أعاد استشهاد المواطن محمد عبدالله الكسجي على بلاط المسجد الاقصى أمس الأول إلى الاذهان قصص استشهاد مماثلة لشهداء أردنيين سقطوا برصاص الإحتلال على تراب فلسطينالمحتلة. القصص تتشابه إلى ابعد الحدود، فشهداء فلسطين الثلاثة: محمد الكسجي ورائد زعيتر وسعيد العمرو، جميهم يحملون الجنسية الأردنية، وجميعهم اتهمتهم سلطات الاحتلال بمحاولة طعن جنودها، ووقعت معظمها خلال السنوات الأخيرة. شهداء فلسطين لم يعترفوا بالحدود، وأكدوا أن مقاومة المحتل ليست للفلسطنيين فحسب، بل لجميع العرب المتشاركين بالدم والمصير، وخاصة لأهالي الأردنوفلسطين. يقول شقيق الشهيد محمد الكسجي إن العائلة تلقت خبر استشهاد نجلها عبر وسائل الإعلام عصر السبت، مشيراً إلى أن شقيقه ذهب لزيارة الأراضي المقدسة من خلال تأشيرة سياحية. وأضاف الكسجي أن شقيقه البالغ من العمر 57 عاماً هو محاسب، ولديه مكتب لتدقيق حسابات وهو متزوج وأب لابنتين وولدين، مشيراً إلى أن المفترض أن يعود يوم السبت للأردن حيث غادر قبل أسبوع. ذوو الشهيد الكسجي قالوا إنه لم يكن يبيت النية لطعن أحد أفراد الشرطة الإسرائيلية في القدسالمحتلة، إلا أنه تعرض لاستفزازٍ مباشر من شرطة الاحتلال، ما اجبره على مهاجمتهم والدفاع عن كرامة العرب المهدورة. وذكر أيمن ابن شقيقة الشهيد ل"السبيل"، أن خاله الشهيد سافر إلى فلسطينالمحتلة أكثر من 3 مرات في تأشيرة سياحية ضمن (جروب سياحي)، لزيارة أولاد عمومته في القدس، مؤكداً أن الشهيد محمد الكسجي، لا ينتمي لأي جهة سياسية، وأنه معروف بكونه مسالماً وهادئاً. ويتواصل ذوو الشهيد الكسجي، مع أقاربهم بالقدس، ومع الحكومة الأردنية، لتأمين استرجاع جثمانه، في اقرب وقت ممكن. واستشهد محمد عبدالله الكسجي، 57 عاما، ظهر السبت، برصاص شرطة الاحتلال، في القدسالمحتلة، بعد تنفيذه عملية طعن هناك. وعقب ذلك، أعلنت الحكومة الأردنية، متابعتها للحادثة، محملة الحكومة الإسرائيلية مسؤولية ما حدث. وكان الشهيد الكسجي غادر البلاد عبر معبر الشيخ حسين شمالي الأردن مؤخرا، بتأشيرة سياحية اسرائيلية ولم يعد مع المجموعة السياحية التي كان برفقتها. أما قصة شهيدنا الثاني الذي مثل استشهاده سابقة في تاريخ المملكة فهي قصة استشهاد قاض يحق الحق ويقضي بالعدل وهي الأولى من نوعها، وجاءت قبل أيام من ذكرى عملية الباقورة التي قضى بسببها الجندي أحمد الدقامسة زهرة شبابه خلف القضبان بينما لا يزال قاتل القاضي حرا. في يوم 10 أذار 2014 كان القاضي رائد زعيتر يرتقي شهيدا معلنا استمرار مسيرة توحد الدم والمصير بين الأردنوفلسطين حينما لف جسده بالعلمين الفلسطينيوالأردني في مشهد أعاد توجيه البوصلة نحو العدو الحقيقي للشعبين. منذ استشهاده والمسؤولون ينتظرون نتائج التحقيق التي يبدو أنها تحولت لحجر سنمار بيد حكومة الاحتلال، بينما يبدو موقف حكومتنا وانتظارها كانتظار غودو الذي لن يأتي أبدا. القاضي رائد علاء الدين زعيتر المولود عام 1975 في عمان، نشأ وترعرع ودرس في مدارسها بتفوق ليتوجه لدراسة الحقوق من جامعة عمان العربية ثم للعمل في الحقل القضائي حتى تعيينه قاضيا في محكمة صلح عمان. كانت حياة القاضي زعيتر عادية متوازنة بين العمل والأسرة البسيطة التي تتكون من والديه وزوجته وابنه وابنته، وكان القاضي قبل استشهاد بأيام يهم بإدخال نجله الذي يبلغ من العمر 5 سنوات للمستشفى للعلاج من مرض مزمن، واضطر للذهاب الى نابلس لجلب بعض الاموال لعلاج نجله ليستشهد على معبر الكرامة. كان يمكن للشهيد أن يتغاضى عن استفزاز قوات الاحتلال له ودفعهم له بالايدي الا ان روح العدالة التي تشربها والكرامة التي كان يحرص على تحقيقها لكل أردني يتقاضى عنده، جعلته يتوقف أمام الجندي محملا بروح التحدي، ولم يعرف أن ليس لدى هؤلاء الجنود عدالة ولا حقوق، فمن سلب الارض لا مشكلة لديه بانتهاك كرامة الانسان. ويروي شهود العيان الذين حضروا لحظة استشهاد القاضي زعيتر على معبر الكرامة كيف قتله جنود الاحتلال بدم بارد وكيف ادعوا بعد ذلك تعطل كاميرات المراقبة التي تدين الجناة. لم يسدل الستار بعد على استشهاد القاضي زعيتر، فالأردنيون لم ينسوا قضيته التي مست كرامتهم جميعا ولا زالوا يعلنون أن القضايا لا تسقط بالتقادم ويوجهون اللوم للحكومة على تقصيرها بالضغط على الاحتلال لمحاسبة الجاني. شهيدنا الثالث قضى أيضا على بلاط القدس في 17 ايلول 2016 من العام الماضي، بعد قدومه من مدينة الكرك، متوجها إلى القدسالمحتلة في تأشيرة سياحية لزيارة الاقارب هناك. مصادر من العائلة قالت إن الشهيد سعيد العمرو كان حصل على تأشيرة سياحية من أجل الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة بعض أقاربه، مضيفة أن العائلة صدمت عندما شاهدت مقاطع مصورة بثت على الإنترنت تظهره مسجى على الأرض بعد إطلاق النار عليه من بندقية جندية إسرائيلية. وبعد عدة أيام سلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثة الشهيد إلى الحكومة، التي طالبت السفارة الإسرائيلية في عمان بتزويدها بالتفاصيل والمعلومات والتحقيقات الجارية بخصوص حادثة الاستشهاد، لاتخاذ الموقف المناسب وفق هذه المعلومات. مع أصوات الزغاريد وهتافات الثأر والفداء لفلسطين، شيع مئات المواطنين الأردنيين في مدينة الكرك الأردنية الشهيد سعيد العمرو، الذي قتل برصاص الاحتلال في مدينة القدسالمحتلة يوم الجمعة الموافق 17 ايلول 2016 بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن.. الشهداء الثلاثة أثبتوا عدالة قضية وهمجية عدو.