اتفقا على حذف أى أخبار تضر تل أبيب انتهت أسطورة حياد «فيس بوك»، موقع التواصل الاجتماعى الأشهر فى العالم، حيث كشف موقع «ذا انترسبيت» الأمريكى، تفاصيل التعاون بين إسرائيل وإدارة الموقع، لحذف أى مادة لا ترغب فيها الحكومة الإسرائيلية، وتخص ممارستها للقتل والعنف ضد الفلسطينيين. وكانت إدارة «فيس بوك» قد أثارت موجة من الانتقادات العالمية عندما حذفت صورة الفتاة الفيتنامية الصغيرة التى تهرب عارية من حجيم قنابل النابلم التى أسقطتها الولاياتالمتحدةالأمريكية على بلادها، وهى الصورة المعروفة باسم «فتاة النابلم» وكانت سببا فى تسليط الضوء على الفظائع التى ارتكبتها أمريكا فى فيتنام وساهمت الصورة التى حازت على العديد من الجوائز الصحفية فى إنهاء الحرب. بررت إدارة الموقع قرار الحذف بأن الصور تندرج تحت فئة استغلال الأطفال، وأثار القرار موجة استياء لأن الصورة تحمل معنى سياسى كبير، ما دفع رئيس وزراء النرويج، على سبيل المثال، إلى نشر الصورة على صفحته فى تعبير عن رفضه لتدخل إدارة «فيس بوك»، التى حذفت الصورة من على صحفته، وكشفت هذه القضية عن الرقابة التى يتم فرضها على الإنترنت، حيث يحدد موقع مثل فيس بوك الموضوع الذى يجب تداوله وما يجب حذفه. اتخذت قضية الرقابة التى تفرضها إدارة الموقع على المحتوى بعداً جديداً متعلقاً بالعالم العربى وبالتحديد القضية الفلسطينية عندما كشفت وكالات الأخبار العالمية أن الحكومة الإسرائيلية وإدارة «فيس بوك» عقدا اجتماعاً فى أغسطس الماضى، هدفه التعاون المشترك للتعامل مع ما وصفوه بالتحريض على شبكة التواصل الاجتماعى. يأتى هذا الاجتماع، بحسب الموقع الأمريكى، فى الوقت الذى تسعى فيه تل أبيب لوضع تشريعات تهدف لإجبار شبكات التواصل الاجتماعى على منع أى محتوى يشير إلى أن إسرائيل تحرض على العنف. بعبارة أخرى إسرائيل بصدد إصدار تشريع يجبر فيس بوك على فرض رقابة على أى محتوى يعتبره المسئولون فى إسرائيل غير لائق، من جانبها تبدو إدارة الموقع حريصة على إرضاء تل أبيب والعمل بشكل مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية لتحديد أى محتوى يجب حذفه. وبطبيعة الحال فإن الجهود المشتركة بين إسرائيل وفيس بوك، ستنصب فى المقام الأول على المحتويات التى يقدمها العرب والمسلمون بشكل عام والفلسطينيون بشكل خاص، وبالتحديد المحتوى الذى يكشف حقيقة الاحتلال الإسرائيلى، حيث تدعى إسرائيل أن موجات العنف التى تعرضت له كانت بسبب التحريض ضدها فى السنوات الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى خلال السنوات الأخيرة، وفرضت تل أبيب رقابة مشددة على النشاط الفلسطينى على الإنترنت، وألقت القبض على البعض بسبب التعبير عن آرائهم السياسية. يرجع هوس إسرائيل بالسيطرة على استخدام الفلسطينيين لوسائل التواصل الاجتماعى إلى زيادة قدرتها على مراقبتهم من خلال البصمة الرقمية عبر أجهزة الكمبيوتر المحمول والهواتف الذكية. مثلت وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، حكومتها فى الاجتماع مع مسئولى «فيس بوك»، ومن المعروف أن شايليت من أكثر عناصر الحكومة الإسرائيلية تطرفاً حيث صرحت من قبل، بأنها لا تعتقد فى إمكانية الوصول لحل سلام قائم على دولتين، لأنها لا تعتقد بشرعية تأسيس دولة فلسطينية. وكانت شاكيد هى من اقترحت فكرة وضع تشريعات لإزالة المحتويات التى تعتبرها إسرائيل تحريضية، وتباهت بأن إدارة فيس بوك موافقة على مطالب الرقابة الإسرائيلية، على مدى الشهور الأربعة الماضية تل أبيب قدمت 158 طلباً إلى إدارة الموقع لإزالة مواد من على الموقع الذى استجاب ل95% من هذه المطالب. بحسب الموقع فإن التعاون بينه وبين الحكومة الإسرائيلية، يعكس عصرا جديدا يسيطر فيه خبراء التكنولوجيا على المعلومات التى يتم تداولها بدعوى التخلص من المحتوى الذى يدعو للكراهية والعنف، ولكن فى حقيقة الأمر فإن مثل هذه المواقع أصبحت تمتلك القدرة على تحريك الرأى العام وبث الأفكار والموضوعات التى تراها مناسبة وبالتالى تصبح مثل هذه المواقع أداة شديدة الفعالية للترويج لأفكار معينة أو لأشخاص بعينهم. ولكن فى مقابل فرض مثل هذه الرقابة على استخدام الفلسطينيين ل«فيس بوك» استجابة للمطالب الإسرائيلية، فإن الموقع فى المقابل لا يقوم بحذف أى محتوى إسرائيلى يدعو للعنف ويحرض على الكراهية ضد الفلسطينيين. وعلى سبيل المثال فى عام 2014، استخدم الآلاف من الإسرائيليين «فيس بوك» لنشر رسائل تدعو إلى قتل الفلسطينيين، وعندما قام جندى إسرائيلى بقتل فلسطينى فى العام الماضى، استخدم زملاؤه «فيس بوك» للثناء على عملية القتل وتبرير مثل هذا العنف، ودعم المؤيدين لمثل هذه الجريمة. واعتادت وزيرة العدل الإسرائيلية، شاكيد، على استخدام الموقع من أجل التحريض على العنف ضد الفلسطينيين، كما هو الحال مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وعدد من أعضاء حكومته. فى هذا الإطار، أغلق الموقع منذ عدة أيام مجموعة من حسابات عدد كبير من الصحفيين الفلسطينيين، حيث تم تعطيل صفحات 4 صحفيين من وكالة شهاب للأخبار، و3 تنفيذيين من شبكة القدس للأخبار، الجمعة الماضى، ثم أعاد تشغيلها من جديد، فى اليوم التالى بعد أن قدم اعتذاراً مشيراً إلي أن هذا التعطيل كان نتيجة لأخطاء فنية، ولكن بدا التعطيل وكأنه جزء من سياسة «فيس بوك» لاسترضاء الحكومة الإسرائيلية. ويطرح الموقع الأمريكى عدة تساؤلات حول موضوعية «فيس بوك» مشيراً إلى أنه إذا كان الموقع حريصاُ بالفعل على حيادته فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، فهل يقوم أيضا بحذف التحريض الإسرائيلى ضد الفلسطينيين، وهل حرص على عقد اجتماع مماثل مع الحكومة الفلسطينية فى الضفة الغربية كما جلس وعقد اتفاقا مع الحكومة الإسرائيلية.