في خطوة تعكس حرص الدولة المصرية على إعلاء مبادئ سيادة القانون والتكامل بين مؤسساتها، شهدت الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد السادس لمجلس النواب إحالة رسالة رئيس الجمهورية بشأن الاعتراض على عدد من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى اللجنة العامة للمجلس، لدراستها بشكل تفصيلي وإعداد تقرير لعرضه على الجلسة العامة غدًا الخميس. إحالة الاعتراض الرئاسي وما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية إلى اللجنة العامة وتأتي هذه الخطوة في إطار ممارسة دستورية طبيعية تهدف إلى تعزيز الضمانات القانونية وضمان توازن النصوص التشريعية، لا سيما أن قانون الإجراءات الجنائية يمثل أحد الركائز الأساسية لمنظومة العدالة في مصر. تفاصيل الجلسة الافتتاحية انعقدت الجلسة برئاسة المستشار الدكتور حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب، الذي أعلن إحالة الاعتراض الرئاسي وما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية إلى اللجنة العامة عقب رفع الجلسة. وشدد رئيس المجلس على أهمية التعامل مع هذه الخطوة بعين المسؤولية الوطنية، كونها تمس قانونًا طال انتظاره ويُعد حجر زاوية في إصلاح المنظومة التشريعية. كما شهدت الجلسة إلقاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بيان الحكومة أمام النواب، والذي تناول فيه خلفيات الاعتراض الرئاسي وأهدافه، مؤكدًا أنه يندرج في إطار الحرص على إصدار قانون أكثر توازنًا وتكاملًا مع احتياجات العدالة والواقع العملي. دور اللجنة العامة في المواد محل الاعتراض ستعقد اللجنة العامة لمجلس النواب اجتماعًا عاجلًا بعد رفع الجلسة مباشرة، لدراسة مواد الاعتراض وتقييم الملاحظات التي قدمتها رئاسة الجمهورية بشأنها. ومن المقرر أن تُعد اللجنة تقريرًا مفصلًا يعرض على الجلسة العامة غدًا الخميس، لتحديد المسار التشريعي المناسب في ضوء الملاحظات الرئاسية. ويُنتظر أن يفتح تقرير اللجنة الباب أمام مناقشات معمقة داخل المجلس، بما يعكس إدراكًا لحساسية القانون وأثره المباشر على حياة المواطنين وحقوقهم. الدكتور مصطفى مدبولي أمام النواب بيان رئيس الوزراء في مستهل كلمته أمام البرلمان، هنأ الدكتور مصطفى مدبولي النواب ببدء دور الانعقاد السادس، وأشاد بدورهم في دعم جهود الحكومة على مدى خمس سنوات شهدت ظروفًا داخلية وخارجية بالغة الصعوبة. كما توجه بالتهنئة للشعب المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة مع اقتراب ذكرى نصر أكتوبر المجيد، مؤكدًا أن الجيش سيظل الدرع الحصين للوطن. وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية ماضية في ترسيخ دعائم دولة القانون وصون الحقوق والحريات، مشيرًا إلى أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية هو الإطار الحاكم لسير العدالة، ويمثل توازنًا بين سيادة القانون من ناحية، وحماية المجتمع وحقوق الأفراد من ناحية أخرى. أهمية قانون الإجراءات الجنائية أبرز مدبولي أن البرلمان والحكومة بذلا جهدًا كبيرًا في إعداد ومناقشة مشروع القانون، حيث خضع لحوارات موسعة استمرت لسنوات بمشاركة الجهات المختصة، ليُحدث تحديثًا واسعًا لمنظومة العدالة التي لم تشهد إصلاحًا شاملًا منذ عقود. وأكد أن مشروع القانون يعكس روحًا وطنية ورؤية تشريعية ناضجة، تسعى إلى تعزيز ثقة المواطن في العدالة وتأكيد مبدأ الأمن القانوني، وهو ما يضع مصر في مصاف الدول التي تضع سيادة القانون كمرجعية أساسية. أوضح مدبولي أن اعتراض رئيس الجمهورية على بعض المواد لا يعني رفض القانون جوهر الاعتراض الرئاسي أوضح مدبولي أن اعتراض رئيس الجمهورية على بعض المواد لا يعني رفض القانون، بل يهدف إلى إضافة ضمانات أوضح وإيضاحات أدق تزيد النصوص جلاءً وتحقق التوازن الكامل بين الحقوق والحريات ومصلحة المجتمع. وأشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يُعاد فيها مشروع قانون للبرلمان بعد موافقة نهائية، مستشهدًا بحالات مشابهة سابقة مثل قانون العدالة الضريبية عام 1978 وقانون البحوث الطبية الإكلينيكية عام 2020. تقدير لدور البرلمان والرئاسة ثمّن رئيس الوزراء موقف البرلمان الذي أبدى استعدادًا فوريًا لدراسة الملاحظات الرئاسية، واصفًا ذلك بالاستجابة المسؤولة التي تنبع من حرص النواب على المصلحة العامة. كما أعرب عن تقديره لرئيس الجمهورية الذي مارس صلاحياته الدستورية بحرص بالغ على صون دولة القانون وضمان حقوق المواطنين. عاجل - 8 مواد فقط محل الاعتراض الرئاسي.. رئيس النواب: مراجعة لتحقيق مزيد من الضمانات دون تعطيل القانون عاجل- أسباب اعتراض الرئيس السيسي على المادة السادسة من قانون الإجراءات الجنائية التعاون بين السلطات أكد مدبولي في ختام بيانه أن الحكومة ملتزمة بمواصلة التعاون مع مجلس النواب لإخراج التشريعات بصورة دقيقة ومنضبطة تعكس احترام حقوق الإنسان وتواكب التطورات، مشددًا على أن تكامل الأدوار بين السلطات الثلاث هو السبيل الأمثل لتحقيق الصالح العام. إحالة الاعتراض الرئاسي على بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية إلى اللجنة العامة تعكس طبيعة الممارسة الدستورية في مصر، حيث لا يُنظر إلى الاعتراض كعقبة أو تعطيل، بل كخطوة إضافية لتعزيز العدالة. ومن المنتظر أن يقدم تقرير اللجنة غدًا صورة أوضح حول المواد محل المراجعة، ليؤكد في النهاية أن الهدف الأول هو خدمة المواطن وصون حقوقه، بما يعزز مكانة مصر كدولة قانون ومؤسسات.