وزير الخارجية الأمريكي: الاعتراف بدولة فلسطينية يقوّض جهود وقف إطلاق النار    سفير المغرب في حفل الذكرى 26 لعيد العرش: علاقتنا مع مصر أخوة ضاربة في عمق التاريخ    أحمد كرارة يوجه رسالة لشقيقه بسبب "الشاطر"    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    أمريكا تحظر منح تأشيراتها لأعضاء منظمة التحرير ومسئولى السلطة الفلسطينية    مسؤول أمريكي: شروط ترامب عدم وجود حماس للاعتراف بالدولة الفلسطينية    في مباراة يوكوهاما ضد ليفربول .. محمد صلاح يتلقى هدية غير متوقعة    رئيس الوطنية للانتخابات يدعو المصريين للمشاركة فى انتخابات مجلس الشيوخ    "قوافل" تكشف عن مشروع "Tri-Hub": مجمع ذكي متعدد الاستخدامات في قلب القاهرة الجديدة    القليوبية تحتفي بنُخبَتها التعليمية وتكرّم 44 من المتفوقين (صور)    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    تدريبات تأهيلية لثلاثي الزمالك على هامش ودية غزل المحلة    توتنهام يسعى لضم بالينيا من بايرن ميونخ    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    مدير أمن الفيوم يعتمد حركة تنقلات جديدة في أقسام وإدارات المباحث بالمحافظة    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وكيل صحة شمال سيناء يبدأ مهامه باجتماع موسع لوضع خطة للنهوض بالخدمات الطبية    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    المشدد 3 سنوات ل سائق متهم بالاتجار في المواد المخدرة بالقاهرة    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    الصحة: المرور على 1032 منشأة صحية وتدريب أكثر من 22 ألف متدرب    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    "الأكثر تاريخيا".. ميسي يواصل تسجيل الأرقام القياسية في كرة القدم    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهداء الشرطة مع‏:‏ هنا ومحمد وجنا
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 03 - 2012

اتكبر يا روح أمك وأشوفك طول بعرض بالبدلة الميري تضرب سلام مربع للوطن للعلم لطابور منضبط كراكون سلاح‏..‏ و‏..‏فضلت ادعي وفضلت أربي وفضلت أكبر وطموحي يكبر يأخذني فوق لعنان السماء ألمس نجوم السماء بيدي وخدي ينام علي أكتاف النجوم‏..‏ والتاج.. تاجي انت يا ابني وأملي وقوتي وحيلي ورجلي وسمعي وبصري ومرآتي ومسبحتي ونجمي وقمري, واستحلفكم بالعزيز القوي بذمتكم, وأنا راضية ذمتكم, عمركم بالعمر شفتم ما بين الخلق كلاتهم طلعة منورة كمثل طلة المحروس ابني حضرة الضابط البيه الوجيه الباشا مأمور الدرك, ضابط عموم الانفلات, قائم مقام المرحوم والده في البيت والحي وعلي رأس المائدة وصوان العزاء وإمامة الصلاة والوكالة عن شقيقته تحت منديل مأذون عقد القران.
زهرة عمري توجست خيفة عليه من هنات وزلات الشباب وأصدقاء السوء.. من كل بنت قالعة برقع الحياء تندب في عينها رصاصة توقعه في حبائلها أنام وأصحي ألقاه في وكرها سادرا في الغي غافلا عن الصح والخطأ, وهو يا عين أمه طيب ونقي وعوده أخضر, وقلبه بفتة بيضاء ومن براءته وقلة خبرته بحكم سنوات عزلته الصارمة داخل الأسوار الشرطية ممكن ينطلي عليه زيف العواطف.. من أجل المبادرة لحماية مسيرته من الشوائب رحت أبحث وأستقصي في المطروح والمستخبي من صبايا بيوتات الحسب والنسب وخطبت له بنت الأصول الهادية النادية.. ومشيت وراء زفة الطبول والسيوف قلبي يزغرد باكتمال فرحته لمشاهدة عريسي الصغير عريسا مشرعا في طريقه للكوشة وعش الزوجية.. ولأن من عادتي من شدة فرحتي أخاف علي فرحتي من هاجس يزلزلني يتبعني كظلي يهبط فوق صورة قرة عيني بستارة سوداء فأهتف في سري لأقصي الوسواس الخناس: اللهم اجعله خير.. واقرأ له آية الكرسي.. يأتيني حبيبي مع عروسه.. يأتيني حاملا الحفيد ببذلة الضابط الصغير توءما لمشهد والده المتباهي به في الصغر.. يأتيني بصحبة زوجته المتضخمة وفي ركابهما البنت والولد.. وأدور حولهم أحصنهم بالرقي والدعاء ومن شر حاسد إذا حسد ويحفظكم يا ابني من كل سوء..... وتدهمني الليلة الليلاء فشرايين قلب الأم آذان استشعار.. الليلة التي لا يغمض لي فيها جفن ولا يستقر فكر ولا يستريح جنب ولا يهدأ أوار غليان الدم في العروق.. ليلة الاستقراء والاستنفار والاستغفار والاستعبار والاستعاذة بالحي القيوم.. ليلة يعربد فيها الشيطان.. ليلة فيها من الأرق ما يصدع الجبال ويريق ماء الأنهار ويحرق الأشجار ويجدب الأرض ويصحر الملكوت ويسجن النهار.. ليلة يجف فيها الحلق ويتشقق أديم العين وتتهدل الرئات وتصلب اللهاة وتلطم الأرحام وتطحن الأسنان.. ليلة يبعث فيها الموتي, وتأتي الأم المتوفاة والأب المتوفي والخالة والعم والخال والأجداد والسابقون الراحلون يواسون فيمن سيصحبهم في القريب العاجل إلي المجهول.. أصرخ بملء الجذع بين طيات الكابوس: اللهم اجعله خير.. اللهم كذب حدسي وظني, واخرس هاجسي, واشرح صدري, واحفظ ابني.. اللهم اجعله خير.. اللهم قني وإياه عذاب الفراق, واجعل يومي قبل يومه.... ويكتفي ابني بتحية الصباح في طريقه لأداء واجبه في إحدي مهامه الصعبة مع وعد بالمرور لرؤيتي, بل والعشاء معي في طريق عودته لبيته.. وأنا نفسي في طبق بامية مشطشطة من صنع إيديك الحلوين.. ادعي لي يا ماما.. ربنا يحرسك يا روح أمك.. و..تبرد البامية وأسخنها من جديد.. وجديد.. و..لا أستطيع تعجله فمعرفتي بنوعية وظيفته تلزمني فقط بالانتظار.. البقاء في وضع الاستعداد والتأهب حتي ولو فات الميعاد بألف ميعاد.. ممنوع أسأله وسط شغله أيتها سؤال.. محظور أتابعه منذ أن كان ملازما أول لأنه دائما علي سفر.. علي عمل.. قائما علي مهمة أمن.. علي أهبة الاستعداد للقبض علي تشكيل عصابي.. لضبط مرتكبي حوادث بالإكراه.. لمداهمة وكر مخدرات.. للإيقاع بالجناة في حادث قتل أو سرقة أو اغتصاب.. و..ينخل هاجسي من الخلايا والحنايا والعظام واللهم اجعله خير... ويدوي الرنين في صالة البيت وحجرات القلب وأبراج المخ.. ليس صوت الغالي من يعتذر لي.. الاعتذار بصوت آخر قادم من رتبة أعلي.. يقدم لي عزاء باستهلالة الشهداء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون.. ينضم ابني شهيدا لشباب أمن يتساقط كأوراق الشجر بلغ تعداده في عام واحد1250 شهيدا ومصابا تمزقت أجسادهم علي أيدي البلطجية وقطاع الطرق والقتلة وتجار المخدرات والهاربين من السجون والمسجلين خطر بطول الوادي ومدنه وطرقه وأسطحه وحواريه.. في القاهرة والإسكندرية ودمنهور والسويس والقصير وشبرا الخيمة والعريش وسوهاج وسيناء وقنا وبنها وكرداسة والإسماعيلية ومنفلوط وأسيوط ورفح وميت غمر وتلا وكفر شكر.. وفي شهر مارس فقط سقط ستة شهداء سادسهم النقيب أسامة محمد كامل الضابط بمديرية أمن القليوبية أثناء ملاحقته خارجين علي القانون بطريق مصر الزراعي.. شباب أمن في عمر الزهور تركوا منازلهم وأولادهم وزوجاتهم وأمهاتهم مع خيوط الصباح دون أن يوقن أي منهم فيما إذا كانت هناك رجعة, فالمهمة الموكولة إليه انتحارية قد تحوله في لحظة.. في طلقة.. في طعنة.. من جسد حي يفور بالدماء والآمال إلي جثة تنزف دما علي يد بلطجي مغيب, أو سفاح سوابق, أو مجرم محترف يعيث في الأرض فسادا وترويعا واعتداء علي البشر والمنشآت العامة, وعندما يلقي جزاءه يضمه المجلس الموقر إلي قائمة الشهداء ليكافأ بمائة ألف جنيه ومعاش شهري أكثر من ألف وخمسمائة جنيه, وشقة بالسيراميك, وللوالدة عمرة, ووظيفة لأقرب الأقرباء إليه, بينما لا يزيد معاش شهيد الشرطة الشاب المغتال من قبل الكلاب المسعورة أثناء تأدية واجبه الوطني علي أكثر من أربعمائة جنيه مع شهادة تكريم ونوط ووسام, ومصافحة ثناء علي تضحيته في سبيل الوطن المفدي يزكيها وزير الداخلية لأمه الثكلي, وزوجته الذاهلة, ووالده المكلوم, وأبنائه اليتامي, تقديرا لعطائه في ساحة الشرف, حيث ستبقي ذكراه صفحة ناصعة من صفحات النضال ونبراسا لقيم الشرف والفداء من أجل مصر الغالية التي لا تنسي أبدا أبناءها الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية من أجل رفعة الوطن وإعلاء رايته.. ثناء رسمي لا يسمن ولا يغني من جوع, وأولي من الثناء وثيقة تأمين جماعية للجميع بمشاركة رمزية تقي أسرهم من عثرتها عند غياب نجمها وعائلها وضابطها..
و.. أبدا لن يدرك قاتل ابني من قتل.. وليس في مقدور كلمات اللغات وأجرومياتها أن تجتمع يوما لتصف ذلك الأوج من الألم, ولا حرقة تلك النار التي وقعت علي رأس كل أم فقدت ابنها.. أم البطل.. لن يستوعب أي منكم مفهوم أن تثكل الأم في ابنها.. ألا تراه بعدها.. ألا تأخذه في حضنها.. ألا تفتح تقطيبة جبينه بأصابعها.. لا تمصمصوا الشفاة وتلقون بكلمات الرثاء المطاطة من أن مهمة رجال الشرطة في النهاية الحفاظ علي الأمن!!.. و..أين أمني أنا أمه.. وأمن الهادية النادية زوجته.. وأمن الصغار.. وأمن جنين لم يزل يجلس داخل الرحم في وضع القرفصاء؟!! أين تضعون منزلة ابني الشهيد الملتزم بواجبه؟!! الغيور علي مهنته؟!! الموجود في صف ضباط وجنود يفدوننا بأرواحهم, لكنهم للأسف لا يزالون يدفعون فاتورة أصابع تلعب في الخفاء, ويصنفون داخل المنظومة الشرطية الفاسدة والله حرام!!!.. من قلب أم شهيد الشرطة أناشدكم المجد لمصر والرحمة للشهداء.. جميع الشهداءب..
تلك مشاعر أم فقدت ابنها ضابط الشرطة الشاب الشهيد أثناء أداء واجبه, تبعتها رسالة حملها لي البريد من هنا عشر سنوات في الصف الثالث الابتدائي, وجنا سبع سنوات في الصف الأول الابتدائي, ومحمد البالغ من العمر عاما واحدا يطلبون مني فيها علي لسان والدتهم الأرملة إيناس يحيي أمين كما كتبت وأسهبت في ملحمة شهداء الثورة إبراز واقعة والدهم الشهيد المقدم هشام رفعت الحسيني مفتش مباحث قسم القصير بمديرية أمن البحر الأحمر الذي استشهد أثناء قيامه بمطاردة إحدي السيارات المبلغ بارتكاب مستقليها جرائم سطو مسلح علي محطتي بنزين التعاون بالقصير ومصر للبترول بمرسي علم بطريق القصير قفط, حيث بادر المتهمون بإطلاق الأعيرة النارية صوب القوات فأصابت الضابط المذكور ليتم نقله لمستشفي القصير ليلفظ أنفاسه الأخيرة, بينما تمكن المتهمين من الهرب, وتم ضبط السيارة وبداخلها الخزينة الحديدية المبلغ بسرقتها من محطة تعاون القصير, وكذلك النقود المبلغ بسرقتها من محطة مصر للبترول.. ويا هنا إذا ما كان بابا قد أصبح اليوم شهيد الشرطة فقد شاركه في الشهادة أبطال هاتي معك رنا ومحمد لأحكي لكم بطولاتهم كي لا ننسي معارك الشرطة الباسلة التي ذهب في مثل تاريخ ثورتنا25 يناير من عام1952 ستة وخمسون شهيدا من رجال الشرطة المصرية, كما أصيب ثمانون جنديا داخل مبني محافظة الإسماعيلية رفضوا تسليم أسلحتهم لقائد القوات البريطانية البريجادير اكسهام وقاموا وعددهم لا يتجاوز880 جنديا وضابطا بالرد ببنادقهم المتواضعة علي مصفحات العدو ومدفعيته الثقيلة وقوته التي يزيد عددها علي7 آلاف, وبعد ساعات من معركة وحشية غير متكافئة أوقف ضباط الاحتلال ضربهم وطلبوا خروج أحد ضباط الشرطة المصريين للتفاهم معه بشأن التسليم الذي لابد منه, فخرج لهم اليوزباشي مصطفي رفعت ليأتي رده الحاسم: لن نسلم إلا جثثا هامدة.. وتطلق مدافع الإنجليز من جديد لتحول مبني المحافظة إلي أنقاض بينما تبعثرت أشلاء الجثث, ورغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين في مواقعهم لمدة ساعة ونصف حتي نفدت الذخيرة عن آخرها, فأعلن مصطفي رفعت إنهاء المعركة وطلب من القائد الإنجليزي خروج رجال قواته دون رفع أيديهم إلي أعلي علامة التسليم واستجاب اكسهام وخرج الأبطال الباقون علي قيد الحياة بعد أن أسقطوا من الإنجليز ثلاثة قتلي و12 جريحا جاءوا ضمن جيش عرمرم من جنود المظلات بالطائرات, والكوماندوز وفرق اللانكشير, وصفوة القوات البريطانية المعروفة باسم الشياطين الحمر ودبابات السنتوريون والمدرعات وعربات اللاسلكي.. ويكتب القائد البريطاني الجنرال ماتيوس الذي حضر المعركة في مذكراته: إن ما قام به جنود الشرطة المصريون لم أشهد له مثيلا حتي في الحرب العالمية الثانية سواء في بريطانيا أو في فرنسا.. وفي سجلات بطولات الشرطة يا هنا, ومحمد وجنا عندما حاول العدو الإسرائيلي الانتقام لعملية إغراق الباخرة إيلات بإطلاق القذائف الحارقة علي صهاريج البترول بمنطقة الزيتية بمدينة السويس, وقف رجال الشرطة من جنود الإطفاء يواجهون أخطر المهام في إطفاء الصهاريج المشتعلة ليستشهد ثلاثة وخمسون بين ضابط وجندي أثناء تأدية عملهم البطولي في إطفاء ألسنة اللهيب والحيلولة دون اتساعها حتي لا تهدد مدينة السويس بالفناء.. ويتواصل دور استشهاد رجال الشرطة في تاريخنا حتي لحظتنا هذه يا محمد وجنا وهنا فتشمل قائمة الشهداء اللواء محمد عباس حمزة البطران الذي استشهد في29 يناير2011 أثناء تصديه لهجوم مسلح من قبل بعض العناصر الإجرامية علي بعض السجون, والعميد محمد كامل عبدالستار الذي استشهد في30 يناير2011 لقيام عناصر إجرامية بمهاجمته بالأسلحة النارية, والعميد محمد إبراهيم الدسوقي مصطفي الذي استشهد في31 يناير2011 أثناء مشاركته في تأمين مديرية أمن الإسكندرية, والعقيد سند أحمد سند القاضي, والمقدم محمد البرعي الشيمي, والرائد أحمد السيد متولي, والرائد طارق أسامة أحمد عبدالمنعم, والنقيب محمد عبداللطيف خفاجي, والنقيب محمد إبراهيم حسن الخولي, والنقيب حازم محمود عزب عزالدين, والنقيب أحمد جلال محمد عبدالقادر, والنقيب عمرو مسعد عبدالشافي صبره, والنقيب يوسف محمد الشافعي الفرت, والنقيب محمد علي عبدالعزيز زين الدين, والملازم أول عمرو إبراهيم محمد إبراهيم, وأفراد الشرطة مصطفي علي حسان, والسباعي عبدالمحسن, ومحمود أحمد السيد, وأحمد عبدالحميد مصطفي, ومحمد سليمان سلامة, وعمر حسن أحمد حسين, وعبدالناصر عاشور, وإيهاب حمزة عبدالفتاح, وأحمد محمد صابر المصري, وجمعة حامد عيسي, وعبدالله هريدي.. وغيرهم عشرات من ضباط وأفراد الشرطة الشهداء.
ونظرا لاستحواذ مشاعر هنا ومحمد وجنا علي مشاعري فقد قضيت أياما شرطية قيدت نفسي فيها بكامل إرادتي للبحث عن مفهوم العدالة فوجدتها في توزيع الحوافز علي جميع قوات الشرطة علي أن ترتبط قيمة الحافز بالأداء وليس بالرتبة.... وجدت في تطوير عمل جهاز الشرطة حتمية تحديث فلسفته الأمنية بإبعاد قبضة رئيس الجمهورية عنه كي تغدو مهمته الحفاظ علي أمن الجماهير لا علي أمن الحاكم, علي أمل ألا يظل الشرطي في زمان أحد المرشحين المحتملين للرئاسة واقفا في خدمة التشريفة وشه للحائط من السادسة صباحا حتي حلول المساء لتأمين موكب الرئيس رايح جاي.... وجدت الشرطة في العالم أجمع طالما تتبع الإجراءات السليمة تغدو في حماية القانون, هذا غير ما عندنا, فالرابطة منقطعة تماما بين تصرفات الشرطة وحماية القضاء لها, فهي مدانة دائما وأفرادها آثمون دون تحقيق, وهناك قصور شديد في إجراءات ضبط الجناة, فالمواطن الذي توقفه الشرطة في أمريكا كمثال, وتملي عليه حقوقه القانونية, يقف ساكنا في موضعه أو يرفع يديه إلي أعلي أو يستلقي علي وجهه بمجرد إصدار الأوامر, وإذا لم يلتزم بذلك اعتبر وكأنه ينوي الاعتداء علي رجال الشرطة ومن هنا يسارع الشرطي باستخدام سلاحه, فإذا ما أصابه يعتبر في موقف الدفاع عن النفس, فكيف نقارن ذلك بما يتعرض له رجل الشرطة الغلبان مكسور الجناح في مصر الآن من إهانات وتعد من الشخص المطلوب إيقافه, ومن الجيران, والدخلاء, والمارة, والسنيدة, وأهل الحي, والبلطجية, دون مساندة من القانون.... وجدت أنه بعيدا عن التعامل مع لحية ضابط الشرطة طبقا للحلال والحرام فإن تقاليد العمل وأعرافه وزيه الرسمي موجود في جميع القطاعات وليس في نظام الشرطة وحدها, ومن لا يوافق عليها فليتركها للقادر علي الالتزام بها... وجدت ضرورة وضع تعديلات تشريعية تسمح لرجال الشرطة سؤال الشهود في منازلهم مع تغيير المتبع الحالي الذي يستدعيهم علي يد محضر للمثول أمام حضرة مأمور القسم أو من ينوب عنه المتغيب دائما في حملة تفتيش رسمية بالخارج لعدة ساعات مما يؤدي إلي إحجام الكثيرين عن الادلاء بشهادتهم كي لا يعيشوا يومهم داخل زهم جدران القسم وجيرة محبسه الاحتياطي.... وجدت أهمية استدعاء أي مواطن للقسم بطلب رسمي مثبت في الأوراق, مع تدوين أسماء كل من قام بالتحقيق معه مع ذكر لحظة حضوره وانصرافه كي لا يبيت في التخشيبة عدة أيام علي ذمة التحقيق والاشتباه لحين ما يتراءي للباشا استدعاؤه لتجديد حبسه أو تحويله كعب داير.... وجدت في هيئة الشرطة انعكاسا لحضارة مجتمع يفرق بين رجل الأمن ورجل الجيش, فبينما ممثل الأمن يبدو في كافة القطاعات مهدلا منطفئا متسولا متخشبا في موضعه ساعات وأياما طوالا, يختال مجند الشرطة العسكرية بقوامه الرياضي يشف ويرف لمدة4 ساعات فقط لا غير في موقعه داخل زيه المنضبط بأزراره اللامعة, فأخذني المظهران للبحث عن الفارق الواضح الجلي في ميزانية كل منهما, الفارق بين الدخل والمنصرف, فوجدته لدي الشاويش جميعه مصروفا ومنصرفا... وجدت دعم الأمن وإيصاله إلي مستحقيه أولي دعما من رغيف العيش, فالأمن قبل الخبز في كل الأحيان وليس أحيانا, فلأن أبيت جائعا آمنا خيرا لي من أن أبيت ممتلئا مرتعبا... وجدت أن لابد من أن نضيف علي قسم الشرطة جملة أصون كرامة المواطنين ليغدو نص القسم هو أقسم بالله العظيم أن أحافظ علي النظام الجمهوري, وأن أحترم الدستور والقانون وأرعي سلامة الوطن وأؤدي واجبي بالذمة والصدق, وأن أصون كرامة المواطنين.... وجدتني مستوحشة لزعقة الشاويش في وسط الليل البهيم مين هناك عندما كانت تنزل علي مراوحي بردا وسلاما لأشد فوقي الغطاء وأغطس في نوم التبات والنبات فقد صرفت الزعقة الحميمة الشياطين واللصوص وكل من في قلبه مرض, وارتاحت السيارات في مواقفها, والأقفال في سلاسلها, والمصوغات في فتارينها, والخزائن في بنوكها, والأخشاب في مغالقها, والفاكهة في شوادرها, وحديد التسليح في الهواء الطلق و..رقص الغسيل علي واحدة ونص فوق الحبال.. أين مني الآن وأنا مرتعشة من خلف السواتر الحديدية في الباب والشباك بترابيس السبع تكات بصوت البلبل: مين هناك؟!!
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.