دخل ماراثون مفاوضات النووي الإيراني مرحلته النهائية والحاسمة بعد أن قبلت إيران أخيرا بإخضاع برنامجها النووي للرقابة، وتعليق أكثر من ثلثي عمليات التخصيب، مقابل وعود برفع مشروط للعقوبات الدولية عنها، ودون أي تعهدات حول دورها الإقليمي مثلما كانت تشترط سابقا. رحب الرئيس الأمريكي باراك اوباما الخميس بالاتفاق المبدئي بشأن برنامج إيران النووي ووصفه ب"التاريخي"، إلا أنه حذر طهران من أن العالم يراقبها ليتأكد من التزامها بالاتفاق. وقال "إذا لجأت إيران إلى الخداع فإن العالم سيعرف»، موضحا أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد محادثات ماراثونية يقوم ليس على الثقة بل على «التحقق غير المسبوق". وأشار مصدر غربي إلى إن إيران والقوى العالمية الست اتفقت على تعليق أكثر من ثلثي قدرات التخصيب الإيرانية الحالية ومراقبتها 10 سنوات إذا تمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق شامل بحلول 30 من يونيو القادم. ولدى إيران حوالي 19 ألف جهاز للطرد المركزي مركبة حاليا. وأضاف المصدر أنه إذا جرى التوصل لاتفاق نهائي فسوف تخفف إيران تركيز أغلب مخزونها من اليورانيوم المخصب أو تشحنه للخارج. وأوردت وسائل اعلام ايرانية خلال تقرير نشرته جريدة "العرب" اللندنية، أن طهران ستخفض عدد أجهزة الطرد المركزي من 19 ألفا حاليا إلى ستة الاف. وأوضحت أن القرار يشمل نحو ألف جهاز طرد مركزي في موقع فوردو قادرة على صنع مواد نووية من اجل توليد الطاقة الكهربائية وأيضا من أجل صناعة أسلحة نووية. وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تغريدة على تويتر أن المفاوضين من الجانبين لديهم "الآن المعايير لحل المسائل الرئيسية" المتصلة بالبرنامج النووي الايراني، مؤكدا "سنعود إلى العمل قريبا (للتوصل) إلى اتفاق نهائي". لكن ورقة حقائق أميركية كشفت أن العقوبات الاميركية على ايران بسبب الارهاب وانتهاكات حقوق الانسان والصواريخ طويلة المدى ستبقى بموجب الاتفاق النووي المستقبلي. وكشف المفاوضون الاوروبيون والايرانيون عن أن الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة سيرفعان جميع العقوبات المفروضة على ايران بسبب برنامجها النووي عندما تتحقق الاممالمتحدة من ان طهران تطبق الاتفاق الذي يحد من برنامجها النووي. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، إن "الاتحاد الأوروبي سيوقف تطبيق جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج ايران النووي، كما ستوقف الولاياتالمتحدة تطبيق جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج ايران النووي بالتزامن مع تطبيق ايران لالتزاماتها الرئيسية بعد ان تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ذلك". وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن أي اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي يجب أن "يحد بشكل كبير" من قدراتها النووية. وكان وزير الاستخبارات الاسرائيلية يوفال شتاينيتز أعلن أن كل الخيارات بما فيها العسكرية لا تزال مطروحة بالنسبة إلى اسرائيل بإزاء أي تهديد نووي من ايران. وشدد على أن بلاده ستلجأ إلى السبل الدبلوماسية والاستخباراتية لكن "في حال لن يكون لدينا خيار(...) فإن الخيار العسكري مطروح على الطاولة". وكانت مؤشرات كثيرة تقول إن مفاوضات لوزان حول الملف النووي الإيراني قريبة من التسوية النهائية رغم العراقيل، إذ صرح علي أكبر صالحي المسؤول عن الشق التقني من المفاوضات في الوفد الإيراني قائلا "حققنا تقدما كبيرا ونرى نورا يلوح في الأفق"، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وتشدد طهران على حقها في القيام بأبحاث نووية تقول إنها للأغراض السلمية وتطويرها بهدف استخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تطورا وقدرة على تخصيب اليورانيوم في وقت لاحق. ويؤكد دبلوماسيون غربيون أنه حتى مع التوصل إلى اتفاق إطار فإن كل شيء قد ينهار أثناء عمل الجانبين في التفاصيل الفنية الخاصة بوضع اتفاق شامل بحلول المهلة الثانية. وترفض دول الشرق الأوسط وخصوصا المملكة العربية السعودية أن يتم إبرام اتفاق مع إيران لأن ذلك سيفتح باب التسلح النووي على مصراعيه، الأمر الذي قد يهدد استقرار المنطقة برمتها في وقت هي في أشد الحاجة إلى السلام بعد أن طالتها آفة الإرهاب.