يمكن القول إن المخالفات التى ارتكبت فى “هيئة الأبنية التعليمية" على مدى سنوات والإهدار الهائل فى المال العام، لا نبالغ إذا قلنا إنه بمليارات الجنيهات، يرقى إلى مستوى التخريب. أن يعطى مدير الهيئة نفسه حق إعفاء شركات المقاولات من غرامات التأخير فى تنفيذ المشروعات الموكلة، ويضيع على الدولة أموالاً طائلة مستحقة من دون وجه حق، مع البحث عن أى حيلة لإضفاء الشرعية على هذا الإجراء، فهذا الأمر يمكن وصفه بأن من لا يملك أعطى من لا يستحق. هذه المخالفة على وجه الخصوص تهون أمامها مخالفات وتجاوزات قانونية ارتكبتها الهيئة، لأنها تسهل الاستيلاء على المال العام بما يضر بالاقتصاد القومى وليس بالعملية التعليمية وحدها. قد تهون مخالفات «الأبنية التعليمية» فى مناقصات هيئة البريد ومركز صحى صقر قريش، وتتضاءل كثيرا أمام مخالفة ارتكبتها الهيئة نفسها على مدى سنوات من حيث إهدار المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه لصالح الغير بما يضر بالمصلحة العامة على حساب دافعى الضرائب. فقد اعتادت إعفاء شركات المقاولات والمقاولين من غرامات التأخير فى تسليم المشروعات التى شابتها جميعا مخالفات صارخة للقانون فى طريقة الطرح ب «المناقصات المحدودة» بدلا من «المناقصات العامة»، و«التعامل وفقا للقوائم المسعرة»، وعدم وجود معاملات فروق أسعار بما يضر أيضا بالمال العام. والمخالفة الكبرى التى مارستها الهيئة فى صمت مريب وبصورة متكررة ومتواصلة على مدى سنوات من إعفاء المقاولين من غرامات التأخير أهدر مئات الملايين من الجنيهات على الدولة دون وجه حق وبلا مبرر أو مسوغ قانونى أو منطقى أو عقلى، بما يؤكد أن الفساد فى الهيئة «تخمر» حتى أزكمت رائحته الأنوف، فى غيبة القانون. فقد جاء فى مذكرة المستشار القانونى للهيئة المستشار عادل رسلان للعرض على مدير هيئة الأبنية التعليمية، المهندس محمد نبيل حلمى بتاريخ 23 مارس 2010، توصية بعرض جميع موضوعات الرأى الخاصة بغرامات التأخير، وكذا مدد المدد على إدارة الفتوى بمجلس الدولة لوزارات التعليم وملحقاتها ما يلى بالنص: ورد بتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات بأكثر من خطاب فى شأن عرض أعمال لجنة دراسة المدد لرد غرامات التأخير للمقاولين وإعفائهم من مدد التأخير فى تنفيذ العمليات لأسباب الدراسة الفنية، وقد طلب الجهاز بضرورة عرض تلك اللجان على إدارة الفتوى بمجلس الدولة للموافقة على دراسة اللجنة ورد الغرامات للشركات والمقاولين. إلا أنه ورد من الجهاز المركزى للمحاسبات فى تعقيبه بكتابه رقم 146 لسنة 2009، وحيث إنه بصفته منتدبا للهيئة كمستشار قانونى طالب الجهاز بمخاطبة إدارة الفتوى بمجلس الدولة. أضاف المستشار عادل رسلان فى مذكرته، ولدى «الأهرام العربى» نسخة منها وعليها توقيع مدير الهيئة، بتاريخ 23 مارس 2010، ومدير عام الحسابات فايزة عبدالجواد بتاريخ 17 فبراير 2010، ومدير عام الشئون المالية محمد حسنى عبده بتاريخ 18 فبراير 2010، لذا نعرض على سيادتكم الأمر لتحويل حالات رد غرامات التأخير الأستاذ عادل رسلان، والمفوض من مجلس الدولة بشأن تلك الأعمال، وذلك للإفادة بخطاب من إدارة الفتوى بأنه مفوض بمسئولية التوقيع على رد الغرامات ودراسة الحالات بالهيئة من قبل مجلس الدولة. وفى مذكرة عرض أخرى تبين الآتى: - أن الأبنية التعليمية تقوم برد غرامات التأخير التى سبق خصمها منذ سنوات طويلة من مستحقات بعض المقاولين والشركات، بعد إعفائهم من مدد التأخير عن تنفيذ الأعمال بموجب موافقة مدير الهيئة للجنة دراسة الحالة والمشكلة بقرار منه لهذا الغرض ودون تطبيق أحكام المدة 23 من القانون 89 لسنة 1998، والتى تنص على جواز الإعفاء من غرامات التأخير بعد العرض على إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بشرط أن يثبت أن التأخير وقع لأسباب خارجة عن إرادته، وبمتابعة فحص «المركزى للمحاسبات» لمستندات الصرف الخاصة برد غرامات التأخير من جانب «الأبنية التعليمية» منذ سنوات تبين ما يلى: أن الهيئة تقوم بإضافة مدد للعملية مما يؤدى لإعفاء المقاولين من أن توقع عليهم غرامات، ورد ما تم خصمه منهم على ذمة غرامة تأخير، بالصورة التى تجعل الخصم غير قانونى. وفى هذا الإطار ردت الهيئة نحو 52 مليون جنيه (51326520 جنيها) لعدد من المقاولين والشركات وفقا للمركزى للمحاسبات، وإجمالى ما أمكن حصره من مبالغ تم ردها للمقاولين يتجاوز ال 75 مليون جنيه، على أقل تقدير قابلة للزيادة. وجاء فى التقرير: وقد تمت الكتابة محليا فى هذا الشأن بتقرير الشعبة رقم 65 فى 24 أغسطس 2008 بخصوص مراجعة مستندات الهيئة عن شهرى إبريل ومايو 2008، وتم بالإفادة رقم 75/7/2300 فى 2009/11/28 بأنه تم مخاطبة إدارة الفتوى بمجلس الدولة لترشيح عضو من مجلس الدولة فى لجان الدراسة بالهيئة، نظرا لكثرة وزيادة حجم العمل غير العادى, مما يتطلب وجود الممثل من الإدارة بصفة مستمرة لكثرة اللجان، وهو ما يتم منذ عام 1998، وبالكتابة محليا للسيدة مديرة الحسابات بالهيئة بتاريخ 2/11/2009 بشأن موافاتنا بما يفيد موافقة إدارة الفتوى بمجلس الدولة على ذلك الأمر، أفادت بتاريخ 3/11/2009 بخطاب المستشار نائب رئيس مجلس الدولة إلى السيد مدير الهيئة بشأن موافقته على ندب أحد السادة الأعضاء بمجلس الدولة للعمل مستشارا قانونيا للهيئة، وذلك للعمل فى غير أوقات العمل الرسمية، وتجدد تلك الموافقة سنويا حتى تاريخه. وتبدى الشعبة رأيها فى هذا الشأن أن عمل أحد أعضاء مجلس الدولة كمستشار قانونى للهيئة وفى غير أوقات العمل الرسمية لا يحل محل اختصاص إدارة الفتوى بمجلس الدولة بشأن رد الغرامات الخاصة بتأخير المقاولين فى تنفيذ الأعمال الموكلة إليهم. وبقراءة سريعة لهذه المخاطبات والمذكرات الرسمية وتقارير المركزى للمحاسبات وإدارة الفتوى بمجلس الدولة، يتبين أن الأبنية التعليمية حاولت الالتفاف على القانون واللوائح التنفيذية بانتداب مستشار من مجلس الدولة للعمل فى غير أوقات العمل الرسمية للحصول على توقيعه بديلا لإدارة الفتوى بمجلس الدولة، وهو أمر مخالف للقانون ولا يعد مبررا لرد عشرت الملايين كل عام من غرامات التأخير للمقاولين والشركات، وما يعد إهدارا متعمدا للمال العام وتسهيلا للاستيلاء عليه، أو تنطبق عليه مقولة «من لا يملك أعطى من لا يستحق». مخالفات مسجلة بعلم الوصول وافقت لجنة البت فى مناقصة تطوير وتأهيل مبنى هيئة البريد بالعتبة - تحت بند مشروعات خدمات للغير - والتى انعقدت جلستها يوم 18 أكتوبر 2009 فى (منطقة القاهرة) بالمنطقة الصناعية بالعباسية برئاسة م. صادق محمد صادق وعضوية كل من (م. جمال عبدالحميد المصرى، م. حمدى حسن عبدالرحمن) عضوين فنيين، ومحمد فوزى محمد (عضو مالى)، وعصام محمود جمال الدين (عضو قانونى)، بينما تغيب ممثل هيئة الرقابة الإدارية، وحضرت فاطمة عبدالبارى، ممثلة لوزارة المالية، والمستشار طارق الفيل ممثلا لمجلس الدولة، إلا أن الأخير «مفوض الدولة» أوصى بإلغاء المناقصة لأسباب تفصيلية أوردها بخط يده على محضر الجلسة، مؤكدا أن ملاحظاته كل لا يتجزأ. نصت تحفظات مستشار مجلس الدولة حرفيا كما جاءت على المحضر كالتالى: - أولا: طرح المناقصة فى شكل مناقصة محدودة بالمخالفة 2 والمادة 3 من قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، و التى نصت على ألا يكون التعاقد بطريق المناقصة المحدودة فى الحالات التى تتطلب طبيعتها قصر الاشتراك فى المناقصة على أشخاص أو مقاولين أو استشاريين أو فنيين بذواتهم، وأكد أن البريد بالعتبة ليس من هذه الأنشطة، فسجل هيئة الأبنية التعليمية مقيد به (وعلى حد قول سيادة المستشار القانونى بمذكرته فى المناقصة رقم 14/2006/2007 ) آلاف من شركات المقاولات والصيانة، وهذا ما يؤكد تحفظنا من مخالفة هذه الطريقة للقانون، وهو ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن: مخالفة طرق الشراء، أو الشراء بطريق استثنائى وترك الطريق العام دون مبرر، لذلك يشكل مخالفة قانونية، الطعن رقم 1675 لسنة 39 ق.ع 22/2/1997 . ثانيا: وبفرض جدلى أن هذه المناقصة مما ينطبق بشأنها طريق المناقصة المحدودة، فقد أوجبته المادة 35 من اللائحة التنفيذية بقانون المناقصات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998، أن (توجه الدعوة لتقديم العطاءات فى المناقصات المحدودة لأكبر عدد ممكن من المشتغلين بنوع النشاط الخاص بموضوع المناقصة والذين تعتمد أ سماءهم السلطة المختصة من بين المقيدين بسجلات الجهة الإدارية، وحيث تبين من الأوراق أن الجهة لم توجه الدعوة إلا لعشر شركات، وأن سجل قيد المقاولين بالجهة يمتلئ، وكما سلف، بآلاف الشركات، فمن ثم تكون المخالفة قد وقعت بعدم دعوة أكبر عدد ممكن من المقيدين بسجلاتها، أى 50+1 وهو ما يوجب إلغاء المناقصة. ثالثا: كشف القيمة التقديرية السرية بالمخالفة للمادة 4 من اللائحة التنفيذية للقانون، حيث قامت الجهة بوضع فئات لكل بند من بنود الأعمال المطلوبة. القائمة المسعرة التى وضعتها الجهة فى كراسة الشروط والمواصفات لاسترشاد المتناقصين بها، وإن كان جائزا فى القانون السابق، إلى أن أصبح مخالفا لأحكام اللائحة التنفيذية للقانون الجديد لتعارضه مع سرية القيمة التقديرية، وهو أمر غير جائز مما نوصى معه بإلغاء المناقصة. رابعا: عدم وجود معاملات التغيير فى الأسعار بكراسة الشروط والمواصفات الشرط رقم 6 متضمنا ثبات الأسعار والأثمان التى ارتضاها صاحب العطاء بغض النظر عن تقلبات الأسعار أو أى أشياء أخرى فى السوق المحلية والعالمية، وذلك كله بالمخالفة لنص المادة 22 مكرر من القانون رقم 191 لسنة 2008 المعدل بقانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، والتى تنص على أن: (فى العقود التى تكون مدة تنفيذها 6 أشهر فأكثر تلتزم الجهة المتعاقدة فى نهاية كل 3 أشهر تعاقدية بتعديل قيمة العقد وفقا للزيادة أو النقص فى تكاليف بنود العقود التى طرأت بعد التاريخ المحدد، لفتح المظاريف الفنية أو بعد تاريخ التعاقد المبنى على أمر الإسناد المباشر، ويكون هذا التعديل ملزما للطرفين، ويقع باطلا كل اتفاق يخالف ذلك. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون معاملات تغيير الأسعار فى الحالات المختلفة، كما نصت المادية الثانية من قرار وزير المالية رقم 219 لسنة 2006 الصادر بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998، على أن تضاف مادة جديدة برقم 55 مكرر إلى اللائحة نصها الآتى: فى عقود مقاولات الأعمال التى يكون احتساب التغير فى أسعار البنود المشار إليها زيادة أو نقصا وفقا لمعاملات تغير الأسعار واشتراطات تطبيقها المبنية فيما يلى: اشتراطات المحاسبة على فروق الأسعار وجوب قيام الجهة طالبة التعاقد تحديد عناصر التكلفة الخاضعة للتعديل ضمن شروط الطرح، وبما لا يتعارض مع أحكام القانون، ووجوب أن يتضمن عطاء المقاول تحديدا دقيقا لمعاملات وأوزان وعناصر التكلفة للبنود التى حددتها الجهة طالبة التعاقد ضمن شروط الطرح، وإذا ورد بأوراق المناقصة أن مدة تنفيذ العملية 9 أشهر بمذكرة الطرح كذلك، فمن ثم تكون مخالفة المادة 22 مكرر من القانون 191 لسنة 2008، قد وقعت بالفعل، وهو ما يستوجب البطلان وإلغاء المناقصة. الجدير بالذكر أن عدد من قام بشراء كراسة الشروط والمواصفات لمناقصة تطوير وتأهيل مبنى هيئة البريد بالعتبة، هما شركتان فقط من 10 شركات تمت دعوتها لها، وعدد من تقدم بعطاءات أيضا شركتان فقط، وتم فتح مظاريف المناقصة بتاريخ 11 أكتوبر 2009، وتم إسناد العملية لشركة السماحة للمقاولات، وهى شركة مصنفة فى اتحاد المقاولين من الفئة الخامسة التى تسمح بإعطاء أعمال بقيمة إجمالية (10 ملايين جنيه)، مع السماح بتجاوز العطاء بنسبة 10 % ، وعليه فقد تمت الترسية عليها بقيمة إجمالية نحو 11 مليون جنيه. (10992295 جنيها لا غير). ووفقا لمذكرة تم عرضها على مدير هيئة الأبنية التعليمية لدى «الأهرام العربى» نسخة منها - أثناء قيام الشركة بتنفيذ الأعمال، تبين ضرورة تنفيذ أعمال إضافية ومستجدة، وبعد مخاطبة استشارى العملية (المقاولون العرب) لعمل حصر شامل للمشروع حتى نهاية العملية، تم عمل مذكرة فروق الكميات و القيمة المالية واعتمادها من المالك (القطاع الهندسى بالبريد)، وبلغت القيمة الإجمالية لإنهاء المشروع (15999052 جنيها)، أى نحو 16 مليون جنيه بنسبة تجاوز 45.5%، وبعد إضافة نسبة الإشراف 5% وضريبة المبيعات 2.9 % تصبح القيمة الإجمالية أكثر من 17 مليون جنيه (17262976 جنيها)، فى حين أن الارتباط المخصص للعملية 16 مليونا فقط. تكررت المخالفات نفسها التى وقعت فى البت فى مناقصة تطوير وتأهيل مبنى الهيئة القومية للبريد بالعتبة فى مناقصة مركز صحى صقر قريش من حيث طرح المناقصة (محدودة) بدلا من طرحها بشكل عام (مناقصات عامة)، وأيضا بالقوائم المسعرة، برغم مخالفة الإجراءين للائحة التنفيذية للقانون، وذلك فى جلسة عقدت بمنطقة القاهرة بالمنطقة الصناعية بالعباسية بتاريخ 26 أكتوبر 2009 برئاسة م. على مدحت الخولى، وعضوية فنية كل من م. أحمد شحاتة عبدالوهاب، وم. حمدى حسن عبدالرحمن، ومحمد فوزى محمد (عضو فنى)، وعصام محمود جمال الدين (عضو قانونى)، ولم يحضر ممثل عن هيئة الرقابة الإدارية، والمستشار طارق نعمان هنداوى الفيل، ممثلا لمجلس الودلة الذى أوصى بإلغاء المناقصة لأسباب تفصيلية دونها على محضر الجلسة بخط يده - لدى الأهرام العربى نسخة منها - ووافقت السلطة المختصة برغم اعتراض مفوض الدولة على طرح أعمال المناقصة المحدودة بتاريخ 5 أكتوبر 2010، علما بأن عدد من قام بشراء كراسة الشروط والمواصفات، شركتان فقط وعدد المتقدمين بعطاء شركتان فقط، وتم فتح المظاريف فى جلسة 20 أكتوبر 2009، لتواصل الهيئة مخالفاتها القانونية ضاربة بالقانون ولائحته التنفيذية عرض الحائط، وكذا باعتراض مفوض الدولة. هكذا خالفنا اللوائح التنفيذية وأهنا القانون فى الأبنية التعليمية على مدى سنوات لإهدار أموال دافعى الضرائب دون وجه حق وبلا أدنى مبرر. نرفع بهذه البيانات والمخالفات بلاغا جديدا للنائب العام للتحقيق فيها حرصا على المال العام المهدر فى الأبنية التعليمية.