القرافه أو "الأرافه" بالعاميه هي منطقة مدافن إسلامية تاريخية بالقاهره ، ولكن عمم المصريون اللفظ وأصبحوا يطلقونه علي المدافن والقبور والجبّانة ! ولم أقصد بسكان القرافة هنا "الأموات" فهم ليسوا سكاناً بل هم "أصحاب مِلك" بل قصدت" الأحياء" اللذين إتخذوا من أحواش القبور مأوي لهم . ولست بصدد الحديث عن الأسباب التي إضطرتهم لذلك ، فقد قتلت بحثاً وتحليلاً ، خاصةً بالسينما والدراما التلفزيونيه. أنا سأنظر الي الموضوع من مبدأ " نصف الكوب الممتلئ " ، بمعني أن سكان هذا المكان من الأحياء يجنون فوائد ربما لا يحصل عليها ساكني الأحياء"الأكتوباريه" أو الأحياء "التجمعيه" ! ففي إعتقادي مثلاً أنهم أكثر تقبلاً لفكرة "الموت" أو فقد عزيز ، من غيرهم ، فهم يشاهدون بصفة دائمة الناس تشيع ذويها باكية ، مولولة ، لاطمة الخدود ، وسرعان ما يفض الجمع ويبكون ولكن .." كلٌ علي ليلاه" ! أعتقد أيضاً انهم لا يهتزون أمام أيٍ من أفلام الرعب أو البرامج التي تتناول العفاريت والشياطين موضوعاً لها ! هم أيضاً يتمتعون بتأمين وحراسة خاصة بدون شرطة أو أسلحة ، فمن يجرؤ وسط عتمة الليل أو حتي وضح النهارعلي سرقتهم أو الإعتداء عليهم ! أما عن الضوضاء والتلوث السمعي ، فهم بعيدون كل البعد عن ذلك ، فسكون المقابر مضرب الأمثال !! وبأغصان الريحان والشجيرات الخضراء ونبتة الصبار يريحون الموتي من عذاب القبر "إعتقاداً" ويريحون أنفسهم من تلوث الهواء ورائحة الموت "رجاءً" ! هم في غير حاجة للمواعظ فالموت لهم واعظ ، وهم أيضاً أكثرنا إهتماماً وإحتفالاً بالمناسبات والأعياد الدينية بإستضافة حشود من زائري القبور والإنتفاع بعطايا " الرحمة " وهدايا " النور" ! وهم بالإضافة الي ذلك غير مضطرين لتسديد ما يثقل كاهلنا من فواتير خدمات المياه والصرف أو النظافه ولا حتي الكهرباء "إن وجدت أصلاً " ! لا يكذبون ولا يتجملون ، هذا هو حال أكثر من مليون ونصف المليون "مواطن " يعيشون بالقرافات ! وإذا نظرنا الي تلك الفوائد مقارنةً بما يواجه هؤلاء المواطنون من صعوبات سنجد أن نصف الكوب الفارغ قد جفف نصف الكوب الممتلئ وأصبح الكوب فارغاً تماماً تري من خلاله بوضوح المعني الحقيقي لمقولة " يندفن بالحياة " !!