■ تروج للأراضى وتغازل عملاءها ب«التقسيط المريح والعقود الموثقة من وزارة الزراعة» ■ معايشة ميدانية ل«الفجر» تفضح شركات بيع «الوهم» للمواطنين ■ أراضيها «وضع يد» .. ومهندس زراعى ترك العمل بإحدى الشركات بعدما اكتشف أنها تنصب على المواطنين ■ المتحدث الرسمى باسم الزراعة: لا نتعامل معها وأغلبها لا وجود لها على الأرض «اشترى راحتك وابنى فيلتك جوه مزرعتك.. أسعار تبدأ من 200 ألف ومقدم 75 ألف جنيه والباقى على 40 شهرًا.. وكله بالتقسيط المريح.. احجز الآن..عقود نهائية من وزارة الزراعة».. بهذه العبارات تروج شركات تقسيم واستصلاح الأراضى الصحراوية، لأرضيها. بعض هذه الشركات يبيع الوهم للمواطنين، فبمجرد أن تذهب إليها تقدم لك الشركة إغراءات كثيرة لإقناعك بالشراء، بعدها تكتشف أنك وقعت ضحية فى فخ النصب، خاصة حينما تعلم أن هذه الأراضى ليست مملوكة لوزارة الزراعة. هذه الشركات تحصل على هذه الأراضى إما بالاستيلاء عليها عن طريق «وضع اليد» خاصة الأراضى التى تقع فى مناطق نائية جداً، أو بشرائها بأسعار زهيدة من العرب ممن يضعون أيديهم على تلك الأفدنة من الصحراء. ما ذكرناه فى السطور السابقة خلاصة معايشة ميدانية قامت بها «الفجر»، وشهادات حية رصدناها من ضحايا لهذه الشركات. بدأت معايشتنا الميدانية باتصال هاتفى لأحد ممثلى شركة «أ.لا»، وأخبرناه بأننا نريد شراء قطعة أرض تقع بمنطقة زايد الجديدة على محور روض الفرج، فأخبرنا أننا بإمكاننا معاينتها على الطبيعة، واصطحبنا فى اليوم التالى نحو الموقع الذى يقع تحديداً عند الكيلو 40 محور روض الفرج، وخلال الطريق بدأ ممثل الشركة فى الحديث عن تاريخ الشركة فى الاستصلاح الزراعى والذى يمتد لأكثر من 10 سنوات وعن مشروعاتها فى وادى النطرون والإسماعيلية وغيرهما. وبسؤاله عن مصدر الأرض المقصودة، رد قائلاً: كنا نعمل على استصلاح وتسويق أراض تابعة لشركة كبرى فى مجال استصلاح الأراضى، وبعد أن انتهينا طالبناها بنسبة من هذه الأرض، فحصلنا على 600 فدان من الشركة، وبسؤاله: كيف حصلت الشركة على هذه الأرض من الأساس، رد قائلاً: حصلت عليها من العرب نظير اتفاقيات معينة. بعد مضى حوالى 15 دقيقة أصبحنا على الطريق الإقليمى الذى يتقاطع مع محور روض الفرج، ووصلنا إلى «طريق مدق» تم إنشاؤه على جانب قطعة الأرض المقصودة، وهناك أشار ممثل الشركة إلى بئر، قائلاً: مياه هذه البئر تصلح لأغراض الشرب والزراعة معاً، ثم استطرد فى الحديث عن مزايا المكان، وزعم أن هذه المنطقة ستتحول إلى جنة خضراء بعد 5 سنوات على الأكثر، قائلاً: «هذه الأراضى مقننة وأوراقها موثقة من وزارة الزراعة، ونصيحة بلاش تشترى من أى حد عشان فى شركات تبيع الوهم». وأضاف: نحن لا ينطبق علينا مسمى «وضع اليد» وإنما يمكن تسميته «إيجار لحين التمليك» وهى طريقة نتحايل بها على عدم تبنى الدولة لخطط لاستصلاح الصحراء، وبالتالى نحول الصحارى إلى أراض صالحة للحياة، وهو ما يجب أن تدعمنا الدولة فيه. توجهنا إلى شركة أخرى كانت قد أعلنت عن طرحها لأراضى بالتقسيط على طريق أسيوط الغربى، واستقبلنا ممثل الشركة فى استراحة كبيرة مجهزة فى الكيلو 45 بطريق الفيوم، وبسؤاله عن الأسعار، قال: سعر الفدان فيها 40 ألفا، ولايجوز بيع أكثر من 10 فدان فى القطعة الواحدة، وبالنسبة للقطع الخلفية فسعر الفدان 30 ألف ويمكن البيع من 5 أفدنة فأكثر. ثم تطرق فى حديثه عن الإغراءات، قائلاً:» أحسن حاجة هنا إن الواحد يقدر يعمل أى مشروع هو عاوزه عشان مفيش رقابة». ثم انتقلنا معه إلى الطريق الدائرى الإقليمى حيث الأراضى التى قال إنها مملوكة للشركة –بحسب زعمه -س وكانت الأراضى الواقعة على الطريق مباشرة سعر الفدان بها 20 ألفًا، أما الأراضى الخلفية فسعر الفدان 15 ألف جنيه، ووجدنا أنهم قد قاموا بإزالة جزء من السور الخاص بالطريق وذلك لتأمين مدخل إلى الأراضى كما قاموا بإعداد «مدقات» لتسهيل الوصول إلى القطع المختلفة، وبسؤاله عن الخدمات التى يقدمها فى حال شراء الأرض، قال : إنه يتم سحب المياه من إحدى الترع القريبة وتوصيلها للأرض، ويوضع محبس مياه خاص لكل قطعة أرض، وأنه بالنسبة للأراضى الواقعة على طريق الفيوم، يوجد محول كهرباء قريب يمكن الاتفاق مع شركة الكهرباء بشكل ودى والحصول على كهرباء منه، وبسؤاله عن كيفية شراء الأرض بطريقة قانونية، رد: يتم شراء الأرض بعقود موثقة، ثم تقوم الشركة باستدعاء مهندس من هيئة المساحة لقياس الأرض وإعطاء صورة بالأقمار الصناعية مختومة من هيئة المساحة بأبعاد الأرض، كما تقوم الشركة بمساعدة المشترى، بفتح ملف خاص به من وزارة الزراعة علماً بأن الرسوم القانونية للملف 8000 جنيه ولا يتم فتح الشباك الخاص لقبول هذا الملف إلا فى أيام محددة، ولذلك فالشركة على علاقة بأحد الموظفين بالوزارة والذى يقوم بإنهاء الإجراءات مقابل حصوله على 7000 جنيه لتستلم الملف الخاص بك، يحمل موافقة وزير الزراعة، فى مدة أقصاها أسبوعان. ومن المعايشة الميدانية إلى شهادات حية لبعض الضحايا، منها حكاية حنان وهى سيدة من قليوب، كانت تعيش فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لفترة طويلة، وبعد أن عادت اشترت قطعة أرض من هذه الشركات، بطريق العلمين وادى النطرون تحديداً فى منطقة يسمونها «طريق المايكنة»، وتبلغ مساحتها 12 فدانًا، دفعت ثمنا لها 600 ألف جنيه منذ 6 سنوات. حينها زعمت الشركة بأن الأرض موثقة من وزارة الزراعة، لكنها لم تحصل وبعد 6 سنوات من شرائها على هذا العقد، حاولت زراعتها كما هيأ لها مسئولو الشركة، إلا أنها فشلت فى ذلك بسبب ارتفاع درجة ملوحة المياه، ففكرت فى تحويلها لمزرعة مواشٍ إلا أن المياه لا تصلح للشرب، فقررت أن تعيدها للشركة وتسترد أموالها كما دفعتها منذ 6 سنوات، إلا أن الشركة رفضت، وقالت: «نحن شركة لبيع الأراضى وليس لشرائها». أسعد الفقى، مهندس زراعى، روى شهادته عن العمل مع هذه الشركات، قائلاً: كنت أعمل مع إحدى هذه الشركات، وذات يوم جاء إلى الشركة رجل على المعاش ب «تحويشة» عمره كى يشترى أرضا يزرعها ويرعاها، فقال عميل الشركة لى بعد ذهاب الرجل «أنا مش هبيع للراجل ده لأنه خلصان ولو خسر الفلوس دى هيموت»، بعدها قررت ترك عملى بالشركة لأننى اكتشفت أنهم «يبيعون الوهم للمواطنين». أيضاً أشرف طلبة، محام، روى شهادته، قائلاً: كل فترة يجىء إلى مواطنون لتوكيلى برفع دعاوى قضائية على هذه الشركات بتهمة النصب عليهم، متابعاً: هذه الشركات ما هى إلا بوابة للنصب وتحقيق الثراء السريع بلا سبب، مشيراً إلى أنه بإمكان أى مجموعة من الأفراد عمل شركة والذهاب للمحكمة لاستخراج سجل تجارى وبطاقة ضريبية، مشيراً إلى أن هذه الشركات تتسبب فى تكبيد مصر خسائر بالمليارات. المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة، عيد حواش، قال: نحن لا نعطى موافقات أو تراخيص لأى شركة من هذه الشركات، مضيفاً: أغلبها «وهمية» لا وجود لها على الأرض، والوضع المقنن هو الذى يتم وفقاً لقرار مجلس إدارة هيئة المشروعات والتنمية الزراعية، وما دون ذلك فالوزارة لم تعد تعطِ تصريحات بالتخصيص، مشيراً إلى أن المشترى عليه ألا يكتفى فقط بمعاينة الأرض والإطلاع على أوراق الشركة، إنما يستوجب الأمر العودة إلى وزارة الزراعة نفسها للتأكد من خلو الأرض من أية مشاكل قانونية، متابعاً: يرد إلينا عدد كبير من الشكاوى فى هذا الشأن وهو ما يستوجب التحذير.