■ مهمتهم الرقابة السابقة على صرف ميزانية الدولة ■ تهديد المراجعين بتحرير محاضر لهم بزعم عرقلة العمل ■ مخالفات بالجملة فى جميع المحافظات والجهات الحكومية فى المناقصات أرسل مئات العاملين بقطاع الحسابات والمديريات المالية، التابعة لوزارة المالية، مذكرة إلى رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب، كشفوا فيها عن المخالفات التى تجرى فى ميزانية الدولة والفساد الذى ينخر الجهاز الحكومى فى جميع المحافظات، والذى يؤدى لإهدار مليارات من موازنة الدولة، رغم الدعوات الحكومية لترشيد الإنفاق. ويعمل فى قطاع الحسابات 12 ألف موظف هم أصحاب الحق فى الموافقة على صرف أى مبالغ بالموازنة العامة، ويعرفون بممثلى وزارة المالية، بالجهات الحكومية، وتمنحهم وظيفتهم الحق فى الامتناع عن الصرف فى حالة وجود مخالفات، منعاً لإهدار المال العام ويحكم عملهم اللائحة التنفيذية لقانون المحاسبة الحكومية 127 لسنة 1981، ويتم نقلهم من الأماكن التى يراقبون أموالها كل 3 سنوات منعاً لتعارض المصالح، أما الرقابة اللاحقة بعد الصرف، فيختص بها الجهاز المركزى للمحاسبات. وحسب مصادر بوزارة المالية، يعانى هؤلاء الموظفون من ضغوط تعرقل ممارسة عملهم الرقابى، وصلت ذروتها بعد ثورة 25 يناير، إلى حد إجبارهم على التوقيع على مخالفات واضحة، وحالياً يتعرضون لضغوط متعددة ومختلفة، مابين التوقيع على أوراق سليمة، تخالف الواقع، أو تحرير محاضر ضدهم بزعم عرقلتهم للعمل. ولا يتوقف دور هؤلاء المراقبين الماليين على ترشيد الإنفاق الحكومى فقط، وإنما يقومون بحماية المسئولين من اتخاذ أى قرارات خاطئة نتيجة المراجعة الدقيقة التى يقومون بها قبل الصرف من الموازنة العامة للدولة، ويوجد المراقبون فى الوزارات والهيئات بعد أن تقوم المديريات المالية بتوزيعهم على المصالح الحكومية. المذكرة التى تم إرسالها عبر البريد الإلكترونى للرئاسة، أكدت أن مكافحة الفساد، يجب أن تبدأ من قطاع حسابات الحكومة، والذى يتبعه 27 مديرية مالية بجميع المحافظات والذى يبدأ عمله من إعداد مشروع الموازنة والتصديق عليه من مجلس النواب، ثم مراقبة الصرف فى كل بند من بنود الموازنة ثم الرقابة المستمرة خلال العام لتحصيل الإيرادات ومتابعة المتأخرات. وأوضحت المذكرة أن دور المراقبين يمتد إلى متابعة عمليات الشراء والبيع التى يقوم بها الجهاز الإدارى للدولة والهيئات العامة، مشيرةً إلى أن المراقبين لا يستطيعون القيام بدورهم كما يجب، حيث تنقصهم الآليات الضرورية للقيام بالرقابة قبل الصرف، حيث يضطرون أحياناً كثيرة للصرف رغم يقينهم أن المبلغ المطلوب موافقتهم على صرفه مغالى فيه. وطالب موظفو وزارة المالية، فى المذكرة التى أرسلوها إلى مجلس النواب، بمنحهم الضبطية القضائية لمساعدتهم فى أداء دورهم الرقابى، كما طالبوا بتحويلهم إلى هيئة مستقلة تابعة لرئاسة الوزراء مباشرة، بدلاً من وزارة المالية. ووفقاً لمصادر وقائع الفساد وإهدار المال العام خطيرة ومتنوعة، والكارثة أن بعضها يصعب كشفه لأن أوراقها تبدو سليمة 100%، ومنها على سبيل المثال، أنه يتم اعتماد الصرف على اختيار عرض السعر الأقل من بين 3 عروض حتى وإن كانت العروض مبالغ فيها مع عدم قدرة ممثل وزارة المالية على الاعتراض حيث يتم تهديده بحجة أنه ليس من حقه الاعتراض طالما أن الأوراق المقدمة إليه سليمة من حيث الشكل. وحسب المصادر، عند نهاية السنة المالية فى مايو من كل عام تراجع جميع الجهات الحكومية ما تبقى لديها من اعتمادات فى كل بند لصرفها قبل نهاية العام، حيث يتم الزعم بنفاد المخزون والادعاء بأن الجهة فى حاجة ماسة للشراء ويقومون ب»تستيف» الأوراق المطلوبة من فواتير وعروض أسعار، وغيره ويتم صرف مئات الآلاف من الجنيهات، وعادة ما يكتشف موظفو الجهاز المركزى للمحاسبات، وجود مخزون راكد وعدم وجود حاجة حقيقية للاعتماد الجديد، ولكن الصرف يكون تم بالفعل. ويتعرض ممثلو وزارة المالية، لتهديدات بالحبس، وتحرير محاضر لهم، إضافة للممارسة ضغوط كبيرة لصرف الفارق مابين مكافأة ال200 يوم التى يحصل عليها العاملون فى الإدارات التعليمية والتى كانت ضمن ال 200% حوافز، والتى زادت فى فترة حكم المجلس العسكرى، حيث اعتقد المسئولون عن المرتبات أنها ليست من ضمن حافز ال200%، وبعدها تم الحصول على أحكام واجبة النفاذ وهو مايعنى الصرف بأثر رجعى ورفع قيمة المرتبات بنسبة الفرق البالغ 33% ما يعنى تحميل موازنة الدولة مئات الملايين تعد إهداراً للمال العام. ووفقا للمصادر يقوم مديرو الإدارات التعليمية، بإصدار تكليف لبعض الموظفين بالتواجد بعد مواعيد العمل الرسمية نظير صرف بدل انتقالات، ولكن الحقيقة، أنه لا أحد ممن يحصلون عليه يذهب إلى منزله ويعود مرة أخرى للعمل، ما يعتبر صرفا بدون وجه حق، لكن ممثلى وزارة المالية لا يستطيعون منع الصرف لأنه ليس من صلاحياتهم طالما كانت الأوراق سليمة شكلاً. وفى وزارة التعليم العالى حيث يواجه ممثل وزارة المالية حالياً ضغوطا شديدة لعدم تنفيذ المادة 15 من القانون 32 لسنة 2015 الصادر من رئاسة الجمهورية والمؤيد بالكتاب الدورى رقم 55 لسنة 2016، والذى أدى لخصم 350 جنيها شهرياً من كل أستاذ يعمل بالجامعة منذ يوليو الماضى حيث إنه قرر حساب المكافآت على الراتب الأساسى فى 30 يونيو من العام الماضى دون زيادة علاوة 10% كما كانت كل عام. والمشكلة التى تواجه ممثلو المالية هنا مزدوجة حيث يرفض أساتذة الجامعات التطبيق بحجة أنهم لم يحصلوا على موافقة عمداء الكليات على الخصم، رغم أن القانون يسرى على جميع الجهات التابعة لموازنة الدولة، إذ ليس من سلطة العمداء الاعتراض على تنفيذ قرار جمهورى، وإذا امتنعوا عن التطبيق سيعرضون أنفسهم لتهمة إهدار المال العام. ويقول أحد المصادر، إن المراقبين يلاحظون أن المقاولين يقسمون المشروعات الحكومية فيما بينهم، وعادة ما يكون بينهم متخصصون بالعمل فى جهة بعينها، لسنوات طويلة وبأسعار أعلى من السوق لذا ينصح المراقبون الماليون لوقف تلك المهزلة بوجود كتيب موحد للأسعار المعمول بها فى الحكومة، يتم توزيعه على جميع الوحدات الحكومية يراعى فيه مواكبة أسعار السوق، لوقف إهدار أموال الدولة، إذ تنقص ممثلو وزارة المالية الآليات التى تمكنهم من وقف الصرف، ومثال على ذلك أن أحد المقاولين تقدم بعرض إقامة إحدى العمارات السكنية الشعبية ب5.5 مليون جنيه، ولكن السعر التقديرى السرى يفترض أن تكون التكلفة مليونا وستمائة ألف جنيه، فقام المقاول بتعديل العرض ل1.5 مليون، وتم ترسية العطاء عليه، وتم تحويل الواقعة إلى النيابة. وفى إحدى المحافظات، اشترطت مناقصة لتوريد لودرات أن يكون بلد المنشأ للودر هو دول غرب أوروبا، وتلاحظ أن العطاءات المقدمة مخالفة لهذا الشرط، وقام ممثل وزارة المالية بحفظ المناقصة ولكن قام مسئولو المحافظة بقبول العطاء والترسية ضاربين عرض الحائط بقرار التحفظ. ولتكشف الواقعة السابقة، أن رأى المراقب المالى يمكن تجاهله، وهو ما حدث فى واقعة أخرى بإحدى الجامعات التى تعاقدت على شراء 2 كاميرا كانون، ب60 ألف جنيه، رغم أن السعر الحقيقى للأجهزة 10 آلاف جنيه. وفى أحد الأحياء تم شراء موتوسيكلات بالأمر المباشر، وتم التقدم بعرضين وبالمراجعة من خلال ممثلى المالية وجدوا أن أسماء أصحاب الشركتين هى نفس الأسماء بنفس المبالغ مع وجود بطاقتين ضريبيتين وسجلين تجاريين لنفس النشاط وهو ما يعنى أن نفس الشخص تقدم بسعرين مختلفين وهو ما يعد تحايلاً على القانون. وفى مناقصة أخرى لشراء بلدوزرات لأحد الأحياء، ورغم أنه من المعروف أن المنتج اليابانى والألمانى هما الأفضل، إلا أن كراسة الشروط أضافت المنتج الكورى رغم أنه أقل جودة وبالتالى انسحبت الشركات اليابانية والألمانية وهو ما يعد تحايلاً على القانون بالترسية على شركة معينة.