أثار إعلان أكراد سوريا منطقتهم الفيدرالية العديد من ردود الأفعال المتناقضة، وظهرت مواقف متقاربة لدى أطراف متعادية ضد العدو الكردي الجديد. صحيفة "نيزافيسيمايا جازيتا" الروسية، أشارت إلى إعلان الأكراد الفيدرالية في المناطق التي يسيطرون عليها، ورأت أن هذا الإعلان أثار مخاوف الأتراك كما أثار مخاوف نظام الأسد وأطراف أخرى، بينما أعلنت بعض الدول رفضها تلك الفيدرالية وفي الوقت نفسه تدعم الأكراد ماديا ولوجستيا. وذكرت الصحيفة، أن قرار الأكراد إعلان الحكم الذاتي أجبر دمشقوأنقرة والمعارضة السورية على التحدث بانسجام. فتركيا التي يقلقها إعلان الفيدرالية في شمال سوريا، يمكن أن تستمر في الحرب. أما موسكو التي رفضت المجابهة مع أنقرة فقد دعمت أعداء تركيا بالسلاح. الأكراد، حسب الصحيفة، يخططون لتوحيد وإقامة نظام إدارة ذاتية في ثلاثة مقاطعات "كانتونات" في شمال البلاد، حيث يسيطرون على منطقة على امتداد الحدود "السورية – التركية" طولها حوالي ٤٠٠ كلم ،وكذلك منطقة عفرين في شمال غرب سوريا. وحسب قول المسؤول الكردي إدريس ناسو، فإن توسع الفيدرالية الصلاحيات الإدارية ليس فقط للأكراد بل ولبقية الأقليات. وبالتالي، فقد عقد أكثر من ٣٠ حزبا سياسيا يمثلون الأكراد والعرب والأشوريين والتركمان مؤتمرا في بلدة رميلان، وأعلنوا النظام الفيدرالي في المنطقة الشمالية من سوريا. وفي الوقت الذي أعلن فيه المجلس الكردي الأعلى أن الحديث لا يدور حول الانفصال عن سوريا، سارعت دمشق معتبرة أن هذا المشروع يعمل على تقسيم للبلاد على أساس عرقي وطائفي. إعلان الفيدرالية الكردية أثار أيضا مناقشات حادة في جنيف التي لم يُدعَ إليها الأكراد. فأنقرة على ثقة من أن وحدات الحماية الكردية والحزب الديمقراطي هما فرع لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وبالتالي لا مكان لهما في جنيف. ولكن حتى حلفاء تركيا لا يتفقون معها في هذا الأمر. فقد أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي، أنه لا يعتبر الحزب الديمقراطي السوري منظمة إرهابية، مما جعل أردوغان ينتقد بشدة الولاياتالمتحدة ويدعو واشنطن إلى الاختيار بين الأكراد وأنقرة. لقد جاء رد تركيا عنيفا على هذه المبادرة. فأنقرة، حسب الصحيفة، كانت ولا تزال تصر على رفض منح الأكراد الحكم الذاتي. وصرح مسؤول تركي بأن "وحدة سوريا وأراضيها لها أهمية كبيرة بالنسبة لنا. وأن القرارات المتخذة من جانب واحد ليس لها قوة قانونية". لكن الباحث في مركز آسيا والشرق الأوسط، في معهد الدراسات الاستراتيجية الروسي أرسين خيزرييف، يقول إنه "حتى هذه اللحظة كانت تركيا تدعم وتعزز المناطق التي يسكنها التركمان. وهي تراهن عليهم لمحاولة إعادة الحدود إلى داخل العمق السوري. لذلك ليس مستبعدا أن تعود تركيا إلى التحدث عن منطقة عازلة من جديد. فإعلان الفيدرالية في سوريا هو مشكلة معقدة بالنسبة لتركيا". أما صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد رأت أن تركيا لم تُقَدِّر مدى خطر "داعش"، فأصبحت تحت مرمى الضربات الكردية بعد أن ألغت اتفاق المصالحة مع حزب العمال الكردستاني، وقد تضطر للدخول في حرب ليست جاهزة لخوضها. ومن جانبه أكد رئيس وفد النظام السوري في جنيف، بشار الجعفري، لممثل الأممالمتحدة ستيفان دي ميستورا، أن مسألة الفيدرالية غير مثبتة في جدول الأعمال، وبالتالي لا يمكن مناقشتها. ثم أعلن وزير خارجية دمشق وليد المعلم أنه يرفض الحوار بشأن الفيدرالية، وأنه ضد أي محاولة لتقسيم البلاد ووحدة أراضيها. كما أعلن خصم بشار الأسد اللدود رياض حجاب عن رفضه المبادرة الكردية. وذهبت الصحيفة الروسية، إلى أن روسيا رفضت تصعيد النزاع مع تركيا، ولكنها بدأت بدعم أعداء أنقرة. وبناء على ذلك، فقد تسلَّم أكراد العراق خمس منظومات صاروخية مضادة للجو. وحسب القنصل الروسي في أربيل، تمت العملية بموافقة الحكومة المركزية في بغداد. وقد أكدت مصادر دبلوماسية روسية أن هذه الصفقة "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة". فأسرع أردوغان وعلق على هذا الخبر، محذرا موسكووواشنطن من أن الأسلحة الأمريكية والروسية التي تسلم إلى الأكراد ستقع في نهاية المطاف بيد حزب العمال الكردستاني. كما رفض أي شكل من أشكال الحكم الذاتي للأكراد.