توسيع صلاحياته والرقابة على شركات الصرافة وتحويل الأموال أبرز الأزمات أزمة جديدة يواجهها طارق عامر، محافظ البنك المركزى، مع نواب البرلمان، بسبب مشروع قانون البنوك والجهاز المصرفى الجديد. طارق عامر، كان قد أعلن منذ أيام عن مشروع القانون الذى تضمنت مسودته الأولية عدداً من المفاجآت المثيرة للجدل، ما دعا مجلس الوزراء للتأكيد على أنه قيد الدراسة والمراجعة. وسيكون القانون بطل دورة الانعقاد المقبلة للبرلمان، خاصة أن أغلب النواب أبدوا خلال دورتى الانعقاد السابقتين، عدم رضائهم عن أداء "عامر"، وتوالت طلبات الإحاطة الغاضبة ضد رئيس الحكومة، إذ تقتصر رقابة البرلمان فيما يخص شئون البنك المركزى على التقارير التى يقدمها المحافظ عن السياسات النقدية والمصرفية، وفقا لقانون البنك رقم 88 لسنة 2003. تمثلت أولى أزمات النواب مع محافظ البنك المركزى فى عدم تنفيذ مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، الخاصة بتمويل مشروعات الشباب بقيمة 200 مليار جنيه، ثم مشكلة عدم تسوية مرتبات ومتأخرات الملحقين والممثلين التجاريين بالخارج حتى يناير 2017، تلاها اشتعال غضب النواب من التصريحات الإعلامية للمحافظ، ومنها أن الدولار سيصبح ب 4 جنيهات، وهو التصريح الذى عاد عامر وفسره قائلا بأنه كان نكتة. أما رابع الأزمات فتمثلت فى قرار تعويم الجنيه، الذى فوجئ به النواب، ثم قرارات المحافظ برفع سعر الفائدة أكثر من مرة، لكن مشروع القانون الجديد يضع الكرة حاليا فى ملعب البرلمان. وتشير مسودة مشروع القانون إلى أنها تنقل الكثير من اختصاصات وسلطات مجلس إدارة البنك المركزى إلى المحافظ، وتمنحه مزيداً من الرقابة والتدخل الشرس فى صلاحيات الجمعية العمومية للبنوك، وهو ما لن يقبله النواب. كما يوسع مشروع القانون المظلة الرقابية للبنك، لتضم بجانب الجهاز المصرفى كلا من شركات الصرافة وتحويل الأموال، وشركات ضمان مخاطر الائتمان، وجهات منح الائتمان، وشركات الاستعلام والتصنيف الائتمانى، وشركات خدمات التعهيد، وشركات نظم وخدمات الدفع. وبالرغم من عدم وصول المشروع إلى البرلمان، إلا أنه أثار حالة من الجدل بين نوابه، وأيضا بين نواب وخبراء بالقطاع المصرفى والمالى، فالبعض يرى أن من المبكر جدا الحكم على القانون وانتقاده، فى حين يعترض آخرون على فكرة توسيع سلطات محافظ البنك المركزى على حساب مجلس إدارة البنك، والجمعيات العمومية للبنوك. ويرى فريق ثالث أن المشروع جيد، ويهدف لمزيد من الرقابة على الجهاز المصرفى وشركات الصرافة التى تتلاعب بالسوق، ويتماشى مع خطة الدولة للإصلاح الاقتصادى. ووفقا لوكيل لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان النائب عمرو الجوهرى، وهى اللجنة المعنية بدراسة مشروع القانون، فإنه من المقرر دراسة المشروع بشكل دقيق، والاستماع لرأى البنك المركزى والمصرفيين. وأشار الجوهرى إلى أن هناك بعض الملاحظات على المسودة، أهمها قيام الحكومة بالتحصيل بالعملة الصعبة، من أجل زيادة الحصيلة الدولارية، ورفع الاحتياطى النقدى. وأوضح الجوهرى، أن رفع الحد الأدنى لرأس مال البنوك من نصف مليار، إلى مليار ونصف المليار جنيه، رقم ضئيل إذا تم قياسه بانخفاض قيمة الجنيه، وارتفاع سعر الدولار، لافتا إلى أن تحديد 20 مليون جنيه لشركات الصرافة، كان لابد وأن يكون به جزء دولارى. وأضاف أن مضاعفة الرسوم المفروضة على البنوك، نظير تراخيص أو خدمات يقدمها البنك المركزى هو أمر جيد، مشيرا إلى أن تأثير القانون على الاستثمارات البنكية، يحدده الإطلاع على القانون بالكامل. ولفت إلى أن المادة 45 من مشروع القانون، والتى تنص على أن يخطر محافظ البنك المركزى مجلس النواب، بالإطار العام للسياسة النقدية عند عرض مشروعى الموازنة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يخطر المجلس بأى تعديل يطرأ خلال السنة المالية، هى مادة جيدة، لكنها تحتاج إلى تعديل لكون السنة المالية فترة طويلة. وأكد الجوهرى أن المادة 46، التى تنص على أن يقدم المحافظ إلى رئيس الجمهورية تقريرا دوريا كل ثلاثة أشهر، يتضمن تحليلا للتطورات النقدية، وتقريرا سنويا للرئيس، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية، فى حاجة إلى تعديل، بحيث تنص على أن يعرض التقرير على الثلاث جهات كل 3 أشهر، موضحا أن التعديل يتماشى مع مطلب اللجنة الاقتصادية خلال اجتماعات سابقة مع المحافظ. بينما يرى النائب ياسر عمر - وكيل لجنة الخطة والموازنة، أن مشروع القانون يأتى ضمن خطوات الإصلاح الاقتصادى، ويهدف إلى ضم شركات الصرافة وغيرها من الكيانات المصرفية العاملة فى المجال، بخلاف البنوك، لرقابة البنك المركزى، مضيفا أن القانون يهدف أيضا لتجنب الشبهات، وتضارب المصالح فى اختيار القيادات المصرفية. وحسب النائب محمد بدراوى - عضو لجنة الشئون الاقتصادية، سيتم رفض توسيع صلاحيات محافظ البنك المركزى، والتى تسمح بالتدخل فى عمل البنوك، لافتا إلى أنه يجب إخضاع البنك المركزى للرقابة، رغم كونه هيئة مستقلة، مشيرا إلى أن أى سلطة تمنح لجهة بشكل مطلق، يكون تأثيرها سلبيا بشكل بالغ على المواطنين.