جامعة بنها تطلق معسكرًا دائمًا بمطروح لتعزيز مهارات الطلاب -صور    رسمياً.. إطلاق تطبيق "البورصة المصرية EGX" غدا    الخارجية الأمريكية تعلن إيقاف تأشيرات الزوار لسكان غزة    موقف مرموش.. تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة ولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي    ب3 صور.. صلاح يستعرض احتفاله على طريقة جوتا من مباراة بورنموث    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقنا    جاذبية وجمال.. تفوق 5 فتيات في مسابقة المواهب بفعاليات ملكة جمال مصر    وصلة هزار بين ياسمين عبدالعزيز وأحمد سعد.. والجمهور: بتضرب بجد    بأمر رئاسي.. الجزائر تسحب حافلات النقل المتهالكة بعد فاجعة وادي الحراش    أمريكا توقف تأشيرات الزيارة للأفراد القادمين من غزة    العلمين الجديدة.. جوهرة تاج المتوسط.. موقع سفر عالمى: المدينة تنافس أهم وجهات السياحة الأوروبية الرائدة فى اليونان وإيطاليا وإسبانيا.. وتؤكد: تطويرها جزء من استراتيجية مصر الشاملة لتنمية الساحل الشمالي الغربي    محافظ الغربية يترأس اجتماعًا موسعًا لمتابعة مشروعات "حياة كريمة" بزفتى    توماس فرانك: صفقات توتنام المقبلة سر    أرسنال يلتقى مان يونايتد فى مستهل مشوارهما بالبريميرليج    نوتينجهام يضم جيمس مكاتي من مانشستر سيتي    وزير السياحة: أنا من وجهت باتخاذ إجراءات قانونية في واقعة فيديو المتحف.. الموضوع مش لعب عيال    تيك توك يحد من مشاهدات المحتوى التسويقى ويفرض قواعد جديدة للانتهاكات    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعاطل لاتهامه الإتجار فى الشابو بسوهاج    الداخلية: وفاة محتجز بقسم شرطة فى الجيزة بسبب مشاجرة مع نزلاء وليس التعذيب    أكسيوس: إدارة ترامب تصنف 533 شركة وكيان داخل أمريكا بناءً على ولائها للرئيس    فرنسا تدين بشدة موافقة إسرائيل على مشروع "إي 1" الاستيطاني    خالد سليم يُحيى ليلة ساحرة فى الليلة الثانية لمهرجان القلعة.. صور    صدمة زوجة مدير التصوير الراحل تيمور تيمور بعد وصولها المستشفى لاستخراج تصريح الدفن    أشرف زكى يكشف سبب رحيل مدير التصوير تيمور تيمور: توفى غرقا    الفنان صبحي خليل يستقبل العزاء في والدته غدا من مسجد الحامدية الشاذلية    ظاهرة مؤقتة أم تحول فى فكر صناعها؟.. قضايا الأحوال الشخصية تفرض نفسها على الدراما التليفزيونية    وزير الأوقاف: مسابقة دولة التلاوة لاكتشاف الجواهر والكنوز من أصوات القراء    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    "الصحة" تعلن فحص 8 ملايين و336 ألفا ضمن مبادرة علاج فقدان السمع لدى حديثى الولادة    منها فقدان الوزن.. 5 علامات مبكرة لتلف العظام تتطلب اهتماما عاجلا    رئيس جامعة طنطا يتفقد الاستعدادات النهائية لاستقبال لجان بدء الدراسة بجامعة طنطا الأهلية    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    قانونية: الرجل ملزم بالتكفل بالزوجة والأبناء بعد الطلاق    منال عوض: تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات البيئية لمواجهة التحديات العالمية    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    صحة شمال سيناء: مستمرون في تحسين جودة الخدمات بوحدات الرعاية الأولية    «الزراعة»: انطلاق الحملة القومية لتحصين الثروة الحيوانية من العترة الجديدة ل الحمى القلاعية    لليوم ال13 على التوالي.. إسبانيا تواصل مكافحة حرائق الغابات وسط موجة الحر    5 أطعمة غنية بفيتامين «د» لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة    محمود الهباش: الموقف المصري والأردني أسقط مخطط التهجير الإسرائيلي من غزة    كنائس هولندية تطالب الحكومة بالاعتراف بفلسطين ووقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 أدبي.. الكليات المتاحة بكل المحافظات    مائدة مستديرة بالأعلى للثقافة بعنوان «ترشيد مياه النيل والحفاظ عليها من التلوث»    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    وزير الرياضة: أهنئ جماهير بورسعيد على البداية الرائعة للنادي المصري    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. نادي القناة يحقق الصدارة    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    ضبط 6003 قضايا بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهداء الشرطة مع‏:‏ هنا ومحمد وجنا
نشر في الجمعة يوم 31 - 03 - 2012

اتكبر يا روح أمك وأشوفك طول بعرض بالبدلة الميري تضرب سلام مربع للوطن للعلم لطابور منضبط كراكون سلاح‏..‏ و‏..‏فضلت ادعي وفضلت أربي وفضلت أكبر وطموحي يكبر يأخذني فوق لعنان السماء ألمس نجوم السماء بيدي وخدي ينام علي أكتاف النجوم‏..‏
والتاج.. تاجي انت يا ابني وأملي وقوتي وحيلي ورجلي وسمعي وبصري ومرآتي ومسبحتي ونجمي وقمري, واستحلفكم بالعزيز القوي بذمتكم, وأنا راضية ذمتكم, عمركم بالعمر شفتم ما بين الخلق كلاتهم طلعة منورة كمثل طلة المحروس ابني حضرة الضابط البيه الوجيه الباشا مأمور الدرك, ضابط عموم الانفلات, قائم مقام المرحوم والده في البيت والحي وعلي رأس المائدة وصوان العزاء وإمامة الصلاة والوكالة عن شقيقته تحت منديل مأذون عقد القران.
زهرة عمري توجست خيفة عليه من هنات وزلات الشباب وأصدقاء السوء.. من كل بنت قالعة برقع الحياء تندب في عينها رصاصة توقعه في حبائلها أنام وأصحي ألقاه في وكرها سادرا في الغي غافلا عن الصح والخطأ, وهو يا عين أمه طيب ونقي وعوده أخضر, وقلبه بفتة بيضاء ومن براءته وقلة خبرته بحكم سنوات عزلته الصارمة داخل الأسوار الشرطية ممكن ينطلي عليه زيف العواطف.. من أجل المبادرة لحماية مسيرته من الشوائب رحت أبحث وأستقصي في المطروح والمستخبي من صبايا بيوتات الحسب والنسب وخطبت له بنت الأصول الهادية النادية.. ومشيت وراء زفة الطبول والسيوف قلبي يزغرد باكتمال فرحته لمشاهدة عريسي الصغير عريسا مشرعا في طريقه للكوشة وعش الزوجية.. ولأن من عادتي من شدة فرحتي أخاف علي فرحتي من هاجس يزلزلني يتبعني كظلي يهبط فوق صورة قرة عيني بستارة سوداء فأهتف في سري لأقصي الوسواس الخناس: اللهم اجعله خير.. واقرأ له آية الكرسي.. يأتيني حبيبي مع عروسه.. يأتيني حاملا الحفيد ببذلة الضابط الصغير توءما لمشهد والده المتباهي به في الصغر.. يأتيني بصحبة زوجته المتضخمة وفي ركابهما البنت والولد.. وأدور حولهم أحصنهم بالرقي والدعاء ومن شر حاسد إذا حسد ويحفظكم يا ابني من كل سوء..... وتدهمني الليلة الليلاء فشرايين قلب الأم آذان استشعار.. الليلة التي لا يغمض لي فيها جفن ولا يستقر فكر ولا يستريح جنب ولا يهدأ أوار غليان الدم في العروق.. ليلة الاستقراء والاستنفار والاستغفار والاستعبار والاستعاذة بالحي القيوم.. ليلة يعربد فيها الشيطان.. ليلة فيها من الأرق ما يصدع الجبال ويريق ماء الأنهار ويحرق الأشجار ويجدب الأرض ويصحر الملكوت ويسجن النهار.. ليلة يجف فيها الحلق ويتشقق أديم العين وتتهدل الرئات وتصلب اللهاة وتلطم الأرحام وتطحن الأسنان.. ليلة يبعث فيها الموتي, وتأتي الأم المتوفاة والأب المتوفي والخالة والعم والخال والأجداد والسابقون الراحلون يواسون فيمن سيصحبهم في القريب العاجل إلي المجهول.. أصرخ بملء الجذع بين طيات الكابوس: اللهم اجعله خير.. اللهم كذب حدسي وظني, واخرس هاجسي, واشرح صدري, واحفظ ابني.. اللهم اجعله خير.. اللهم قني وإياه عذاب الفراق, واجعل يومي قبل يومه.... ويكتفي ابني بتحية الصباح في طريقه لأداء واجبه في إحدي مهامه الصعبة مع وعد بالمرور لرؤيتي, بل والعشاء معي في طريق عودته لبيته.. وأنا نفسي في طبق بامية مشطشطة من صنع إيديك الحلوين.. ادعي لي يا ماما.. ربنا يحرسك يا روح أمك.. و..تبرد البامية وأسخنها من جديد.. وجديد.. و..لا أستطيع تعجله فمعرفتي بنوعية وظيفته تلزمني فقط بالانتظار.. البقاء في وضع الاستعداد والتأهب حتي ولو فات الميعاد بألف ميعاد.. ممنوع أسأله وسط شغله أيتها سؤال.. محظور أتابعه منذ أن كان ملازما أول لأنه دائما علي سفر.. علي عمل.. قائما علي مهمة أمن.. علي أهبة الاستعداد للقبض علي تشكيل عصابي.. لضبط مرتكبي حوادث بالإكراه.. لمداهمة وكر مخدرات.. للإيقاع بالجناة في حادث قتل أو سرقة أو اغتصاب.. و..ينخل هاجسي من الخلايا والحنايا والعظام واللهم اجعله خير... ويدوي الرنين في صالة البيت وحجرات القلب وأبراج المخ.. ليس صوت الغالي من يعتذر لي.. الاعتذار بصوت آخر قادم من رتبة أعلي.. يقدم لي عزاء باستهلالة الشهداء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون.. ينضم ابني شهيدا لشباب أمن يتساقط كأوراق الشجر بلغ تعداده في عام واحد1250 شهيدا ومصابا تمزقت أجسادهم علي أيدي البلطجية وقطاع الطرق والقتلة وتجار المخدرات والهاربين من السجون والمسجلين خطر بطول الوادي ومدنه وطرقه وأسطحه وحواريه.. في القاهرة والإسكندرية ودمنهور والسويس والقصير وشبرا الخيمة والعريش وسوهاج وسيناء وقنا وبنها وكرداسة والإسماعيلية ومنفلوط وأسيوط ورفح وميت غمر وتلا وكفر شكر.. وفي شهر مارس فقط سقط ستة شهداء سادسهم النقيب أسامة محمد كامل الضابط بمديرية أمن القليوبية أثناء ملاحقته خارجين علي القانون بطريق مصر الزراعي.. شباب أمن في عمر الزهور تركوا منازلهم وأولادهم وزوجاتهم وأمهاتهم مع خيوط الصباح دون أن يوقن أي منهم فيما إذا كانت هناك رجعة, فالمهمة الموكولة إليه انتحارية قد تحوله في لحظة.. في طلقة.. في طعنة.. من جسد حي يفور بالدماء والآمال إلي جثة تنزف دما علي يد بلطجي مغيب, أو سفاح سوابق, أو مجرم محترف يعيث في الأرض فسادا وترويعا واعتداء علي البشر والمنشآت العامة, وعندما يلقي جزاءه يضمه المجلس الموقر إلي قائمة الشهداء ليكافأ بمائة ألف جنيه ومعاش شهري أكثر من ألف وخمسمائة جنيه, وشقة بالسيراميك, وللوالدة عمرة, ووظيفة لأقرب الأقرباء إليه, بينما لا يزيد معاش شهيد الشرطة الشاب المغتال من قبل الكلاب المسعورة أثناء تأدية واجبه الوطني علي أكثر من أربعمائة جنيه مع شهادة تكريم ونوط ووسام, ومصافحة ثناء علي تضحيته في سبيل الوطن المفدي يزكيها وزير الداخلية لأمه الثكلي, وزوجته الذاهلة, ووالده المكلوم, وأبنائه اليتامي, تقديرا لعطائه في ساحة الشرف, حيث ستبقي ذكراه صفحة ناصعة من صفحات النضال ونبراسا لقيم الشرف والفداء من أجل مصر الغالية التي لا تنسي أبدا أبناءها الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية من أجل رفعة الوطن وإعلاء رايته.. ثناء رسمي لا يسمن ولا يغني من جوع, وأولي من الثناء وثيقة تأمين جماعية للجميع بمشاركة رمزية تقي أسرهم من عثرتها عند غياب نجمها وعائلها وضابطها..
و.. أبدا لن يدرك قاتل ابني من قتل.. وليس في مقدور كلمات اللغات وأجرومياتها أن تجتمع يوما لتصف ذلك الأوج من الألم, ولا حرقة تلك النار التي وقعت علي رأس كل أم فقدت ابنها.. أم البطل.. لن يستوعب أي منكم مفهوم أن تثكل الأم في ابنها.. ألا تراه بعدها.. ألا تأخذه في حضنها.. ألا تفتح تقطيبة جبينه بأصابعها.. لا تمصمصوا الشفاة وتلقون بكلمات الرثاء المطاطة من أن مهمة رجال الشرطة في النهاية الحفاظ علي الأمن!!.. و..أين أمني أنا أمه.. وأمن الهادية النادية زوجته.. وأمن الصغار.. وأمن جنين لم يزل يجلس داخل الرحم في وضع القرفصاء؟!! أين تضعون منزلة ابني الشهيد الملتزم بواجبه؟!! الغيور علي مهنته؟!! الموجود في صف ضباط وجنود يفدوننا بأرواحهم, لكنهم للأسف لا يزالون يدفعون فاتورة أصابع تلعب في الخفاء, ويصنفون داخل المنظومة الشرطية الفاسدة والله حرام!!!.. من قلب أم شهيد الشرطة أناشدكم المجد لمصر والرحمة للشهداء.. جميع الشهداءب..
تلك مشاعر أم فقدت ابنها ضابط الشرطة الشاب الشهيد أثناء أداء واجبه, تبعتها رسالة حملها لي البريد من هنا عشر سنوات في الصف الثالث الابتدائي, وجنا سبع سنوات في الصف الأول الابتدائي, ومحمد البالغ من العمر عاما واحدا يطلبون مني فيها علي لسان والدتهم الأرملة إيناس يحيي أمين كما كتبت وأسهبت في ملحمة شهداء الثورة إبراز واقعة والدهم الشهيد المقدم هشام رفعت الحسيني مفتش مباحث قسم القصير بمديرية أمن البحر الأحمر الذي استشهد أثناء قيامه بمطاردة إحدي السيارات المبلغ بارتكاب مستقليها جرائم سطو مسلح علي محطتي بنزين التعاون بالقصير ومصر للبترول بمرسي علم بطريق القصير قفط, حيث بادر المتهمون بإطلاق الأعيرة النارية صوب القوات فأصابت الضابط المذكور ليتم نقله لمستشفي القصير ليلفظ أنفاسه الأخيرة, بينما تمكن المتهمين من الهرب, وتم ضبط السيارة وبداخلها الخزينة الحديدية المبلغ بسرقتها من محطة تعاون القصير, وكذلك النقود المبلغ بسرقتها من محطة مصر للبترول.. ويا هنا إذا ما كان بابا قد أصبح اليوم شهيد الشرطة فقد شاركه في الشهادة أبطال هاتي معك رنا ومحمد لأحكي لكم بطولاتهم كي لا ننسي معارك الشرطة الباسلة التي ذهب في مثل تاريخ ثورتنا25 يناير من عام1952 ستة وخمسون شهيدا من رجال الشرطة المصرية, كما أصيب ثمانون جنديا داخل مبني محافظة الإسماعيلية رفضوا تسليم أسلحتهم لقائد القوات البريطانية البريجادير اكسهام وقاموا وعددهم لا يتجاوز880 جنديا وضابطا بالرد ببنادقهم المتواضعة علي مصفحات العدو ومدفعيته الثقيلة وقوته التي يزيد عددها علي7 آلاف, وبعد ساعات من معركة وحشية غير متكافئة أوقف ضباط الاحتلال ضربهم وطلبوا خروج أحد ضباط الشرطة المصريين للتفاهم معه بشأن التسليم الذي لابد منه, فخرج لهم اليوزباشي مصطفي رفعت ليأتي رده الحاسم: لن نسلم إلا جثثا هامدة.. وتطلق مدافع الإنجليز من جديد لتحول مبني المحافظة إلي أنقاض بينما تبعثرت أشلاء الجثث, ورغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين في مواقعهم لمدة ساعة ونصف حتي نفدت الذخيرة عن آخرها, فأعلن مصطفي رفعت إنهاء المعركة وطلب من القائد الإنجليزي خروج رجال قواته دون رفع أيديهم إلي أعلي علامة التسليم واستجاب اكسهام وخرج الأبطال الباقون علي قيد الحياة بعد أن أسقطوا من الإنجليز ثلاثة قتلي و12 جريحا جاءوا ضمن جيش عرمرم من جنود المظلات بالطائرات, والكوماندوز وفرق اللانكشير, وصفوة القوات البريطانية المعروفة باسم الشياطين الحمر ودبابات السنتوريون والمدرعات وعربات اللاسلكي.. ويكتب القائد البريطاني الجنرال ماتيوس الذي حضر المعركة في مذكراته: إن ما قام به جنود الشرطة المصريون لم أشهد له مثيلا حتي في الحرب العالمية الثانية سواء في بريطانيا أو في فرنسا.. وفي سجلات بطولات الشرطة يا هنا, ومحمد وجنا عندما حاول العدو الإسرائيلي الانتقام لعملية إغراق الباخرة إيلات بإطلاق القذائف الحارقة علي صهاريج البترول بمنطقة الزيتية بمدينة السويس, وقف رجال الشرطة من جنود الإطفاء يواجهون أخطر المهام في إطفاء الصهاريج المشتعلة ليستشهد ثلاثة وخمسون بين ضابط وجندي أثناء تأدية عملهم البطولي في إطفاء ألسنة اللهيب والحيلولة دون اتساعها حتي لا تهدد مدينة السويس بالفناء.. ويتواصل دور استشهاد رجال الشرطة في تاريخنا حتي لحظتنا هذه يا محمد وجنا وهنا فتشمل قائمة الشهداء اللواء محمد عباس حمزة البطران الذي استشهد في29 يناير2011 أثناء تصديه لهجوم مسلح من قبل بعض العناصر الإجرامية علي بعض السجون, والعميد محمد كامل عبدالستار الذي استشهد في30 يناير2011 لقيام عناصر إجرامية بمهاجمته بالأسلحة النارية, والعميد محمد إبراهيم الدسوقي مصطفي الذي استشهد في31 يناير2011 أثناء مشاركته في تأمين مديرية أمن الإسكندرية, والعقيد سند أحمد سند القاضي, والمقدم محمد البرعي الشيمي, والرائد أحمد السيد متولي, والرائد طارق أسامة أحمد عبدالمنعم, والنقيب محمد عبداللطيف خفاجي, والنقيب محمد إبراهيم حسن الخولي, والنقيب حازم محمود عزب عزالدين, والنقيب أحمد جلال محمد عبدالقادر, والنقيب عمرو مسعد عبدالشافي صبره, والنقيب يوسف محمد الشافعي الفرت, والنقيب محمد علي عبدالعزيز زين الدين, والملازم أول عمرو إبراهيم محمد إبراهيم, وأفراد الشرطة مصطفي علي حسان, والسباعي عبدالمحسن, ومحمود أحمد السيد, وأحمد عبدالحميد مصطفي, ومحمد سليمان سلامة, وعمر حسن أحمد حسين, وعبدالناصر عاشور, وإيهاب حمزة عبدالفتاح, وأحمد محمد صابر المصري, وجمعة حامد عيسي, وعبدالله هريدي.. وغيرهم عشرات من ضباط وأفراد الشرطة الشهداء.
ونظرا لاستحواذ مشاعر هنا ومحمد وجنا علي مشاعري فقد قضيت أياما شرطية قيدت نفسي فيها بكامل إرادتي للبحث عن مفهوم العدالة فوجدتها في توزيع الحوافز علي جميع قوات الشرطة علي أن ترتبط قيمة الحافز بالأداء وليس بالرتبة.... وجدت في تطوير عمل جهاز الشرطة حتمية تحديث فلسفته الأمنية بإبعاد قبضة رئيس الجمهورية عنه كي تغدو مهمته الحفاظ علي أمن الجماهير لا علي أمن الحاكم, علي أمل ألا يظل الشرطي في زمان أحد المرشحين المحتملين للرئاسة واقفا في خدمة التشريفة وشه للحائط من السادسة صباحا حتي حلول المساء لتأمين موكب الرئيس رايح جاي.... وجدت الشرطة في العالم أجمع طالما تتبع الإجراءات السليمة تغدو في حماية القانون, هذا غير ما عندنا, فالرابطة منقطعة تماما بين تصرفات الشرطة وحماية القضاء لها, فهي مدانة دائما وأفرادها آثمون دون تحقيق, وهناك قصور شديد في إجراءات ضبط الجناة, فالمواطن الذي توقفه الشرطة في أمريكا كمثال, وتملي عليه حقوقه القانونية, يقف ساكنا في موضعه أو يرفع يديه إلي أعلي أو يستلقي علي وجهه بمجرد إصدار الأوامر, وإذا لم يلتزم بذلك اعتبر وكأنه ينوي الاعتداء علي رجال الشرطة ومن هنا يسارع الشرطي باستخدام سلاحه, فإذا ما أصابه يعتبر في موقف الدفاع عن النفس, فكيف نقارن ذلك بما يتعرض له رجل الشرطة الغلبان مكسور الجناح في مصر الآن من إهانات وتعد من الشخص المطلوب إيقافه, ومن الجيران, والدخلاء, والمارة, والسنيدة, وأهل الحي, والبلطجية, دون مساندة من القانون.... وجدت أنه بعيدا عن التعامل مع لحية ضابط الشرطة طبقا للحلال والحرام فإن تقاليد العمل وأعرافه وزيه الرسمي موجود في جميع القطاعات وليس في نظام الشرطة وحدها, ومن لا يوافق عليها فليتركها للقادر علي الالتزام بها... وجدت ضرورة وضع تعديلات تشريعية تسمح لرجال الشرطة سؤال الشهود في منازلهم مع تغيير المتبع الحالي الذي يستدعيهم علي يد محضر للمثول أمام حضرة مأمور القسم أو من ينوب عنه المتغيب دائما في حملة تفتيش رسمية بالخارج لعدة ساعات مما يؤدي إلي إحجام الكثيرين عن الادلاء بشهادتهم كي لا يعيشوا يومهم داخل زهم جدران القسم وجيرة محبسه الاحتياطي.... وجدت أهمية استدعاء أي مواطن للقسم بطلب رسمي مثبت في الأوراق, مع تدوين أسماء كل من قام بالتحقيق معه مع ذكر لحظة حضوره وانصرافه كي لا يبيت في التخشيبة عدة أيام علي ذمة التحقيق والاشتباه لحين ما يتراءي للباشا استدعاؤه لتجديد حبسه أو تحويله كعب داير.... وجدت في هيئة الشرطة انعكاسا لحضارة مجتمع يفرق بين رجل الأمن ورجل الجيش, فبينما ممثل الأمن يبدو في كافة القطاعات مهدلا منطفئا متسولا متخشبا في موضعه ساعات وأياما طوالا, يختال مجند الشرطة العسكرية بقوامه الرياضي يشف ويرف لمدة4 ساعات فقط لا غير في موقعه داخل زيه المنضبط بأزراره اللامعة, فأخذني المظهران للبحث عن الفارق الواضح الجلي في ميزانية كل منهما, الفارق بين الدخل والمنصرف, فوجدته لدي الشاويش جميعه مصروفا ومنصرفا... وجدت دعم الأمن وإيصاله إلي مستحقيه أولي دعما من رغيف العيش, فالأمن قبل الخبز في كل الأحيان وليس أحيانا, فلأن أبيت جائعا آمنا خيرا لي من أن أبيت ممتلئا مرتعبا... وجدت أن لابد من أن نضيف علي قسم الشرطة جملة أصون كرامة المواطنين ليغدو نص القسم هو أقسم بالله العظيم أن أحافظ علي النظام الجمهوري, وأن أحترم الدستور والقانون وأرعي سلامة الوطن وأؤدي واجبي بالذمة والصدق, وأن أصون كرامة المواطنين.... وجدتني مستوحشة لزعقة الشاويش في وسط الليل البهيم مين هناك عندما كانت تنزل علي مراوحي بردا وسلاما لأشد فوقي الغطاء وأغطس في نوم التبات والنبات فقد صرفت الزعقة الحميمة الشياطين واللصوص وكل من في قلبه مرض, وارتاحت السيارات في مواقفها, والأقفال في سلاسلها, والمصوغات في فتارينها, والخزائن في بنوكها, والأخشاب في مغالقها, والفاكهة في شوادرها, وحديد التسليح في الهواء الطلق و..رقص الغسيل علي واحدة ونص فوق الحبال.. أين مني الآن وأنا مرتعشة من خلف السواتر الحديدية في الباب والشباك بترابيس السبع تكات بصوت البلبل: مين هناك؟!!
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.