اشارت تحليلات مجموعة QNB إلى أن أسعار النفط تراجعت خلال الأسابيع الماضية نتيجة بشكل جزئي للمخاوف حول الأداء الاقتصادي في منطقة اليورو، لكنها تظل أعلى من المستويات التاريخية. وقد شهدت أسعار النفط معدلات تذبذب عالية خلال السنوات الخمس الماضية، حيث قفزت في عام 2008 ومن ثَمَ انهارت عقب الأزمة المالية العالمية، لتعاود الارتفاع بشكل تدريجي خلال عامي 2009-10 مع تعافي الاقتصاد العالمي. كما أن المخاوف حول تعطل الإمدادات في بداية العام الماضي دفعت الأسعار إلى الأعلى. وفي نفس السياق، أدت المخاوف حول الإمدادات نتيجة لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد إيران والعوامل الجيوسياسية الأخرى إلى قفزة جديدة في الأسعار خلال شهر مارس من العام الجاري. غير أن الأسعار تراجعت مؤخراً مع الانخفاض النسبي في المخاوف من المخاطر السياسية. وفي نفس الوقت، خبت حالة التفاؤل حول أداء الاقتصاد العالمي خلال الربع الأول من العام الحالي نتيجة لبعض البيانات الاقتصادية التي جاءت مخيبة للآمال مثل ضعف بيانات الوظائف الجديدة في الولاياتالمتحدة. وبشكل خاص، ظهرت مخاوف جديدة حول مستقبل العملة الأوروبية الموحدة اليورو عقب الأداء الضعيف للأحزاب التي تدعم خطط الإنقاذ في الانتخابات اليونانية. وكان لهذه التطورات دوراً في تراجع أسعار النفط. وأنخفض سعر مزيج برنت من أعلى مستوى يومي بلغه في منتصف شهر مارس عند 128 دولاراً للبرميل إلى مستوى 111 دولاراً للبرميل في منتصف شهر مايو. وبالمثل تراجع الخام الأميركي الخفيف من 110 دولاراً للبرميل إلى 96 دولاراً للبرميل في نفس الفترة. وبلغ مخزون النفط الخام في الدول المستهلكة مستويات جيدة في الفترة الحالية حيث ارتفع المخزون الأميركي إلى أعلى مستوى له في عشرين عاماً ليصل إلى 380 مليون برميل في بداية شهر مايو. كما أن توقعات الإمدادات في المستقبل تبدو جيدة نظراً لارتفاع العرض في الأسواق العالمية بمعدل 0.6 مليون برميل خلال شهر ابريل نتيجة لتعافي الإنتاج في ليبيا ونيجيريا والتوسعات في الطاقة الإنتاجية في العراق. وتتوقع منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في أحدث تقرير صدر عنها أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمعدل 0.9 مليون برميل يومياً خلال عام 2012. وبالنظر إلى التوقعات بأن يرتفع العرض من الدول الغير الأعضاء في منظمة أوبك بمعدل 0.6 مليون برميل يومياً، فإن المنظمة تتوقع أن يصل الطلب على النفط من الدول الأعضاء إلى 30 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري، وهو مستوى منخفض قليلاً عن الطلب خلال عام 2011. غير أن هناك مؤشرات على احتمال تراجع الطلب على النفط، ليس فقط بسبب الأزمة في أوروبا بل أيضا نتيجة لوجود مؤشرات على تراجع النمو الاقتصادي في الصين– فقد جاءت بيانات الصادرات والواردات الصينية خلال شهر ابريل اقل كثيراً من التوقعات. على الرغم من هذه المؤشرات في العرض والطلب، فإن وكالة الطاقة الدولية ذكرت في 11 مايو أنها لا تزال تتوقع استمرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة. وتتوقع أسواق العقود الآجلة في النفط أن يصل متوسط سعر النفط إلى 113 دولاراً للبرميل خلال عام 2012، ومن ثَمَ يتراجع إلى 106 دولاراً للبرميل خلال العام القادم. وفي المقابل فإن متوسط سعر النفط بلغ 90 دولاراً للبرميل منذ بداية عام 2008. كما أشار العديد من المسؤولين في الدول المصدرة للنفط، فإن سعر النفط في نطاق 100-80 دولاراً للبرميل يتجاوز نقطة التعادل في موازنات معظم الدول الأعضاء في منظمة أوبك ويعتبر سعراً عادلاً بالنسبة لكل من المنتجين والمستهلكين. لكن هناك قلق من استمرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة- تجاوز متوسط سعر النفط 100 دولاراً للبرميل لأول مرة العام الماضي- حيث من المحتمل أن يَضُر بالاقتصاد العالمي وبالتالي يؤدي إلى تراجع الطلب والأسعار في المستقبل. علي اي حال تري مجموعة QNB ان اسواق النفط النفط شهدت تذبذبات قوية خلال السنوات القليلة الماضية وبناءاً عليه فان التوقعات حول أداءها في المستقبل تنطوي على نسبة مرتفعة من احتمالات الخطأ. ومع ذلك، فمن شبه المؤكد أن سعر النفط سيظل أعلى كثيراً من مستوى 65 دولاراً للبرميل، وهو المستوى المُفتَرض في موازنة دولة قطر المقبلة.