يقول المولي عز وجل في كتابه الكريم: "ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون". في مصر التي حماها الله عز وجل ظهر الفساد في البر والبحر وغرقت البلاد في فساد بدأ من السنوات العشر الأخيرة في حكم مبارك ومازال يتوسع في كل مكان ليحصد خيرات البلاد لصالح مجموعة من رجال الأعمال الذين استخدموا النفوذ والسلطة وسيطروا علي الأراضي المملوكة لهذا الشعب المطحون. تفاءل المصريون بعد الثورة في القضاء علي الفساد وإعادة توزيع الثروات التي نهبها الكبار، ولكن جاء حكم الإخوان المسلمين ليجد الفساد تربة خصبة جديدة واستمرت الأوضاع من سييء إلي أسوأ، ولم يتبق الآن سوي الأمل في ثورة يونيو لكي تحد من هذا الفساد المتضخم وتعيد ثروات هذا الوطن إلي الفقراء البسطاء والغلابة الذين يفترشون المستشفيات بحثا عن زجاجة دواء أو علبة لبن لأطفالهم بينما يغرق الكبار في المليارات!! إن حال البلاد لن ينصلح ولن تتقدم أحوال المصريين إلا بمحاسبة الكبار ومراجعة أرقام ثرواتهم وكشف الحقائق حول تلك الثروات وكيف تم جمعها، فهناك رجال أعمال لم تكن ثروتهم تزيد علي المليون جنيه ووصلت خلال سنوات قليلة إلي مليارات!!.. ونحن لا نتهم أحداً بالفساد المباشر ولكننا نطالب بمراجعة ومحاسبة أصحاب هذا المليارات فإن كانت من الحلال فليس لأحد أن يحاسبهم بعد ذلك أما إذا كانت بالتحايل واستخدام النفوذ والاستحواذ علي ثروات البلاد فمن حق الشعب أن يعرف وأن تعود إليه حقوقه ومن حق الدولة أن تسترد حقوقها. لقد فتحنا ملف رجل الأعمال منصور عامر مرات عديدة بحثا عن الحقيقة وتساءلنا كيف وصلت ثروته إلي تلك الأرقام الخيالية خلال سنوات قليلة؟!.. بدأ منصور عامر نشاطه عام 2005 مع صعوده السياسي بعضوية مجلس الشعب ولم يكن الشعب المصري يعرف اسمه قبل أن يقترب من لجنة السياسات وجمال مبارك لتنفتح أمامه خزائن الأسرار ويستحوذ علي أراضي الدولة ويقيم مشروعاته التي تحولت خلال تلك الفترة القصيرة إلي مختلف أنحاء العالم. ومع غياب الشفافية في مصر عن ثروات رجال الأعمال أصبحت ثروة منصور عامر تفوق الخيال وليس مطلوبا من الدولة في هذا التوقيت إلا محاسبة الجميع بمن فيهم رجل الأعمال الأشهر منصور عامر فليس من العدل أن يعيش شعب كامل تحت خط الفقر بينما ينعم شخص واحد بتلك الثروات الضخمة التي تفوق ميزانية دولة كاملة. إن النفوذ السياسي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالنفوذ المالي وحقق عشرات من رجال الأعمال ثرواتهم بفضل وجودهم في لجنة السياسات وكان منصور عامر واحداً من هؤلاء الذين صنعوا الإمبراطورية الضخمة في حماية جمال مبارك ووسط شبكة ممتدة من أصحاب النفوذ السياسي الذين أصبحوا جميعا من سكان منتجعاته الفخمة التي تصل أسعارها إلي الملايين. ومع ثورة يناير ظهر منصور عامر ليعلن إعادة 2 مليون فدان إلي الدولة!!.. وبعدها مباشرة بدأ العهد الجديد مع جماعة الإخوان الإرهابية ويفتح منتجعاته للمرشد السابق مهدي عاكف وعائلته في وقائع موثقة رصدناها في «الموجز» وفي عدد من المقالات التي تكشف كيف انتقل منصور عامر من حماية لجنة السياسات إلي حماية جماعة الإخوان، لتدخل ملفاته إلي دهاليز السلطة الجديدة ويظل بلا محاسبة بعد أن وضع ثروته رهن جماعة الإخوان، ويمكننا ببساطة العودة إلي تلك الواقعة التي تضمنها البلاغ الذي حمل رقم 7322 لسنة 2011 المقدم للنائب العام والذي تم دفنه في الدهاليز بعد صعود الإخوان، ففي 1 أكتوبر 1996 قامت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتخصيص 765 فداناً بالقاهرة الجديدة إلي جمعية النخيل وذلك بغرض إقامة مشروع سكني متكامل لضباط الشرطة بسعر تفضيلي تماما 100 جنيه للمتر بالتجمع الأول بمدينة القاهرة الجديدة وكان الغرض من هذا السعر أن الجمعية لا تهدف للربح وأنها ستستخدم هذه الأرض لبناء مساكن لضباط الشرطة وهذا غرض ذو نفع عام خصصت من أجله الأرض بهذا السعر الزهيد نظرا لكون الأسعار السائدة في هذا الوقت كانت مايقرب من أربعة آلاف جنيه للمتر الواحد لتميز موقع الأرض إلا أن رئيس جمعية النخيل اللواء محمد منير أحمد صالح تورط في القضية وقام ببيع مساحات كبيرة من هذه الأراضي إلي شركة مملوكة لمنصور عامر ولكن بأسعار تتراوح مابين 1100 و1850جنيهاً للمتر الواحد وهو ما يعتبر إهداراً للمال العام وتمكين الغير من التربح منه والاعتداء عليه والاتجار بأراض مخصصة للنفع العام وتم تخصيصها بسعر تفضيلي وتغيير الغرض المخصصة من أجله بدون الحصول علي موافقة الجهة الإدارية المختصة. وهناك عشرات الوقائع التي تشير إلي ممارسة منصور عامر كافة أشكال التحايل للاستيلاء علي أراضي الدولة ولكنني سأذكر مثالا واحداً يكشف كيف احتمي منصور عامر بالإخوان وكيف انتقل من حماية جمال مبارك إلي حضن حسن مالك بسرعة رهيبة، ففي مارس 2013 استعان منصور عامر بالصديق الجديد "حسن مالك" للاستيلاء علي 5 أفدنة زراعية يملكها السيد "محمد كمال" وهو أحد ملاك الأراضي المواجهة لبورتو مارينا المملوكة لمنصور عامر، واستعانة منصور عامر ببلطجية الحزب الوطني المتحولين لجماعة الإخوان مستغلاً وضعه الجديد في مجلس رجال الأعمال الإخواني وتمتعه بحماية القيادي الإخواني حسن مالك وقام بالاستيلاء علي الأرض المشتراه من عبدالله صالح بموجب مستندات الملكية الصادرة من جهاز التنمية السياحية وإدارة مشروعات التنمية الزراعية. ليس هذا فقط ما قام به منصور عامر في عهد وحماية حسن مالك وجماعة الإخوان بل قام أيضاً ببناء خمس عمارات علي تلك الأفدنة رغم أن الأرض ممنوع البناء عليها لأنها زراعية وتوجد بها بئر أثرية تعود لعصر الرومان. ذكرت تلك الواقعة رغم أنها أقل ممارسات منصور عامر لأكشف للقارئ كيف يمكن لرأس المال أن يتلون وأن يحتمي بكل العصور وأن يقترب من رجال كل مرحلة، ومنصور عامر لم يحصل فقط علي هذه الأفدنة القليلة بفضل الإخوان بل إنه أيضاً نجح في كسب الرضا لدرجة أن كل ملفاته تم إغلاقها في عهد الجماعة وبفضل صداقته لحسن مالك. واليوم نتقدم للسيد النائب العام بتلك الوقائع ونطالبه بفتح ملفات منصور عامر وعشرات غيره ممن جمعوا ثرواتهم في الخفاء وتضخمت أرصدتهم في سنوات قليلة، إن إصلاح البلاد وإعادة توزيع ثروات مصر لن يتم إلا بالشفافية وبمصارحة الرأي العام بما يمتلك أباطرة المال في مصر. وتحت إيدينا تقرير هيئة مفوضي الدولة عن واحد من أهم مشاريع منصور عامر، ومن المعروف أن تقارير مفوضي الدولة هي عين الحقيقة حتي وإن تم التحايل عليها وعدم العمل بها أو دفنها في دهاليز وأدراج المحاكم لكنها تظل شاهداً علي ممارسة التلاعب وما نطالب به اليوم هو فتح كل هذه الملفات والنظر في تقرير هيئة مفوضي الدولة، وسوف نتقدم بنص التقرير وصورة منه إلي النائب العام ليعرف كل مغرور أن له يوماً وأن العدل قائم ولن تنجح محاولات طمس الحقائق مهما طال الزمن وظن البعض أنهم في أمان وأكبر من المحاسبة والمساءلة.