أن ترتدي خاتمًا فضيًا أو تحصل على ديكورًا نحاسيًا منمقًا أمر لا يتطلب سوى أن تذهب لمن يبيع تلك المقتنيات الجذابة وتبتاعها منه، ولكن هل فكرت يومًا في المراحل التي تمر بها حتى تصل لهذا الشكل المتميز الذي نراها فيه؟. ففي جولة لكاميرا "الفجر تي في" التقت ب "وائل" الذي يملك مسبكًا منذ 23 عامًا، يقوم فيه بتسييح الفضة والنحاس غير صالحي الاستخدام أو ما يسمى ب"الخردق"، وتحويلهما لأشكال أخرى جديدة وجذابة، داخل مبنى قديم يحوي معدات بدائية بسيطة بمنطقة الجمالية. يحكي "وائل" عن مراحل مهنته التي يعتز بها بدايةً من جلب الفضة والنحاس من الأشخاص الذين يرغبون في تجديدها بأشكال مختلفة بعد نفاء استخدامها ثم أخذ مقاسات الحلية من زبائنه ومن خروجها في شكلها النهائي، مضيفًا أن تلك المهنة تعد مصدر رزقه الوحيد حتى وإن كان دخلها محدودًا، فهو يستيقظ باكرًا ويبدأ عمله في رضا تام، متوكلًا على ربه. يقوم "وائل" داخل مسبكة وبمساعدة عماله بتدوير النحاس وتحويله إلى كاسات وشمعدانات و"فازات" -على حد قوله- تباع للأجانب والمصريين بمنطقة خان الخليلي، ولفت إلى أنه كان يعيد تدوير الذهب أيضًا ولكن بعد ارتفاع أسعاره وضعف الإقبال على اقتنائه اقتصر في عمله على النحاس والفضة. واستطرد قائلًا "كلنا عايشين أيام صعبة شوية بالنسبة لأي صاحب عمل.. ويبقى كويس لو غطى مصروفه، قبل كده كان حالنا أحسن بكتير ولكن من بعد الثورة بدأ تسييح المعادن يقل حاجة في حاجة لحد ما اشتغلنا في النحاس بس"، وعن دخله يقول إنه يتراوح مابين 100 ل150جنيه يوميًا. وتابع "الشغل المستورد مأثر جدًا على السوق بس احنا عندنا هنا صنايعية شطار بيحاولوا يأقلموا نفسهم على الشغل ده وبيعملوا زيه وعندنا مستويات تفوق شغل بره بس مافيش إمكانيات للأسف". كما أكد صاحب المسبك على ضعف حركة البيع والشراء بسبب اكتساح الصين السوق بمنتجاتها، إلى جانب إقبال المصريين عليها قائلًا "لو شغلك تمام وحلو لازم الشعب يكسر مقاديفك.. والكل هنا عنده عقدة الخواجة". ويستكمل "لو كان ربنا مراضيني بولاد صبيان كنت هخليهم يكملوا تعليمهم لأنهم مش هايبقوا حمل الوقوف قدام نار ويستحملوها.. بس لو مستواهم التعليمي مش ولابد يبقى هنزلهم يتعلموا صنعة ويبتكروا فيها". وعن الغلاء الفاحش والارتفاع المبالغ فيه في الأسعار التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة والمعوقات التي تواجههم في مهنتهم بسببه؛ قال "إحنا في أزمة بسبب الأسعار.. كل واحد بقى يرفع السعر من دماغه وبتوع الأنابيب بقوا يستغلونا". ويختتم "وائل" حديثه والحزن يسيطر على ملامح وجهه قائلًا "إحنا مش لاقيين عمال يشتغلوا دلوقتي؛ كل واحد بيقول اجيب لي توكتوك أو ميكروباص أنادي باب الشاعرية - الدويقة مثلًا وآخد في آخر اليوم 100 جنيه ومن غير ما اقف قدام نار أو حاجة.. الناس بقت تستسهل للأسف". فيما وجه نداءً للمسئولين بضرورة إنشاء مدارس متخصصة لدراسة مهنة تدوير الذهب والنحاس والفضة وفتح ورش لها للتعلم وللاستفادة في أقرب وقت ممكن قبل انقراضها. لمشاهدة الفيديو اضغط هنا