37 عاماً على مرور ذكرى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التي تمت في 26 مارس 1979، بعد اتفاقية كامب ديفيد الموقعة في 1978، أي خلال ستة عشر شهراً بعد زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى إسرائيل في عام 1977 بعد مفاوضات مكثفة، التي أنهت حالة الحرب العربية الإسرائيلية منذ 1948، وظهرت الحالة الرافضة من الدول العربية لتلك المعاهدة منذ التمهيد لها وزيارة "السادات" لإسرائيل. تمهيد إسرائيل بعد حرب أكتوبر، أدرك الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عدم التطبيق الكامل لبنود القرار رقم 338، والنتائج الغير مثمرة لسياسة استعمال جهة ثالثة وهي الولاياتالمتحدة كوسيط بين العرب و إسرائيل، أدت هذه العوامل إلى تعثر وتوقف شبه كامل في محادثات السلام ومهدت الطريق إلى نشوء قناعة لدى الإدارة الأمريكية المتمثلة في الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر بأن الحوار الثنائي عن طريق وسيط سوف لن يغير من الواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط. وكان لفوز حزب الليكود في الانتخابات الإسرائيلية عام 1977، تغييرات سياسية داخلية في إسرائيل، والذي كان لا يعارض فكرة انسحاب إسرائيل من سيناء ولكنه كان رافضا لفكرة الانسحاب من الضفة الغربية. ترحيب مصري في المقابل، بدأ الرئيس الراحل محمد أنور السادات تدريجيا يقتنع بعدم جدوى القرار رقم 338، إضافة إلى تدهور الاقتصاد المصري وعدم ثقة السادات بنوايا الولاياتالمتحدة بممارسة أي ضغط ملموس على إسرائيل مهد الطريق للسادات للتفكير بأن على مصر أن تركز على مصالحها بدلا من مصالح مجموعة من الدول العربية وكان السادات يأمل إلى أن أي اتفاق بين مصر و إسرائيل سوف يؤدي إلى اتفاقات مشابهة للدول العربية الأخرى مع إسرائيل وبالتالي سوف يؤدي إلى حل للقضية الفلسطينية. "السادات" في الدول العربية لإقناعهم وفي إطار رغبة السادات لتنشيط العلاقات بين مصر وإسرائيل، فقد قال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في حواره مع الإعلامي عماد أديب في عام 2005، إن السادات اتخذ قرار زيارة إسرائيل بعد تفكير طويل حيث قام السادات بزيارة رومانيا و إيران والسعودية قبل الزيارة وصرح في خطاب له أمام مجلس الشعب أنه "مستعد أن يذهب إليهم في إسرائيل"، وإلقاء خطاب أمام الكنيست والتباحث مع المسؤولين الإسرائيليين لإيجاد تسوية عادلة وشاملة لأزمة الشرق الأوسط. وزار سوريا قبيل زيارة إسرائيل وعاد في نهاية اليوم بعد أن حدثت مشادة كبيرة بينه والسوريين لأنهم كانوا معترضين علي الزيارة. رفض العرب لزيارة "السادات" لإسرائيل وفي 11 نوفمبر 1977، أعلن مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل، ترحيبه بمبادرة السادات ووجه إليه عن طريق السفارة الأمريكية دعوة رسمية لزيارة فلسطينالمحتلة. وفي الفترة بين 19-21 نوفمبر من العام نفسه، قام السادات بزيارة القدسالمحتلة حيث ألقى أمام الكنيست خطابا عرض فيه وجهة نظره في الصراع العربي الإسرائيلي وضمنه بعض اقتراحات لتسوية هذا النزاع، والتعبير عن رغبة الشعب المصري في السلام وصدق نيته في تحقيقه، واعترافه بوجود إسرائيل وقبولها في المنطقة في ظل سلام عادل ودائم، وتأكيد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي العربية المحتلة بعد حرب 1967 بما في ذلك القدس العربية والاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه في العودة واقامة دولته. أما الموقف الإسرائيلي، فقد تحدث رئيس الوزراء وكافة المسؤولين الإسرائيليين خلال الزيارة، عن ماهية السلام الذي تريده إسرائيل وكيفية ضمانه، والمطالبة بأن يتم تحقيق هذا السلام بواسطة معاهدة تنتج عن مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة مع أطراف الصراع الأخرى، أي سوريا والأردن ومن أسمتهم إسرائيل ممثلين حقيقيين للشعب الفلسطيني. المؤتمر التحضيري في القاهرة ونتيجة لزيارة "السادات" القدس، تم الاتفاق على عقد مؤتمر تحضيري لتسوية المسائل الإجرائية ووضع أسس الحل المرتقب. وفي 26 نوفمبر 1977 وجهت مصر الدعوات إلى كل من إسرائيل والأردن وسوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية ولبنان بالإضافة إلى الأممالمتحدة والاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدة لحضور هذا المؤتمر التحضيري في القاهرة في 14 ديسمبر 1977. ولكن من شاركوا في المؤتمر فعلا كانوا مصر واسرائيل والولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة، فقد رفضت الدول العربية والاتحاد السوفيتي الدعوة من أساسها. كامب ديفيد في 25 ديسمبر 1977 التقى السادات، بيجن في مدينة الإسماعيلية، وتم رسميا طرح مشروع بيجن للتسوية، ويشكل هذا المشروع في الواقع أهم ما جاء في اتفاقيتي كامب ديفيد وينقسم إلى جزئيين: الأول يتعلق بمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة، ويشمل الثاني قواعد التسوية مع مصر. معاهدة السلام عقب المحادثات المكثفة في كامب ديفيد، وفي 26 مارس 1979، وقع الجانبان المصري الإسرائيلي على معاهدة السلام في واشنطن، وكان أبرز بنودها؛ إنهاء حالة الحرب العربية الإسرائيلية المقامة منذ 1948، وإقامة علاقات ودية بين مصر وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967 بعد حرب الأيام الستة، إضافة إلى ضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية، ناهيك عن البدء بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242. ردود الفعل الغاضبة وكان في استقبال الاتفاقية، حدوث تغييرات على سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر، وعقدت الدول العربية مؤتمر قمة رفضت فيه كل ما صدر، واتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الخطوة المصرية، وتم تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية من عام 1979 إلى عام 1989، لكونها لم تشر صراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصير. ومن جهة أخرى حصل الموقعون، مناصفة على جائزة نوبل للسلام عام 1978 بعد الاتفاقية وفقاً لما جاء في مبرر المنح للجهود الحثيثة في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، أصبح أنور السادات الرئيس المصري آنذاك، لا يحظى بشعبية في الدل العربية، إضافة إلى مصر، حيث انتقدته فئات كثيرة في المجتمع، وأدى ذلك فيما بعد إلى حادث اغتيال "السادات" في 6 أكتوبر 1980 بواسطة أعضاء من منظمة الجهاد المصرية.