في البداية أود أن أعتذر عن التأخر في الكتابة عن فيلم «الكبار» لظروف خارجة عن إرادتي، ودعونا نبدأ الحديث بسؤال:لو لم يكن محمد العدل ابن المنتج جمال العدل أحد أضلاع كيان العدل جروب.. هل كان أحد سيتحمس لإعطائه فرصة تقديم فيلمه الأول رغم قلة خبرته وحداثة تجربته؟ الإجابة عن هذا السؤال تلخص الكثير من مشاكل فيلم «الكبار».. وهي بالطبع لأ.. لأن محمد من واقع هذه التجربة يبدو أنه لا يزال بالتعبير الدارج «أخضر» لا يملك الأسلوب الخاص أو الرؤية الفنية الناضجة التي يمكن أن تؤهله لتقديم عمل «أول» جيد رغم أن مشروع تخرجه «دستور يا سيدة» جاء يحمل نواة مخرج ذي حساسية راقية ! لكن تعجله في خوض التجربة الطويلة الأولي أحبطنا جميعا. فمنذ اللقطات الأولي عندما يستيقظ كمال «عمرو سعد» علي تليفون يبلغه أن أحد المتهمين بريء من تهمة محكوم عليه فيها بالإعدام ومع اهتزاز الكاميرا والكادرات غير الثابتة التي تكررت في عشرات الأفلام وميزانسين الشخصية نفسها «أي حركتها داخل الكادر» تشعر أنك أمام صدي بصري من أفلام أخري وليس أسلوباً خاصاً بمخرج الفيلم بداية من حركة الكاميرا التي تحاول أن تهاجمنا بحالة توتر تأتي نابعة من مشهد في الأساس شديد الضعف دراميا. . فوكيل النيابة الذي قدم القضية للمحكمة ينهار بمجرد أن يأتيه تليفون من زميله يقول له إن المتهم بريء! هكذا دون مقدمات أو أدلة! وعندما يذهب وكيل النيابة بنفسه ليوقف حكم الإعدام ولا يتمكن من اللحاق بالشاب قبل أن يتدلي من المشنقة يصاب بعقدة ذنب رهيبة، خصوصا أنه مع هذا التليفون تتضح الحقائق في ذهنه عبر الذاكرة البحتة كأنه كان مغيباً أثناء التحقيقات وهي نقطة هجوم مفبركة لم تساعدها مشاهد الفلاش باك المتلاحقة القادمة من ذاكرة الشخصية. وبدافع من عقدة الذنب تلك يذهب كمال لحضور عزاء الشاب شهيد غيبوبته كوكيل نيابة فتخرج علينا أخت الشاب «زينة» لتقول له إن كل الناس الذين حولها مثلها ومثل أخيها ضعفاء ليس لهم «ضهر» و «يوم ماحيكون لينا ضهر مش حيكون إنت» هنا يتضح أن السيناريو يتعجل أن يتحدث عن «الضهر» دون أن يكون هناك مبرر درامي لذلك، فقضية الشاب الذي اتهم في مقتل حبيبته وسرقتها وبسبب خطأ التحريات أو التحقيقات حكم عليه بالإعدام، قضية لا علاقة لها بفكرة «الضهر» أو الكبار أو تلك المسميات المستهلكة عن «مراكز القوي» وأصحاب النفوذ. . فهي ليست قضية رأي عام أو قضية المتهم فيها يواجه خصماً من السلطة. . هذا التعجل الدرامي يجعل وكيل النيابة يستقيل ويتحول إلي محام لمن ليس لهم ضهر وبالتالي تبدأ ملامح الشخصية في الضعف أكثر. . فكيف أتعاطف أو أتوحد مع بطل يأخذ قراراً عنترياً نتيجة مبرر درامي خيالي لا علاقة له بالتفاصيل التي ساقتها الأحداث؟ ربما لو استقال بسبب عقدة الذنب لكان الأمر أكثر منطقية لكن السيناريو يتعجل أن يقحمنا في هذه العنترية الخائبة.