رئيس حي الجبيل بطور سيناء يتابع منظومة الخبز    تأييد حكم حبس مدير حملة أحمد الطنطاوي    مصدر يكشف ل"أهل مصر" موعد إعلان الحكومة الجديدة    ارتفاع أسعار الخضراوات اليوم الإثنين في الفيوم.. البطاطس ب 20 جنيهًا    محافظ المنيا: تواصل استقبال القمح وتوريد 346 ألف طن منذ بدء الموسم    محافظ قنا: جهود مكثفة لإنجاز ملف التصالح فى مخالفات البناء    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على غزة إلى 36 ألفا و479    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    صندوق الأغذية العالمي يعلن تقديم مساعدات إنسانية ل65 ألف متضرر من الفيضانات في أفغانستان    «نسك».. بطاقة ذكية تُسهل رحلة الحجاج وتُعزّز أمنهم خلال حج 2024    بعد وصافة أوروبا.. سكاي: إدارة دورتموند تجتمع مع ترزيتش لتمديد عقده    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    نتيجة الشهادة الإعدادية جنوب سيناء 2024.. متاحة الآن على هذا الرابط    تخرج دفعة جديدة من ورشة «الدراسات السينمائية» بقصر السينما    مهرجان روتردام للفيلم العربي يسدل الستار عن دورته ال 24 بإعلان الجوائز    لإنتاج 6 مسكنات ومضادات حيوية.. وزير الصحة يشهد توقيع شراكة بين «الدواء» وشركة أمريكية    ممثل الأغلبية: نوافق على أضخم موازنة فى تاريخ مصر والأكثر إدراكا للصدمات الاقتصادية    نقيب المعلمين: تقديم الدعم للأعضاء للاستفادة من بروتوكول المشروعات الصغيرة    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    عميد الكلية التكنولوحية بالقاهرة تتفقد سير أعمال الامتحانات    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدا جراء قصف إسرائيلى استهدف المحافظة الوسطى بغزة    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    لمواليد برج الدلو.. ما تأثير الحالة الفلكية في شهر يونيو 2024 على حياتكم؟    «شرارة» يؤكد على دور الأغانى والأناشيد الوطنية في غرس القيم وإعلاء حب الوطن    مقابلات للمتقدمين على 945 فرصة عمل من المدرسين والممرضات في 13 محافظة    وزير الصحة يستقبل مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض لتعزيز التعاون في القطاع الصحي    "أسترازينيكا" تطلق حملة صحة القلب فى أفريقيا.. حاتم وردانى رئيس الشركة فى مصر: نستهدف الكشف المبكر لعلاج مليون مصرى من مرضى القلب والكلى.. ونساند جهود وزارة الصحة لتحسين نتائج العلاج والكشف المبكرة عن الحالات    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    رئيس جامعة المنوفية يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    «ابتعدوا عن الميكروفون».. رئيس «النواب» يطالب الأعضاء باستخدام أجهزة القاعة بشكل صحيح    أفشة: الجلوس على الدكة يحزنني.. وأبو علي هيكسر الدنيا مع الأهلي    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    عاجل..صندوق الإسكان الاجتماعي: الفترة المقبلة تشهد الانتهاء من تسليم جميع الوحدات السكنية المطروحة ضمن الاعلانات السابقة    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    انهيار منزل ونشوب حريق في حادثين متفرقين دون إصابات بقنا    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار.. قائد القوات المصرية فى حرب الخليج ل"الفجر": "مسافة السكة" كلمة السر وراء ظهور داعش
نشر في الفجر يوم 22 - 10 - 2014

اتفاقية السلام المخاض الطبيعى للواقع الدولى وقتها وما اضطررنا إليه بالأمس نستطيع تغيير اليوم..

صدام حسين استدرج لحرب الخليج بمساعدة أطراف عربية ارتبطت بتوجيهات أمريكية لشق الصف العربى..

قناة السويس الجديدة فى خطر بسبب القواعد العسكرية الأمريكية والإسرائيلية فى منطقة مضيق باب المندب..

السعودية فى " كماشة " بسبب تنامى داعش شمالا والحوثيين جنوبا..


تمر علينا الذكرى الواحد والأربعين لقرار مجلس الأمن بوقف اطلاق النار بين الجانبين المصرى والإسرائيلى عقب نجاح القوات المصرية فى عبور قناة السويس، والتى بدأت مصر بها مرحلة تاريخية جديدة ونضال طويل فى اطار عملية السلام ولكن على الجانب الآخر انتهاء العمليات العسكرية فتحت المجال واسعا لمواجهات غير تقليدية لا تستخدم فيها الآلة العسكرية ، وقد مثلت حرب اكتوبر المجيدة بما شهدته من اروع تجليات تلاحم الموقف العربى ، خاصة فيما يتعلق بالسياسات النفطية وغلق مضيق باب المندب الدافعية لدى الولايات المتحدة " العدو الرئيسى للوطن العربى" لاعداد خطط بعيدة الأمد لتقسيم الموقف والوطن العرب .والآن عقب واحد وأربعين عاما على حرب اكتوبر المجيدة.

والان يعيش العالم العربى وفى قلبه مصر متأثرا بالتخطيط الأمريكى حيث السودان مقسما ، وانفصال اقليم كردستان العراق اصبح واقعا لا مناص منه ، والعراقيون يلملمون اشلاءهم الممزقة تحت عجلات قطار من الطائفية والتناحر العرقى ، وسوريا تقاتل فى حرب ضروس ضد مرتزقة من كل أنحاء العالم للحيلولة دون مصير العراق الذى اصبح قاب قوسين أو ادنى ، والخليج يعيش بين كفى رحى حيث تهديدات داعش شمالا والحوثيين جنوبا ، واليمن يطل عليها شبح التقسيم من جديد ، ومضيق باب المندب محاصر من القواعد العسكرية الإسرائيلية والأمريكية بخلاف النفوذ الإيرانى ، علاوة على النفوذ الأمريكى فى إفريقيا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بما له من تداعيات غير ايجابية على الدول العربية الإفريقية ، أما احدث الادوات الأمريكية فى المنطقة العربية فهى تصعيد الإخوان الإرهابيين إلى سدة الحكم فى بعض الدول العربية الأمر الذى تمخض عنه تنامى الظاهرة الإرهابية والتى يمثلها داعش المطية الأمريكية لتوجيه ضربات موجعة إلى الجيش السورى والقيام بعمليات التطهير العرقى لتهيأة البيئة السورية والعراقية للتقسيم العرقى والدينى. وما بين حرب اكتوبر و" الحرب على الإرهاب".

وما بين الآلة العسكرية والطائفية " الفجر " التقت بالفريق محمد على بلال الخبير العسكرى والاستراتيجى وقائد القوات المصرية فى حرب الخليج فى قراءة جديدة لحرب اكتوبر واسقاطات معاصرة ولاستقراء الواقع الدولى عبر الأربعين عام الماضية وانعكاساته على العلاقات العربية الأمريكية وللتعرف على تداعيات حرب اكتوبر على الخطط الأمريكية إزاء الوطن العربى ولدراسة التحديات الجديدة التى تجابه المنطقة العربية، واليكم نص الحوار:


منذ حرب اكتوبر المجيدة وحتى الآن مرورا باتفاقية السلام شهد الواقع الدولى تغيرات جسيمة ، كيف تقرأ الواقع الدولى على امتداد هذه الفترة وكيف انعكس ذلك على العلاقات المصرية الأمريكية ؟

كانت القواعد الدولية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى وقت انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1989يحكمها النظام الثنائى القطبية حيث انحسرت القوى العالمية بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة ، ولكن على امتداد تلك الفترة الطويلة لم تستقر القواعد على هذا النحو كما أن العلاقات السوفيتية الأمريكية مرت بمراحل متعددة تاريخيا اختلفت فيها تلك طبيعة العلاقة ونمط الصراع ، ويؤرخ للرئيس الأمريكى جون كنيدى وضع الولايات المتحدة لخطط بعيدة الأمد لاسقاط القطب المنافس بدون الدخول فى مواجهات عسكرية حيث قال كنيدى سنسقط الاتحاد السوفيتى بدون أن نطلق رصاصة واحدة ، واعتمدت تلك الخطة على الاستنزاف الاقتصادى من خلال دفع الاتحاد السوفيتى إلى ما عرف بسباق التسلح النووى وتغيير البنية الاستراتيجية للاتحاد ليصبح السلاح قبل الخبز وهذا على عكس اجندة الأولويات التى وضعها الاتحاد لنفسه ، وبالفعل مثلت منتصف السبعينات ثمار السياسة الأمريكية فى مختطاطها وظهر الوهن الاقتصادى على الاتحاد السوفيتى.

يضاف إلى ذلك عامل آخر كان له كبير الاثر فى اضعاف الاتحاد السوفيتى وهو الاصلاحات الجذرية للفكر الرأسمالى فى المجتمعات الليبرالية المنافسة والذى اختلف كثيرا عن الطرح القديم الذى كان يجور على حقوق العمال والفلاحين والمهمشين وهو ما كانت تقتات عليه شعارات الشيوعية فى الترويج لنفسها وتدعيم نفوذ الاتحاد السوفيتى ، وجاءت تلك الاصلاحات فى الفكر الرأسمالى لتقدم طرحا اقتصاديا اكثر إنسانية ، علاوه على الدور الكبير الذى لعبته النقابات العمالية والاحزاب السياسية فى الدفاع عن الطبقات الكادحة ، الأمر الذى كان له كبير الاثر الايجابى على المجتمعات الليبرالية التى اصبحت اكثر انسانية واكثر انتصارا لقيم العدالة الاجتماعية ، مما اضر ضررا بالغا بالفكر الشيوعى الذى اصبح معقلا للاستبداد ، وقد لعبت السنيما الأمريكية دورا كبيرا فى ابراز عيوب المجتمعات الشيوعية مما ساهم مساهمة مباشرة فى افقاد الشيوعة لبريقها وقد انعكس ذلك سلبيا على النفوذ السوفيتى كثيرا.

ومثلت تلك العوامل تحولا نوعيا كبيرا فى مكانة الاتحاد السوفيتى من جانب واخلال بالنظام الدولى من جانب ثانى وارهاصات لانهيار التحاد السوفيتى من جانب ثالث ، حيث انحسرت القوى الدولية منذ منتصف السبعينات وقت مفاوضات السلام حتى توقيع الاتفاقية فى الولايات المتحدة التى باتت متحكمة فى مجريات الخريطة الدولية عقب الوهن الكبير الذى اصاب جسد الاتحاد السوفيتى - القطب المنافس - والذى لم تعد لديه الكفاءة اللازمة لمجاراة الولايات المتحدة ،والرئيس السادات استطاع قراءة الواقع الدولى جيدا.

هذا هو الظرف الدولى الذى وقعت فى اطاره اتفاقية السلام وما ترتب عليها من تغيير السياسات الخارجية المصرية والاتجاه إلى الولايات المتحدة وهى المخاض الطبيعى للتحولات النوعية التى شهدتها موازين القوى حيث لم يكن هناك بديل عن الاتجاه إلى الولايات المتحدة على ضوء الوهن الذى اصاب الجسد السوفيتى علاوة على عدم اتاحة الامكانات العسكرية لاسترداد كامل التراب الوطنى بالطريق العسكرى.

أما الآن فقد اختلفت قواعد النظام الدولى اختلافا كليا وتشهد الولايات المتحدة مرحلة افول وتراجع ولم تعد على ذات القدرمن القوة قبيل وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى ، ومن جانب آخر يجنح الواقع الدولى إلى نمط تعددى بظهور تكتلات اقتصادية وسياسية وعلى رأسها روسيا والصين الأمر الذى خصم كثيرا من نفوذ الولايات المتحدة التى لم تعد قادرة على الهيمنة على الخريطة الدولية.

وتنعكس تلك المتغيرات على هامش الحركة لدى الدول الذى اصبح اكثررحابة تعددت فى اطاره البدائل والخيارات وهو وضع معاكس للظرف الذى وقعت فى اطاره اتفاقية السلام حيث لم يكن هناك بدائل وخيارات ومالم يكن متاحا من قبل اصبح متاحا الآن وما اضطررنا إليه بالأمس يمكن تغييره الآن وعلى الدولة المصرية أن تستثمر الظرف الدولى الذى اصبح اكثر عدالة من قبل لتصميم سياسة خارجية متوازنة مع كل الاطراف لتحقيق اكبر قدر من المصالح الحيوية.


مثلت حرب اكتوبر نموذجا رائعا لتلاحم الدول العربية ، كيف مثل ذلك دافعا للولايات المتحدة لاعداد مختطاطها بعيدة الأمد لتقسيم الموقف والوطن العربى ؟
بالفعل تلاحم الوطن العربى وقت حرب اكتوبر المجيدة قدم نموذجا تاريخيا رائعا، وقد تجلى ذلك فى تقديم الدعم العسكرى من معظم الدول العربية و الأهم من ذلك هو قيام دول الخليج العربى وعلى رأسهم السعودية برفع سعر البترول ، واليمن بغلق مضيق باب المندب ، أما التوأمة بين الموقف المصرى والسورى فقد كانت من اروع مشاهد حرب اكتوبر و هى المسار الطبيعى لحركة التاريخ فى العلاقات بين الاقليم الشمالى والجنوبى الذى يمثل التلاحم بينهما الرقم الصعب فى معادلة الأمن القومى العربى .

وقد مثل التلاحم العربى الدافعية للولايات المتحدة بإعداد خطط بعيدة الأمد لشق الصف فى المنطقة العربية ، وفى هذا السياق هناك كلمة ادرجها كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة فى مذكراته افصح فيها عن خطة تقسيم الدول العربية عبر مسارين متلاحقين أولا تقسيم الدول العربية ثم تفتيت الدول العربية.

وقد اتضحت تلك الخطة منذ عام 80 مع الحرب العراقية الإيرانية التى مثلت المحطة الأولى من مجموعة محطات للوصول إلى المطاف الأخير وهو وطن عربى مقسم متناحر منهك القوى العسكرية خاصة الجيش المصرى والسورى والعراقى ، وقد كانت الولايات المتحدة اكبر المستفيدين من الحرب العراقية الإيرانية حيث كانت تصدر السلاح للطرفين فى اطار خطة لا هازم ولا مهزوم وكان الغرض الأساسى استنزاف القدرات العسكرية العراقية ، ثم تلى ذلك المحطة الثانية والتى مثلت تجليا صارخا فى نجاح المخطط الأمريكى وهى حرب الخليج عام 1990والتى شكلت انقساما حقيقيا وعميقا فى وحدة الصف العربى والجدير بالذكر أن الرئيس الراحل صدام حسين استدرج لهذه الحرب بمساعدة اطراف عربية تنفيذا لأجندة أمريكية لشق الصف العربى.

المحطة التالية كانت مع انهيار الاتحاد السوفيتى بالتزامن مع ما قامت به الولايات المتحدة من خلق ودعم تنظيم القاعدة للمساعدة فى تفكيك الاتحاد وتغذية مناخ الحرب على الأساس الدينى ، وقد تمكنت الولايات المتحدة من الاطاحة بالقطب الوحيد المنافس ليدخل الواقع الدولى إلى منعطف خطير من حالة القطب الأوحد والهيمنة الأمريكية ، وقد مثل انهيار الاتحاد السوفيتى ارهاصات لمجموعة متتالية من الأحداث الجسام اعادت تشكيل المنطقة العربية ومثلت حالة القطب الأوحد البيئة الحاضنة للمختطات الأمريكية ازاء اعادة تشكيل المنطقة العربية وفق المكونات والمعطيات المطلوبة لدخول مخطط تقسيم الدول العربية مرحلة متقدمة من التنفيذ.

المحطة الرابعة كانت عام 2001 مع أحداث 11 سبتمبر ويجب التنويه أن ضلوع الولايات المتحدة فى تدبير هذه الهجمات أمر وارد استنادا إلى اتساق الأحداث المترتبة عليها مع المختططات الأمريكية ويؤرخ لهذه الأحداث لبدء مرحلة جديدة للعلاقات العربية الأمريكية بشكل خاص وللعلاقات الدولية بشكل عام عنوانها " الإسلام فوبيا " فى اطارها اصبح المسلمون هم العدو البديل للسوفيت وذلك لأن الولايات المتحدة تعتمد على عقيدة العدو وذلك لتدوير الآلة العسكرية من أجل تدوير الآلة الاقتصادية .

ومع هذه الأحداث اخذ المخطط الأمريكى لتقسيم الدول العربية منحى اكثر خطورة واصبح الطريق ممهدا للانقضاض على دولة العراق عبر زريعة الحرب على الإرهاب وأسلحة الدمارالشامل وبالفعل استطاعت الولايات المتحدة إخراج العراق هذا البلد العريق والقوى من منظومة الأمن العربى واطاحت بالجيش العراقى فى تجل فاضح لنجاح الأمريكيين فى مختططاتهم إزاء العالم العربى والإسلامى .
وعبر هذه المحطات انتهت المرحلة الأولى من المخطط الأمريكى لتقسيم الموقف والدول العربية لتبدأ بعدها المرحلة الثانية مع ما اسموه الربيع العربى ، وفى اطار هذه الأجواء قامت الولايات المتحدة بدعم و تصعيد التنظيمات الإرهابية مثل الإخوان و داعش وغيرها لاستكمال المخطط الأمريكى المعد منذ سنوات عقب حرب اكتوبر.

ومعروف أن امريكا حققت نجاحات مذهلة على صعيد مختطاتها بسبب غياب رؤية واستراتيجة عربية لمواجهة تلك المختططات والتى كانت معلنة لتفتيت الدول العربية إثنيا ودينيا وما يحدث الآن فى سوريا والعراق تجل واضح للنجاح الكبير للمخطط الأمريكى الذى لم يجد من يتصدى له بالخطط المقابلة واصبحت دولة كردستان العراق واقع لا مجال لايقافه علاوة على انهاك واستنزاف الجيش السورى الوطنى فى مواجهة جيش من المرتزقة ومجموعات إرهابية مأجورة أمريكيا تحت مسمى الجيش الحر والدولة الوحيدة التى لم ينجح معها هذا المخطط هى مصر بفضل الثورة الشعبية فى 30 يونية وانحياز المؤسسة العسكرية إلى الارادة الشعبية ولكن الوطن العربى يعيش لحظات تاريخية بالغة السوء والعديد من السيناريوهات الأسوأ واردة واجل ما نحتاجه هو التلاحم العربى كما كان وقت حرب اكتوبر .


كشف الموقف اليمنى فى حرب اكتوبر وغلق مضيق باب المندب عن حيوية ذلك كورقة ضغط ، كيف تقرأ الأوضاع اليمنية على ضوء تنامى أزمة الحوثيين ؟

بالفعل لمضيق باب المندب أهمية بالغة بالنسبة لقناة السويس ويجب الانتباه إلى هذا الملف ونحن فى اطار مشروع عملاق مثل قناة السويس الجديدة، وكان لغلق المضيق وقت حرب اكتوبر من تأثير كبير على حركة التجارة لفتت الانتباه إليه كورقة ضغط على الدول الكبرى.

وحول ما يحدث الآن فى اليمن وتصاعد الحوثيين فالمقصود به بشكل رئيسى هو السعودية عقب موقفها الداعم للثورة المصرية فى 30 يونية وتوتر علاقاتها والخليج عامة بالولايات المتحدة، ويتضح المخطط الأمريكى من دراسة موقف الحوثيين جنوب السعودية بالتوازى مع تنامى الظاهرة الإرهابية عبر داعش شمالا حيث وضعت السعودية بين كفى رحى " كماشة " مما زاد من الضغوط الأمريكية عليها .

السبب الآخر يتعلق بالمخطط الامريكى باشعال التوترات على كافة الحدود المصرية سواء المباشرة ناحية الغرب أو الشرق أو الجنوب وسواء مضيق باب المندب جنوبا بالغ الحيوية بالنسبة لتأمين قناة السويس شمالا.

ومعروف أن الأوضاع الأمنية عند ضفتى باب المندب مضطربة ، حيث يتنامى النفوذ الإيرانى والإسرائيلى والأمريكى شرقا فى اريتريا وجيبوتى والصومال التى سقطت من حسابات الدول واصبحت مرتعا للمليشيات والإرهابيين، وما هو أخطر من ذلك القواعد العسكرية المنتشرة شرق المضيق وأشدها خطورة القاعدة العسكرية الأمريكية فى جزيرة حنيش والتى تقع فى منتصف المضيق عند اكثر النقاط حيوية.


تختلف التحديات التى تواجه الوطن العربى الآن عن تلك التى واجهتنا وقت حرب اكتوبر ، كيف تقرأ تلك التحديات الجديدة ؟

المختطات الأمريكية ناجحة ولكن الادوات تتعدد ونحن نعيش فترات عصيبة فى تاريخ الوطن العربى ونواجه تحديات جسيمة على رأسها تنظيم داعش الإرهابى.

ولكن لابد من الانتباه إلى توقيت تنامى هذه الظاهرة خاصة عندما زادت العمليات المسلحة التى قام بها داعش باستيلائه على المدن السنية العراقية وتجاوز الحدود العراقية السورية " وهى عمليات مرصودة بالأقمار الصناعية الامريكية "، حيث اعقبت الانتخابات الرئاسية فى مصر والتى اسفرت عن فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى على غير رغبة الولايات المتحدة التى تنظر إلى الأوضاع فى مصر عقب الاطاحة بعملائها " الإخوان الإرهابيين " بعين عدم الرضا خاصة عند التصريح الذى ادلى به الرئيس " مسافة السكة " فى معرض كلامه عن التهديدات الخليجية ، فجاء الرد الأمريكى سريعا وفق المنحى الذى آلت إليه الأمور منذ حوالى الثلاثة أشهر عندما تنامت تحركات داعش الإرهابى وحتى رحيل نورى المالكى رئيس الوزراء العراقى السابق ، لتبدأ جولة أخرى من التصعيد الإرهابى بالاتجاه شمالا نحو المدن الكردية مما مثل البيئة الحاضنة لاكذوبة التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة للحرب على الإرهاب مجددا.

وفى هذا السياق بات من المؤكد أن الولايات المتحدة تقف خلف تنامى ظاهرة داعش فى الفترة الأخيرة والتى بدأت مباشرة عقب فوز المشير السيسى برئاسة مصر وذلك لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية أولا شق الصف المصرى السعودى باثارة التوترات على حدود الأخيرة الشمالية عبر داعش والجنوبية عبر الحوثيي.

ثانيا: اختبار كلمة مسافة السكة ثالثا خلق البيئة الأمنية المواتية للتدخل العسكرى فى المنطقة لاعادة ترتيبها وفق المصالح الأمريكية خاصة فيما يتعلق بسوريا التى فشلت امريكا فى استصدار قرار من مجلس الأمن بتوجيه ضربات عسكرية إلى الجيش النظامى بسبب الفيتو الروسى والصينى.


مثلت الأحداث فى كوبانى والتدخل العسكرى الذى تقوم به قوات التحالف الدولى تحولا نوعيا فى المشهد السورى والعراقى ،كيف تقيم فكرة الحرب على الإرهاب فى هذا السياق ؟


كوبانى دلالة على الأكاذيب الأمريكية التى روجتها عن داعش وضرورة ما اسمته الحرب على الإرهاب وهو شعار قديم ثبت فشله، وعلى مدار الثلاثة عشر عام الماضية تذرعت الولايات المتحدة لاكثر من مرة بالإرهاب لشن عملياتها العسكرية فاحتلت أفغانستان للقضاء على تنظيم القاعدة الذى صنعته بأيديها ثم ليجد العالم نفسه امام عشرات التنظيمات الإرهابية قد انبثقت عن التنظيم الأم فى ظل الاحتلال الأمريكى ، ثم احتلت العراق للقضاء على ما اسمته أسلحة الدمار الشامل التى لم يتم العثور عليها حتى الآن ولنشر الديمقراطية التى لم تخلف الا الطائفية والتطاحن العرقى والدينى وانفصال وشيك لاقليم كردستان العراق فى اعادة مريرة لتجربة السودان .

وبعد هذا الدمار وتنامى الظاهرة الإرهابية حول العالم هناك سؤال يطرح نفسه عن مصداقية الطرح الأمريكى ، ليس هذا وفقط بل يطل علينا الوجه الأمريكى من جديد تحت نفس الذرائع الكاذبة وفى نفس الاطار الباهت حول الحرب على الإرهاب ولكن وفق ادوات ومسميات جديدة ولتأتى أحداث كوبانى بتقدم داعش على الرغم من الضربات الجوية التى تقوم بها قوات التحالف الدولى دلالة جديدة على سيناريو الفشل الأمريكى.

ومن المؤكد ان الولايات المتحدة لا تريد القضاء على داعش ولو ارادت لفعلت دون الحاجة لما اسمته قوات التحالف الدولى الذى لا تتناسب امكاناته مطلقا مع بضعة آلاف من الإرهابيين المرصودين بالأقمار الصناعية الأمريكية خاصة وأن اوباما اعلن لمرات أن هذه العملية العسكرية ستستغرق ثلاثة أعوام ولكن الولايات المتحدة تستهدف الجيش السورى الوطنى، وهكذا تتعدد الوسائل والادوات والهدف الأمريكى واحد.


يتصدر المشهد الدولى الآن العديد من الفاعلين سواء دوليين او غير دوليين بعكس الاطراف الفاعلة وقت حرب اكتوبر ، كيف تقرأ دور كل طرف وكيف يؤثر على المشهد السورى والعراقى ؟


هناك أطراف دولية على رأسها روسيا التى ترتبط بمصالح حيوية مع النظام السورى وهى لن تسمح بانهيار النظام ، وعلى الجانب الآخر فإن الولايات المتحدة تعلم جيدا مدى خطورة الاقدام على أى خطوة عسكرية ضد الجيش السورى حيث سيكون رد فعل الروسى والإيرانى قاسيا وبالتالى فالضربات العسكرية الأمريكية فى اطار التحالف الدولى لن تخرج عن النطاق المسموح لها ولكنها عبر تلك الضربات التى اعلن عن مداها الزمنى الذى سيستغرق ثلاثة أعوام تنهك الجيش السورى وتستنزف قدراته كما تشتت روسيا التى ترتبط بها بملفات شائكة بخلاف الملف السورى وعلى رأسها أزمة اوكرانيا.

الطرف الأخر إيران وهى أيضا مرتبطة بملفات أخرى مع الولايات المتحدة وعلى رأس هذه الملفات برنامجها النووى الذى يشكل مساحة من التفاوض مع الولايات المتحدة والدول الكبرى وفى اطاره يمكن ايجاد تسوية ستنعكس لا محالة على الأزمة السورية.

الطرف الدولى الثالث هو السعودية وعلى الرغم من دعمها فى بداية الأمر التنظيمات المسلحة السورية المعارضة ومن ضمنها داعش الا أن السعودية لاحقا ادركت خطورة ما قامت به وراجعت موقفها واصبحت اكثر انسجاما مع الموقف العربى ومشاركتها قوات التحالف الدولى جاء نتيجة الضغط الذى تعرضت له نتيجة تنامى مخاطر داعش شمالا والحوثيين جنوبا.

أما الفاعلين من غير الدول فعلى رأسهم حزب اللة اللبنانى المنهك الآن فى سوريا وهو اداة إيرانية ستتحدد تحركاته لمآلات تفاوض إيران مع الولايات المتحدة .
والطرف الآخر هو نورى المالكى رئيس وزراء العراق السابق الذى لا يزال لاعبا رئيسيا فى المشهد العراقى ، على الرغم من الأريحية التى سادت الأوساط العراقية خاصة السنة عقب رحيله وذلك على خلفية سياساته الطائفية ضد السنة على وجه التحديد وعلى الرغم أيضا من حالة التوافق التى سادت المشهد العراقى عقب تسمية حيدر العبادى خلفا للمالكى، الا أن وجوده كنائب للرئيس العراقى و صاحب النفوذ الكبير والسيطرة على ميليشيات شيعية تابعة لإيران بخلاف وزير الداخلية مؤشرات غير ايجابية على استقرار الأوضاع الامنية والسياسية الأمر الذى يجعل المشهد العراقى قابل لمزيد من الاشتعال .


فى اطار هذا الواقع الدولى الجديد والاقليمى المضطرب ، كيف تقرأ المشهد المصرى وما هى آفاق الخروج من الأزمة ؟

اختلف الواقع الدولى كثيرا و لم نعد نعيش الحرب الباردة بين حلف وارسو والناتو كما أننا لا نعيش الهيمنة الأمريكية ، أنه واقع تعددت فيه البدائل والخيارات اتساقا مع تعد الاقطاب والتكتلات الاقتصادية والسياسية وتراجع النفوذ الأمريكى وعلى مصر قراءة الواقع الدولى واستثمار هذه اللحظة التاريخية التى إن كانت تحمل الكثير من التحديات الا أنها اكثر رحابة وحيوية من قبل وعلى مصر اقامة علاقات متوازنة مع كل الاطراف.

أما على مستوى التحديات فهى جد جسيمة فمصر محاصرة من جميع اتجهاتها خاصة الحدود الغربية وذلك يقتضى العمل بحكمة وحنكة لاتخاذ كافة التدابير لحماية الأمن القومى المصرى دون الاستدراج لعمليات عسكرية خارج الحدود وهو مستهدف رئيسى لانهاك الجيش المصرى .

واجل ما نحتاج إليه هو موقف عربى اكثر انسجاما وصلابة ضد المخطط الأمريكى وتوابعه تركيا وداعش ، وعلى الرغم من خطورة الأحداث الا أن هناك نقاط مضيئة، فسوريا تقاوم الآن بشراسة والجيش السورى متماسك حتى هذه اللحظة وقادر على الحفاظ على الدولة لما يتمتع به من كفاءة ومهنية عالية ، والسعودية ادركت خطورة التنظيمات الإرهابية وبات موقفها اكثر تصالحا مع النظام السورى ، أما مصر فهى على رأس هذه النقاط المضيئة بتخلصها من النظام الإخوانى العميل وتماسك جبهتها الداخلية.

أنه بحق وقت بالغ التعقيد نعيش فيه يزيد من الأعباء على الدولة المصرية " المستهدف الرئيسى " علاوة على أن مصر الآن تواجه أخطاء تراكمية لعشرات الأعوام اختفى خلالها التخطيط والرؤيا، الآن القيادة اختلفت كما أن الواقع الدولى اختلف وهناك ادراك لهذا الاختلاف وهذا فى حد ذاته مؤشر ايجابى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.