يعيش أهالي عشش كوبري البلينا الجديد والبالغ عددهم 15 أسرة حياة مأساوية منقطعة النظير بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهي أسر مدفونة لكن علي قيد الحياة، تحاصرهم وأطفالهم مياه ترعة الفؤادية من الشرق، وحوادث طريق "مصر – أسوان" الزراعي من الغرب، بيوتهم حوائط من الطين الناتج من عملية تطهير الترعة، ومسقوفة بالبوص وأجولة البلاستك الفارغة ، ليس لديهم ماء ولا كهرباء، ويقضون حاجتهم علي حافة الترعة، ويشربون مباشرة من الترعة بدون أي وسيط، يعانون كثيرًا من الأمراض الصدرية ونزلات البرد خاصة في فصل الشتاء. يعيش أفراد 15 أسرة في تلك العشش والخيام منذ عشرات السنين بمنطقة كوبري البلينا الجديد جنوب محافظة سوهاج والتي يستطيع الهواء الشديد أن يقتلعها من جذورها على رؤوس قاطنيها البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة غير الدعاء والصبر علي رزقهم، كما أن هطول الأمطار الخفيفة كفيلاً لأن يمنعهم من دخول عششهم واللجوء إلى منازل الأثرياء القريبة منهم للاحتماء من الأمطار التي قد تشهدها المحافظة في أي يوماً خلال فصل الشتاء.
عدسة "الفجر" رصدت تلك المعاناة علي الطبيعة، واقتربت من هموم أهالي تلك العشش والخيام، والمتقرب من هؤلاء السكان الغير محسوبين علي الدولة يجدهم أناسا البساطة طبعهم، والخوف من الغد لا يغادر نظرات أعينهم، وينجبون أطفالاً ويعلمون أن الموت ينتظرهم سواء من الأمام تحت عجلات السيارات المجهولة أو من الخلف غرقاً في مياه ترعة الفؤادية.
يقول حمادة النحاس، من سكان العشش لقد هدم المسئولين منزلي لإقامة كوبري البلينا الجديد بحجة أن منزلي في مسار الكوبري، وجئت هنا وأقمت عشة بالطين، ، مضيفاً أنني تقدمت أكثر من مرة للحصول علي شقة لكن دون جدوى، ولا حتى نظرة رحمة من المسئولين في البلد، قائلاً بعينان تملئهما الدموع بنتي مات غرقاً في مياه ترعة الفؤادية منذ 5 سنوات، وأنني أعمل أرزقي يوم فيه وعشرة أيام مفيش.
وتقول شفيقة أم محمد أننا نشاهد الموت باستمرار نظرًا لكثرة الحوادث التي تقع على كوبري البلينا والتي أزهقت أرواح مئات الأشخاص أمام أعيننا، حيث أننا فور سماع أية صوت نسرع جميعا كبارا وصغارا على الصوت خشيت أن يكون الفقيد من أبناءنا.
ويقول خلف الله قاسم، أحد سكان العشش، أعول أسرة كبيرة، وأعاني من المرض، ولا استطيع التحرك من مكاني وملازم الفراش، ويضيف أنني أنام وسط الثعابين والحيات والعقارب والفئران التي تخرج من الترعة، خاصة في فصل الصيف التي تكثر فيه الحشرات والزواحف، ويتابع أننا نخاف من اليوم الذي تكون فيه السماء ملبدة بالغيوم خشية سقوط الأمطار، وضياع ودمار عششنا وخيامنا.
وتقول أم السيد في حالة سقوط أمطار نهرب إلي بيوت الأثرياء القريبة منا حتي تجف المياه من خيامنا وعششنا، مضيفة أننا مش في دماغ حد من المسئولين في الدولة كلها – حسب قولها - وتطالب المحافظ بتوفير مسكن آدمي لهم ، ومعاش يكفيهم ذل السؤال وانتظار إحسان الأغنياء. ويقول شعبان عابدين قاسم ، أحد السكان إن حوادث الطرق اليومية أمامنا والغرق في مياه الفؤادية خلفنا وعلي الله رزقنا . وما زال الأمل لا ينقطع بسكان عشش كوبري البلينا الجديد إذ ينتظرون من ينظر إليهم من المسئولين بعين الرحمة التي تكفيهم ذل العيش وانتظار إحسان الأغنياء ، أو من يقرأ تلك الكلمات من أصحاب القلوب الرحيمة وفاعلي الخير فيحسن عليهم إذا سقطوا من حسابات الدولة .