ذكرت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية أنه في الوقت الذي يسعى خلاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى إحداث انفراجة في المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، فإن هناك أربع عقبات رئيسية تقف حجر عثرة أمام المفاوضات . وأشارت الصحيفة في مستهل تقرير أوردته اليوم الجمعة على موقعها الإلكتروني إلى أن المواجهة بشأن البرنامج النووي الإيراني ألقت بظلالها على السياسة الدولية لأكثر من عقد من الزمان ، فإذا كان كيري يسعى لتسوية هذه القضية من خلال المحادثات المنعقدة في فيينا، فعليه حل سلسلة من القضايا المعقدة للغاية مع نظيره الإيراني جواد ظريف . ورأت أن أولى العقبات التي يجب التغلب عليها لتسوية الأزمة النووية الإيرانية هي قضية "اليورانيوم" التي وضعها الجانبان الأمريكي والإيراني في جوهر المواجهة . ورصدت "ديلي تليجراف"، بهذا الشأن، بناء إيران محطتي "نطنز" و"فوردو" لتخصيب اليورانيوم واللتين تحتويان معا على 19 ألف و500 جهاز طرد مركزي ، مشيرة إلى أن تلك الأجهزة ستستخدم لتخصيب يورانيوم نقي بنسبة 5 % ، وهو ما يلزم لتشغيل محطات الطاقة النووية السلمية ، التي تصر إيران على أنها هي الهدف الوحيد من وراء التخصيب ، أو تخصيب يورانيوم نقي بنسبة 90 % المتطلبة لصنع سلاح نووي . ولفتت إلى أن هدف واشنطن في الماضي كان حرمان إيران من جميع أجهزة الطرد المركزي التي بحوزتها، لكن أمريكا تخلت حاليا عن هذا الهدف تماما، وبدلا من ذلك سيحاول كيري ضمان أنه إذا قررت إيران حتى المضي قدما في تخصيب اليورانيوم وصنع قنبلة نووية، سيحتاج خبراؤها نحو 12 شهرا لعمل الكمية اللازمة من اليورانيوم المخصب بدرجة تسمح بإنتاج أسلحة نووية . وأضافت الصحيفة أن تحقيق هذه الفترة الزمنية المقدرة بعام ، هو المطلب الرئيسي لأمريكا مقابل إبرام أي اتفاق مع إيران ، وهذا يستلزم من طهران تخفيض أجهزة الطرد المركزي التي لديها بنسبة 80 % لتصل إلى حد أقصى قدره 4 آلاف جهاز طرد مركزي، فضلا عن الحاجة إلى خفض إيران مخزونها الحالي من اليورانيوم منخفض التخصيب من 4ر8 طن إلى طن واحد ، بما يعادل انخفاض بنسبة 88 % . وأوضحت أنه لذلك سيطلب كيري من إيران التضحية بالغالبية العظمى من أجهزة الطرد المركزي التي لديها ، والتي كلفت إيران مبالغ ضخمة بالتوازي مع فرض عقوبات دولية عليها ، بينما تصر إيران على الاحتفاظ بكل ما لديها من أجهزة الطرد المركزي التي حصلت عليها بشق الأنفس، وعلى الاحتفاظ بتوسيع قدرتها على تخصيب اليورانيوم . وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هناك حل واحد لهذا المأزق حيث أن الوقت اللازم لتخصيب اليورانيوم لانتاج أسلحة نووية يعتمد على العديد من المتغيرات ، بما في ذلك عدد أجهزة الطرد المركزي وحجم مخزون اليورانيوم الإيراني .. فيكمن الحل إذا تخلت إيران عن كل ما لديها من يورانيوم منخفض التخصيب ، وشحن كل جرام أنتجته منه في الماضي إلى خارج البلاد، وتحتفظ لديها بأكثر من 4 آلاف من أجهزة الطرد المركزي، بحيث لا يزال هناك ضمان بأن يستغرق الوقت اللازم لتخصيب اليورانيوم لانتاج أسلحة نووية نحو 12 شهرا ، كما أنه يتعين على إيران تفكيك عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي لتطبيق أي اتفاق . وتابعت لتقول إن ثاني هذه العقبات هي قضية "البلوتونيوم"، حيث تمتلك إيران مفاعل "آراك للماء الثقيل".. ومن الناحية النظرية، يمكن لإيران معالجة الوقود المستنفد الناتج من هذا المفاعل وتحويله إلى بلوتونيوم مخصب بدرجة تسمح بإنتاج أسلحة نووية، كطريقة ثانية لإنتاج قنبلة نووية . وأشارت إلى أن وقف إنتاج البلوتونيوم المؤدي إلى إنتاج قنبلة ، سيتطلب من إيران إعادة تصميم مفاعل آراك بشكل كامل ، حيث أن هدف الولاياتالمتحدة هو ضمان إجراء تعديل لا رجعة فيه على المفاعل وتحويله إلى "مفاعل مدني للماء الخفيف"، مع عدم وجود أي احتمال لاستخدامه عسكريا . وأضافت "ديلي تليجراف" أن مسألة "الشفافية" تعرقل الاتفاق أيضا، مشيرة إلى أن الخبراء توافقوا على أنه إذا قرر قادة إيران امتلاك سلاح نووي، فلن يكونوا أغبياء لدرجة أنهم يستخدمون مرافقهم المعلنة لتحقيق ذلك ، والتي يتم مراقبتها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، بل إن طهران تعتمد بالتأكيد على شبكة موازية من محطات سرية لإنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم . وأفادت بأنه من أجل وقف ما يسميه مسئولون ب "المسار السري" لإنتاج سلاح نووي ، تريد الولاياتالمتحدة أن توافق إيران على تدابير أكثر شفافية ، كالسماح لمفتشي الوكالة الدولية بالقيام بزيارات مفاجأة لأي منشأة يرونها مناسبة للدخول بها . وتابعت القول إن العقبة الرابعة التي تقف في طريق المفاوضات هي "العقوبات" ، حيث أن هدف المفاوضين الإيرانيين واضح يتمثل في ضرورة ضمان رفع العقوبات الاقتصادية ، المعقدة للغاية والمفروضة من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بأسرع وقت ممكن. وأوضحت الصحيفة أنه من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي، يتعين على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن يكونا على استعداد لرفع العقوبات عن إيران ، بيد أن المشكلة تكمن في معارضة الكونجرس الأمريكي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، أي تخفيف للضغوط الاقتصادية على إيران ، لاسيما إذا قال منتقدو الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه أبرم صفقة سيئة مع طهران.