تجه المجتمع الدولي نحو تصعيد الضغوط على النظام السوري جراء استمراره في القمع الدموي للتظاهرات السلمية المطالبة بالحرية والمنادية بسقوطه, حيث كشفت مصادر من المعارضة السورية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يعتزم دعوة الرئيس بشار الأسد اليوم الخميس إلى التنحي عن الحكم, في ظل توافق بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على أن وقت التغيير في سورية (قد حان). وقال رئيس (حزب الإصلاح) السوري المعارض في واشنطن فريد الغادري, أنه من المتوقع أن يدعو أوباما, خلال خطابه المرتقب الخميس عن (الربيع العربي) والأحداث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, الرئيس السوري إلى التنحي عن السلطة وتسليم الحكم إلى قيادات ديمقراطية بسبب المجازر التي ارتكبها نظامه ضد المدنيين السوريين. وأكد الغادري أن خطاب أوباما سيتضمن حملة عنيفة على الأسد وكبار مسؤولي نظامه الذين شملتهم العقوبات الأميركية والأوروبية, تبلغ حدود مطالبته بالتنحي عن الحكم كخطوة ربما تسبق إجراءات دولية قريبة من الإجراءات المتخذة بحق الزعيم الليبي معمر القذافي, كتحويله إلى محكمة الجنايات الدولية أو شن حملة عسكرية جوية على المواقع السورية العسكرية والأمنية والقصر الرئاسي في دمشق. * * * خطاب (الربيع العربي) * * * ويعرض الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم الخميس استراتيجية جديدة للولايات المتحدة في العالم العربي يقدم خلالها مساعدات جديدة لتعزيز التغيير الديمقراطي ويسعى من خلالها لتحديد أبعاد الانتفاضات الشعبية التي تهدد الأصدقاء والأعداء على السواء. وفي خطابه (الربيع العربي) الذي ينتظره كثيرون يحاول الرئيس الأميركي إعادة ضبط العلاقات مع الشرق الأوسط لكن مسعاه قد يتعثر بسبب خيبة امل العرب من ردود الفعل الأميركية غير المتوازنة تجاه الانتفاضات الشعبية في المنطقة وفشله في دفع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية قدما. وصرح مسؤولون أميركيون بأن أوباما سيكشف النقاب عن برنامج مساعدات اقتصادية لمصر وتونس الخميس وذلك في إطار جهد واسع لمساندة الإصلاح الديمقراطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما سيحث حلفاء له من الحكام الشموليين في دول مثل اليمن والبحرين على تطبيق إصلاحات وفي الوقت نفسه سيشدد موقفه من الرئيس السوري بشار الأسد. وقال مستشارون كبار لأوباما إن الولاياتالمتحدة ستعرض تخفيف ديون تبلغ إجمالا نحو مليار دولار على مدى سنوات قليلة لمصر من خلال إلية لمبادلة الديون تقضي باستثمار هذه الأموال من أجل زيادة فرص العمل للشباب ومساندة مشروعات العمل الحر. وفي مسعى لاستعادة المبادرة في أسبوع للدبلوماسية في الشرق الأوسط سيحرص أوباما على الإمساك بما وصفه البيت الأبيض (بفرصة سانحة) بعد مقتل إسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في غارة للقوات الأميركية الخاصة. ونقل مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية للصحفيين أجزاء من خطاب أوباما يقول فيها (بعد أن انهينا حرب العراق.. وقضينا على اسامة بن لادن بدأنا طي الصفحة والنظر إلى مستقبل أكثر إيجابية وأملا في سياسة الولاياتالمتحدة في المنطقة). وفيما يتعلق بمصر قال المسؤولون للصحفيين في مؤتمر عبر دائرة تلفزيونية مغلقة ان واشنطن ستقدم أيضا قروضا أو ضمانات قروض تبلغ أجمالا مليار دولار لمصر لتمويل مشروعات تنمية البنية التحتية وزيادة فرص العمل من خلال هيئة الاستثمار الخاصة عبر البحار. وأضافوا قولهم إن الحكومة الأميركية ستسعى أيضا إلى تعزيز التجارة في المنطقة ودعم استثمارات القطاع الخاص. وقال أحدهم : (نحن نعتقد أن هذه المبادرات ستساعد مصر وتونس في تصديهما للتحديات المتصلة بالتحول الاقتصادي وإرساء الديمقراطية). ويلقي أوباما خطابه الساعة 11.40 صباحا بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة (1540 بتوقيت جرينتش) بمقر وزارة الخارجية الأميركية ويسعى فيه إلى الرد على منتقديه الذين اتهموه بالبطء وعدم الاتساق في ردود أفعاله تجاه الأحداث المتسارعة. وسيحاول الرئيس الأميركي طرح توجه أكثر تجانسا في التعامل مع اضطرابات سياسية غير مسبوقة اجتاحت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الأشهر القليلة الماضية وقلبت رأسا على عقب الحسابات الدبلوماسية الأميركية. * * * عقوبات أميركة على الأسد وكبار مساعديه * * * ووجهت الإدارة الأميركية أمس رسالة صارمة إلى الرئيس السوري بشار الأسد حيث دعته إلى قيادة عملية الانتقال السياسي أو الرحيل، وقررت فرض عقوبات مباشرة ضده و6 من كبار مساعديه في تصعيد كبير للضغوط لوقف الحملة العنيفة ضد المتظاهرين. وأكد الاتحاد الأوروبي أيضاً سعيه إلى توسيع العقوبات لتطال الأسد بحلول الاثنين المقبل. في وقت رفضت روسيا اتخاذ مجلس الأمن أي قرار لإدانة سورية، لكنها امتنعت عن ذكر ما إذا كانت ستستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع تبني مثل هذا القرار. فقد حثت وزارة الخارجية الأميركية أمس الرئيس السوري على الانتقال السياسي (في إشارة إلى الإصلاحات) أو الرحيل، معلنة عن فرض عقوبات تستهدفه مباشرة، بسبب دوره في القمع الدامي للاحتجاجات، وقالت في بيان (يعود إلى الأسد قيادة عملية انتقال سياسي أو الرحيل). وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية قراراً بفرض عقوبات ضد الأسد وكل من نائب الرئيس فاروق الشرع ورئيس الوزراء عادل سفر ووزير الداخلية محمد إبراهيم الشعار ووزير الدفاع علي حبيب ومدير المخابرات العسكرية عبد الفتاح قدسية ورئيس شعبة الأمن السياسي محمد ديب زيتون. وتقضي العقوبات بتجميد أي أصول للمسؤولين السوريين في الولاياتالمتحدة أو في نطاق اختصاص السلطة القضائية ويحظر بصفة عامة على الأفراد والشركات التعامل معهم. لكن لم تتضح على الفور الآثار العملية للعقوبات أو ما اذا كانت للمسؤولين السبعة أصول مهمة سيتم تجميدها بموجب الإجراء. وقال ديفيد كوهين القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في بيان مكتوب (الإجراءات التي اتخذتها الإدارة تبعث برسالة لا لبس فيها الى الأسد والقيادة السورية والمطلعين على بواطن الأمور في النظام بأنهم سيحاسبون على العنف والقمع المستمرين). وأضاف (يجب على الأسد ونظامه الوقف الفوري لاستخدام العنف والاستجابة لدعوات الشعب إلى حكومة أكثر تمثيلا والسير في طريق إصلاح ديمقراطي له مغزى). وقررت الإدارة الأميركية أيضاً معاقبة اثنين من مسؤولي الحرس الثوري الإيراني بسبب دورهما في قمع حركة الاحتجاجات في سورية هما وفق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس باراك أوباما (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني وأحد معاونيه الرئيسيين ويدعى محسن شيرازي). وقالت : (ما زلنا قلقين جدا حيال ضلوع أجهزة إيرانية في أعمال العنف الأخيرة في سورية..إن مبادرتنا تسلط الضوء على دعم إيران للأنظمة التي تقمع بعنف ارادة شعوبها بالتمتع بحكومات اكثر مسؤولية وتمثيلا). وقال مسؤول أميركي كبير طالباً عدم الكشف عن اسمه (إن العقوبات المباشرة على الأسد لدوره في القمع الدموي للحركة الاحتجاجية يمثل جهدا لزيادة الضغط على الحكومة السورية كي توقف العنف ضد شعبها وتبدأ الانتقال الى نظام ديموقراطي). من جهته، قال مصدر داخل الاتحاد الأوروبي أمس (إنه من المرجح أن تتسع دائرة العقوبات التي فرضها الاتحاد ضد النظام السوري لتشمل الأسد وتسعة من مساعديه شرط تأكيد اتفاق على المستوى الدبلوماسي من قبل وزراء خارجية الاتحاد لدى اجتماعهم الاثنين المقبل). وكان الاتحاد فرض عقوبات على 13 مسؤولا سورية بينهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري شملت تجميد الأصول والممتلكات وحظر سفر. وقال مصدر دبلوماسي (إن سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد اتفقوا على معاقبة 10 أشخاص إضافيين من النظام بينهم بشار). غير أن القرار يحتاج إلى تصديق رسمي من وزراء الخارجية والذين من المقرر أن يلتقوا في بروكسل الاثنين. وقال أحد الدبلوماسيين (سنتوصل للقرار بحلول الاثنين). وايد وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله فرض عقوبات ضد الأسد، وبرر مطلبه باستمرار العنف من قبل النظام السوري ضد المتظاهرين المسالمين. واقترح فيسترفيله تجميد حسابات الأسد في أوروبا وفرض قيود على سفره، وقال إن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيتخذون قرارهم في هذا الشأن يوم الاثنين. وطالب فيسترفيله بضرورة مناقشة الموضوع أمام مجلس الأمن مجدداً لبحث قضية استخدام العنف والحفاظ على حقوق الإنسان في سورية وقال (سنواصل زيادة الضغط على الأسد). وأشار إلى أن استثناء الرئيس السوري من العقوبات كان بهدف حثه على الحوار مع المعارضة، وأن مطالبته الآن بفرض عقوبات على الأسد شخصيا يعود لعدم صعوده على هذا الجسر. وقالت سويسرا أمس إنها ستمنع سفر 13 مسؤولا سورية إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها ردا على الإجراءات القمعية التي تتخذها الحكومة ضد المحتجين المطالبين بالإصلاح. وقال رولاند فوك الذي يرأس مكتب العقوبات في أمانة الاقتصاد السويسرية (إن البنوك السويسرية سيتعين عليها التأكد مما إذا كان لديها أرصدة لأي من المسؤولين الثلاثة عشر وإخطار الحكومة). وفي المقابل، أكد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أمس أن روسيا لن تؤيد قراراً لمجلس الأمن يدين قمع سورية للمحتجين، لكن لم يذكر خلال مؤتمر صحفي ما إذا كانت روسيا ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد اي قرار مقترح. وقال مدفيديف إنه لن يوافق على تبني قرار في الأممالمتحدة يجيز استخدام القوة في سورية لأن التحالف الغربي لا يحترم قرارات مجلس الأمن المتعلقة بليبيا. وقال خلال مؤتمر صحفي (في ما يتعلق بقرار حول سورية، لن اؤيد هذا القرار الذي يجيز استخدام القوة لحماية المدنيين حتى لو طالب به أصدقائي). واعتبر أن الرئيس السوري قد أعلن عن إصلاحات، ويجب القيام بما من شأنه ان يساهم في جعل هذه الاصلاحات فعلية، وليس ممارسة ضغوط مع قرارات لأن ذلك بصورة عامة لا يسفر عن نتيجة.