بعد أيام قليلة، وفي الأول من نوفمبر 2025، يشهد العالم حدثًا فريدًا من نوعه بافتتاح المتحف المصري الكبير بجوار أهرامات الجيزة الثلاث، في احتفال عالمي يحضره فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وزعماء وقيادات من مختلف دول العالم. ولا شك أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل إنجازًا تاريخيًا يُضاف إلى سلسلة إنجازات مصر الحديثة التي أبهرت العالم، فهو بحق ملتقى العبقريات: عبقرية الزمان، وعبقرية المكان، وعبقرية الإنجاز. أولًا: عبقرية الزمان أكد الدكتور أحمد رجب أن عبقرية الزمان تتجلى في أمرين؛ الأول هو الزمان الذي تنتمي إليه التحف المعروضة بالمتحف، والتي تزيد على مائة ألف قطعة فنية نادرة تمثل عصورًا مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، في مقدمتها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة كاملة دون أن تنقصها أي قطعة، إلى جانب مجموعات الحلي والأزياء والتماثيل والتوابيت وغيرها من القطع التي تُجسد عبقرية الفن المصري القديم وإبداع صُنّاعه في زمنٍ كانت فيه معظم الأمم الأخرى تغط في نومٍ عميق. وأضاف في ذات السياق أن عبقرية الزمان لا تقتصر على عصور الفراعنة فقط، بل تمتد إلى الزمن الحديث الذي أُنشئ فيه المتحف، حيث تواكبت فكرته وتنفيذه مع انطلاق الجمهورية الجديدة بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تلك الجمهورية التي جمعت العالم في شرم الشيخ من أجل السلام، وشهد لها الجميع بالحكمة والإرادة والتنظيم الراقي. إن من عبقرية الزمان أن تلتقي الحضارة المصرية القديمة لمصر أم الدنيا مع حاضرها المشرق الذي جعلها مركزًا للعالم وملتقى للأنظار. ثانيًا: عبقرية المكان وأوضح الدكتور أحمد رجب أن عبقرية المكان تتمثل في اختيار موقع المتحف المصري الكبير في منطقة الجيزة، تحديدًا عند جبانة منف، أقدم جبانات الأرض، وبجوار الأهرامات الثلاثة خوفو وخفرع ومنكاورع، إحدى عجائب الدنيا السبع ومحط أنظار العالم. وأكد أن هذا الاختيار لم يكن مصادفة، بل جاء ليجمع بين أثرٍ خالدٍ في قلوب البشر جميعًا، وبين متحف هو الأكبر والأهم في العالم بأسره، ليتيح للزائر تجربة فريدة تجمع بين عظمة الماضي وروعة الحاضر، فتكون الزيارة مزدوجة والقيمة مضاعفة، في حدث جلل يعبر بحق عن مكانة مصر وعظمة المصريين. وأضاف أن موقع المتحف المصري الكبير يمثل "موقعًا فريدًا داخل موقع فريد"، في ازدواجية عبقرية للمكان لا مثيل لها في أي بقعة من بقاع العالم. ثالثًا: عبقرية الإنجاز وأشار الدكتور أحمد رجب إلى أن عبقرية الإنجاز تتجسد في الجهد المصري الخالص الذي أبدعه أبناء هذا الوطن العظيم، مؤكدًا أن المصريين يثبتون كل يوم أنهم بحق أحفاد الفراعنة، وأن إبداعهم متصل الحلقات منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا. وأضاف أن ما يُعرض داخل جدران المتحف المصري الكبير من إنجازات حضارية في العصور القديمة، يوازيه إنجاز حديث في عصر الجمهورية الجديدة، وكأن مصر تقول للعالم: هذا تاريخي المجيد، وهذه حاضري الزاهر، وإبداعي الذي لا ينقطع. وأكد أن مصر الجميلة، مهد الحضارات ومقر الديانات، تظل منارة للإنسانية على مر العصور؛ فهي الأرض التي نشأ فيها النبي إدريس عليه السلام، وزارها إبراهيم عليه السلام، وجلس على خزائنها يوسف عليه السلام، ونشأ فيها موسى وهارون عليهما السلام، وعاش فيها الخضر عليه السلام، ولجأ إليها المسيح عيسى بن مريم وأمه العذراء عليهما السلام، وتزوج منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأضاف في ختام مقاله أن وطنًا بعث الله فيه نبيًا، وزاره نبي، وجلس على خزائنه نبي، ونشأ فيه نبي وأخوه، ولجأ إليه نبي، وتزوج منه نبي، لن يُخذل أبدًا ولن يشقى أبدًا. إنها مصر بلد الأمن والأمان، وموطن الإبداع والمبدعين، وأرض الخير والعطاء، فيها كل ما هو جميل. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر. الجدير بالذكر ان الدكتور احمد رجب هو نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون التعليم والطلاب،أستاذ الآثار وعميد كلية الآثار جامعة القاهرة سابقًا،الملحق الثقافي السابق لجمهورية مصر العربية بطشقند ودول طريق الحرير