رغم الهجوم الكاسح لمسلسلات رمضان إلا أن الوقت لا يزال مبكرا للكتابة أو الحديث عنها وبالتالي دعونا نستكمل الحديث عن فيلم الكبار..علي المستوي الإخراجي يفتر الإيقاع البصري العام للفيلم مع تطور الأحداث ويتحول إلي لقطات متوسطة وقريبة تعزل الشخصيات عن الواقع من حولها رغم أن أزمتها نابعة من هذا الواقع وليس من داخلها حتي نراها طوال الوقت محصورة في كادرات ضيقة، ثم يأتي تابع «التعجل» الأساسي وهو «الاستسهال» فزينة أخت الشاب المشنوق سريعاً ما تقرر النزول للشارع كعاهرة دون مبرر مقنع ولكنه دائما الحل «الميلودرامي» الأسهل ويحاول السيناريو أن يوازي ما بين بيعها لنفسها وبين بيع كمال - وكيل النيابة السابق - «المحامي الحالي» لنفسه إلي مؤسسة الحاج /خالد الصاوي التي تبدو كياناً هلامياً مأخوذاً من مانشيتات الجرائد المستقلة.. وبالفعل تتوازي الشخصيات ولكن في ضعف المبرر وليس في السقوط..فكمال بسهولة يقبل أن يصبح ضمن فريق محامين هذه المؤسسة بعد تهديدات مسلحة ساذجة من «العصابة» إياها والفتاة التي لا ندري شيئاًِ عن أبعاد شخصيتها سوي أنها جميلة وطيبة وأمها عمياء (قدمت صفاء الطوخي الدور بإجادة لا يحتملها الفيلم) تتخلي فجأة عن فكرة الشغل وتنصرف للطبيخ والاستسلام لمشاهد الغزل البرئ مع كمال بينما تظل شخصية «علي» زميل «كمال» التي قدمها محمود عبد المغني محصورة في إطار انفعالي آحادي البعد ويصرخ طوال الوقت ويهدد ويتوعد رغم أن مشاهده كانت أكثر مشاهد الفيلم سينمائية خاصة المشهد الذي يهجم فيه علي احد المتهمين ويضربه داخل الزنزانة وعندما يمنعوه من ذلك تغلق القضبان أمام وجهه وكأنه هو المسجون وليس المجرم الذي سوف يخرج نتيجة ان له «ضهر» من الكبار.وربما كانت شخصية الحاج هي أكثر الشخصيات قوة وتأثيرا علي المتلقي فابعادها مرسومة بشكل واضح وتحمل علامة مميزة هي الحنين المستمر للطفولة والسخرية اللاذعة من كل شئ وخالد أصلح من يقوم بهذه الأدوار ولكن الشخصية ايضا تحمل جانباً نمطياً مثل كل الكبار الفاسدين في السينما المصرية وربما كانت أزمة بشير الديك هو أنه كتب السيناريو بروح التسعينيات قبل الطفرة الإعلامية التي جعلت وعي الجمهور بطبيعة قضايا الفساد ومشاكله أكثر حدة حتي صار لزاما علي الكتاب أن يمنحوا المتلقي تفاصيل دقيقة وحقيقة وليست مانشيتات أو جمل دعائية عن الفساد والبلد التي لا عيش فيها إلا للكبار هذه الجمل قد تبهر الصغار مثل محمد العدل وهو في بداية مشواره لكنها لا تلقي التأثير المطلوب لدي الجمهور..أما عمرو سعد فليته يتخلص قليلا من روب المحاماة الخاص بأحمد زكي الذي ظل يرتديه داخل المحكمة وخارجها طوال الفيلم أنه ممثل متمكن ولديه خبرة جيدة كما أن ملامحه وعمق عينيه يمنحانه مساحة للتعبير دون احتياج لتقليد أو محاكاة وهو مثل بشير الديك من الكبار، لكنه وقع للأسف في فخ التعامل مع الصغار فلم يتم توجيهه بشكل ناضج أو إدارته بعيدًا عن مناطق التماس مع ممثلين آخرين.