أحيانا نُجنّ بأشياء غير متوقعة نسبياً، مثل آلة الحفر، والجرافة أو المنشار الآلي. فهي تخدم بإخلاص ولا تشكو، وتنتظر بصمت إلى أن نحتاج إليها مرة أخرى، ماذا يمكن للمرأة أن تطلب أكثر من ذلك. والأمر لا يتعلق أبداً في ما إذا كنتن أو لم تكنّ نساء يعشقن الحياة التقنية العملية. فبإمكانكن الوقوع في حب الآلات أو الأدوات إن كنتن تلعبن بمفكات البراغي وتوابعها منذ نعومة أظفاركن، أو حتى إن كنتن لا تفقهن الكثير عن الحياة العملية اليدوية. نثقب ونشد لو أدرك الرجال عدد النساء اللواتي يملكن علاقة طيبة مع المثقاب اللاسلكي، لما صدقوا حتماً. على الأقل بين النساء اللواتي تبادلت معهن أطراف الحديث، كانت تلك الآلة مفضلة جداً، إنها بمنزلة جوني ديب بين باقي أنواع الآلات والعدد. «خذي مثلاً تلك السرعة التي بمساعدتها يمكنك حفر البرغي في مكانه، أو العكس، إزالته من مكانه في حال فعلت الأمر بشكل سيئ. وتصوري تلك الحرية بألا تكون المرأة معتمدة على الرجل الأقوى منها..». هذا على الأقل تعبير ماركيتا البالغة من العمر أربعين عاماً، والتي عادة لا تتوق للاستقلالية، ولكن يبدو أنه لم يبق أمامها أي شيء آخر في ظل القدرات «العجيبة» لشريك حياتها، والذي لا يعرف كيف يفرق بين البرغي والمطرقة. وتضيف قائلة: بالتالي، فإنني لا أسر أبداً عندما يتمتم زوجي أحياناً بأن أقدام الطاولة الجديدة تهز بشكل غريب ويجب شدها، فأنا من يقوم بذلك في نهاية المطاف». وأنا أتفهمها تماماً، فعندما قمت أخيراً بتركيب مكتبة جديدة مستخدمة لذلك مفك براغي عادي، تبين لي في نهاية المطاف أنني وضعت المرآة رأساً على عقب، والقطعة الخشبية الخلفية بشكل معاكس. ولهذا السبب سحرني أيضاً المثقاب اللاسلكي. فعندما تصدر هذه الآلة أزيزها الناعم تخرج البراغي وحدها من مخبئها، ولا تسقط في أي مكان بسبب المغناطيس الموجود في المثقاب، وبالتالي يمكن تركيب المكتبة قبل أن ينتبه أحد إلى أنني فعلت ذلك بشكل معاكس قبل دقائق. أنت لي.. وبالتالي اسمعي في ما يتعلق بالتقنية المنزلية، فإن الحب تجاهها لا يبدو نزيهاً بالكامل، فخلال خمس دقائق يمكن أن تتغير علاقتنا حيال الغسالة على سبيل المثال، من التقدير الحميم إلى ما يشبه «اعملي أيتها القذرة الكسولة!». يكفي أن تتوقف هذه الآلة لسبب من الأسباب عن القيام بواجباتها. وقبل أن نستدعي الفني المتخصص نستخدم الكلمات الحميدة. أراهن بأنكن لن تجدن كلمات مثل هذه في كتب تعليم تصليح الغسالات، لكن بإمكانكن حتماً حل الأعطال الفنية الصغيرة بالتفاهم والابتزاز العاطفي «بربك، ليس الآن، لا تفعلي ذلك! سنذهب بعد يومين إلى العطلة وليس لدي أي سروال جينز نظيف!». إن الآلات هي أشخاص أيضاً وستذهب معكم إلى آخر العالم إن أردتم ذلك، أو أن تغسل الثياب مرة أخرى. في العصور الغابرة، حيث كان الضباب كثيفاً، وربما أبعد من ذلك، عندما كان الرجال يرتدون سترات أرجوانية، ولدت أولى أنواع الهواتف الجوالة. ولا تملك تلك الهواتف أي شيء مشترك مع ما نحمله اليوم في جيوبنا وحقائبنا، لكن خمنوا ما هو أكثر شيء تحبه النساء في الهاتف الجوال؟ أنه ليس الاتصال والتحدث ولا حتى إرسال الرسائل القصيرة أو الصور التي يمكن إرسالها عبره، إنها أشياء المتعة واللهو التي يمكن من دونها أن يعيش المرء جيداً بكل تأكيد، لكن كما هو معروف في الحب، ليس مهماً ما نحتاج إليه، بل ما نريده. تعترف المديرة داشا «لدي هاتف ممتاز من الشركة، يمكنني من خلاله قراءة بريدي الإلكتروني، ولكن إذا كان علي أن أقول لأي سبب أحبه، فإنني أعترف بأن ذلك السبب هو الألعاب الموجودة فيه». مستخدمة متحمسة أخرى تدعى ليندا، موجودة حالياً في المنزل للاهتمام بأطفالها، لكنها تعمل في الوقت نفسه، تقول: «أعشق هاتفي البلاكبيري، لأنه بامكاني الاختفاء في الملعب مع ابني الصغير من دون أن يشعر الزبائن المزعجين بذلك». للتكنولوجيا الرقمية الممتدة من الهواتف الجوالة ومروراً بمشغلات الموسيقى وانتهاء بأجهزة الكمبيوتر، مشجعات مثل الثاقب اللاسلكي، وهذا أمر يستأهل الاهتمام حقاً. ويمكن أن نلاحظ أيضاً أن النساء يشجعن في عالم الكمبيوترات الأجهزة من نوع أبل وليس تلك من نوع بي سي. حتى أنا معجبة بالتفاحة، لكن نظراً لأنني أعمل منذ ستة أعوام على جهاز من نوع بي سي، فإنني أنسى بعض الاختصارات الموجودة على لوحة المفاتيح. وعندما كنت ذات يوم عند صديقاتي أحاول فهم طبيعة لوحة المفاتيح التابعة لجهاز أبل، انتقدني هؤلاء بطريقة عنيفة وكأنني زنيت. والآن ننتقل إلى الدوري الأول تركت المدعوة شاركا إلى الختام، وهي فتاة تدحض جميع التأكيدات العامة غير الصحيحة عن النساء والتقنية: منذ نعومة أظفاري كنت أتحمس للألعاب التقنية مثل ليغو، ميركور، السيارات، خصوصاً القطارات التي أعشقها تماماً، أتذكر جيداً كيف كنا نتشاجر مع زملائي الصبيان في المدرسة للفوز بقطعة من تلك. وتقول هذه المديرة في مجال التسويق والتي تصل من العمر إلى ثلاثة وثلاثين عاماً، والتي تمكنت من بناء منزل وحدها خلال خمسة أعوام، إن الشيء الوحيد الذي تخاف منه هو المنشار المدور وآلات الحف. لابد أن تعترفوا بأنه لم يكن بمقدوري اختيار أمثلة أفضل من هذه لتجريب نظريتي التي تفيد بأن النساء يتعاملن مع التقنية كما لو كانت كائناً حياً، هل هذا صحيح؟ « بالتأكيد أنا أتعامل مع الآلات بحب وبحساسية، لا أعرف امرأة قادرة على رمي آلتها بوحشية على الأرض إذا لم تنجح في عمل ما، شخصياً، أمنح الآلات المادية أسماء حية وأتحدث معها، أثني عليها لأنها تساعدني، وبعد العمل أعمل على مداعبتها بالسر». وهكذا حقاً، تسير الأمور معنا في ما يتعلق بالتقنية. قد يبدو الأمر مختلفاً قليلاً مما هو عند الرجال، لكن حاولوا أن تقولوا إن لا شيء من تلك الاختراعات الرائعة لا يستأهل أيادينا!