مخالفات «هيئة الأبنية التعليمية» عنوان كبير يحتاج بيانا تفصيليا ومستندات وبراهين وأدلة قانونية، هى أكثر من أن تحصى ولا يتسع لها تحقيق واحد، نشرنا فى العددين السابقين جانبا منها، ونواصل كشف المزيد مدعوما بالمستندات التى تحمل «سرى».. تحقيق العدد عن المناقصة رقم (5) لسنة 2009 لإنشاء 14 مدرسة بالقرى الأشد فقرا، تلك المناقصة التى أثارت جدلا فى الوزارة والأجهزة الرقابية..المخالفة الكبرى التى ارتكبتها الهيئة حال إدارتها بمعرفة المهندس محمد نبيل حلمى فى أغلب مناقصاتها هى إسناد أعمال الإنشاءات الجديدة بالمناقصة «المحدودة»، وهو ما تكرر حدوثه فى المناقصة رقم (5) البالغ قيمتها 45 مليون جنيه..ورد بشأن هذه المناقصة تقرير تفصيلى من هيئة الرقابة الإدارية ممهورا بتوقيع رئيس الهيئة اللواء محمد فريد التهامى بتاريخ 1 يونيو 2010 للعرض على د. أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم فى هذا الوقت، والذى أحاله بدوره للمستشار أحمد عبدالحليم، رئيس نيابات مدينة نصر.و تبين من التقرير قيام المسئولين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية بمخالفة أحكام قانون المناقصات والمزايدات الصادر برقم 89 لسنة 1998. جاء فى تقرير هيئة الرقابة الإدارية - لدى الأهرام العربى نسخة منه - ملاحظة استمرار مسئولى هيئة الأبنية التعليمية طرح المناقصة بذات الأسلوب برغم اعتراض مفوض الدولة الذى استند لفتوى مجلس الدولة رقم 355 الصادرة بتاريخ 17 أغسطس 2002 بإسقاط حالة الاستعجال كسبب فى طرح الأعمال بالمناقصة المحدودة..وتبين بالفحص أن مسئولى الهيئة قاموا بدعوة 162 شركة فقط للمناقصة رقم (5) لسنة 2009 من إجمالى 5933 شركة مقيدة بالهيئة لحضور المناقصة، كما تبين أن عدد الشركات التى حضرت المناقصة بالفعل لم يزد على 28 شركة فقط - معظمها تقدم بعرض واحد لإنشاء مدرسة واحدة - الأمر الذى اعتبره تقرير الرقابة الإدارية مخلا بمبدأ تكافؤ الفرص، ومخالفة صريحة لنص المادة 29 من اللائحة التنفيذية للقانون، التى نصت على إلغاء المناقصة قبل البت فى حالة التقدم بعطاء وحيد، كما أنه يخالف نصوص المواد (2، 3) من ذات القانون التى تنص على توجيه الدعوة لأكبر عدد من المشتغلين بالنشاط. وكشف التقرير أنه تم وضع القيمة التقديرية للمناقصات بمعرفة اللجنة الفنية بأعلى من سعر السوق، وهو ما يخالف المادة 4 من القانون، حيث تم الطرح بنظام القوائم المسعرة دون تعديل أسعار البنود وفقا لسعر السوق، على الرغم من انخفاض أسعار مواد البناء خلال تلك الآونة على النحو التالى: أضافت اللجنة الفنية نسبة 40 ٪ كعلاوة على القوائم المسعرة السابقة - كأسعار تقديرية للمناقصة مقارنة بأسعار 2008 - برغم انخفاض أسعار الخامات بالسوق المحلى..وبالرجوع للفنيين المتخصصين للوقوف على طريقة تحديد الأسعار التقديرية للمناقصة تبين احتسابهم قيمة حديد التسليح ببند الخرسانة المسلحة (أساسات وهياكل) بمبلغ 5500 جنيه للطن، وبعد إضافة العلاوة المقررة 40 ٪ أصبح إجمالى سعر الوطن 7700 جنيه، فى حين أن سعر الطن المحدد بالتقرير الشهرى للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والمثبت بشبكة المعلومات الخاصة بهيئة الأبنية التعليمية فى ذات التوقيت لم يزد على 3000 جنيه للطن بما يؤكد قصور الدراسة المالية لتلك المناقصة، فى مخالفة صارخة لنص المادة 4 من اللائحة التنفيذية للقانون التى توجب ألا تكون القيمة التقديرية مماثلة لسعر السوق وقت الطرح. وبناء على ما سبق - تبين اتفاق الهيئة - على أسعار لجميع أعمال الهيكل الخرسانى من أساسات وأعمدة بالمقايسة التقديرية للأعمال بكل من مدرسة (القومية الثانوية)، (نجع سعيد)، (كفر أعياد)، (الشيخ شبل الإعدادية) عن سعر السوق بمبلغ 1.355 مليونا جنيه، ما اعتبرته «الرقابة الإدارية» استيلاء الشركات المنفذة على تلك المبالغ المالية دون وجه حق. حملت «الرقابة الإدارية» اللجنة الفنية المشكلة من المهندس أ حمد سامى أحمد، رئيس الإدارة المركزية لمتابعة شئون الفروع ب «الأبنية التعليمية»، و المهندس حسنين رضوان محمد، مدير الإدارة العامة للمقايسات، والمهندس ممدوح عبدالله الجندى، مدير إدارة المكتب الفنى، والمهندس محمد طاهر عبدالرحمن بالإدارة العامة للمقايسات، مسئولية ارتفاع الأسعار على النحو المبين. فى الوقت نفسه، تبين أنه قد تم محاسبة المقاولين الذين تمت ترسية المناقصات عليهم بأسعار القوائم، مضافا إليها العلاوة بالمستخلصات الجارية التى تم صرفها لهم والتى بلغ إجماليها مبلغ 915735 تسعمائة وخمسة عشر ألفا وسبعمائة وخمسة وثلاثين جنيها..وكشف تقرير «الرقابة الإدارية» أن جميع الشركات تقدمت بعروض مالية بنسبة علاوة فقط دون التقدم بقوائم أسعار البنود بالمخالفة لنص المادة (8) من اللائحة التنفيذية للقانون، التى نصت على ضرورة احتواء المظروف المالى على قوائم الأسعار للبنود وطرق السداد والعناصر الأخرى التى تؤثر على قيمة العطاء..تمت ترسية مشروعات تنفيذ 3 مدارس هى (منشأة المغالقة الابتدائية - أبشادات الإعدادية) بالمنيا، ومدرسة (نجع سعيد) تعليم أساسى بقنا على عرض وحيد لعدم تقدم شركات أخرى لها، وهو أمر مخالف للمادة 29 من اللائحة التنفيذية للقانون.كما جاء بالتقرير أن تحريات «الرقابة الإدارية» أسفرت عن: لجوء مسئولى «الأبنية التعليمية» إلى طرح المشروعات فى مناقصات محدودة حتى تتم ترسية المناقصات على بعض الشركات دون اعتبار للمصلحة العامة. - وقيام مسئولى الهيئة بالمناطق التابعة لها بالتنسيق مع الشركات التى تم ترسية المناقصات (المحدودة) عليها قبل إرسال الأسماء المرشحة للتعاقد للهيئة لإرسال الدعوات الخاصة بالمناقصة، حيث تم تحديد الشركات مسبقا والاتفاق معهم بما يخل بمبدأ الشفافية لتحقيق الصالح العام، كما يهدر مبدأ تكافؤ الفرص بالنسبة للمقاولين المقيدين بها، ويخل بالشرط الوارد بموافقة رئيس مجلس الوزراء على الطرح عن طريق المناقصة المحدودة، بشرط دعوة أكبر عدد من المقاولين حتى يتسع تشغيل العمالة وتوزيع معاملات التشغيل. - وبمناقشة المسئولين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية أفادوا بأن الطرح بنظام القوائم المسعرة قد تمت الموافقة عليه بمعرفة رئيس مجلس الوزراء، وأن اعتراض مفوض الدولة (عضو اللجنة) على أسلوب الطرح يعتبر اختلافا فى الرأى بين أعضاء اللجنة، والذى يتم الفصل فيه بمعرفة السلطة المختصة وفقا للقانون - على حد قولهم - واستدرك تقرير «الرقابة الإدارية» على هذا الرد بما يلى:تجدر الإشارة إلى أن ما أفاد به مسئولو الهيئة «الأبنية التعليمية» مخالف لأحكام المادة 24 من اللائحة التنفيذية التى تنص على أن الاختلاف الذى تبت فيه السلطة المختصة هو اختلاف اللجنة على أحد العطاءات فقط، وأن القانون يعطى مفوض مجلس الدولة الحق فى التحفظ على أسلوب الطرح كونه عضو إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة ويحق له التوجيه بالإلغاء فى حالة عدم اتباع الجهة الإجراءات القانونية السليمة. وأوصت «الرقابة الإدارية» فى ختام تقريرها بتشكيل لجنة فنية ومالية لتقييم أعمال الإنشاءات الجديدة ب «الأبنية التعليمية» واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفات..وبإحالة تقرير «الرقابة الإدارية» إلى أحمد عبدالمنعم رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير التربية والتعليم بشأن مخالفات الهيئة بشأن إسناد أعمال الإنشاءات الجديدة بالهيئة أمر بتشكيل لجنة فنية ومالية وقانونية برئاسة نائب مدير الهيئة ورئيس الإدارة المركزية لشئون الفروع وعضوية مديرى عموم (الشئون المالية، والمشتريات والمقايسات والتسعير، والمدد، والختاميات والشئون القانونية، ومديرى عموم المناطق المعنية) لدراسة ما ورد بكتاب «الرقابة الإدارية». والتى خلصت إلى أن جميع الإجراءات التى تمت وفقا لأحكام القانون !!. وأفادت أن جميع أعضاء مجلس الدولة الذين اشتركوا مع الهيئة فى طرح جميع مناقصاتها منذ بداية عملها ولم يعترضوا على هذا الأسلوب، لاسيما المستشارين الذين حضروا فى مناقصات أخرى فى ذات توقيت المناقصة رقم (5) وذكرت أ ن قرار الهيئة نهائى لا معقب عليه طالما خلا من إساءة استخدام السلطة!! وبهذا تتجاهل اللجنة التحفظات القانونية على طريقة الطرح المعيبة وإهدار المال العام فى فروق أسعار بملايين الجنيهات راحت فى جيوب المقاولين دون وجه حق..وواصلت اللجنة المكونة من مهندس محسن عبيد، رئيس اللجنة نائب مدير الهيئة ورئيس الإدارة المركزية لشئون الفروع، ومجدى عبدالعزيز، مدير عام الشئون المالية، وأحمد عبدالظاهر، مدير عام المشتريات، ومهندس حسنين رضوان، مدير عام المقايسات ومهندس ممدوح جندى، مدير عام تسعير المدد والختاميات، وسيد يحيى، مدير عام الشئون القانونية تفنيدها لملاحظات وانتقادات«الرقابة الإدارية» على طريقة ذر الرماد فى العيون، بجدل قانون وتفاصيل لائحية لإثبات صحة إجراءاتهم المخالفة لصريح القانون والتى أدت لإهدار ملايين الجنيهات على الهيئة من المال العام لحساب مقاولين بعينهم..فإذا كان وجود مفوض الدولة بالهيئة لمجرد التوقيع على إجراءات يشوبها مخالفة صريحة للقانون، يصبح وجوده غير ذى جدوى، وإذا كانت تحفظاته ينظر لها على أنها مجرد خلاف فى الرأى، ويتم إقرار الخطأ برغم اعتراضه الصريح والمباشر و القاطع، فما تبقى من القانون فى دولة القانون؟! ومن هنا يصبح لزاما علينا - كمنبر إعلامى عام - التصدى لهذه المخالفات وكشفها للنائب العام موثقة بالمستندات ليفصل فيها بحكم القانون حتى يتبين الحق من الباطل، حفاظا على المال العام.