شهدت الفترة الماضية، أزمة بين الدولة وعدد من الإعلاميين، بسبب أحداث "غرق الإسكندرية" والتي بدأت منذ خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في الندوة التثقيفية. ورد على الخطاب، عدد من الإعلاميين في برامجهم بشراسة، وصلت لعبارات من نوعية "مش هنخلينا في حالنا"، و"ليس من حق الرئيس أن يغضب ممن ينتقدوه، ولكن من واجبه أن يواجه إعلام الفضائح والتسريبات والسي ديهات والتطبيل بإسمه"، وبالطبع لم يسكت من يؤيدون الرئيس ويرفضون أن يتم وصفهم بالمطبلاتية، ليتحول الأمر إلى ساحة من الشجار، بين الاعلاميين وبعضهم البعض. وقال الكاتب الصحفي صلاح عيسى وكيل المجلس الأعلى للصحافة، إن القضية ليست في عتاب الرئيس للإعلاميين، ولكن السؤال هل بالفعل هناك خروقات لمواثيق الشرف الصحفي والإعلامى أم لا. وأضاف "عيسى" إن الدستور ينص على أن النقابات المهنية هي المنوط بها وضع قواعد ومواثيق لتنظيم عمل أبناءها ومحاسبتهم، مطالبا بإنشاء نقابة للإعلاميين، لافتا إلى أن هذه الفكرة ضمن مشروع القانون الذي تقدمت به اللجنة التشريعية للحكومة السابقة، ومازال في أدراج الحكومة الحالية. وتابع: "نعلم أن هذا القانون لن يطبق بين عشية وضحاها، كما أن إنشاء النقابة يحتاج لبعض الوقت، ومن ثم كان لدي إقتراح بديل، وهو أن هيئة الإستثمار هي التي تمنح تراخيص للقنوات الفضائية، وتلك التراخيص تنطوي على شروط، تعتبر ميثاق شرف إعلامي، موضحًا أنه على الهيئة نفسها أن توقع عقوبات على من لا يلتزم بهذه القواعد. وأشار وكيل الأعلى للصحافة، إلى أن هناك حل آخر يمكن تطبيقه عن طريق غرفة صناعة الإعلام الموجودة حاليًا، والتي تضم ملاك القنوات، وعليها أن تشترط في العقود التي تبرمها مع مقدمي البرامج ورؤساء تحريرها على الالتزام بمعايير معينة، تكون أشبه بسلوك مهنى وأخلاقي لما يبث في القنوات، وعلى الغرفة أن تفرض عقوبات على من يخالف هذا الميثاق. ومن جانبه قال الكاتب الصحفي خالد ميري، وكيل نقابة الصحفيين، إن الحل هو إصدار القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، موضحًا أن هذا المشروع أعدته اللجنة الوطنية للتشريعات على مدار عام كامل، بمشاركة نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس، والنقابة العامة للعاملين في الصحافة والنشر، وأيضا نخبة من أساتذة القانون والإعلام في الجامعات المصرية. وأضاف "ميري" إن إصدار القانون ينظم الوضع الصحفي والإعلامي، ويضع حدود واضحة للحريات والمسئوليات، كما يتضمن تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، مشددًا على أنه في ظل الوضع الحالي لايوجد جهة تحاسب المخطئ، بينما يحدد مشروع القانون المعايير التي تضمن الحرية المسئولة والمحاسبة عند الخطأ. وتابع: هذا المشروع تقدمنا به لحكومة المهندس إبراهيم محلب، وكانت على وشك إصداره، لولا التغيير الوزاري. وفي سياق متصل قال الإعلامي والصحفي جمال فهمي، الوكيل الأسبق لنقابة الصحفيين، إن الإعلام إبن السياسة، ولن ينصلح حاله طالما تشهد الساحة السياسية حالة من البؤس والفوضى الرهيبة، موضحًا أننا لدينا ميراث اختلط فيه الحابل بالنابل، ورثناه من فترة حكم نظام مبارك وولده، التي شهدت تدخلات أمنية فجة في الشأن الإعلامي، وأفرزت لنا إعلاميين تربوا في أجهزة المباحث، وحتى بعدما سقط مبارك حاول بعضهم تملق الإخوان، والآن عادوا إلى قواعدهم، وانتشروا في القنوات ليحولوا الساحة الإعلامية إلى"خرابة"، واصفا هؤلاء ب"منافقي كل العصور". وأوضح الإعلامي، إنه بالفعل لدينا منابر إعلامية وصحفية وطنية ومحترمة، تلتزم بالمعايير المهنية والأخلاقية، ولكن وجود هؤلاء "المطبلاتية" يسئ للمنظومة؛ لأنهم يرتكبون جرائم مهنية وأخلاقية، ويسيئون إلى زملاءهم، بل ويحاولون إبتزاز الرئيس، والترويج لأنهم يتحدثون بإسمه. وشدد "فهمي" على أن وظيفة الإعلام ليست التطبيل والتهليل للنظام، ولكن دورنا هو النقد الموضوعي البناء، موضحًا أن هذا النقد له معايير وأخلاقيات، لاعلاقة لها بما تفعله فرقة النفاق، التي ملأت المسرح بالشتائم والسباب، وتشاجروا مع كل من يحاول أن يمارس عمله بمهنية. بينما قالت الدكتورة ليلى عبد المجيد عميد إعلام القاهرة سابقًا، إن الرئيس عاتب الإعلاميين على بعض الممارسات المبالغ فيها، أثناء تغطية أحداث الأمطار التي تعرضت لها الإسكندرية، لكن الأمر لم يصل إلى حد الأزمة بين الإعلام والنظام، مؤكدة على أهمية تفعيل المواد الثلاثة الخاصة بميثاق الشرف الإعلامي الموجودة بالدستور، وإصدار التشريعات اللازمة لذلك، ولكن البرلمان أوشك على الإنعقاد، وعلينا إنتظار انعقاده حتى تقر القوانين بقوة المجلس التشريعي المنتخب. وأضافت " عبد المجيد" أن صدور التشريعات التي تحقق التوازن بين الحقوق والضمانات، بدون وجود إعلاميين يقدمون إعلام جيد، لن يغير في الأمر شئ وستظل المشكلة قائمة، مشددة على أن القوانين خطوة على الطريق الصحيح، لكن وحدها لاتكفي. فيما أكد الدكتور حسين أمين أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية، أهمية إنشاء مجلس وطني للإعلام وتفعيل مواد الدستور الخاصة بميثاق الشرف الإعلامي، مشيرًا إلى أننا لا نستطيع ضبط الفوضى الإعلامية بدون وجود مجلس أعلى للإعلام والصحافة، وأجهزة تنظيم للبرامج المخالفة. وأضاف "أمين" أن هناك بعض البرامج التي تقدم فوضى إعلامية وأحيانًا خرافات وتجاوزات أخلاقية، وتستبيح كل ما هو مخالف لميثاق الشرف الإعلامي، كما أنه ليس لدينا مرجعيات تلتزم بها البرامج.