قدّرت دراسات حديثة أنّ نحو 11 في المائة من السوق العالميّة للسجائر غير مشروعة، وتمثّل هذه النسبة أكثر من 600 مليار سيجارة سنوياً، ما يسفر عن خسائر في الإيرادات السنويّة للحكومات تفوق 40 مليار دولار. ويتجلّى الاتجار غير المشروع في ثلاث طرقٍ رئيسة: المنتجات المهرّبة، والمنتجات المقلّدة، وتلك التي تمّ التهرب من دفع الضرائب المحلية المفروضة عليها. وبما أنّ السجائر من المنتجات التي تفرض عليها ضرائب عالية ويسهل نقلها ونسبة المخاطرة للربح فيها مربحة جداً، فانّها تُعتبَر واحدة من السلع الأكثر تداولاً في السوق السوداء للبضائع المهربة والمزورة. ويدور حالياً نقاش محتدم في دول مجلس التعاون الخليجي حول الزيادة المقترحة على الجمارك المفروضة على منتجات التبغ ما بين معارض ومؤيد للزيادة ونسبتها والأثر المتوقع على التجارة غير المشروعة لمنتجات التبغ. ومن الممارسات المعتمدة لدى الحكومات استخدام التدابير المالية لتحقيق أهداف سياساتها المختلفة، ومنها احداث تغييرات في سلوك المستهلكين. وثمة أدلة متزايدة على مستوى العالم تظهر حصول نتائج غير مرغوب بها بسبب عدم الاتزان بين السياسات الضريبية وتلك الصحية. فعوضاً عن الاقلاع عن التدخين، يلجأ الكثير من المستهلكين للبحث عن مصادر أرخص ثمناً. ولكن الجمارك والضرائب المفروضة على منتجات التبغ توفّر للحكومات مصدر دخلٍ آمنٍ، ومتوقّعٍ، وسهل التحصيل. أمّا الجانب السلبي فهو أنّ السياسة الضريبيّة غير المتوازنة قد تتسبّب بفتح المجال أمام الاتجار غير المشروع وزعزعة استقرار السوق القانونية. لذلك، من الضروري أن تعتمد الحكومات على سياسات متوازنةً تهدف الى زيادة الايرادات الضريبيّة على المدى البعيد، والحؤول دون تشكّل سوق غير شرعيّة وتحقيق أهداف الأجندة الصحية في الوقت نفسه. تجدر الإشارة الى أن الاتحاد الجمركي الخليجي يفرض جمارك موحدة على السجائر بالتحديد بنسبة 100 في المئة أو ضريبة الحد الأدنى الكمية - بنسبة 8 دنانير كويتي لكل 1000 سيجارة. وتعمل الضريبة الكمية كحد أدنى لسعر البيع النهائي للمستهلك. ويجدر الاشارة هنا الى أنه اذا تم رفع نسبة الضريبة الكمية فستزيد الفجوة ما بين السجائر القانونية وتلك التي من الممكن أن يتم تزويدها بشكل غير قانوني نظراً لارتفاع الربحية المتوقعة للمهربين والمجرمين بعد رفع الضرائب. ونظراً لوجود الاتحاد الجمركي والالتزامات الدولية لدول مجلس التعاون، فانه من المتوقع أن يتم فرض الزيادة على النسبة الجمركية - المبنية على القيمة - والتي توفر بيئة ضريبية عادلة على الشرائح كافة وتعمل وفقاً للمبادئ الجمركية المتفق عليها عالمياً في ما يتعلق بتحصيل الجمارك عن طريق فرض نسبة جمركية مبنية على القيمة الفعلية للمنتجات على النقاط الجمركية الحدودية. وقال الكتيّب الارشادي حول اقتصاديات التبغ الصادر عن البنك الدولي «من المقترح فرض نسبة الضريبة نفسها على منتجات التبغ كافة كخطوة أولى. فان جميع منتجات التبغ تسبب أضراراً صحية وبالتالي يجب فرض الضرائب والجمارك عليها». وذكر تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في مارس 2012 لدولة الفيليبين (خارطة طريق لسياسة ضريبية عادلة ومحفزة للنمو) «من أهم أسباب انخفاض ايرادات الدولة عدم وجود آلية لربط الضرائب الكمية المفروضة على السجائر والمشروبات الكحولية بالأسعار الحقيقية ومستوى التضخم». واضاف "الحل يتمثل في فرض ضرائب مبنية على القيمة (نسبية) مرتفعة للتأثير على السعر النهائي للمستهلك وزيادة عائدات الدولة من الجمارك"، دراسة الضرائب المفروضة على التبغ من جامعة ماستريخت وتورنتو الآثار المترتبة على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ". وتقدّر المفوّضيّة الأوروبيّة بدورها أنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبيّ تخسر مبالغ تصل الى 10 مليارات يورو سنويًّا من ايرادات الضرائب. وتصل الخسائر عالمياً الى نحو 40.5 مليار دولار. وكلّفت السوق السوداء بريطانيا ما يقارب 47 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة. وكشفت أبحاثٌ أكاديميّة عن الارهاب والجريمة عبر الوطنيّة والفساد أنّ الأشخاص المنشغلين في الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ متورّطون أيضًا في أشكالٍ أخرى من الاتجار غير المشروع (مثال: المخدرات، أو البشر، أو الكحول، أو الماس، أو الخشب، أو الأثريّات). ويعرقل الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ مبادرات الصحّة العامّة لتخفيف استهلاك التبغ، وذلك عبر توفيره سجائر أرخص في بيئات غير منظّمة حيث يمكن أن تُباع لمجموعات يسهل التأثير فيها مثل القاصرين. انّ المنتجات التي يتمّ الاتجار بها بشكلٍ غير مشروع، لا سيّما المقلّدة منها، تقع جزئيًّا أو كلّيًا خارج اطار العمل التنظيميّ، وذلك على خلاف منتجات التبغ القانونية التي تُصنَّع وتُباع طبقًا لمتطلبات تنظيميّة صارمة مثل التحذيرات الصحيّة، والنّسب القصوى المسموح بها للقطران والنيكوتين.