاء أعمال الاجتماع بين المجلس العسكرى والأحزاب وأثناء تناول غداء العمل بعد الاجتماع، طلبت من المشير طنطاوى ضرورة الجلوس مع د. محمد مرسى، والاستماع إلى وجهة نظره فيما يتعلق بالخلاف الناشب بين الإخوان والمجلس العسكرى.
قال لى المشير إنه مرتبط بموعد، وإنه سيغادر على الفور، وكلف اللواء محمد العصار واللواء ممدوح شاهين واللواء عبدالفتاح السيسى بعقد لقاء مع د. محمد مرسى، كما طلب منى ضرورة أن أحضر هذا اللقاء.
بدأ قادة الأحزاب ينصرفون بعد تناول الغداء مع المشير لحضور المؤتمر الصحفى الذى يعقد فى حديقة وزارة الدفاع المجاورة للمبنى، بهدف شرح الرؤية التى تم التوصل إليها للصحفيين والإعلاميين.
أبلغت الدكتور محمد مرسى بالاجتماع، كما أبلغ المشير طنطاوى القادة العسكريين الثلاثة بالحضور، والتقينا جميعاً فى غرفة الصالون الملحق بقاعة الاجتماعات الرئيسية بوزارة الدفاع.
بدأ اللقاء بكلمة منى عن الأزمة الراهنة وأسبابها، وقلت إن د. محمد مرسى يريد الحديث بكل صراحة حول هذا الموضوع، وإن هناك حرصاً منه وأيضاً من المجلس العسكرى على تفادى هذه الأزمة، بعدها على الفور استأذنت فى الانصراف تاركاً للحاضرين بحث أبعاد الأزمة وجهاً لوجه.
وبالفعل، بعد حوالى نصف الساعة جاء د. محمد مرسى إلى حيث يعقد المؤتمر الصحفى، وقد طُلب منه إلقاء كلمة على الحاضرين، وبعدها بدأنا نتجول معاً فى حديقة الوزارة بعيداً عن مكان عقد المؤتمر الصحفى، حيث أبلغنى د. مرسى بارتياحه لهذا اللقاء، وراح يثنى على المشير والفريق سامى وعلى القادة الثلاثة الذين حضروا هذا اللقاء.
يومها قلت للدكتور محمد مرسى إن المجلس العسكرى ليس لديه موقف، لا من الإخوان ولا من غيرهم، وإنه بالفعل يقف على مسافة واحدة من الجميع.
سألنى د. محمد مرسى: «وهل تعتقد أن المجلس العسكرى لن يتدخل فى الانتخابات لصالح أحد المرشحين العسكريين؟».
قلت له: «أنا واثق أن المشير لن يفعلها مهما كان الأمر».
قال: «وهل تثق أنهم سيسلمون السلطة فى الموعد لرئيس الجمهورية الذى سيجرى انتخابه؟».
قلت له: «نعم، وبكل تأكيد.. إننى أعرف أن المشير طنطاوى ورئيس الأركان سامى عنان ينتظران لحظة تسليم السلطة بفارغ الصبر».
استمر الحوار بيننا لبعض الوقت بينما نحن نتجول فى حديقة وزارة الدفاع، وتواعدنا بعد ذلك على استمرار الاتصالات.
وفى صباح اليوم التالى، كان الدكتور محمد مرسى يتصل بى ليشكرنى على النقل الأمين لوقائع كلمته خلال اجتماع المجلس العسكرى مع الأحزاب، وذلك فى البرنامج التليفزيونى الذى كنت أقدمه على قناة الحياة، ثم تواصل بيننا الحوار الذى كنا قد بدأناه فى أعقاب الاجتماع الأخير للمجلس العسكرى مع الأحزاب.
كان من الواضح من خلال كلام د. محمد مرسى أنه مرتاح إلى حد كبير لجلسة الأمس وللقادة العسكريين الثلاثة الذين التقى بهم، فقد أعرب عن تقديره لهم ولموقفهم فى رأب الصدع أكثر من مرة، كما أثنى على اللواء عبدالفتاح السيسى ورؤيته وعمق تفكيره وحرصه على تجاوز الأزمة.
فى شهر مايو 2012 وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، عقد اجتماع مهم للمجلس العسكرى برئاسة المشير طنطاوى، كانت انتخابات الرئاسة على الأبواب، وفى هذا الاجتماع تحدث المشير مطولاً، وقال إن «المجلس العسكرى أدى دوره بكل أمانة وإخلاص، انحاز للثورة، وتحمل مسئولية الدفاع عنها، ورفض إطلاق رصاصة واحدة فى مواجهة المتظاهرين، لم يستجب لكل محاولات الابتزاز، وصمد فى مواجهة محاولة جر الجيش إلى الصدام مع الشعب»، وقال: «لقد تحملنا الكثير من الإهانات، لكن جيشنا العظيم كان مصمماً على أداء رسالته وإنجاز مهام المرحلة الانتقالية، وتسليم السلطة إلى رئيس منتخب».
وقال المشير بلغة حاسمة: «نحن مصممون على إجراء انتخابات نزيهة، لن يهمنا من الذى سيفوز، فكلهم مصريون، وكلهم وطنيون، وعلينا أن نرضخ لاختيار الشعب، لذلك علينا أن نفى بالعهد والوعد، وعلينا أن نتصدى لأى محاولة لتعطيل الانتخابات أو التدخل فيها».
وقال المشير: «بعد تسليم السلطة يجب علينا جميعاً، سواء أنا أو الفريق سامى أو كل المنضمين لعضوية المجلس الأعلى ممن هم فوق السن القانونية وتم استدعاؤهم وضمهم للمجلس للاستفادة من خبراتهم، أن ننهى دورنا، مع استمرار أعضاء المجلس ال18 الأساسيين، بحيث سيجرى اختيار واحد من الأساسيين لمنصب وزير الدفاع، يكون شاباً وحريصاً على قواتنا المسلحة، ولدينا العديد ممن يصلحون لتولى هذا المنصب من بين أعضاء المجلس الأساسيين».
كان حديث المشير يشير إلى اللواء عبدالفتاح السيسى، أدرك الجميع نوايا المشير وعرفوا منذ ذلك الوقت أن اللواء السيسى سيكون هو المرشح لمنصب وزير الدفاع، وهو أمر لقى ترحيباً شديداً، وتم التعامل معه على هذا الأساس.
فى ذلك الوقت كان الفريق عبدالعزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوى وعضو المجلس الأعلى، فى لقاء مع المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، وعندما سأله المستشار بجاتو: من سيخلف المشير؟ قال الفريق عبدالعزيز: «لقد تلاقت إرادتنا فى المجلس العسكرى على اختيار اللواء عبدالفتاح السيسى حتى ولو دون إعلان».
كانت المعلومات قد وصلتنى من أكثر من مصدر، لقد قرر المشير تهيئة الأجواء لتولى اللواء السيسى مهام منصب وزير الدفاع فى الوقت المحدد.. وكان من رأى المشير أن الوقت المحدد لذلك هو بعد تسلم الرئيس لمهام السلطة فى 30 يونيو على الفور.
لم يبدِ الفريق سامى عنان رأياً فى ذلك الوقت، لقد سلم بما قاله المشير، فقد كان يريد هو الآخر أن يمضى بعد طول عناء وجهد كبير ومسئولية ظلت ملقاة على عاتقه إلى جانب الآخرين فى واحدة من أخطر مراحل التاريخ المعاصر.
وفى 14 يوليو 2012 اصطحب المشير طنطاوى معه إلى الجيش الثانى الميدانى أربعة من أعضاء المجلس العسكرى، وهم اللواء سامح صادق واللواء فؤاد عبدالحليم واللواء ممدوح عبدالحق واللواء إسماعيل عتمان.
وفى الطائرة طلب المشير من القادة الأربعة أن يكتب كل منهم فى ورقة خاصة اسم وزير الدفاع المقترح وكذلك رئيس الأركان، شريطة أن يتم استبعاد اسمه واسم الفريق سامى عنان.
فجاءت الإجابات الأربعة التى قرأها المشير من الأوراق التى تسلمها منهم لتجمع على اختيار اللواء عبدالفتاح السيسى، الذى كان مديراً للمخابرات الحربية فى ذلك الوقت، فى منصب وزير الدفاع، واللواء صدقى صبحى، الذى كان فى موقع قائد الجيش الثالث، فى منصب رئيس الأركان.
ابتسم المشير، وبدت عليه السعادة، وقال لهم: «وأنا أيضاً أرشح اللواء السيسى لمنصب وزير الدفاع، واللواء صدقى لمنصب رئيس الأركان، فهما من أكفأ القيادات وأكثرها قدرة على العطاء».
كنت أعرف أن المشير قد اتخذ قراره بترشيح اللواء عبدالفتاح السيسى لهذا المنصب، وعندما تردد أن المشير ينوى الاستقالة من منصبه سألنى الإعلامى عمرو أديب، مقدم برنامج القاهرة اليوم على قناة أوربت، قبل فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة فى 8 من أبريل 2012: من البديل؟
قلت له على الفور: «إنه اللواء عبدالفتاح السيسى».
بعد هذا الاتصال مباشرة، اتصل بى الكثيرون يتساءلون عن مدى صدق هذه المعلومة ويبدون دهشتهم ويرجحون عدم مصداقية ما قلته، فقلت لهم: «الأيام بيننا».
فى الثلاثين من يونيو، وبعد أن سلم المشير طنطاوى السلطة إلى الرئيس محمد مرسى، كان المشير فى اليوم التالى يبلغ الرئيس أنه يرغب فى الاستقالة من منصبه، وترشيح اللواء عبدالفتاح السيسى الذى كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية والاستطلاع بدلاً منه.
لم يعترض الرئيس مرسى على اسم اللواء عبدالفتاح السيسى، لكنه طلب من المشير الاستمرار فى مهام منصبه لحين إعداد الدستور وإجراء انتخابات مجلس الشعب المقبل.
فى ذلك الوقت عقد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقد طالب العديد من أعضاء المجلس المشير بالتراجع عن التفكير فى تقديم الاستقالة، وانتظار تطورات الأحداث، غير أن هناك من كان يرى ضرورة التعجيل بها، وكان فى مقدمة هؤلاء الفريق عبدالعزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوى، واللواء محمود نصر، عضو المجلس للشئون المالية.
وقد جرى الاتفاق فى ذلك الوقت على استمرار المجلس العسكرى فى أداء رسالته لحين الانتهاء من وضع الدستور وإجراء انتخابات برلمانية جديدة، على أن تسلم السلطة إلى مجلس الشعب فى ظل دستور توافقى تتولى القوات المسلحة متابعة الانتهاء منه وفقاً للموعد الذى حدده الإعلان الدستورى المكمل.
ظل المشير طنطاوى يتردد على مكتبه فى وزارة الدفاع بعد قرار إقالته لعدة أيام، وكان الفريق أول عبدالفتاح السيسى يدير أعمال الوزارة من مبنى المخابرات الحربية، تاركاً الفرصة كاملة للمشير طنطاوى فى الذهاب إلى مكتبه لأى وقت يريد.
أما الفريق سامى عنان فقد ذهب فى اليوم التالى إلى مكتبه مرتدياً ملابسه المدنية، لملم أوراقه، وجلس مع الفريق صدقى صبحى، رئيس الأركان لمدة ثلاث ساعات لإطلاعه على جميع الملفات وإدارة العمل داخل الوزارة.
كان الفريق أول السيسى يكن كل الاحترام للمشير طنطاوى، وكان المشير قد فاتحه بأمر الترشيح قبل ذلك، وقال له: «استعد، أنت من سيتولى مسئولية الجيش المصرى من بعد».
وقبيل الثانى عشر من أغسطس2012، يوم الانقلاب الأبيض، كان الإعلامى د. توفيق عكاشة قد حذر على شاشة قناة الفراعين من أن هناك انقلاباً سيقوم به الرئيس مرسى خلال أيام معدودة، وراح يقدم معلومات قال فيها إن اللواء عبدالفتاح السيسى ينتمى إلى أسرة إخوانية، وإن عمه هو الأستاذ عباس السيسى عضو مكتب الإرشاد السابق بجماعة الإخوان.
وقد أثارت هذه المعلومات حالة من الجدل الشديد، واتصل بى فى هذا الوقت اللواء عباس مخيمر، أحد كبار ضباط المخابرات الحربية، منفعلاً ومؤكداً أن هذه المعلومات غير صحيحة ولا أساس لها وأن هدفها قطع الطريق أمام اللواء عبدالفتاح السيسى.
يومها قلت له: «من المؤكد أن الإعلامى توفيق عكاشة سوف يراجع موقفه إذا ما ظهرت له الحقيقة، وهو ما حدث بالفعل فى اليوم التالى».
مضت الأيام، وعندما التقيت المشير طنطاوى والفريق سامى عنان بعد قرار إقالتهما من منصبيهما، وجدت ارتياحاً كبيراً منهما لتولى الفريق أول السيسى منصب وزير الدفاع والفريق صدقى صبحى منصب رئيس الأركان.. قال لى الفريق عنان: «هذه سيمفونية تواصل الأجيال بين رجال الجيش الشرفاء، والفريق أول السيسى هو عنوان للالتزام والانضباط والكفاءة والوطنية».
أخبار متعلقة:
«الوطن» تنشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى: «الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.