تفعيل الأجهزة الرقابية والتنسيق بينها بما يخدم المال العام ويضرب بيد من حديد علي الموظف المنحرف حلم كل مصري يخشي علي وطنه من ان تضيع ثرواته بين رشاوي واهدار مال عام وسوء ادارة. علي مدي العشرين عاما الماضية خسرت مصر 3.1 تريليون جنيه بسبب الفساد الاداري بما يعني اننا نخسر 300 مليار جنيه سنويا وبمعني ادق ربع ميزانية الدولة وما يعادل مليون فرصة عمل سنويا يحدث ذلك بينما الارقام تقول ان في مصر 36 جهازا رقابيا في مختلف التخصصات مما يثير العشرات من علامات الاستفهام حول القائمين علي هذه الاجهزة وفعاليتها علي الأرض وطبيعة التعامل مع تقاريرها. فيما يخص الفساد الاداري هناك ثلاثة جهات تتعامل في مصر الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الادارية والنيابة الادارية ولكل اختصاصه لذا فقد استقبل الشارع المصري تقرير الرقابة الادارية الأخير بتفاؤل خاصة وان الهيئة اعلنت عن اسلوب جديد في العمل الرقابي عبر تطويع امكانياتها البشرية لتحقيق مصلحة الدولة وبما يتماشي مع النظم الحديثة حيث استحدثت ولأول مرة قطاعات لتنمية الموارد البشرية والرقابة الوقائية وعم الاستثمار ومتابعة المشروعات القومية والأهم هو تصعيد الكفاءات من الكوادر الشبابية بعيدا عن الانظمة التقليدية للترقية. وقد جاءت الثمار سريعا بضبط 687 جريمة شملت 2859 متهما احيلت للنيابات العامة وفحص 547 شكوي و2634 عملا ميدانياً و493 مخالفة تم نشرها بوسائل الاعلام المختلفة و1757 تحريا بطلب من قطاعات الدولة المختلفة وبلغ العائد المادي المحقق من كل ذلك هو 927 مليون جنيه. هيئة الرقابة اعلنت ايضا عن رصد مال عام جار تحصيله بما قيمته 5.3 مليار جنيه وتوجيه بعض وحدات الجهاز الاداري للاستفادة من الامكانيات المتاحة بما يعادل 2.1 مليار جنيه وتصريف مخزون راكد قيمته 465 مليون جنيه. ايضا كشف التقرير عن احالة 1187 موظفا للنيابة وتنحية 167 موظفا عاما من مواقعهم وقد استطاعت الرقابة الادارية الكشف المبكر عن أوجه التلاعب والانحراف في المال العام بما يعادل 2 مليار جنيه وتحسين مستوي الخدمة العامة في 179 موقعا خدميا. من جانبهم وضع القانونيون روشتة اكثر فعالية للرقابة الادارية فرغم اقرارهم بالدور الذي تلعبه الرقابة الادارية لوقف شلال الفساد الا انهم اشاروا لضرورة وجود نيابات مختصة ومحاكمات سريعة تتعامل مع هذه التقارير بنفس درجة الحماس حتي لا تضيع الجهود بسبب العدالة البطيئة وهم وان كانوا اتفقوا علي ذلك الا انهم اختلفوا حول الجهة المختصة بمراقبة عمل هذه الأجهزة ففي الوقت الذي طلب البعض ان توضع تقارير هذه الاجهزة أمام مجلس الشعب رفض البعض الآخر ذلك حتي لا يتحول الأمر من تقويم واصلاح لحملات تشهير. هبة عباس - نفيسة مصطفي أعرب الشارع المصري عن سعادته بتطوير وتحديث اسلوب العمل الرقابي بما يتماشي مع النظم الحديثة والتي أثمرت عن ضبط 687 جريمة جنائية شارك فيها 2859 متهما في قضايا فساد ورشوة احيلوا جميعا للنيابة مما وفر عائدا ماديا وصل إلي ما يقرب من 927 مليون جنيه وتوقعات بافساد صفقات تحت الترابيزة بقيمة 3 مليارات ونصف. ورغم التطور الهيكلي في آلية عمل الرقابة الادارية وضع حد للرشوة والمحسوبية داخل جميع قطاعات الدولة إلا ان المواطنين اعتبروا ان توحيد الجهات الرقابية الطريق الصحيح للقضاء علي امبراطوريات الفساد داخل المصالح الحكومية لتعود الثقة في تلك الجهات مطالبين بكشف دوري للفاسدين واجراء محاكمات ناجزة. يقول سعيد عمران - البراجيل - في الماضي كنت اعتقد ان الرقابة الادارية مجرد جهة تراقب الجهات الادارية في الدولة من ناحية الحضور والانصراف والعلاوات والحوافز وبعض المصروفات لكنني فوجئت انها تراقب ماليا تلك الجهات مما جعلها تتعارض في الاختصاصات مع الجهاز المركزي للمحاسبات لذلك أفضل ان تعمل جميع الجهات تحت لواء واحد حتي لا تتضارب الأعمال وتظهر أجيال جديدة اكثر شراسة من المرتشين في جميع مؤسسات الدولة لذلك يجب الاسراع في تقسيم الادوار ومنح الصلاحيات لكل جهة لمنع التلاعب واهدار المال العام في المزايدات والمناقصات واللجان التي تعد سبوبة للكبار. ويضيف سامح هنداوي من القليوبية لم اتوقع تحقيق الرقابة الادارية لهذا الكم الهائل من النتائج خلال تلك الفترة القليلة للغاية حيث كشفت مئات القضايا المتعلقة بالرشوة والفساد منذ تولي رئيسها الحالي المنصب في ابريل الماضي وكل يوم تثبت انها تسير وفق خطة ممنهجة لبتر ايادي المتلاعبين بآلام المواطنين ومقدرات الوطن لذا يجب علي القيادة السياسية حث تلك الجهة الرقابية علي مواصلة تلك الجهود لتطهير البلاد من شلة "الافاقين" الذين عاثوا في الأرض فسادا واستباحوا حرمات الوطن في صورة منح رخص للمخالفات والسماح بالتعدي علي أراضي الدولة نظير عدة آلاف من الجنيهات تكلف خزينة الدولة الملايين. أما محسن الكومي من بني سويف فيري انه آن الأوان لكشف امبراطوريات المرتشين بالمحليات ووحدات المرور والمستشفيات والمجالس الطبية المتخصصة بعد سنوات طويلة من تحصيل أموال حرام من جيوب الكادحين لانهاء مصالحهم مطالبا بفصل كل من يثبت تورطه في الحصول علي رشوة وعدم الاكتفاء بمجازاته بخصم من راتبه أو ايقافه عن العمل لأن من شب علي شيء شاب عليه ومن أكل الحرام فمن المستحيل ان يتخلي عنه حتي لو تم نقله بعيدا عن التعاملات المباشرة مع الجماهير. وتري عزيزة خليل من القناطر الخيرية ان تعدد اشكال الفساد في مصر أوقف عجلة التنمية وتسبب في هروب المستمرون ووضع الحكومات المتعاقبة في مأزق بتهمة القصور التشريعي وتعدد الأجهزة الرقابية وتداخل أعمالها وصلاحياتها وراء تفاقم الظاهرة التي استفحلت واستحلت كل موارد الدولة وعرق المواطنين مطالبة بتقرير شهري حول قضايا الفساد بشرط ان تعرض علي مجلس الشعب وليس رئاسة الجمهورية. عصام شوقي - محام حجم الفساد في مصر قبل الثورة وخلال حكم النظام البائد كان بصورة غير مسبوقة وتنوعت صوره من رشاوي وعمولات وأموال مهدرة بسبب السياسات التي اتبعها النظام علي مدار 30 عاما من أجل السيطرة علي مفاصل الدولة لذا يجب عمل تقارير شهرية وعرضها خلال ثلاثون يوما من صدورها واتخاذ الإجراءات المناسبة بالاضافة إلي عرضها علي الرأي العام حتي تتحقق الشفافية وتعود الثقة بين الشعب وأجهزة الدولة. ويؤكد عمرو يسري أعمال حرة ان الفساد داخل مؤسسات الدولة مازال موجودا بالرغم من قيام ثورتين لمنعه ومحاربته فالرشوة مازالت هي السبيل الوحيد لانجاز أي شيء في المحليات والموظف لا يؤدي واجبه الا بعد الحصول علي "هدية" ويحدث ذلك في أغلبية المؤسسات ففي ادارات المرور ومكاتب التراخيص لا يتم انجاز أي عمل الا بعد دفع الاكراميات. ويؤكد ايمن هريدي مهندس ان الفساد تفشي بشكل لم يسبق له مثيل متسائلا اين الرقابة علي الاسعار وفي الوقت الذي لا تشعر فيه الحكومة بمعاناة المواطن حتي اصبحت الاسعار في ارتفاع مستمر وكان من المفترض ان يتواجد مفتشو التموين ويفعل دور جهاز حماية المستهلك ويتم تنظيم حملات علي الاسواق بدلا من الجلوس في المكاتب ولكن للأسف الكل يحتاج إلي رقيب حتي يقوم بدوره. مصالح ويشير مصطفي عبدالوهاب موظف ان الشعب المصري يعاني من عدم وجود نخبة تستطيع توظيف قدرات المصريين خاصة الشباب ودفعهم نحو مستقبل أفضل والبعد عن مصالحهم الشخصية مؤكدا انه من اسباب تأخر قطار التنمية في مصر ان كل من جاء للسلطة لا يسير نحو المصلحة العامة بقدر ما يسير علي محو خطط من سبقه للمنصب حتي يسقطه من ذاكرة الناس وقد تفننوا في السير عكس اتجاه السابقين فجميع الحضارات لا تقوم علي انكار الذات بقدر ما تقوم علي نتاج العمل المتكامل. أحكام قضائية أحمد حسام مدير شركة كمبيوتر يعتبر الفساد بجميع اشكاله ضد الاستقرار الاجتماعي لأنه ببساطة يلوث الحياة العامة ويضع فوارق طبقية بين الأغنياء والفقراء ويضعف الثقة بين المجتمع والحكومة ويجب ايجاد حلول من أجل اصلاح جميع مؤسسات الدولة والقضاء عليه واصدار الاحكام القضائية المتعلقة بالفساد بعد ان امتلأت أروقة المحاكم بقضاياها ومن أجل وجود رقابة ادارية مفعلة صمام أمان. ويشير خليل ابراهيم إلي أن الفساد موجود في مصر منذ سنوات طويلة وتفشي بداخل مفاصل مؤسسات الدولة نتيجة لغياب الرقابة الصارمة وعدم تقديم الفاسدين للمحاكمات فور اثبات اتهامهم بالرشوة واهدار المال العام وعلي الرغم من وجود قضايا عديدة للفساد إلا انه لن تصدر أي احكام قضائية ضدهم حتي الآن مما فتح المجال للاستيراد علي المال وانتشار الرشوة داخل الاجهزة الادارية بالدولة وتفعيل الرقابة الادارية سيضع حدا لكثير من مظاهرات الفساد في الدولة. تفعيل القوانين ويرجع محمد محمد مهندس جرافيك انتشار الفساد بكافة أشكاله في البلاد إلي عدم تفعيل القوانين والتشريعات وهو ما تحاول ان تعدله الرقابة الادارية الآن مما تسبب في وصول مصر لمستوي متدن في الخدمات فضلا عن ان هناك بعض القيادات بداخل مؤسسات الدولة تتفادي الوقوع في مشاكل ومشاحنات مع الموظفين ولا تهتم بالتقارير السنوية وتقييم الاداء خوفا منهم. ويشير سيد حسني لوجود تلاعب واضح في المستندات الخاصة بقضايا الفساد داخل الاجهزة الحكومية بسبب وجود منظومة للفاسدين يديرها مجموعة من منعدمي الضمير والأخلاق وفور الابلاغ عنهم يقوم اعضاء المنظومة باخفاء الأوراق واعدامها وهو ما يؤدي إلي عدم عرض القضايا بالشكل القانوني السليم علي الجهات المختصة. احمد راضي - محاسب يقول اخيرا بعد ثورتين سيحاكم المسئولون لأننا لم نسمع عن محاكمة مسئول واحد بتهمة الفساد فهم يحاكمون فقط علي قتل المتظاهرين علي الرغم من ان جرائم الفساد لا تقل أهمية عن قتل النفس. الواسطة والمحسوبية يوضح أمين سيد - موظف ان تفشي الفساد والواسطة والمحسوبية يظهر جليا في التعيينات في الجهاز الاداري بالدولة فتكون الوظائف بالوراثة بالمخالفة للدستور بالاضافة إلي أن الجهاز الاداري للدولة اصبح مكدسا بالعمالة الزائدة بجانب قلة كفاءة العاملين. ويري عز عبدالعزيز - أعمال حرة ان النتائج السلبية لتفشي الفساد في مصر اطاحت بمال وطموحات ابناء الشعب فاهدار الأموال والثروات تشكل منظومة تخريب وافساد ومزيد من التأخر في عملية البناء والتقدم ليس علي المستوي الاقتصادي والمالي فقط بل امتدت آيادي الفاسدين إلي افساد الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية. المصالح تتصالح ويشير حازم منصور - أعمال حرة إلي أن عدم فصل الموظف المخطيء والمذنب يؤدي إلي زيادة اعداد الفاسدين في جميع مفاصل الدولة خاصة الأماكن التي تتعامل مع الجمهور وانتشار خدمات "الدرج مفتوح" و"المصالح تتصالح" والتي تحولت لشعار رائج بجميع المؤسسات والمصالح الحكومية. أشرف عبداللطيف - موظف يري ان الفساد يأكل أركان الجهاز الاداري للدولة منذ عقود طويلة ولم تستطيع الاجهزة الرقابية وقف هذا الطاعون مطالبا بسرعة القبض علي كل فاسد يثبت ادانته في قضايا فساد واهدار المال العام حتي يصبح عبرة لغيره..يتفق معه احمد عباس قائلا هناك ابراج سكنية مخالفة وفي أماكن متميزة علي مرأي ومسمع من الجميع ولا أحد يحرك ساكنا مطالبا بأن يتولي قيادات الادارات والهامة بداخل اجهزة الدولة لواءات من الجيش والشرطة ورؤساء احياء شرفاء حتي نقضي علي الفساد. الاقتصاديون: 300 مليار جنيه سنويا فاتورة الفساد الإداري رشا عاطف - آية محمود أكد خبراء الاقتصاد ان فاتورة الفساد الاداري تكلف الدولة 003 مليار جنيه سنويا مما أرهق موارد البلاد واستثماراتها وأفشل الأجهزة الادارية والتنفيذية وتقلص فرص السياحة والاستفادة من تلك الأموال في المشروعات القومية. هذا ما يؤكده د. صلاح جودة خبير اقتصادي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية مشيرا إلي أن الفاتورة خلال العشرين عاماً الماضية قد بلغت حوالي 3.1 تريليون جنيه وذلك بسبب التشريعات التي تشجع الفاسدين علي فسادهم وتعاقب المبلغين عنهم الأكثر من ذلك هناك مادة في تشريعات مكافحة الفساد تلزم المبلغ عن عملية فساد بدفع ثلث الغرامة الموقعة علي الموظف الفاسد. وأضاف الفساد انتشر واستشري كالوباء في جسد الأمة المصرية سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا سواء في الرشاوي التي كانت تدفع لكبار الساسة والمسئولين والاهدار الذي تم في الخصخصة التي تمت خلال الفترة من بداية التسعينيات وحتي عام 2010 وكذلك الاهدار في المال العام والتربح والاستيلاء علي المال العام وجرائم تسهيل الاستيلاء للغير علي المال العام كما ان هناك عنصرا هاما من عناصر الفساد والافساد الاقتصادي ألا وهو صدور قرارات اقتصادية وقوانين من أكبر المجالس التشريعية تخدم فئة معينة ضالة هي الفئة التي كانت مسيطرة علي مقاليد الحكم والحياة السياسية والاقتصادية في ذلك الوقت الذين كانوا يديرون دفة الأمور في مصر خلال العشرين عاما الماضية فنجد ان هناك حالات اثراء غير مشروع قد ظهرت علي البعض وهناك حالات استيلاء من البعض علي بعض المشروعات القومية والمشروعات الهامة وقد كان يمكن الاستفادة من هذه الأموال في سداد جميع المديونيات وبالتالي نعفي من سداد ما يقارب 100 مليار جنيه سنويا عبارة عن فواتير القروض المستحقة علي مصر داخليا وخارجيا. هذه الأموال أيضا كان يمكن الاستفادة منها في ايجاد مشروعات جديدة والعمل علي خلق فرص عمل جديدة لا تقل عن 6 ملايين فرصة عمل سنويا وبالتالي فإن عائد هذه الأموال كان سيتم ضخه داخل شرايين الاقتصاد القومي ولا يتم تجريفه إلي الخارج أي ان هذه الأموال حتي في حالة سرقتها بمعرفة الفاسدين لو كانت داخل مصر وتم بها الاستفادة في خلق وظائف جديدة كان هذا سيخفف عبء الاستيلاء علي المال العام. ربع موازنة الدولة ويضيف عاصم عبدالمعطي رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد ووكيل الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا ان الحكومة ليس لديها خطة واضحة لمكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة موضحا أنه للتخلص من الفساد لابد من الفصل بين السلطات مشيرا إلي أن فاتورة الفساد حرمت المواطن المصري من ربع الموازنة العامة للدولة كنتيجة أولي في شكل اهدار للمال العام والاختلاسات والاهمال في القطاع الحكومي من خلال الجهاز الاداري العام للدولة وشركات القطاع العام والاعمال والهيئات العامة الاقتصادية والخدمات. ومن أهم اسباب الفساد وجود مجموعة من التشريعات التي تم سنها خلال العشرين السنة الأخيرة يترتب عليها تقنين نظام الفساد وترتب علي ذلك ضعف الاجهزة الرقابية وعدم استقلاليتها بالاضافة لتلون السلطة التنفيذية وغياب السلطة التشريعية عن الساحة وترتب علي ذلك عدم وجود رقابة متبادلة بين السلطات الثلاثة وبالتالي استحوذت السلطة التنفيذية علي مفاصل الدولة. وشدد عبدالمعطي علي ضرورة وجود رقابة متبادلة بين السلطات الثلاثة لتدعيم الديمقراطية التي يتم من خلالها استبعاد سيطرة الأجهزة التنفيذية علي الرقابة وكذلك استقلالية الأجهزة الرقابية للدولة ودعم دورها لمكافحة الفساد والا تكون كل سلطة في جزيرة منعزلة عن الآخر كما نبه إلي ضرورة توعية المواطن المصري عبر وسائل الاعلام المختلفة ان الفساد يترتب عليه حرمانه من ربع موازنة الدولة وبالتالي يكون المواطن هو خير رادع للفساد مؤكدا ضرورة تقنين حرية الافصاح والشفافية وتداول المعلومات بالاضافة إلي حرية تداول التقارير الرقابية ونشرها بوسائل الاعلام وعلي الرأي العام ووجود دور فعال لجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني وتفاعلها مع المواطن من جهة ومع الأجهزة الرقابية من جهة أخري لاكساب محاربة الفساد حقها الرئيسي بالمجتمع الآن. هروب الاستثمار ويري د.محيي عبدالسلام خبير التمويل والاستثمار ان الفساد داخل مؤسسات الدولة يؤثر علي العوامل الاقتصادية متمثلا في تدني كفاءة الاستثمار العام واضعاف جودة البنية التحتية بسبب الرشاوي الذي أصبح كثيرون من العاملين بالدولة ينظرون إلي هذا النمط من الفساد علي انه وسيلة مقبولة اجتماعيا للحصول علي حقوق واتخاذ للفساد مسميات اخري مثل الاكرامية والشاي وهذا يرسخ الفساد في الأجهزة الحكومية ويعرقل جهود مكافحته موضحا ان انتشار الفساد في المجتمع يؤثر سلبا علي العدالة في التوزيع لصالح الفئات الأكثر قوة علي حساب الفئات الفقيرة لذلك لابد من ضرورة وجود إجراءات لمواجهة هذا الفساد ورغم وجود العديد من الهيئات والجهات الرقابية في مصر الا انه لا يوجد تحديد واضح لاختصاصاتها وبالتالي لابد من ضرورة العمل علي مراجعة القوانين واللوائح وتقوية الادوار الرقابية واعداد كوادر بشرية مؤهلة لمكافحة الفساد وتفعيل مشاركة المجتمع المدني وقطاع الأعمال في نشر التوعية المجتمعية وتكوين رقابة شعبية قادرة علي مواجهة الفساد. رجال القانون: نيابات مختصة لتفعيل جهود المواجهة يحيي مدبولي - سماح صابر اختلف خبراء القانون حول مساءلة الأجهزة الرقابية أمام مجلس الشعب.. فالبعض رأي انها وسيلة مثمرة لوضع الفساد أمام ممثلي الشعب وكشفه والبعض الآخر اعتبر ذلك اخلالا بالمبدأ القانوني المتهم بريء حتي تثبت ادانته.. ولذا فإن عرض مثل هذه التقارير قد يضر بأسرار العمل ويتحول من وسيلة للإصلاح إلي التشهير إلا انهم اتفقوا علي أهمية تفعيل دور الرقابة الادارية بتحويل تقاريرها لنيابات مختصة سريعة ومحاكمات لها نفس الصفة. احمد ابراهيم عبدالعزيز الخبير القانوني ووكيل أول وزارة الجهاز المركزي للمحاسبات أوضح وجود ثلاثة اجهزة رقابية رئيسية وهي الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الادارية والنيابة الادارية وكل جهة لها عملها المحدد طبقا للقانون ومفهوم تداخل الاختصاصات فيما بينهم مفهوم خاطيء لأن كل منهم له اختصاصه فالجهاز المركزي للمحاسبات يختص بمراجعة المال العام بعد صرفه والرقابة الادارية دورها الفحص والتحريات قبل الصرف أمام النيابة الادارية دورها التحقيق في التقارير المقدمة لها من الأجهزة الرقابية وباقي الأجهزة الرقابية كل جهاز منوط بعمل خاص مثل جهاز الرقابة علي الصادرات والوادرات وهو يري انه من الأفضل العودة للماضي عندما كان الجهاز المركزي للمحاسبات مثلا هيئة مستقلة بذاتها ومعاونة لمجلس الشعب في كل قضايا الفساد المتعلقة بجميع هيئات ومؤسسات الدولة إلي ان صدر قرار عام 2009 بتغيير القانون ليكون الجهاز هيئة مساندة لرئيس الجمهورية مما جعله عبئا علي كاهل الرئيس. ويري المستشار القانوني محمد جلال ان المشكلة الحقيقية ليست في الأجهزة الرقابية ولكن في تفعيل قراراتها وآلية التي تنفذ بها مما يقتضي وضع لائحة وقوانين تحدد خطة لعملها وتحول تقاريرها لنيابات مختصة سريعة الإجراءات والتحقيقات للبت في قضايا الفساد بشكل سريع ومواجهتها ويضيف عودة الجهاز المركزي للمحاسبات مثلا للعمل مع مجلس الشعب لجعله فعالا في كشف قضايا الفساد لأن مجلس الشعب جزء من السلطة التشريعية ومهمته خدمة محاربة الفساد. ويوضح الخبير القانوني جميل عبدالباقي استاذ القانون الجنائي ووكيل كلية حقوق عين شمس اننا تمكنا من الاستفادة من تعدد الأجهزة الرقابية في مصر وهو بالمناسبة موجود في الأنظمة الأجنبية وناجح لأن ذلك من شأنه ان يخلق نوعا من التنافس واثبات الجدارة فيما بينهم والمطلوب رسم الضوابط لكل جهاز رقابي حتي لا تختلط الأمور وهو يري ان محاربة الفساد تقتضي اتخاذ النيابة اجراءات سريعة قضايا الفساد والضرب علي الحديد وهو ساخن تحقق النيابة بسرعة وتحول القضايا للمحكمة التي تصدر احكاما سريعة تنفذ بشكل صارم. وقد أكد ذلك مصدر قضائي بأن تعدد الاجهزة الرقابية يؤدي في معظم القضايا لتأكيد المعلومات الدالة علي مخالفة القانون لمنع وجود تعمد طبقا لقانون هيئة الرقابة الادارية رقم 54 لسنة 1964 الذي ينص علي قيام الهيئة بعدة مهام وهي البحث والتحري عن اسباب القصور في العمل والانتاج واستبدال ذلك القصور باقتراحات تلافي العيوب والعوار الذي يصيب العمل والانتاج. اضاف المصدر القضائي ان كشف عيوب النظم الادارية والفنية والمالية التي تعرقل العمل والانتاج المنتظم للأجهزة العامة من أهم مهام هيئة الرقابة الادارية حيث يستغل بعض الموظفين اصحاب النفوس الضعيفة تلك العيوب الموجودة ويقومون بمخالفات ادارية ومالية وفنية تعود عليهم بمكاسب مالية وهناك العديد في تلك القضايا كشفتها الهيئة. ويتحفظ المصدر القضائي علي فكرة عرض تقارير الاجهزة الرقابية علي مجلس الشعب قائلا ان ذلك يجب ان يتم من خلال النائب العام حتي لا يضر بسير التحقيقات فالمبدأ العام المتهم بريء حتي تثبت ادانته ولذلك فعرض تقرير الاجهزة الرقابية بمجلس الشعب يتحول من كشف فساد ومحاربته إلي جريمة تشهير في حق الاجهزة والموظفين المشار إليهم في التقارير. يقول المحامي بالاستئناف ومجلس الدولة ان الرقابة الادارية دور كبير في التحري عن حالات الكسب غير المشروع تنفيذا لقانون الكسب وذلك بناءا علي ما تقرره هيئات الفحص والتحقيق بادارة الكسب غير المشروع وقد ساعدت في كشف العديد من قضايا الفساد الاداري المتطورة أمام القضاء من خلال التحري عن العمليات والمعاملات المالية التي يشتبه انها يعتمد غسيل الأموال وذلك من خلال التنسيق وتبادل المعلومات في وحدة مكافحة غسيل الأموال بالبنك المركزي وجمع المعلومات من الاجهزة الرقابية الاخري وكل ذلك في سبيل ضغط اموال الشعب داخل وخارج الدولة. ويختلف معها شوكت عزالدين المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة مؤكدا ان تعدد الاجهزة الرقابية بالدولة قسم المسئولية بينهم مما قلل التركيز علي كشف قضايا وجرائم الفساد الاداري بالدولة لذا يجب تقليل الاجهزة الرقابية حتي يلمس العاملون بتلك الاجهزة مدي أهمية دورهم ومسئوليتهم الوظيفية والتركيز علي محاربة الفساد وكشف جرائم الرشوة واستغلال مهام الوظيفة وسرقة المال العام. واضاف شوكت انه يجب استغلال وجود العديد من الاجهزة الرقابية بالدولة بتفعيل دورها بايجاد الدواء لداء الفساد الاداري عن الطريق التحري والبحث عن اسباب وجود بعض موظفي الدولة ضعاف النفوس ومعالجة تلك الاسباب بالقضاء عن الفقر الذي ساد بين موظفي الدولة بجميع المصالح الحكومية ووصل الأمر إلي الخاص تلك الاجهزة عليها الكشف عن مشاكل الموظفين الاسرية واثرها علي المال العام. لذا محاربة الفساد الاداري علينا مواجهته قبل ان تقع الظروف غير الملائمة بتلافي العراقيل التي تصيب موظفي الدولة سواء عدم وجود تأمين صحي مناسب واجور مناسبة تساعد في سد احتياجات المعيشة الضرورية. ويناشد شوكت عزالدين النائب العام الاذن لجميع قضايا الفساد بالنشر بعد انتهاء التحقيقات لتعلم جموع الشعب من الجاني.