تشارك التجربة اليابانية للإيراني كياروستامي فى مهرجان كان السينمائى الدولى فى دورته الخامسة والستين للتثبت للجميع انها على خارطة السينما العالمية ، وانها تنتج أعمالا جيدة تستحق المنافسة على اعلى الجوائز السينمائية فى العالم . الفيلم "مثل شخص وقع في الحب" Like Someone in Love بدأ عرضه امس بعد موعده بنصف ساعة تقريبا ، بسبب هطول الامطار ، وشاهد البعض الفيلم جلوسا على الأرض بسبب امتلاء القاعة عن آخرها بالصحفيين والنقاد. المخرج عباس كياروستامي هجر قبل عامين، قضايا الواقع الايراني بعدما حققه المحافظون من قمع للتيار الاصلاحي في ايران، وقرر أن يصنع أفلام خارج ايران عن مواضيع انسانية عامة. وقد قدم قبل عامين فيلم "نسخة مصدقة" الذي صوره في ايطاليا وتحديدا في مقاطعة توسكاني الجميلة، وقامت ببطولته جوليت بينوش، وكان يبحث في سؤال الحب بكثير من اللف والدوران حول الفكرة كعادته، والتفلسف الذي يعبر عنه عادة من خلال الحوارات الطويلة المرهقة. ولجأ كياروستامي فى تجربته اليابانية أيضا إلى نفس الوسيلة، من خلال طرح موضوع يتعلق بتعقيد العلاقات الانسانية، وفكرة أن الظاهر يخفي الكثير عن الباطن وقد يتناقض معه تماما، وكيف يمكن للانسان أن يتقمص ما ليس فيه، وأن يسمع عكس الحقيقة ويقبله رغبة منه فقط في الاندماج في اللعبة، وهل الحياة مجرد لعبة طويلة نندمج فيها أحيانا وننسى أنفسنا، أي ننسى أن نتوقف لكي نتأمل ما نقوم به. الفيلم يدور حول فتاة شابة يابانية طالبة جامعية قدمت حديثا الى طوكيو، تعمل عاهرة، لكنها توهم صديقها بأنها تعيش حياة مستقيمة، وعندما يدفع بها القواد الذي يقوم بتشغيلها الى زبون يوصي بأنه من نوع "خاص" وأنه يستحق معاملة خاصة، ويضغط كثيرا على الفتاة حتى تقبل بالقيام بالزيارة في تلك الليلة تحديدا فيما هي تعتذر لصديقها عن اضطرارها لقضاء أمر ما. وعندما تحل الفتاة على منزل البروفيسور العجوز، ينشغل الاثنان لفترة طويلة في مناقشة لوحة فنية معلقة على جدار حجرة الجلوس في منزل الرجل الذي يبدو وقد أعد العدة لسهرة صاخبة. تتوقف المناقشة الذهنية حول اللوحة فجأة حينما تطلب الفتاة الذهاب الى الحمام، ثم تعود لكي تتجرد من ملابسها في حجرة النوم بينما يراقب الرجل تصرفها من مكانه في غرفة الجلوس. وعندما يذهب اليها أخيرا يجدها قد استسلمت للنوم، ولأنه لا يريد ازعاجها بل يشعر بنوع من الأبوية تجاهها، يفصل سلك الهاتف القريب من فراشها لكي لا يزعجها رنين الهاتف. يقوم في الصباح بتوصيلها الى الجامعة وينتظرها على الباب في حين يراه صديقها ويقترب منه ويتحدث اليه ظانا اياه جدها. وتروق الفكرة للبروفيسور فيوافق على أنه جدها، فهو يرغب في توفير الحماية لها، فيحين يحدثه صديقها مدعيا أنه خطيبها ويطب أن يتقدم رسميا لها، للزواج منها لكي يحميها ، الفتاة اذن تعيش دورين: دورها كطالبة دورها كعاهرة، والشاب يعيش في دور العاشق في حين انه ربما يكون في حاجة الى استغلال الفتاة، والبروفيسور يقوم بدوره الحقيقي ودوره كجد مفترض لفتاة.