بقى ثلاثة أيام على قرار مفوضى الدستورية بشأن قانون العزل السياسى، وفى هذا الشأن أمامنا أكثر من سيناريو ربما يترتب على هذا القرار، أحدهما يحكى الوضع السياسى فى حالة عدم عزل شفيق واستمراره فى حلبة الصراع على كرسى الرئيس مع مرشح الإخوان البديل محمد مرسى، والسيناريو الأخر فى حالة استبعاد أحمد شفيق؟ والسؤال هل استبعاد أحمد شفيق يعنى ضمانية فوز الإخوان بكرسى الرئيس؟ ثانياً هل فى مصلحة الإخوان الآن عزل أحمد شفيق سواء بالقانون أو بفعل الاغتيال الثوري ؟ ثالثاً ما الوضع السياسى والشعبي فى مصر بعد أنفاذ قانون العزل السياسى؟ رابعاً هل العزل السياسى لشفيق يعنى ضماناً لنزاهة الانتخابات القادمة وإعفاء العسكر من الاتهام الدائم بالتأمر لصالح مرشحي الفلول ، أم أن الاتهام سوف يتم إسقاطه على أي قوة سياسية أخرى يكون فى مصلحتها فوز مرشح بعينه ؟ خامساً هل العزل السياسى لأتباع النظام السابق ومؤيديه بما فيهم عمرو موسى يضمن استقرار الأوضاع السياسية وسيادة حالة الوفاق الوطني والأريحية الاجتماعية فى البلاد؟ والإجابة على كل هذه التساؤلات لا تتم إلا باستقراء المشهد السياسى منذ بداية الثورة حتى الآن، منذ أن كان الشعب يداً واحدة فى إسقاط النظام، ثم أصبح الجيش والشعب يداً واحدة لإعادة الاستقرار والبناء، ثم انفلات يد الشعب من الجيش وتعاضد الجيش مع الإخوان لمجابهة المد الثوري فى يناير الماضي، ثم بعد أن انقسمت الميادين والقوى الثورية إلى عشرات الأحزاب ومئات الائتلافات وآلاف المنظمات وتعددية وتباين التحليلات والرؤى المفسرة للمشهد السياسى ، وصولاً إلى المرحلة الراهنة المعروفة باسم مرحلة اللاوفاق ورفض الوصايا السياسية. حيث الانشقاق فى صفوف النخبة وسطوع المصالح البينية بين أعضائها، وكذلك تمرد الأغلبية على النخبة الثورية والإصرار على ركوب الاتجاه المعاكس ، مما قد يتسبب فى أهدار الوقت والجهد الثوري ويطيل فترة الانتقال التى تعنى مزيداً من التخريب والبلطجة وتراجعاً فى الوضع والاقتصادي والنفسي للمواطن المصرى الذى ربما يكفر بالثورة حالما تزداد الأمور تأزماً. ومن ثم فإن سيناريو استبعاد شفيق هو أكثر السيناريوهات المطروحة ولكنه سوف يكون مصحوباً بحكم قضائي يبطلان انتخابات مجلس الشعب، ليقف الإخوان بين خيارين كلاهما جحيم على الجماعة، بين خيار الاحتفاظ بأغلبية البرلمان التى كانت حلماً عمرة تجاوز الثمانين عاما وبين خيار تطلعاتهم المستميتة للإمساك بزمام الحكم والاستئثار بكرسى الرئيس، وعليه فإن حل مجلس الشعب وبطلانه وعزل شفيق يعنى العودة بالثورة إلى المربع صفر؛حيث يتم إعادة الانتخابات البرلمانية من جديد وكذلك إعادة انتخابات الرئاسة على اثني عشر مرشحاً، بما يعنى إهدار مليار وستمائة مليون جنيه تم إنفاقها على انتخابات الرئاسة حتى الجولة الأولى، ناهيك عما أنفق على انتخابات البرلمان بشقيه الشعب والشورى والاستفتاءات التى بلغ عددها 32 استفتاء منذ قيام الثورة حتى الآن. كما أن حل البرلمان يستلزم إلغاء كافة القوانين التى صدرت عن البرلمان وما ترتب عليها من قرارات، مع توقع مطالبات شعبية حاشدة برد كافة المستحقات المالية التى حصل عليها نواب البرلمان ، مع التأكيد على عدم مقدرتهم على السداد ففاتورة الاستحقاق على مايبدو أنها عالية للغاية. والسؤال من الذى يتحمل كافة الخسائر المالية التى أهدرت على انتخابات باطلة واستفتاءات مزيفة من الأساس والتى بلغت تكلفتها المليارات فى مرحلة تاريخية شديدة الحساسية أوشك فيها الاقتصاد المصرى على الانهيار؟ وعلى من تقع المسئولية ؟ هل على المجلس العسكرى الذى يحمله الشعب فاتورة بورسعيد وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وإطلاق والبلطجية وأزمة البنزين والسولار وأنابيب البوتاجاز؟ وسداد هذه الفاتورة من وجهة نظر الثوار واسر الشهداء لا تكون بالمال فقط بل ربما بالدم . أم أن المسئولية تحط برمتها على عاتق الإخوان الذين تحملهم القوى السياسية مسئولية التلاعب بعقول العامة والتأمر على الثورة تارة مع الجيش وتارة أخرى مع قوى خارجية أهمها قطر، فضلاً عن استماتتهم على الإمساك بالكراسي القيادية فى كل مؤسسات الدولة، وتناقضهم المستمر وتفكيرهم الدائم فى مستقبل الجماعة دون الأخذ فى الاعتبار مستقبل الوطن واعتقادهم فى نظرية الحلول التى تعنى حلول مصلحة الوطن فى صالح الجماعة وليس مصلحة الجماعة فى صالح الوطن.. أم تقع المسئولية على القضاء الذى فقد حصانته عندما فقد ثقة الشعب فيه، ومحاولة البعض التشكيك فى أحكامه القضائية والالتفاف حول مصالحه والرغبة فى مزيد من السلطات والتى بدت منذ أن شرع المستشار الزند فى إصدار قانون السلطة القضائية التى تؤله القاضى وتبعده عن كل مسألة، إلى أن اصطدم القضاء مع البرلمان عقب محاكمة مبارك الأخيرة. وعلى أية حال فإنني أرى أن أكبر خطأ وقع فيه الإخوان هو محاولة إقصائهم لأحمد شفيق الذى ربما وجوده قد قَرَب الإخوان من كرسى الرئاسة ، وأن استبعاد أحمد شفيق يعنى فقدان الإخوان لكل المكتسبات التى حصلوا عليها بعد الثورة، وربما يأتي لهم منافساً كحمدين صباحي يقصيهم تماماً من العملية السياسية ويستعيد سيناريو عبد الناصر فى تعامله مع الإخوان .. مع الأخذ فى الاعتبار أن عزل أحمد شفيق وحل مجلس الشغب يعنى تأجيل انتخابات الرئاسة وتنازل الإخوان عن كثير من طموحاتهم فى إعداد التأسيسية وصياغة الدستور كما يعنى إطالة القترة الانتقالية وأن المجلس العسكرى ربما لن يتمكن من الإيفاء بوعده بالرحيل فى 30 يونيو، إذ أن رحيله كان مشروطاً منذ البداية بانتخاب الرئيس،. وأن بقاء العسكر ينذر بمزيد من المظاهرات والإضرابات والبلطجة وأعمال الاحتكار والتخريب للمطالبة بمجلس رئاسى مدني. وربما ينقلب المشهد السياسى ويتم إعادة صياغة بنود الترشح لكرسى الرئيس لينزل إلى الميدان منافسون جدد من المرجح أن يكون البردعى فى مقدمتهم .. وحينها سوف نطرح لكم سيناريو جديداً نستكشف فيه إلى أين يفضى الدرب [email protected]