حذرت شركة بريتش أمريكان توباكو – مصر من خسائر متوقعه للحصيلة الضريبية لمصر تقدر بنحو 10 مليارات جنيه خلال المرحلة المقبلة اذا ارتفعت نسبة السجائر المهربة الى السوق المصرى الى 50%. من ناحيتة شن كريم رفعت، مدير الشئون الحكومية والتنظيمية بالشركة هجوماً حاداً على جهات الدولة المختلفة، بسبب السكوت على مكافحة السجائر المهربة مجهولة المصدر والصنع، ما يضع علامات استفهام كثيرة جداً، حيث إن كل الأمور المتعلقة بشكاوى شركات السجائر لم تتحرك، متهماً منظمة الصحة العالمية ومكتبها الإقليمى فى مصر بالتقصير فى مكافحة السجائر المهربة، مؤكداً أنهم رفضوا جميع محاولات مقابلته، رغم وجود نصوص فى اتفاقيات مكافحة التدخين تشير لتقديم الدعم للدول لمكافحة تهريب السجائر، وهو ما لا تفعله بما يدعوا للتساؤل. وأوضح رفعت، خلال حلقة نقاشية عن السجائر المهربة، أن شركات السجائر الثلاث فى مصر، وهى الشرقية للدخان "إيسترن كومبانى"، وفيليب موريس وبريتش أمريكان توباكو، تسدد سنوياً لمصلحة الضرائب فقط 20 مليار جنيه، مشيراً إلى أن الدولة تعتمد فى دخلها على ثلاثة مصادر هى قناة السويس ثم السياحة ثم تصنيع السجائر والمعسل، وفى حال تضرر السياحة فإن السجائر تحتل المرتبة الثانية من حيث تمويل موازنة الدولة، وعلى الرغم من ذلك تقابل هذه الصناعة من قبل الجهات المعنية بفرض ضرائب "مجحفة" ووضع العديد من العراقيل وسط تدهور أمنى يضر بمصالح الشركات ويقلل مكاسبها، مما يحملها خسائر، لافتاً إلى أن الدولة تخسر هى الأخرى سنوياً حوالى 4 مليارات جنيه بسبب انخفاض مبيعاتنا أمام السجائر المهربة. وأكد رفعت أن مبيعات بريتش أمريكان توباكو فى مصر تراجعت بنسبة تتراوح بين 30% إلى 40% من حجم السوق، كما أوضح أن نسبة الضريبة على السجائر تتجاوز ال70% وهذا استثناء فى هذه الصناعة، لأنها صناعة خلافية ولها مخاطر صحية، وأن ربحية من يعمل فى مجال السجائر قليلة جداً ومضغوطة، لذلك نحتاج لإعادة نظر فى المنظومة الضريبية وقبل محاسبتنا يجب مكافحة السجائر المهربة الأول، نافياً وجود اتفاقيات أو خطط لرفع الضريبة بأى مقدار أو بأى شكل على مدار السنين، على حد وصفه. وطالب رفعت بإصدار قرار سيادى يخص وقف تهريب السجائر مجهولة المصدر إلى مصر، لأن القرارات والقوانين الحالية لا تكفى لعدم التزام البعض بها وتحايلهم عليها، مشدداً على ضرورة حماية الدولة وحماية الأمن والمستهلك وليس الاقتصاد فقط. وأضاف، إننا نتعاون مع إدارة الصحة العامة بوزارة الصحة لتحليل السجائر المهربة، وأؤكد أن فى مصر معامل مؤهلة لتحليل أى عينة سجائر والكفاءات فيها مؤهلون جدا، وغير مرخص لنا التعامل مع أى أحد من هذه المعامل لأنهم شرفاء ويتعاملون بشكل شديد جدا. كذلك نفى سيناريو عن وجود مصانع بئر سلم تقوم بتصنيع السجائر فى مصر، مبرراً تفسيره هذا بأن تكلفة صناعة السجائر مرتفعة جدا ولا وجه مقارنة بينها وبين صناعة المعسل الذى تنتشر مصانع له فى مصر لأن هناك مراحل تعبئة للتبغ داخل السيجارة، بالإضافة لوضع الفلتر وغيرها من العمليات الفنية المعقدة. فى المقابل أظهرت أحدث الدراسات السوقية التى أجرتها بريتيش أمريكان توباكو للتبغ أن تجارة السجائر غير المشروعة فى مصر وصلت إلى 20% من حجم سوق السجائر المصرى خلال الربع الأول من عام 2012 بزيادة ملحوظة عن الأرقام المسجلة لتلك التجارة فى 2011 جدير بالذكر أن تجارة السجائر غير المشروعة كانت شبه منعدمة فى مصر نهاية 2010، حيث كانت نسبتها 0.03٪ فقط من حجم السوق الذى بلغ وقتها 81 مليار سيجارة، إلا أن هذه النسبة قفزت بسرعة هائلة لتصل إلى 10٪ فى عام 2011 قبل أن تصل إلى 20 % فى عام 2012 من حجم سوق السجائر الذى قدر بحوالى 84 مليار سيجارة نتيجة العديد من العوامل أهمها الضريبة المتصاعدة على السجائر والتى أسفرت عن زيادة أسعارها، والانفلات الأمنى الواضح فى فترة ما بعد الثورة. وأوضحت الدراسة أيضاً إن تجارة السجائر غير المشروعة تؤدي لتبعات سلبية على الصعيد الاقتصادى والصحى والقانونى والاجتماعى فعلى الصعيد الاقتصادى، تتسبب تجارة السجائر غير المشروعة فى خسارة قدرها 4 مليارات جنيه، نتيجة عدم تحصيل الحكومة للرسوم الجمركية والضرائب، وتمثل هذه القيمة 3% من عجز الموازنة الحالية (143مليار جنيه) و21٪ من قرض صندوق النقد الدولى (3.2 مليار دولار"ما يوازي 19.3 مليار جنيه") وهو القرض الذى تهدف الحكومة لاستخدامه فى حل الأزمة المالية الحالية وكان من الممكن للحكومة المصرية تحصيل تلك الحصيلة الجمركية والضريبية الهائلة، إذا قامت بإحكام الرقابة على كافة منافذ تهريب السجائر، مع تفعيل قوانين مكافحة التجارة غير المشروعة، ولا شك أنه إذا تم تحصيل هذه الإيرادات الضخمة كان يمكن للحكومة توجيهها لتنفيذ العديد من المشروعات الاجتماعية، مثل مشروع التأمين الصحى الجديد وغيرها من المشاريع التنموية، مما يؤدى إلى تحسين أوضاع البلاد من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية أما من الناحية الصحية، ففى ظل فرض ضريبة مرتفعة على السجائر وتدهور الوضع الاقتصادي، نجد أن المستهلك المصري ينفق جزءا لا بأس به من دخله على السجائر المهربة كبديل أرخص، وهو لا يدرك أن هذه السجائر غير متوافقة مع المواصفات والمعايير الدولية أو القوانين المحلية، بما فى ذلك عدم الالتزام بنسب القطران والنيكوتين وعرض التحذيرات المناسبة للأضرار الصحية، وتوضيح الشركة المُصنّعة وبلد المنشأ، والقيود المفروضة على بيع السجائر لمن هم دون السن القانوني ويتمثل البعد الاجتماعى والقانونى فى انتشار ظاهرة التجارة غير المشروعة وتفشيها فى المجتمع، نظراً لارتفاع هامش ربحها، حيث يحصد تجار التجزئة من ورائها أكثر من 7 أضعاف الأرباح التي يحصدوها من بيع المنتجات المحلية، في حين تصل أرباح تجار الجملة لأكثر من 16 ضعف، مما أدى لظهور العديد من التجار والباعة الذين لا يتعاملون سوى فى السجائر المهربة. وبالإضافة إلى فرض الضرائب المباشرة على صناعة السجائر، ساهمت عدة عوامل أخرى فى ازدهار التجارة غير المشروعة بما فى ذلك الفراغ الأمنى وعدم تفعيل القوانين؛الأمر الذى أدى لظهور ما يقارب من 100 منتجاً معروفا من السجائر المهربة التى تتوافر فى السوق بكثرة، وتدخل مصر من عدة منافذ مثل الحدود المصرية مع ليبيا، وعن طريق الأردن والإمارات العربية المتحدة والصين، ومحلات السوق الحرة والمحلات التجارية المنتشرة على الحدود المصرية.