هل كان يتوجب على لجنة الانتخابات الرئاسية أن تستبعد الفريق أحمد شفيق من السباق الانتخابى تطبيقا لقانون العزل السياسى؟ وهل كان قرارها بقبول التظلم الذى تقدم به تأسيسا على ما رآه سيادته (وربما ما يراه الكثيرون غيره أيضا) من أن ذلك القانون مشوب بعدم الدستورية، هل كان ذلك القرار من جانبها بقبول التظلم وإحالة القانون إلى المحكمة الدستورية إعمالا سليما لصحيح القانون؟..الإجابة عن هذا السؤال نجدها بوضوح شديد فى نص المادة 29من قانون المحكمة الدستورية العليا التى تنص على أن: «تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتى: إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية. إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يتجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك (أى الدعوى بعدم الدستورية) أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن. لاحظ أن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا تتكلم عن محاكم أو هيئات قضائية، وعن دعاوى منظورة أمامها يراد فيها تطبيق نص قانونى مشوب بعدم الدستورية،.. أى أنها لا تتكلم عن لجان تقوم بإصدار قرارات ولا عن تظلمات من تلك القرارات وهو ما دفع ببعض أساتذة القانون إلى القول بأن تلك اللجنة غير مختصة أصلا بإحالة قانون معين إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى مدى دستوريته.. لأنها فى نهاية المطاف لجنة إدارية حتى إن كانت مكونة من كبار رموز الهيئات القضائية، غير أننا إذا تجاوزنا عن هذا القول بناء على الوصف الذى خلعه الإعلان الدستورى على لجنة الانتخابات الرئاسية.. حيث وصفها بأنها «لجنة قضائية عليا»، إذا تجاوزنا عن هذا القول واعتبرناها إحدى الهيئات ذات الاختصاص القضائى التى تتكلم عنها المادة 29من قانون المحكمة الدستورية العليا، وإذا اعتبرنا أن التظلم الذى تقدم به الفريق أحمد شفيق هو بمثابة الدعوى بالمفهوم الواسع للدعوى، ثم إذا عدنا بعد ذلك إلى السؤال الذى بدأنا به مقالنا.. فإن الإعمال الصحيح لصريح نص الفقرة (ب) من المادة 29 كان يستوجب أن تقوم لجنة الانتخابات الرئاسية بتأجيل الفصل فى التظلم المقدم من الفريق أحمد شفيق وأن تحدد له أجلا لرفع دعوى بعدم دستورية قانون العزل، وهو ما كان يستوجب بالتالى أن يؤجل إعلان القائمة النهائية لأسماء المرشحين إلى حين أن تقول المحكمة الدستورية العليا كلمتها. أما وأن لجنة الانتخابات الرئاسية لم تلتزم بذلك.. فإنها تكون قد خالفت صريح المادة 29من قانون المحكمة الدستورية العليا متحصنة بما حصنتها به المادة 28من الإعلان الدستورى، لكن اللجنة الموقرة قد أغفلت حقيقة طالما أكدتها وقائع التاريخ وهى نفس الحقيقة التى غفل عنها نص المادة 28من الإعلان الدستورى. تلك هى أنه عندما تتحصن جهة معينة من الطعن على قراراتها بالطرق القانونية فإنها تفتح الطريق للطعن عليها بطريق الثورة، وهذا هو ما يحدث الآن.