إسرائيل كانت ومازالت العدو الأكبر للعرب لما تحويه ذاكرتنا للجرائم التي لا تمت للإنسانية بصلة ولا رحمة لها، فمثلما تستوقفنا مشاهد قتل أطفال فلسطينالمحتلة، يستوقفنا التاريخ أمام أكبر مجزرة أرتكبها العدو الصهيوني في حق مصر وأطفالها وهي مجزرة "مدرسة بحر البقر"، وقد كشفت ردود أفعال الولاياتالمتحدةالأمريكية على الحادث الأليم نواياها ومساعدتها لإسرائيل فمنذ 45 عاما وفى يوم 8 إبريل من عام 1970 قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة "بحر البقر" الابتدائية المشتركة فى إحدى القرى التابعة لمركز الحسينية بمحافظة الشرقية. الطائرات الإسرائيلية، الأمريكية الصنع أذهقت أرواح 30 طفلا وطفلة فى الحصة الدراسية الأولى وظلت بقايا متعلقات هؤلاء الأطفال شاهدا تاريخيا وإنسانيا على الجريمة والمجزرة الصهيونية التى لا تغتفر ولا تسقط بالتقادم ضد أطفال عزل للضغط على مصر للاستسلام وفرض الأمر الواقع. سجل التاريخ ب"مجزرة بحر البقر" رقمًا في سجل الجرائم الإرهابية الإسرائيلية، ذلك السجل الذي لم يغلق حتى الآن، والذي يشهد على إصرار الكيان الصهيوني على ضرب جميع الأعراف والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، مستندًا إلى الدعم الأمريكي غير المحدود، حيث استخدم الحليف الأمريكي حق الفيتو ليمنع مجلس الأمن من إدانة تلك الجريمة الإسرائيلية. تفاصيل الهجوم في صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970، حلقت 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم الثانية على الطيران المنخفض، ثم قامت في تمام الساعة التاسعة وعشرين دقيقة من صباح يوم الأربعاء بقصف المدرسة بشكل مباشر بواسطة خمس قنابل "تزن 1000 رطل وصاروخين"، وأدي هذا تدمير المبنى بالكامل. انتقلت على الفور سيارات الإطفاء والإسعاف لنقل المصابين وجثث الضحايا ، وبعدها أصدرت وزارة الداخلية المصرية بياناً تفصيلياً بالحادث وأعلنت أن عدد الوفيات 29 طفلا وبلغ عدد المصابين أكثر من 50 فيهم حالات خطيرة ، وأصيب ومدرس و11 شخصاً من العاملين بالمدرسة. وصف المكان مدرسة "بحر البقر" الابتدائية المشتركة التي تقع بقرية بحر البقر وهي قرية ريفية قائمة علي الزراعة وتقع بمركز الحسينية، محافظة الشرقية "شمال شرق القاهرة، شرق منطقة الدلتا". تتكون المدرسة من دور واحد وتضم ثلاثة فصول بالإضافة إلى غرفة المدير وعدد تلاميذها مائة وثلاثون طفلا أعمارهم تتراوح من ستة أعوام إلى اثني عشر عاماً ، ومن حسن الحظ أن هذا اليوم كان عدد الحضور 86 تلميذاً فقط. رد فعل الحكومة والشعب المصري قامت الحكومة المصرية بعد الحادث بصرف تعويضات لأسر الضحايا بلغت 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب، وتم جمع بعض متعلقات الأطفال وما تبقى من ملفات، فضلاً عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، والتي تم وضعها جميعاً في متحف عبارة عن حجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلا تضمها جدران مدرسة "بحر البقر الابتدائية" تعلو حجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد "متحف شهداء بحر البقر"، ثم تم نقل هذا الآثار إلى متحف الشرقية القومي بقرية هرية رزنة بالزقازيق الذي افتتح عام 1973. ونددت مصر بالهجوم رسمياً وقام حسن الزيات مندوب الجمهورية العربية المتحدة في الأممالمتحدة بإرسال مذكرة رسمية إلى رالف باتش مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة لإبلاغه باحتجاج مصر الرسمي ومطالبته باجتماع عاجل للدول الأعضاء، كما قام وزير الخارجية المصري بعقد اجتماع موسع لسفراء الدول الأجنبية في مصر. وعلي المستوى الشعبي، نددت العديد من الجهات والهيئات والمنظمات بالحادث ووصفته بأنه تجرد من كل معاني الإنسانية، كان واقع الهجوم عنيفاً وأليماً وأشعل حالة من الغضب والاستنكار العارم، فلم يكن أحد يتخيل أنه يمكن استهداف مدرسة أطفال في منطقة ريفية بعيدة تماماً عن أي وحدات عسكرية، خاصة وأنها أتت بعد شهرين من جريمة أخرى عندما قصفت إسرائيل مصنع أبو زعبل والتي خلفت 70 قتيلا من المدنيين. وقام أطفال مدرسة بحر البقر الذين لم يصابوا في الهجوم بإرسال رسالة إلى "بات نيكسون" زوجة الرئيس الأمريكي وقتها "نيكسون"، وسألوها:"هل تقبلين أن تقتل طائرات الفانتوم أطفال أمريكا؟! أنتِ الأم لجولى و تريشيا والجدة لأحفاد.. فهل نستطيع أن نذكر لكِ ما فعله زوجك مستر نيكسون؟!". أسباب الهجوم على المدرسة نددت مصر بالهجوم رسمياً، ووصفته بأنه هجوم متعمد غير إنساني بهدف إخضاع مصر وإجبارها علي وقف الهجمات التي تشنها خلال حرب الإستنزاف والموافقة على مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار. حرب أكتوبر وكشف حقيقة الخدعة الإسرائيلية بعد وقوع الحادث مباشرة وبالتحديد في الساعة الثالثة من مساء اليوم صرح المتحدث العسكري من تل أبيب "أنهم يحققون في الأمر"، ثم أعقبه بتصريح آخر بعد ساعة : "أن الطائرات الإسرائيلية لم تضرب سوى أهداف عسكرية في غارتها على الأراضي المصرية". وعقب الحادث صرح موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها ليتحدث إلى راديو "إسرائيل" قائلا: "المدرسة التي ضربتها طائرات الفانتوم هدف عسكري"، وادعى قائلا :"أن المدرسة كانت قاعدة عسكرية وان المصريون يضعون الأطفال فيها للتمويه". فيما انتقدت بعض الجهات والمنظمات في إسرائيل الهجوم ووصفته انه نقطة سوداء في تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي لكونه تسبب في قتل العديد من المدنيين، إلا أن بعض الكتاب الإسرائيليين برروا الحادث بأن الأهداف العسكرية تكون متخفية خلف الأهداف المدنية ويصعب التمييز بينهما.
ولكن جاءت حرب أكتوبر 1973 لتكشف الخديعة الإسرائيلية وحسب مصادر الإعلام المصرية - بعد أن أسقطت قوات الدفاع الجوي طائرة فانتوم إسرائيلية فوق بورسعيد ، وكان من بين الأسرى الإسرائيليين كابتن طيار تدعى "آمي حاييم " اعترفت أنها شاركت في القصف كما جاء في أقوالها، وأقرت بأنهم قصفوا المدرسة عن عمد وأنهم كانوا يعرفون أنهم يستهدفون بقنابلهم وصواريخهم مجرد مدرسة ابتدائي. ردود الفعل العالمية
كان تعليق الخارجية الأمريكية بأنها "أنباء مفزعة"، ولم يصدر بيان رسمي من الأممالمتحدة عن الحادث واكتفوا بوصف الخارجية الأمريكية بأن " الأمر كله متعلق بانتهاك وقف إطلاق النار". وفي الاتحاد السوفيتي أدانت موسكو الحادث، وصفته ب "وعندما أرادت إسرائيل اختيار حق الرد فلم تعارك جيشاً بل ذهبت للانتقام من أطفال مدرسة "بحر البقر"، ووصفته بأنه "رد عاجز". وفي أوروبا، أعلنت الحكومة البريطانية عن "أسفها الشديد" للحادث "، وأعرب الفاتيكان عن حزنه على الأطفال الأبرياء، وشهدت تركيا وقفة احتجاجية من الطلبة أمام القنصلية الإسرائيلية بإسطنبول. وفي يوغوسلافيا نددت جماعات السلام بالحادث وقامت بإرسال برقيات احتجاجية إلى الحكومة الإسرائيلية، بينما لم تعقب وسائل الإعلام في دول أوروبا الغربية على الواقعة واكتفت بنشر التصريحات المصرية والإسرائيلية حول الحادث. على الصعيد العربي أثارت الأنباء سخطاً واسعاً في وسائل الإعلام، ونددت العديد من الدول العربية بالحادث البشع وأعربت على خالص مواساتها وتعازيها عن الحادث.