المنذر: "تركيا" في طريقها للتصعيد مهما كلفها الأمر مظلوم: الموقف الدولي يرفضه ولن يطبق على أرض الواقع عبدالحليم: نواة لانضمام بقية الأكراد من تركياوإيرانوالعراق
في ظل الصراع الدائر في سوريا منذ خمسة سنوات بين كافة الفصائل السورية، لم يتخذ الصراع شكلاً سياسياً مطلق بل إن أغلب أسباب الصراع هي أسباب طائفية عرقية. وفي نفس السياق أعلنت الأحزاب السورية الكُردية عن إقامة فيدرالية كُردية شمال سوريا، تضم ثلاث مقاطعات كُردية سورية كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة). لم يأتي هذا الإعلان بشكل مفاجئ، بل كان هناك مقترحات ب"فدرلة" سوريا، يتم بحثها منذ عدة أيام في مؤتمر "جنيف"، لكن المفارقة أن الأطراف الدولية دائماً ما كانت تتجاهل الأكراد في تلك المفاوضات. وبما أن سوريا ليست محل صراع سوري سوري، فإنه ليس بإمكاننا إغفال الموقف الدولي من هذا الإعلان. جاء الموقف التركي متماشياً مع الموقف الأمريكي، الذي يرفض إقامة "حكم شبه ذاتي" على حد تصريحات الدولتين، وهو موقف متوقع مع العداء التركي الواضح لأكراد سوريا، وبالرغم من تباين الموقف التركي الإيراني من الأزمة والحرب في سوريا، إلا أن هناك اتفاق على رفض إقامة منطقة حكم ذاتي في كردستان سوريا. أما "موسكو" كانت قد صرحت شخصيات دبلوماسية هامة في مفاوضات جنيف أنه ليس هناك مشكلة مع مسألة "فدرلة" سوريا بشكل عام، أما عن فدرلة كردستان العراق فترى أنه يجب التوافق على هذا الأمر مع كافة الفصائل السورية، وبشار الأسد رأى أن الإعلان الكردي "ليس له قيمة". والعراق آثر النأي بنفسه عن هذا الصراع السوري، فالحكومة العراقية ترى أنه شأن سوري على السوريين تقريره بأنفسهم.
مشهد جديد من جانبه رأى نعمان المنذر، متخصص بالشأن العراقي، أنه لا يجب النظر إلى المسألة الكردية بمعزل عن الصراع السوري ككل، معللاً ذلك بأنه منذ اندلاع "الحرب الأهلية في سوريا" في مارس 2013 فيما يعرف بالربيع العربي كان ظاهر الصراع أنه صراع بين السنة الأغلبية، وبين العلويين أي الفئة الحاكمة، إلا أن الأكراد قد حققوا مكاسباً بعد أن قدموا تضحيات. وأضاف المنذر ل"الفجر"، أنه لا يمكننا أيضًا مناقشة الأمر ذاته بمعزل أيضاً عن الهم الكردي الأكبر، المتمثل في حلم دولة كردستان، وخريطتها موجودة في كل بيت كردي. وأوضح أن هدف الأكراد منذ بداية الصراع في تركيا كان اكتساب شكل من أشكال الحكم الذاتي، فقد كان الأكراد مهمشون في كافة محاولات حل الصراع السوري من قبل جميع الأطراف، الأمر الذي بات جلياً منذ ما حدث في "كوباني". وأشار إلى أنه لم يتم دعوة الأكراد إلى مفاوضات جنيف التي تمت إقامتها بمبادرات أمريكية روسية، الأمر الذي استغله الأكراد لإقامة الحكم الذاتي، الأمر الذي أعتبره تكتيك سياسي بارع، متابعًا: "نحن الآن أمام مشهد جديد" فقد تم وضع الفيدرالية الكردية على طاولة المفاوضات كملف جديد، قبلنا أم رفضنا فالأكراد يديرون شؤونهم بأنفسهم منذ سنوات، هم فقط أعلنوا ذلك الآن، وعلى الجميع التعامل مع هذا المعطى الجديد. وعن الموقف التركي فلفلت المنذر إلى أن موقف تركيا حتى الآن لم يتخطى التصريحات، كما أن الهم التركي الكردي هو صاحب الأولوية لدى تركيا، لكن التصريحات التركية الأخيرة تعطي مؤشر على أن تركيا في طريقها للتصعيد مهما كلفها الأمر، كما أعلنت إيران رفضها الأمر، والعراق أعلن أنه لن يتدخل بذلك الشأن السوري الخالص. وبسؤاله عن كيفية إقامة الفيدرالية في ظل الموقف الدولي الرافض، أجاب موضحًا أن روسيا تدعم الموقف الكردي، حتى أنها قامت بافتتاح قنصلية كردية سورية لديها، لافتًا إلى أن هذا يعتبر حماية روسية للأكراد، وأن هذا كافٍ بشكل كبير. وأضاف أن التحدث عن تدمير الدولة المركزية بسوريا نوع من الهراء، فهل ما زال بسوريا دولة مركزية ليدمرها الأكراد؟!، ورأى أنه ليس من حق النظام السوري الحديث عن أن ما يفعله الأكراد هو طعنة في الظهر للوطن ووحدته، حيث أن النظام منذ عقود وهو يسحق الأكراد ثقافة ولغة، فليس من حق الأكراد الانخراط في الجيش "العربي" السوري لأنهم ليسوا عرب، وليس من حق نصف الأكراد استصدار هوية سورية، متسائلاً: "فكيف للنظام بعد هذه الممارسات التعجب من محاولة الأكراد إيجاد صيغة للتفاهم!". تركيا سيكون لها ردًا عسكريًا واستبعد اللواء جمال مظلوم، الخبير الاستراتيجي، إمكانية تحقيق هذا الإعلان على أرض الواقع، حيث أن الموقف الدولي يرفضه بالإجماع، متوقعًا أن تقوم تركيا بالرد عسكريًا. وتمنى مظلوم، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن يتم حل المسألة بشكل سلمي دون تكرار المشهد العراقي الذي وصفه بالمأساوي مرة أخرى. "فدرلة" سوريا لن تحقق مطمع أمريكا كما رأى اللواء أحمد عبد الحليم، الخبير الاستراتيجي، أن حدوث ذلك أمرًا طبيعيًا في ظل الصراع الدائر في المنطقة خاصةً تركيا، متوقعًا أن ينضم لهذه الفيدرالية أكراد تركيا. واستبعد، في تصريح خاص ل"الفجر"، إقامة فيدرالية بشكل عام في سوريا، موضحا أن أمريكا دولة فيدرالية، لكن هذا ليس المطلب الأمريكي، فأمريكا تريد تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، و"فدرلة" سوريا لن تحقق هذا المطمع. وبسؤاله عن إمكانية إقامة هذه الفيدرالية على أرض الواقع، أجاب قائلاً: "أنهم سيحاولون تحقيق ذلك، لكن الأمر يتوقف بقدر أكبر على الموقف الدولي". وتوقع أن هذا الأمر من الممكن أن يصبح نواة لانضمام بقية أكراد العراقوتركياوإيران في وقت لاحق.