معهد إعداد القادة يستقبل وفود الجامعات في أولى فعاليات ملتقى "قادة الغد"    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    تحالف مصرفي يمنح تمويلًا مشتركًا بقيمة 7 مليارات جنيه لشركة «سكاي انوفو»    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    خطوات إنشاء حسابات المواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» عبر منصة مصر الرقمية (فيديو توضيحي)    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    نقل 154 أسيرا فلسطينيا محررا إلى مصر ضمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل    متحدث الأمم المتحدة: لا بد من تأكيد تدفق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة    أغرب ضيف بشرم الشيخ.. سر حضور رئيس الفيفا في قمة السلام؟    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    إصابة 8 أشخاص في تصادم مروع بين ميكروباص وتروسيكل بطريق القاهرة – الإسكندرية الزراعي    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    آداب القاهرة تحتفل بمرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    الأهلي يسابق الزمن لإنهاء تأشيرات مساعدي ييس توروب    الأهلي يدعو أعضاء النادي لانتخاب مجلس إدارة جديد 31 أكتوبر    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    المشدد 15 سنة وغرامة 100 ألف جنيه لمتهم بالاتجار فى المواد المخدرة بسوهاج    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    المشدد 3 سنوات لعصابة تتزعمها سيدة بتهمة سرقة موظف بالإكراه فى مدينة نصر    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    أول شخص غير إسرائيلى سيحصل عليها.. نتنياهو يرشح ترامب لجائزة إسرائيل    إلهام شاهين لاليوم السابع عن قمة شرم الشيخ: تحيا مصر عظيمة دايما    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    ضوابط جديدة من المهن الموسيقية لمطربي المهرجانات، وعقوبات صارمة ل2 من المطربين الشعبيين    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    عضو بالشيوخ: قمة شرم الشيخ لحظة فاصلة لإحياء العدالة الدولية فى فلسطين    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    الأمن الروسى يحبط هجوما إرهابيا لاستهدف ضابط رفيع المستوى فى موسكو    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 63.58 دولار للبرميل    ضبط عامل لاتكابه أفعال خادشة للحياء بسوهاج    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    البيت الأبيض: ترامب يتابع إطلاق الرهائن من على متن الطائرة الرئاسية    الأمم المتحدة: إحراز تقدم في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    إليسا تشارك وائل كفوري إحياء حفل غنائي في موسم الرياض أكتوبر الجاري    جامعة حلوان تحتفل باليوم العالمي للإسكواش    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 13_10_2025 بعد الزيادة الجديدة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    بولندا تواصل تألقها بثنائية في شباك ليتوانيا بتصفيات المونديال الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عباس محمود العقاد".. عملاق الأدب العربي الذي اكتفى بالشهادة الابتدائية ورأى أن الوظيفة "استعباد".. (بروفايل)
نشر في الفجر يوم 12 - 03 - 2016

في مثل هذا اليوم 12 مارس 1964 فقدت مصر "عباس محمود العقاد" الأديب والشاعر والمفكر والسياسي، بعد أن حفلت حياته بالكثير من المواقف والأحداث الهامة والمؤثرة ككاتب أحياناً وكسياسي أحياناً أخرى وكإنسان دائماً.
شهادته الابتدائية ورحلته مع الوظائف الحكومية
إن عباس محمود العقاد الذي نعرفه جميعاً، واحد من أهم الكُتاب والشعراء المصريين لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية من مدرسة في "أسوان" محل ولادته، ثم استلم وظيفته الحكومية التي لطالما كرهها وضاق بها ذرعاً، حيث كان يرى العقاد أن الوظيفة ما هي إلا نوع من أنواع الاستعباد التي يتميز بها القرن العشرين.
ولكن كان لابد له من كسب قوت عيشه، فاشتغل "العقاد" بوظائف حكومية كثيرة منها مصلحة التلغراف، ومصلحة السكة الحديد، وديوان الأوقاف، حتى استقال "العقاد" من كل تلك الوظائف الواحدة تلو الأخرى لأنه كان يرى أن ما من أمل له في الحياة سوى الكتابة والصحافة، وحينما قرر إنهاء حياته كموظف حكومي كتب واحد من أهم مقالاته "الاستخدام رق القرن العشرين".
لم يكن "العقاد" يرى أن الوظيفة الحكومية عار على أصحابها، بل كان يرى أنه لن يكون في مكانه الصحيح إذا ظل موظفاً، حيث كان يهمه للقراءة والكتابة والاطلاع هو المحرك الأول والرئيسي لكل خطواته.
قال في موضوع كراهيته للوظيفة..
"ومن السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثرين. وليس في الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هي واجب يؤديه من يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره.
وتزداد هذه المعابة حين تكون الوظيفة كما كانت يومئذ عملا آليا لا نصيب فيه للموظف الصغير والكبير غير الطاعة وقبول التسخير، وأما المسخر المطاع فهو الحاكم الأجنبي الذي يستولي على أداة الحكم كلها، ولا يدع فيها لأبناء البلاد عملا إلا كعمل المسامير في تلك الأداة"
"إن نفوري من الوظيفة الحكومية في مثل ذلك العهد الذي يقدسها كان من السوابق التي أغتبط بها وأحمد الله عليها.. فلا أنسى حتى اليوم أنني تلقيت خبر قبولي في الوظيفة الأولى التي أكرهتني الظروف على طلبها كأنني أتلقى خبر الحكم بالسجن أو الأسر والعبودية.. إذ كنت أؤمن كل الإيمان بأن الموظف رقيق القرن العشرين"
لم يستطع عباس محمود العقاد استكمال مسيرته الدراسية بعد الحصول على الشهادة الابتدائية بالرغم من تفوقه ونبوغه، حيث لم يكون هناك مدارس حديثة حيث ولد بأسوان، ولم تكن أسرته تملك من المال ما يكفيها لإرساله إلى القاهرة ليكمل دراسته، لكن حبه وولعه بالقراءة والاطلاع كان أهم شيء في حياته على الإطلاق، تمكن العقاد بفضل قراءته واطلاعه، واصراره واتقاد ذكائه من العمل كصحفي بعد أن جاء إلى القاهرة وتتلمذ على يد المفكر والشاعر محمد حسين محمد.
القراءة حبًا أكبر في حياته
لم يتزوج عباس محمود العقاد مطلقاً، لكن الحب الأكبر في حياته كان القراءة، فقد كتب عن القراءة وأهميتها الكثير، فكتب مثلاً..
إن الكتب مثل الناس: فيهم الوقور والظريف، وفيهم الساذج الصادق، وفيهم الأديب والمخطئ، والخائن والجاهل، والوضيع والخليع
ليس هناك كتابا أقرأه ولا أستفيد منه شيئا جديدا, فحتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته، أني تعلمت شيئا جديداً, هو ما هي التفاهة؟ وكيف يكتب الكتاب التافهون؟ وفيما يفكرون؟
القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة, لأنها تزيد هذه الحياة عمقا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب
القراءة ليست من الكماليات أو شيء للرفاهية, بل هي فريضة إسلامية .. ألم تسمع قوله تعالى (إقرأ) هذا أمر
يقول لك المرشدون اقرأ ما ينفعك، ولكنني أقول أنتفع بما تقرأ
لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة، ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني
عمل عباس محمود العقاد أول ما عمل بالصحافة في جريدة الدستور سنة 1907 حتى توقفت الجريدة في عام 1912، ثم عمل بجريدة المؤيد، وجريدة الأهالي في 1917، ثم جرية الأهرام في 1919، وجريدة البلاغ في 1923 وارتبط اسمه بالأخيرة.
السياسة ورحلة المتاعب
اشتهر عباس محمود العقاد وذاع صيته بعد عمله بالصحافة، فقد كان ذو مواقف سياسية واضحة، تسببت له في الكثير من العناء والمتاعب، فبعد أن تعرف "العقاد" إلى الزعيم المصري سعد زغلول، دخل في معارك حامية الوطيس مع أعدائه، وكتب العديد من المقالات الصحفية في هذا الشأن.
وعندما أنتخب عضواً بمجلس النواب بسبب مواقفه وشهرته الواسعة وقف تحت قبة البرلمان مهاجماً الملك فؤاد الأول أمام الجميع، لأن الملك أراد التغيير في الدستور وإسقاط مادتين تنصان على أن الشعب هو مصدر السلطات وأن الوزارة مسئولة أمام البرلمان. فقال "العقاد".. "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه"، الأمر الذي تسبب في حبسه تسعة أشهر سنة 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية.
وفي العام 1943 اضطر العقاد للهروب من مصر إلى السودان لأنه أصبح على قائمات المطلوبين للعقاب على قائمة الزعيم الألماني النازي هتلر، نظراً لموقفه المعادي للنازية.
قرر "العقاد" الابتعاد عن السياسة بعد أن اصطدم بسياسة الوفد تحت قيادة مصطفى النحاس سنة 1935. فابتعد العقاد عن السياسة والصحافة بالقدر الكبير، وازداد اهتمامه وتركيزه على التأليف، لكنه لم ينقطع عن المشاركة في تحرير عدة صحف مثل زور اليوسف، والهلال، وأخبار اليوم، ومجلة الأزهر.
مؤلفاته
ألف "العقاد" الكثير من الكتب في مجالات عدة، فكتب في الأدب والتاريخ والاجتماع مثل: مطالعات في الكتب والحياة، ومراجعات في الأدب والفنون، وأشتات مجتمعة في اللغة والأدب، وساعات بين الكتب، وعقائد المفكرين في القرن العشرين، وجحا الضاحك المضحك، وبين الكتب والناس، والفصول، واليد القوية في مصر.
وله في السياسة عدة كتب يأتي في مقدمتها: "الحكم المطلق في القرن العشرين"، و"هتلر في الميزان"، وأفيون الشعوب"، و"فلاسفة الحكم في العصر الحديث"، و"الشيوعية والإسلام"، و"النازية والأديان"، و "لا شيوعية ولا استعمار".
كما كتب في الدراسات النقدية واللغوية، كما أسهم في الترجمة إلى اللغة العربية فترجم مثلاً كتاب "عرائس وشياطين".
تميز العقاد بمؤلفاته في الإسلاميات، أشهرهم على الإطلاق "سلسلة العبقريات"، وفي مجال الدفاع عن الإسلام كتب.. حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، والفلسفة القرآنية، والتفكير فريضة إسلامية، ومطلع النور، والديمقراطية في الإسلام، والإنسان في القرآن الكريم، والإسلام في القرن العشرين وما يقال عن الإسلام.
أما عن الشعر فقط كتب "العقاد" أول دواوينه الشعرية في ال27 من عمره، وترك لنا عشرة دواوين شعرية، حتى كان عباس محمود العقاد واحداً من أهم المفكرين المصريين في القرن العشرين، تُرجمت بعض كتبه ومؤلفاته إلى لغات أخرى منها الفارسية والأردية، كما أنه حاز على جائزة الدولة التقديرية في الآداب والتي رفض تسلمها، واختير عضواً في مجمع اللغة العربية بمصر سنة 1940، واختير مراسلاً لمجمع اللغة العربية ببغداد ودمشق.
ألف عباس محمود العقاد أكثر من مائة كتاب، وعشرة دواوين شعرية، وكتب آلاف المقالات الصحافية على مدار حياته. أثبتت مسيرته الأدبية والسياسية والإنسانية أنه رجل استثنائي ذو صبر وإصرار، لم يستسلم لظروف فقر أو جهل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.